عناصر الخطبة
1/ يظهرون ولكن بلباس التقيّة 2 / الوزير ابن العلقمي ومكره الخبيث بوزارة الدفاع 3/ التنسيق مع هولاكو ودخول التتار بغداد 4/جرائم لا يتصورها العقل و السبب الروافض 5/ جرائم الباطنية ضد المسلمين وخياناتهم 6/ ولازال الغدر مستمراًاقتباس
ولم يقف هؤلاء الروافض الحاقدين في جرائمهم السياسية عند حد الإضرار بالخليفة وحاشيته لإسقاط الدولة الإسلامية وحسب؛ بل تمادى ضررهم إلى عامة المسلمين, فأخذوا يقطعون الطرق، ويقتلون الآمنين من الناس، ويأخذون القوافل, بل أخذوا يبتكرون وسائل مختلفةً للفتك بالناس ونشر الرعب بينهم...
الخطبة الأولى:
عباد الله: نستكمل الحديث عن خيانات وجرائم الروافض للإسلام والمسلمين الداخلية والخارجية في العهد العباسي الثاني؛ لنكتشفَ كما رأينا في الخطبة الماضية أنّ الرافضة هم أصل كل فتنةٍ وبليّة، وأنّ كثيرًا من السيوف التي سُلّت على المسلمين إنَّما كانت من جهتهم.
أيها الإخوةُ في الله: في أثناء الطور الثاني للخلافة العباسية نجد أن الرافضة يظهرون من جديد، ولكن بلباس التقية التي يدينون بها حتى تظهر لهم الدولة واليد, كالثعلب يلبس جلد الشاة فلا ينخدع به إلا الراعي المضيع لرعيته، والغافل بأمور دنياه عن أمور دينه.
فراحوا يتملقون ويتقربون نفاقاً من كبار المسؤولين في الدولة, ويعلنون الولاء والطاعة جهراً، ويبيتون ما لا يرضى اللهُ من القول سراً, حتى انخدع بهم كثير من الخلفاء العباسيين, فقلّدوهم المناصب الهامة والحساسة في الدولة, ومثل هذا الرافضي الشهير (ابن العلقمي) الذي قلده الخليفة المستعصم الوزارة غفلةً منه وتضييعًا، وإلا أما كانت تكفيه - معشر المؤمنين- العبر من التاريخ القريب مما فعله الرافضة بأجداد ؟!. ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولاً, وليرصد لنا التاريخ جرائم القوم وخياناتهم, وقعودهم لأهل السنة كل مرصد، وهم يترقبون بهم الدوائر.
فما كان جزاء الخليفة العباسي إلا أن تآمر الحاقد ابن العلقمي مع شيخه الرافضي (نصير الدين الطوسي) على هدم البلاد وقتل العباد وخلع الخليفة, بعد أن راسلوا ملك التتار (هولاكو) بدخول بغداد, ووعدوه بمناصرته والتوطين له من خلال خطة وحيلة مكر بها ابن العلقمي, حيث أوهم الخليفة العباسي بأن عدد الجنود كثر وزاد على ديوان الجند؛ حتى باتوا من كثرتهم يشكلون عبئاً اقتصاديا على الدولة, وأن الدولة تحتاج في مرافقها الأخرى أكثر من حاجتها في الجند, فأشار عليه أن يقلل نسبة الجند, فما إن وافق على هذه الفكرة وهذا المبدأ حتى راح يسرح الكتائب تلو الكتائب, و يا لله -معشر المؤمنين- فبعد أن كان عدد الجنود ما يقارب المائة ألف؛ صاروا قرابة العشرة آلاف جندي!.
وفي ذلك يقول ابن كثير -رحمه الله-: "وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان, فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف, منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهل عليهم ذلك, وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعاً منه أن يزيل السنّة بالكلية, وأن يظهر البدعة الرافضية، وأن يقيم خليفةً من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين، والله غالب على أمره" ا هـ.
أيها الإخوة في الله: حينها أرسل ابن العلقمي إلى هولاكو يبلغه مدى الضعف الذي حل بالدولة وبالخليفة؛ خرج هولاكو لاجتياح بغداد, حتى إذا صار على حدود البلاد, خرج له ابن العلقمي في جماعة من خاصته وأهله واجتمعوا بهولاكو، وأشار ابن العلقمي على أن تدبر للخليفة خطة لاستخراجه وكبار قادته وأمرائه وخاصته من حواشيه خارج البلد ليسهل القضاء عليه، ويسهل عليهم اجتياح بغداد.
فجاء ابن العلقمي ينسج خيوط المكر والخيانة للخليفة المستعصم, ويشير عليه بأن يخرج لهولاكو ليعقد معه اجتماع صلح, يصطحب فيه خاصته من الحاشية والأمراء والقضاة والقادة، وبالفعل وثق الخليفة بوزيره الرافضي, كيف لا -معشر المؤمنين- وهو الذي قربه إليه وعينه له وزيرًا.
فماذا كانت نتيجة هذا التقارب السني الرافضي الشهير؟!
النتيجة: هي الغدر والخيانة حتى أن الخليفة لما قدم على هولاكو لم يكن هولاكو عازماً على قتله, بل تهيب ذلك, ولكن ابن العلقمي والطوسي شجعاه على ذلك، ونصحاه بقتله وقتل من جاء معه، حتى تم لهم ذلك بالفعل.
ويا للفاجعة -معشر المؤمنين- وإلى الله العظيم المشتكى, دخل التتار إلى بغداد فأوقعوا فيها مذبحةً عظيمةً في النفوس، ومحرقةً هائلةً في الكتب والمكتبات, فلم ينج من ذلك إلا أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إلى بيت ابن العلقمي.
وفي ذلك يقول الإمام الذهبي: "وفي سنة 656 هـ أحاط أمر الله ببغداد فأصبحت خاويةً على عروشها، وبقيت حصيداً كأن لم تغن بالأمس, فإنا لله وإنا إليه راجعون, نازلها المغول في أخلاط من السفل وأوباش من المنافقين, وكل من لم يؤمن بالرب, وكان ابن العلقمي الوزير واليًا على المسلمين، وكان رافضيا جلدًا، فلما استداروا ببغداد, وخارت القوى وجف الريق, وانخلعت الأفئدة أشار الوزير على الخليفة المستعصم بالله بمصانعة العدو, وقال دعني أخرج إليهم في تقرير الصلح, فخرج واستوثق لنفسه ولمن أراد, وجاء إلى الخليفة وقال: إن الملك قد رغب أن يزوج ابنته بابنك أبي بكر, ويبقيك في الخلافة كما كان الخلفاء مع السلجوقية, ويرحل عنك فأجبه إلى ذلك فإن فيه حقن الدماء، وأرى أن تخرج إليه.
فخرج الخليفة في جمع من الأعيان إلى السلطان هولاكو, فأنزله في خيمة, ثم دخل الوزير فاستدعى الأكابر لحضور العقد, فحضروا وضربت أعناقهم, وصار كذلك يخرج طائفةً بعد طائفة فيقتلون, ثم صيح في البلد, وبذل السيف واستمر القتل والسبي والحريق والنهب، وقامت قيامة بغداد -فلا حول ولا قوة إلا بالله- بضعا وثلاثين يومًا, كل صباح يدخل فرقة من التتار فيحصدون محلةً, حتى جرت السيول من الدماء, وردمت فجاج المدينة من القتلى, حتى قيل إنه راح تحت السيف ألف ألف وثمانمائة ألف، والأصح أنهم بلغوا نحوًا من ثمانمائة ألف!, وهذا شيء لا يكاد ينضبط, فإنهم قتلوا في الطرق والجوامع والبيوت والأسطحة وبظاهر البلد ما لا يحصى, بل هي ملحمة ما جرى قط في الإسلام مثلها, وسبوا من النساء والصغار ما ملأ الفضاء.
وممن قتل صبرًا جماعة مستكثرون من العلماء والأمراء والأكابر, وخلت بغداد من أهلها, ودثرت المحال, واستولى عليها الحريق, واحترقت دار الخلافة, والجامع الكبير, حتى وصلت النار إلى خزانة الكتب, وعم الحريق جميع البلاد, وما سلم إلا ما فيه من هؤلاء الملاعين" اهـ.
كل هذا -معشر المؤمنين- بسبب غدرهم ومكرهم, فكيف لعاقل أن يأمنهم اليوم وهم هم لم يتبدّلوا ولم يتغيّروا ؟!!.
نسأل الله السلامة والعافية, ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضَى, أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
أيها الإخوةُ في الله: ولم يقف هؤلاء الروافض الحاقدين في جرائمهم السياسية عند حد الإضرار بالخليفة وحاشيته لإسقاط الدولة الإسلامية وحسب؛ بل تمادى ضررهم إلى عامة المسلمين, فأخذوا يقطعون الطرق، ويقتلون الآمنين من الناس، ويأخذون القوافل, بل أخذوا يبتكرون وسائل مختلفةً للفتك بالناس ونشر الرعب بينهم.
وقد بلغ من جرأة هؤلاء المفسدين أنهم كانوا يخطفون الناس من الشوارع والحارات بأغرب الطرق, وكان الرجل يتبع خاطفه في سكون والخوف ملجمه, والويل له إن أبدى مقاومةً أو تحرك لسانه طلبًا للنجدة, فإذا فعل ذلك استقر خنجر خاطفه في قلبه, فكان الإنسان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد لرجوعه تيقن أهله بأن الباطنية قتلوه، فيقعدوا للعزاء به, ويسودهم الحزن، والأسى حتى يرجع، فأصبح الناس لا يمشون في الشوارع منفردين، وكانوا على غاية من الحذر.
ويصور لنا المؤرخ ابن الأثير صورةً لما فعله الباطنية بمؤذن خطفوه، فيقول: "وأخذوا -الباطنية- في بعض الأيام مؤذنًا أخذه جار له باطني فقام أهله للنياحة عليه, فأصعده الباطنية إلى سطح داره وأروه أهله كيف يلطمون، ويبكون، وهو لا يقدر أن يتكلم خوفًا منهم" اهـ.
ومن أساليبهم الأخرى التي استخدموها للفتك بأفراد المجتمع الإسلامي، ونشر الرعب بينهم, أنهم كانوا يخطفون الناس بحيل مختلفة, ويُحملون إلى منازل ودور غير معروفة, حيث يسجنونهم أو يقتلونهم, وكان إذا مر بهم إنسان أخذوه إلى إحدى تلك الدور، وهناك يعذبونه ثم يقتلونه ويرمونه في بئر في تلك الدار أعدت لذلك الغرض.
وكانت طريقتهم في خطف الناس أنه كان يجلس على أول الدرب المؤدية إلى إحدى هذه الدور رجل ضرير من الباطنية, فإذا مر به إنسان سأله أن يقوده خطوات في هذا الدرب، فتأخذه الرأفة والإحسان لعمل الخير، فيقوده في هذا الدرب, حتى إذا وصل إلى دار من دورهم قبضوا عليه وقتلوه، ورموه في البئر. فهل رأيتم -معشر المؤمنين- لؤمًا وغدرًا كهذا الغدر؟!.
وللعلم فإن ما سبق ذكره من تاريخهم الأسود في قطع الطريق، وقتل الآمنين وخطفهم، وخوف الناس وانقطاع رجائهم في من يفتقدونه من أهليهم؛ هو ذات ما يحدث اليوم في أرض العراق وبلاد الرافدين من قبل الروافض, بل إنهم يتسترون في لباس الجيش والشرطة ليكون لهم السلطة جهارًا نهارًا في اقتياد الرجال من بيوتهم ومن ثم تعذيبهم، وقتلهم, والاعتداء على النساء، ونهب البيوت بحجة تفتيشها, فلا يستطيع أحد منعهم, والتاريخ يعيد نفسه, بل المنهاج نفسه يتكرر وإن اختلفت أيام التاريخ ولياليه.
بل إن جرائمهم -معشر المؤمنين- صارت تتقصى أصحاب المؤهلات والكوادر العلمية خاصة, فمن يقوم بجرائم اغتيال الأساتذة الأكاديميين، والقضاة، والعلماء من أهل السنة، ومن يتصيدهم غير هؤلاء الروافض؟! وبِأوامرَ مِن مرجعيّاتهم تعطى لفيالقهم على شكل بيانات منسوخة, وقد تسربت نسخ من هذه البيانات عبر الإنترنت فقرأها القاصي والداني, ولا مجال لإنكارها!!.
هذا جانبٌ من خياناتهم المستمرّة, ومما تركناه أكثر ممّا اقتصرنا عليه لطول خياناتهم وكثرتها وتشعّب أمرها, وهم يدٌ واحدةٌ ومشروعٌ واحدٌ مهما اختلفت أسماؤُهم وعناوينهم, فهم مجتمعون على منهجية واحدة وعقلية واحدة وأهداف مشتركة واحدة إفساد دين المسلمين و دنياهم.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
وصل اللهم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان وسلّم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم