عناصر الخطبة
1/التجارة مع القرآن لن تبور 2/من بركات القرآن 3/الإقبال على القرآن في رمضاناقتباس
أَدْعُوكُمْ إلى التِّجَارَةِ الَّتِي لَنْ تَبُور، وَإِلى السَّعَادَةِ والحُبُور؛ إِنَّها التّجَارَةُ مَعَ القُرْآن، (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ...
الخُطْبَةُ الأُولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْد: فَاتَّقُوا اللهَ في السِّرِّ والنَّجْوَى، واسْتَعِدُّوا للدَّارِ الْأُخْرَى؛ فَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى؛ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
أَيُّهَا المُسْلِمُون: أَدْعُوكُمْ إلى التِّجَارَةِ الَّتِي لَنْ تَبُور، وَإِلى السَّعَادَةِ والحُبُور؛ إِنَّها التّجَارَةُ مَعَ القُرْآن، (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ)[فاطر:29].
والقُرْآنُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الخَيْرِ الكَثِير، والْعِلْمِ الغَزِيْر؛ وَلِهَذَا وَصَفَهُ اللهُ بِالبَرَكَة، قال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام:155].
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ يَمْنَحُ حَامِلَهُ وِسَامَ الشَّرَفِ مِنَ الدَّرَجَةِ الأُوْلَى؛ فَأَهْلُ القُرْآنِ هُمْ خَيْرُ النَّاسِ على وَجْهِ الأَرْض؛ قالَ -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَه"(أخرجه البخاري)، و"إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِيْن"(أخرجه مسلم)، و"يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارَتْقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا"(أخرجه أبو داود، والترمذي).
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ يُضِيءُ لَكَ طَرِيْقَ الهِدَايَة، (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)[الإسراء:9]؛ فمَنِ اهْتَدَى بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ القُرْآن؛ كانَ أَقْوَمَ النَّاسِ وأَهْدَاهمْ في جَمِيْعِ أُمُوْرِه.
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ العَاصِمُ مِنَ الفِتَن، والمَخْرَجُ عِنْدَ الِمحَن، قال -صلى الله عليه وسلم-: "تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللهِ"(أخرجه مسلم).
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ أَمْرَاضِ الأَبْدَانِ والأَرْوَاح، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ)[يونس:57].
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ مُسْتَوْدَعُ الحَسَنَات، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا"(أخرجه الترمذي).
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ مَصْدَرُ السَّعَادَةِ والفَرَح؛ فَهُوَ أَعْظَمُ مَا فَرِحَ بِهِ المُؤْمِنُون، وأَفْضَلُ ما تَنَافَسَ فِيْهِ المُتَنَافِسُوْن؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:58]؛ فَاقْرَأْ مِنَ القُرْآنِ بِقَدْرِ ما تُرِيْدُ مِن السَّعَادَة، قالَ عثمانُ بنُ عَفَّان: "لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ؛ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللهِ".
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ يُعِينُ على حِفْظِ الأَوْقَات، وَاغْتِنَامِ اللَّحَظَات؛ قال أَحَدُ السَّلَف: "كُلَّمَا زَادَ حِزْبِي مِنَ القُرْآن؛ زَادَت البَرَكَةُ في وَقْتِي، حَتَّى بَلَغَ حِزْبِي عَشَرَةَ أَجْزَاء"، وقالَ إبراهيمُ المَقْدِسِي: "أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآن وَلَا تَتْرُكْه؛ فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ لَكَ الَّذِي تَطْلُبُه، على قَدْرِ ما تَقْرَأ".
وَمِنْ بَرَكَةِ القُرْآن: أَنَّهُ يَحْفَظُ صَاحِبَهُ في آخِرِ عُمُرِه، قال ابنُ عَبَّاس: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ لَمْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ". قال الشنقيطي: "وَقَدْ تَوَاتَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ: أَنَّ حَافِظَ كِتَابِ اللَّهِ الْمُدَاوِمَ عَلَى تِلَاوَتِهِ، لَا يُصَابُ بِالْخَرَفِ وَلَا الْهَذَيَانِ".
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعْد: فَإِنَّ شَهْرَ رَمَضَان، هُوَ الشَّهْرُ (الَّذِي أَنْزَلَ فِيهِ القُرْآن)[البقرة:185]، وكانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَلْقَى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ (أخرجه البخاري).
وكانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِي، إِذَا دَخَلَ رَمَضَان؛ تَرَكَ جَمِيْعَ العِبَادَة، وَأَقْبَلَ على قِرَاءَةِ القُرْآن، وكانَ مَالِكٌ إِذَا دَخَلَ رَمَضَان؛ يَفِرُّ مِنْ قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ العِلْم، وأَقْبَلَ على تِلَاوَةِ القُرْآن.
فَاغْتَنِمُوا شَرَفَ هذا الزَّمَان، بِقِرَاءَةِ القُرْآن، وَاغْتَرِفُوا مِنْ بَرَكَاتِه، وَاسْتَكْثِرُوا مِنْ حَسَنَاتِه، (وهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام:155].
اللَّهُمَّ اجعل القرآنَ العظيمَ رَبِيعَ قُلُوْبِنَا، ونُوْرَ صُدُوْرِنَا، وَجلاءَ أحزانِنَا، وذهابَ هُمُوْمِنَا وَغُمُوْمِنَا.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا.
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل:90].
فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت:45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم