عناصر الخطبة
1/ الإيمان بالملائكة من أركان العقيدة 2/ الملائكة أعظم جنود الله 3/ تطهير البيت من المفاسد تهيئةً لدخول الملائكة له 4/ أصناف من الناسٌ لا تقربهم الملائكة 5/ أعمال تجلب لعنة الملائكة 6/ موالاة الملائكة للمؤمنين وحبهم واستغفارهم ودعاؤهم 7/ أعمال تستجلب استغفار الملائكةاقتباس
الملائكة قُرْبُهُم يدل على أن بركة أو طاعة ما في المكان الذي يقربون منه، والعكس صحيح، فبُعدهم يدل على أن معصية أو شرّاً ما في المكان الذي ابتعدوا عنه، فالملائكة تبغض المعصية أشد البغض، وتفرح بالطاعة أشد الفرح؛ ولذا فإن من مقتضيات الإيمان بالملائكة تطهير البيت من المعاصي ومظاهره ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن من مقتضيات الإيمان بالغيب أثره على المؤمن بالرغم من غيابه عن حواسه، ولذلك يقال: ما جدوى الإيمان بالغيب إذا لم يكن له أدنى أثر على المؤمن سوى النجاة من عدم التطبيق؟ ولعلنا اليوم -إن شاء الله تعالى- نتطرق لغيب أُمرنا بالإيمان به، إنه "الملائكة"، الملائكة غيب أُمِرْنا بالإيمان به.
في حديث عمر المشهور في صحيح مسلم أن جبريل -عليه السلام- سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: "فأخبِرْني عن الإيمان؟" قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَرِ: خيرِهِ وشرِّه".
فكان الإيمان بالملائكة من أركان الإيمان بعقيدة الإسلام، ولقد وكل بالشمس والقمر ملائكة، وبالأفلاك ملائكة، وبالجبال ملائكة، وبالسحاب وبالمطر ملائكة، وبالرَّحِمِ ملائكة تدبر أمر النطفة حتى يتم خَلْقُها، ووُكِّل بالموت ملائكة، ووكل بالنار وإيقادها وتعذيب أهلها ملائكة، وبالجنة وعمارتها وغراسها ملائكة، ووكل بكل عبد ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خَلفه بأمر الله، ووكل بكل مخلوق وبكل حوادث الكون وظواهره ملائكة.
فالملائكة أعظم جنود الله، ولقد أقسم الله بهم -جل وعلا- فأقسم بـ (َالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا)، (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا)، (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) [أوائل سور المرسلات والنازعات والصافات].
ومعنى جمع التأنيث في ذلك كله الفِرَق والطوائف والجماعات، التي مفردها فرقة وطائفة وجماعة، ومنهم ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، وملائكة قد وكلوا بحمل العرش، وملائكة قد وكلوا بعمارة السماوات بالصلاة لله، وبالتسبيح والتقديس، إلى غير ذلك من أصناف الملائكة التي لا يحصيها إلا الله تعالى.
ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر في السنن بسند صحيح: "إني أَرَى مَا لا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ , أَطَّتِ السَّمَاءُ (الأطيط هو الصوت المشعر بالثِّقَل) وَحَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ...". فالكون مليء بالملائكة، ولابد أن يكون لإيماننا بهذا الخلق العظيم أثر ملموس، فكيف يكون من إيماننا بالملائكة أثر على حياتنا وعبادتنا ومشاعرنا وسلوكنا؟.
أيها الإخوة: الملائكة قربهم يدل على أن بركة أو طاعة ما في المكان الذي يقربون منه، والعكس صحيح، فبعدهم يدل على أن معصية أو شرّاً ما في المكان الذي ابتعدوا عنه، فالملائكة تبغض المعصية أشد البغض، وتفرح بالطاعة أشد الفرح؛ ولذا فإن من مقتضيات الإيمان بالملائكة تطهير البيت من المعاصي ومظاهره.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل أو تصاوير". وفي السنن بإسناد صحيح أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريل -عليه السلام- فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلتُ إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب
فمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يُقْطَع فيصير كهيئة الشجرة، ومُر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، ومر بالكلب فليخرج". ففعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا الكلب للحسن أو للحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأُخرج.
ولبيان مسألة الصور هذه قبل أن نغادر إلى غيرها، يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: أما إذا كانت الصور مما تعم به البلوى، و يشق التحرز منه، كالذي يوجد في المجلات والصحف وبعض الكتب، ولم تكن مقصودة لمقتنيها بوجه من الوجوه؛ بل هي مما يكرهه ويبغضه، ولكن لا بد له التخلص منها، والتخلص منها فيه عسر ومشقة.
وكذلك ما في النقود من صور الملوك والرؤساء والأمراء مما ابتليت به الأمة الإسلامية، فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده بغير قصد منه إلى اتخاذه من أجل صوره، بل هو يكرهه أشد الكراهة، ويبغضه ويشق عليه التحرز منه؛ فإن الله -تعالى- لم يجعل على عباده في دينهم من حرج، ولا يكلفهم شيئاً لا يستطيعونه إلا بمشقة عظيمة أو فساد مال، ولا يصدق على مثل هذا أنه متَّخِذٌ للصورةِ ومُقْتَنٍ لها. اهـ.
إذاً فنصب تماثيل ذوات الأرواح من البشر والحيوانات مع صورة ذوات الأرواح في البيت، لاسيما المعلق على الجدران منها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هتك الستارة المعلقة على الجدار والتي فيها التصاوير، هذه التماثيل والصور تمنع دخول الملائكة.
والحاصل من هذا أن البيت الذي فيه مظاهر المعصية الظاهرة للعيان، أيا كانت، لا تدخله الملائكة، بل حتى المكان الذي يغفل فيه الناس عن الذكر الواجب كالصلاة المفروضة مشؤوم، تبتعد عنه الملائكة، وتحضره الشياطين.
في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : عرَّسْنا مع النبي -صلي الله عليه وسلم- [التعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة] فما استيقظ حتى طلعت الشمس [يعني نام عن صلاة الفجر]. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان"، قال : ففعلنا، ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم سجد سجدتين.
ترون -أيها الإخوة- أنه -صلى الله عليه وسلم- بين السبب وراء أمره لهم بالارتحال من ذلك الموضع، قال لهم: "فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان"، وفي رواية أبي داوود قال: "تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة".
ومما يشعر باعتبار الملائكة واحترامهم والحرص على وجودهم في البيت البعد عن المعازف، فالبيت الذي تصرخ فيه الموسيقى التي حرمها الله تعالى سواء في التليفزيون أو الراديو أو الأجهزة الصوتية كيف تقربها الملائكة؟ حفلات الزواج التي تعزف فيه المعازف والقينات مَن سيحضرها؟ الملائكة أم الشياطين؟.
أيها الأخوة: إن المقصود بالملائكة الذين ينفرون من مجالس الغفلة واللهو المحرم "ملائكة الرحمة"، أولئك الذين يباركون البيوت والأماكن، ويستغفرون لأهلها، أما "الملائكة الحفظة "الكرام الكاتبون الذين يحصون أعمال العباد ويكتبونها فهؤلاء يدخلون كل بيت ولا يفارقون ابن آدم.
معاشر الإخوة: من منَّا لا يُحِبُّ الملائكة؟! مَن مِنَّا لا يطمع في دخولهم بيته؟ إن في دخولهم خيراً وبركةً، ولا شكَّ أَنَّ من هيَّأ بيته لدخول ملائكة الرحمة فسوف يدخلونه، وإذا دخلوا بيت التُّقى والذكر وتلاوة القرآن فسوف يدعون لأهله، ويستغفرون لهم، ويؤمِّنُون على دعائهم، وسوف يحفونهم بأجنحتهم إذا ذكروا الله.
في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله تبارك وتعالى ملائكة يطوفون الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفوهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم -عز وجل-، وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ قال تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشَدَّ لك عبادةً، وأشَدَّ لك تمجيداً، وأكثرَ لك تسبيحاً.
قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: فيقول: هل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشَدَّ عليها حرصاً، وأشدّ لها طلباً، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟ قال: فيقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد منها مخافة. قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم.
قال: يقول ملَك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم". رب العالمين رحيم، أينما كان ذكر لله في البيت أو في المسجد، في مكتبه أو أي مكان، فهو محل بحث الملائكة، ومكان اجتماعهم وغبطتهم وسرورهم.
أيها الأخوة : إن مما ينبغي أن يراعيه المسلم لأجل الملائكة حسن الرائحة، في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أكَلَ البصل والثوم والكُرات فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم".
ويدخل ضمن ذلك رائحة السجائر في الفم، فهناك نهي عن دخول أصحاب الروائح الكريهة في المسجد حيث اجتماع الملائكة، أما بيت المدخِّن فلا أدري، هل تدخله الملائكة؟ أم يُحرم من ذلك؟.
في سنن أبي داوود بسند صحيح عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر [وفي رواية السكران]، والمتضمخ [المتلطخ] بالخلوق [وهو طيب له لون من الزعفران]، والجنب إلا أن يتوضأ".
فالسكران لا تقربه الملائكة، والجنب لا تقربه الملائكة حتى يغتسل أو يتوضأ، ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- إذا أجنب وأراد أن يواصل نومه وهو جُنب يتوضأ ويؤخر الغسل: "غسل فرجه، وتوضأ وضوئه للصلاة، ثم نام".
أسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته، وأستغفره إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
(الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَواتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فاطر:1]، والصلاة والسلام على البشير النذير، والداعي إلى الله بإذنه وسراجه المنير، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فإن الملائكة تلعن مَن فعَل ذنوباً مُعَيَّنَةً، تلعن المرأة التي تأبى على زوجها إذا دعاها للفراش، كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة، هذا مما يعتبره المؤمن، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبَتْ فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وفي صحيح مسلم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أَشَارَ إِلى أخيه بحديدةٍ فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه"، فلا تلاعبَ فيما فيه خطر على النفس، وترويع لها، مما قد يدفع الشيطان ماسكه من حديده أو سلاح إلى قتل صاحبه.
وقال صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَبَّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" أخرجه الطبراني وهو حسن. فالذين يسبون الشيخين وغيرهما من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- تلعنهم الملائكة.
والملائكة تلعن من يحول دون تنفيذ شرع الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ومن قتل عمداً فقود يديه [يعني الواجب لولي القتيل القود لا سواه، فهو بالخيار إما أن يقتل القاتل وإما أن يودي] فمَن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
معاشر المسلمين : هل يصر على قول أو فعل المعصية من استشعر "الكرام الكاتبين"؟ واستشعر الملَكَيْن اللذَّيْن (عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:17-18]؛ يقول تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف:80].
ومع ذلك فرحمة الله واسعة، ففي صحيح الجامع عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً "، فالتوبة باب واسع.
أيها الإخوة: إن الملائكة يوالون المؤمنين الصالحين ويحبونهم بقدر صدقهم ومتابعتهم لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي صحيح البخاري قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال : إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل؛ ثم ينادي في السماء فيقول: إنا لله يحب فلاناً فأحِبُّوه، فيحبه أهل السماء؛ ثم يوضع له القبول في الأرض".
وفي حديث ثوبان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم "إن العبد ليلتمس مرضاة الله تعالى فلا يزال كذلك حتى يقول: يا جبريل، إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني، ألا وإن رحمتي غلبت علي" الحديث أخرجه أحمد.
معاشر الأخوة : ألا ترغبون في دعاء الملائكة لكم؟ إذاً فعلِّموا الناس الخير، أو أعينوا على، ذلك فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليُصَلُّونَ على معلِّم الناس الخير" أخرجه الترمذي وهو صحيح.
ولم يمل مؤمن من انتظار الصلاة أو المــُـكُوث بعدها، وهو يستشعر هذا الحديث، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مُصَلَّاهُ الَّذِي صلَّى فيه ما لم يُحْدِثْ، تقول: اللهمَّ اغفر له، اللهم ارحمه".
والملائكة يصلُّون من صلى على النبي، ما من مسلم يصلي عليه إلا صلت عليه الملائكة ما صلى عليه، فليُقِلّ العبد من ذلك أو يكثر، اللهم صَلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.
أما عيادة المرضى فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يعود مسلماً إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه أي ساعة من النهار كانت حتى يمسي، وأي ساعة من الليل كانت حتى يصبح" أخرجه أحمد وهو صحيح.
والوصول قبل الإمام إلى المسجد يوم الجمعة فيه منقبة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر".
أخيراً الاستقامة، الاستقامة على طاعة الله، الاستقامة على المنهج الصحيح، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30].
أسأل الله أن يهدينا سبل السلام، اللهم اهدنا سبل السلام، وأخْرِجْنَا من الظلمات إلى النور.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم