عناصر الخطبة
1/ ثمار الطاعة 2/ فضائل العشر من ذي الحجة 3/ كيفيَّة اغتنامها 4/ آداب يستمسك بها المضحياقتباس
ومن فضائلها أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الصدقة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام، ولا يكون في غيرها، وفيها الذكر، والدعاء، والتلبية التي تدل على التوحيد. إن اجتماع العبادات فيها شرف لها لا يضاهيها فيه غيرها.
أما بعد: إن الله -جَلَّ وتعالى- يخلق ما يشاء ويختار، خلق السماوات واختار منها السابعة، وخلق الجنات واختار منها الفردوس، وخلق الملائكة واختار منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، وخلق البشر واختار منهم المؤمنين، واختار من المؤمنين الأنبياء، واختار من الأنبياء الرسل، واختار من الرسل أولي العزم، واختار من أولي العزم الخليلين، واختار من الخليلين محمداً -صلى الله عليه وسلم، وعليهم أجمعين-؛ وخلق الأرض واختار منها مكة، وخلق الأيام واختار من أشهُرِها شهرَ رمضان، ومن أيامها يوم الجمعة، ومن لياليها ليلة القدر، ومن ساعاتها ساعة الجمعة، ومن عشرها عشر ذي الحجة.
المسلم يعيش مباركاً في العمل وفي الزمن، وأعظم البركة في العمل الطاعة، إذ هي بركة على أهلها، يقول تعالى: (مَن جَاء بِلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام:160]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن همَّ بحسنة فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة؛ ومن همَّ بسيئة فلم يعلمها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن همَّ بسيئة فعملها كتبها الله سيئة واحدة، ولا يهلك على الله إلا هالك".
هذا يدل على أن الطاعة بركة في القول، إذ الكلمة الواحدة من الطاعة بعشر حسنات يكتب الله بها رضوانه، فيحفظ بها عبده حتى يُدخله الجنة، ويرضى عليه في الجنة فلا يسخط عليه أبداً.
والطاعة بركة في العمل، إذ الصلاة بعشر صلوات، وصوم رمضان بعشرة أشهر، والصدقة بسبعمائة ضعف، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة؛ والطاعة طهرة من الذنوب، فالصلاة طهرة من الذنوب، كما في الحديث: "مثَل الصلوات الخمس كمثل نهر غَمْرٍ على باب أحدكم، يغتسل منه خمس مرات في اليوم والليلة، هل يبقى عليه من الدرن شيء؟!"، والصوم طُهرةٌ من الآثام، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
والطاعة بركة في التعامل، إذ بالتعامل الحسن يدرك الإنسان درجة الصائم القائم، ويجاور الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويحظى ببيت في أعلى الجنة.
وأعظم الزمن بركةً عشرٌ ذي الحجة، إذ لها مكانة عظيمة عند الله تعالى، تدل على محبته لها وتعظيمه لها، فهي عشر مباركات، كثيرة الحسنات، قليلة السيئات، عالية الدرجات، متنوعة الطاعات، وفضائلها لا تعد ولا تحصى.
فمن فضائلها أن الله تعالى أقسم بها فقال: (وَلَيالٍ عَشْر) [الفجر:2]، والله لا يقسم إلا بأعظم المخلوقات، كالسماوات، والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم، والرياح؛ ولا يقسم الله إلا بأعظم الأزمان، كالفجر، والعصر، والضحى، والليل، والنهار، والعشر؛ ولا يقسم إلا بأعظم الأمكنة، كالقسم بمكة؛ وله أن يقسم بما يشاء من خلقه، ولا يجوز لخلقه أن يقسموا إلا به، فالقسم بها يدل على عظمتها، ورفعة مكانتها، وتعظيم الله لها.
ومن فضائلها أن الله تعالى قرنها بأفضل الأوقات، فقد قرنها بالفجر، وبالشفع والوتر، وبالليل؛ أما اقترانها بالفجر فلأنه هو الذي بحلوله تعود الحياة إلى الأبدان بعد الموت، وتعود الأنوار بعد الظلمة، والحركة بعد السكون، والقوة بعد الضعف، وتجتمع فيه الملائكة، وهو أقرب الأوقات إلى النـزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، وبه يُعرف أهل الإيمان من أهل النفاق.
وقرنها بالشفع والوتر، لأنهما العددان المكوِّنان للمخلوقات، فما من مخلوق إلا وهو شفع أو وتر، وحتى العشر فيها شفع، وهو يوم النحر، وفيها وتر، وهو يوم عرفة.
وقرَنها بالليل لفضله، فقد قُدِّم على النهار، وذكر في القرآن أكثر من النهار، إذ ذكر اثنتين وسبعين مرة، والنهار سبعاً وخمسين مرة، وهو أفضل وقت لنفل الصلاة، وهو أقرب إلى الإخلاص لأنه زمن خلوة وانفراد، وهو أقرب إلى مراقبة الرب تعالى إذ لا يراه ولا يسمعه ولا يعلم بحاله إلا الله، وهو أقرب إلى إجابة الدعاء، وإلى إعطاء السؤال، ومغفرة الذنوب، إذ يقول الرب في آخره: "هل من داعٍ فأجيبه، وهل من سائل فأعطيه، وهل من مستغفر فأغفر له".
ولقد مُيِّز بالليل أهل الجنة في قوله تعالى: (كَانُواْ قَلِيلاً مّن الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) [الذاريات:17]، وميِّز به عباد الرحمن في قوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْناً * وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً) [الفرقان:63-65].
ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن الله تعالى أكمل فيها الدين، إذ تجتمع فيها العبادات كلها، وبكمال الدين تنتصر السنة، وتنهزم البدعة، ويقوى الإيمان، ويموت النفاق؛ وبكمال الدين ينتصر الإنسان على نفسه الأمَّارة بالسوء، لتكون نفساً مطمئنة تعبد الله كما أراد، وتَقتدي بالأنبياء، وتُصاحب الصالحين، وتَتخلَّق بالأخلاق الحسنة.
وبكمال الدين ينتصر الإنسان على شيطانه الذي مال به عن الصراط المستقيم، وبه ينتصر على الهوى والشهوات، ولقد كمل الدين حتى تركنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ شقيٌّ، وقد حسدنا اليهود على هذا الكمال، قال حَبر من أحبار اليهود لعمرَ -رضي الله عنه-: آيةٌ في كتابكم، لو نزلت علينا -معشرَ اليهود- اتخذنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيداً: (لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً) [المائدة:3]؛ قال عمر: "إني أعلم متى نزلت، وأين نزلت. نزلت يوم عرفة، في يوم جمعة".
ومن فضائلها أن الله أتم فيها النعمة، إذ تنعم الأرواح بشتى أنواع الطاعات القولية، والفعلية، والتعاملية؛ ومن تمام النعمة أن الله فتح قلوب العباد للإسلام، فدخل الناس في دين الله أفواجاً، إذ كان عددهم عند تمام النعمة أكثر من مائة ألف.
ومن تمام النعمة أن الله أظهر الإسلام على جميع الأديان، إذ كان في الجزيرة أديان متنوعة: اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والوثنية، والنفاق؛ فأبيدت بالإسلام، وظهر عليها، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِلْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ، وَكَفَى بِللَّهِ شَهِيداً) [الفتح:28].
ومن تمام النعمة منع الكفار من دخول الحرم، واختصاص المسلمين بذلك، فتوحدت صفوف المسلمين حتى أصبحوا كالجسد الواحد، ووحدوا معبودهم، وتوحَّد دينهم، وتوحَّدَتْ كلمتُهم، وتوحَّد طريقُهم، ويا لها من نعمة عظيمة أن ترى أهل الإيمان ظاهرين! وأهل الكفر مهزومين!.
ومن فضائلها أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الصدقة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام، ولا يكون في غيرها، وفيها الذكر، والدعاء، والتلبية التي تدل على التوحيد. إن اجتماع العبادات فيها شرف لها لا يضاهيها فيه غيرها، ولا يساويها سواها.
ومن فضائلها أنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، دقائقها، وساعاتها، وأيامها، وأسبوعها، فهي أحب الأيام إلى الله تعالى، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى، فهي موسم للربح، وهي طريق للنجاة، وهي ميدان السبق إلى الخيرات، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام"، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". وهذا يدل على أن العمل الصالح في أيام العشر أفضل من الجهاد بالنفس، وأفضل من الجهاد بالمال، وأفضل من الجهاد بهما، والعودة بهما، أو بأحدهما؛ لأنه لا يفضل العمل فيها إلا من خرج بنفسه، وماله، ولم يرجع لا بالنفس، ولا بالمال.
ومن فضائلها أن فيها يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو يوم معروف بالفضل، وكثرة الأجر، وغفران الذنب؛ فهو يوم مجيد، يُعرف أهله بالتوحيد، إذ يقولون: لا إله إلا الله. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويَعرِف الإنسان ضعف نفسه إذ يكثر من الدعاء، ويلح على الله في الدعاء؛ وفي الحديث: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، ويعرف إخوانه المسلمين الذين اجتمعوا من كل مكان في صعيد واحد، ويعرف عدوه الذي ما رُئي أصغر ولا أحقر منه في مثل يوم عرفة، ويعرف كثرة مغفرة الله في هذا اليوم لكثرة أسباب المغفرة من توحيد الله، ودعائه، وحفظ جوارحه، وصيامه لغير الحاج؛ وهو يوم الحج الأعظم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحج عرفة"، وصومه تطوعاً يكفِّر ذنوب سنتين: سنة ماضية، وسنة مقبلة.
ومن فضائلها أن فيها يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو أفضل الأيام، كما في الحديث: "أفضل الأيام يوم النحر"، وفيه معظم أعمال النسك، من رمي الجمرة، وحلق الرأس، وذبح الهدي، والطواف، والسعي، وصلاة العيد، وذبح الأضحية، واجتماع المسلمين في صلاة العيد، وتهنئة بعضهم بعضاً.
وفضائل العشر كثيرةٌ لا ينبغي للمسلم أن يضيِّعها، بل ينبغي أن يغتنمها، وأن يسابق إلى الخيرات فيها، وأن يشغلها بالعمل الصالح.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون:اغتنموا عشركم بصالح الأعمال، وفي مقدمتها التوبة إلى الله، وهي الرجوع إليه سبحانه مما يكرهه ظاهراً وباطناً، إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً، ندماً على ما مضى، وتركاً في الحال، وعزماً على ألا يعود.
تب -يا عبد الله- من تركك الواجبات، وفعلك المحرمات، فالتوبة واجبة على المسلم حين يقع في معصية، في أي وقت كان، لأنه لا يدري في أي لحظة يموت؛ ثم إن السيئات يجر بعضها بعضاً، والمعاصي تكون غليظة، ويزداد عقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً) [التحريم:8].
ومن الأعمال المشروعة أيام العشر الذكر، قال الله تعالى: (لّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الاْنْعَام) [الحج:28]، وروى الإمام أحمد، عن ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
وأكثِر في هذه الأيام من قراءة القرآن، فإنه أفضل الذكر، وفيه الهدى، والرحمة، والبركة، والعظمة، والتأثير، والشفاء؛ وليعلم المسلم بأن الذكر هو أحب الكلام إلى الله تعالى، وهو سبب النجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبب الفلاح، وفيه حفظ لصاحبه من الكفر، ومن الشيطان، ومن النار؛ به يُذكر العبد عند الله، ويصلي الله وملائكته على الذاكر، وهو أقوى سلاح، وهو خير الأعمال، وأزكاها، وأرفعها في الدرجات، وهو خير من النفقة، به يضاعف الله الأجر، ويغفر الوزر.
وفضائل الذكر كثيرة، قرنه الله بالصلاة فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَذْكُرُواْ اللَّهَ) [النساء:103]، وقرنه بالجمعة فقال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَنتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ وَبْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَذْكُرُواْ اللَّهَ) [الجمعة:10]، وقرنه بالصوم فقال: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم) [البقرة:185]، وقرنه بالحج فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) [البقرة:200]، وقرنه بالجهاد فقال: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَثْبُتُواْ وَذْكُرُواْ اللَّهَ) [الأنفال:45]. ولا يتقيد الذكر بزمن ولا حال، أمر الله بـه في جميع الأحوال، فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) [النساء:103].
أخي المسلم: أكثِرْ في هذه الأيام من نوافل الصلوات، وحافظ على الرواتب منها، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وأكثِر من الصدقة في العشر، إذ الصدقة فيها أفضل من الصدقة في رمضان، وما أكثر حاجات الناس في العشر من النفقة! ذلك للاستعداد للحج، وللعيد، ولطلب الأضحية ونحوها؛ وبالصدقة ينال الإنسان البر، ويضاعف له الأجر، ويظله الله في ظله يوم القيامة، ويفتح الله له بها أبواب الخير، ويغلق بها أبواب الشر، ويُفتح فيها بابٌ من أبواب الجنة، ويحبه الله، ويحبه الخلق، ويكون بها رحيماً رفيقاً، ويُزكي ماله ونفسه، ويُغفَر ذنبُـه، ويتحرر من عبـودية الـدرهم والديـنار، ويحفـظه الله في نفسه، وماله، وولده، ودنياه، وآخرته.
أكثِر -يا عبد الله- من الصيام في أيام العشر، ولو صمت التسعة الأيام لكان ذلك مشروعاً، لأن الصيام من العمل الصالح.
سابِق -يا عبد الله- في هذه العشر بكل عمل صالح، وأكثِر من الدعاء والاستغفار، وتقرب إلى الله بكل قربة، عسى أن تفوز فوزاً عظيماً.
إن العمل الصالح -عباد الله- يشمل كلَّ خير ومعروف، وبر وإحسانٍ، من الأقوال والأفعال والسلوك؛ ومن أعظمِ ذلك تفقد أحوالِ المسلمين في كلّ مكان، والاهتمام بشؤونهم، والتخفيف من كرباتهم، وسدّ حاجاتهم، وصرفُ صالحِ الدعاء لهم بإصلاح الأحوال، وكشف المضار، والنصر على الأعداء.
إن العمل الصالح محبوب لله تعالى في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة، فمَن لم يمكنه الحج فعليه أن يُعمر وقته في هذه العشر بطاعة الله تعالى، من الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من طرق الخير.
ثم اعلموا -عباد الله- أنَّ من أراد أن يضحِّي فلْيُمسِك عن شعره وأظفاره وبشرته إذا دخلت العشر، حتى يضحِّي، ففي صحيح مسلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأيتم هلالَ ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره، حتى يضحّي" وفي رواية: "فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئاً". وهذا النهيُ خاصٌّ بالمضحّي، أما من يُضحَّى عنه من أهل البيت فلا يدخل في هذا النهي، حتى لو شاركوا ربَّ البيت في أضحيته.
فاتقوا الله سبحانه، وعظِّموا شعائرَه، تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم