عناصر الخطبة
1/سخرية اللئام بنبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- 2/وجوب الذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه 3/بعض فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم- 4/دفاع الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وانتقامه ممن سبه صلى الله عليه وسلم 5/كفر من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- ووجوب إقامة الحد عليه 6/وجوب نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ووسائل ذلكاقتباس
إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أرسل إلينا خاتم رسله، وأنزل عليه أفضل كتبه، وشرع لنا خير شرائع دينه، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وهدانا لمعالم دينه الذي ليس به التباس، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله الله –تعالى-: (بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التوبة:33].
ففتح به قلوباً غلفاً، وآذاناً صماً، وأعيناً عمياً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ آمنوا به وعزروه ونصروه، وأحبوه وعظموه، وبذلوا كل ما يملكون من نفسٍ ونفيس فداء له ولدينه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل-.
عباد الله: لا يخفى على المتابع ما يجري في الساحة هذه الأيام من إمعانٍ في العداء، ونكأ للجراح من جديد، بنشر الإساءات والآراء الساخرة، بإمام النبيين، وخاتم المرسلين، وقائد الغر المحجلين محمد -صلى الله عليه وسلم- أعظم رجل وطأت قدماه الثرى.
فما حملت من ناقة فوق ظهرها *** أبر وأوفى ذمة من محمد
أقلام وأنامل حاقدة، تحاول النيل من أطهر الخلق، وسيد الأنبياء والمرسلين، رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فبعد نشر الرسوم المسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في إحدى الصحف الدنماركية والنرويجية قبل أعوام، تعود الكرة، وتشن الغارة من جديد، ولكن من داخل بلاد المسلمين في إساءة سافرة، ومتعمدة وواضحة لدين الإسلام، ونبي الإسلام، وأمة الإسلام: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)[الذاريات: 52 - 53].
بالله ماذا يبقى في الحياة من لذة يوم ينال من مقام محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم لا ينتصر له، ولا يذاد عن حياضه، ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر، والتهكم المكشوف؟ هل نغمض أعيننا، ونصم آذاننا، ونطبق أفواهنا؟
لا وربي، لا يكون ذلك ما دام في القلب عرق ينبض.
والذي كرم محمداً وأعلى مكانته لبطن الأرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحق، وندافع عن رسول الحق.
ألا جفت أقلام، وشُلت سواعد، وقطعت ألسن، امتنعت عن الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والذود عن حرمته.
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم فداء
ونحن إذ ندافع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وننصره، فإننا نحمي بذلك ديننا وعقيدتنا، ونؤكد شيئاً من حبنا لرسولنا -صلى الله عليه وسلم-، وهذا أقل الواجب في حق نبي كريم جعل الله محبته مقدمة على النفس، والولد والمال، والأهل والعشيرة، قال الله -تعالى-: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[التوبة: 24].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"[رواه البخاري].
إن فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تكاد تحصى كثرةً، فهو منّةُ الله -تعالى- على هذه الأمة، امتدحه ربه، ورفع منزلته، فهو أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة، وله المقام المحمود، والحوض المورود، إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي اختص بها عن غيره، وهي مدونة في كتب الدلائل والشمائل والخصائص والفضائل.
لقد شهد بفضل نبينا -صلى الله عليه وسلم- القاصي والداني، والصديق والعدو، وأنَّا لأحد أن يكتم فضائله صلى الله عليه وسلم، وهي كالقمر في ضيائها، وكالشمس في إشراقها.
إن مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفيع برفعة الله له، لن ينال الشانئ منه شيئاً، قال تعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)[الشرح: 4].
قال مجاهد: "لا أذكر إلا ذكرت معي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله".
قال حسان -رضي الله عنه-:
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسْمه *** إذَا ما قال في الخمسِ المؤذِّن أشهدُ
وشقَّ له منِ اسمِه ليُجلَّه *** فذو العرش محمودٌ وهذا محمّدُ
نعم، لقد رفع الله ذكر نبينا -صلى الله عليه وسلم- رغم أنوف الحاقدين والجاحدين، فهاهم المسلمون يصوتون باسمه على مآذنهم في كل مكان، ويصلون عليه في كل آن.
إن الله -تعالى- قد تولى الدفاع عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأعلن عصمته له من الناس، فقال جل ذكره: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[المائدة: 67].
وأخبر جل وعلا أنه سيكفيه المستهزئين: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 95].
سواء كانوا من قريش أو من غيرهم.
وذكر سبحانه وتعالى في مواضع أخرى من كتابه العزيز أنه كفاه غيرهم؛ كقوله في أهل الكتاب: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ)[البقرة: 137].
وقوله: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ)[الزمر: 36].
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: "وقد فعل تعالى، فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به إلا أهلكه الله، وقتله شر قِتلة" أ. هـ.
والله -تعالى- يقول: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر: 3] أي: إنَّ مبغضك يا محمد، ومبغض ما جئتَ به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين: (هُوَ الْأَبْتَرُ) الأقل الأذل المنقطع كل ذِكرٍ له.
فهذه الآية تعم جميع من اتصف بهذه الصفة من معاداة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سعى لإلصاق التهم الباطلة به، ممن كان في زمانه، ومن جاء بعده إلى يوم القيامة.
لقد أعظمت قريش الفرية على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرمته بالسحر تارةً، وبالكذب تارةً، وبالجنون أخرى، والله يتولى صرف ذلك كُلِه عنه لفظاً ومعنىً؛ ففي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً، وأنا محمد".
وهكذا، فهذه الإساءات أو الكتابات، وقبلها الرسومات التي نشرت على هذه الصفحات والمواقع السوداء، هي قطعاً لا تمثل شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل هي صور أملاها عليهم خيالهم الفاسد، واعتمدها الشيطان، ورسمها لهم السامري!.
أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فوجهه يشع بالضياء والنور، والبسمة والسرور، لم يستطع أصحابه -رضي الله عنهم- أن يملئوا أعينهم منه إجلالاً له -وقد عاصروه- فكيف بمن لم يجمعه به زمان، ولم يربطه به خلق ولا إيمان؟!
والله ما خلق الإله ولا برى *** بشراً يرى كمحمد بين الورى
لقد جاء خبر الصدق من الملك الحق: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر: 3].
ليبقى كل شانئٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وكل معارض لدينه، هو الأبتر المقطوع المنبوذ.
أين أبو جهل؟ أين أبو لهب؟ أين عبد الله بن أبي؟ أين ملوك الأكاسرة والقياصرة؟
لقد طمرتهم الأرض، ونُسيت رسومهم، ولحقتهم اللعنات، وباءَوا بثقل التبعات؛ روى البخاري في صحيحه من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رجل نصراني، فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فعاد نصرانياً، فكان يقول: لا يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فِعْل محمدٍ وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه" أ. هـ.
والأيام بيننا وبين أولئك المبطلين المستهزئين، لننظر من تكون له العاقبة، ومن الذي يضل سعيه، ويكذب كلامه، وتظهر للعالمين أباطيله وافتراءاته، فقد قالها أمثالهم، فلمن كانت العاقبة؟ وأين آثارهم؟ وأين مثواهم؟
قال الله -جل شأنه- في القرآن الكريم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[التوبة: 61].
وقال الله -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)[الأحزاب: 57].
ومن سُنة الله: أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله، فإنَّ الله -سبحانه- ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه، كما قال الله -سبحانه-: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 94 - 95].
وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال: "يقول الله -تعالى-: من عادى لي ولياً، فقد بارزني بالمحاربة" فكيف بمن عادى الأنبياء! ومن حَارَبَ الله -تعالى- حُرِبَ.
وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أُهلكوا حين آذوا الأنبياء، وقابلوهم بقبيح القول، أو العمل.
وهكذا، بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذِّلة، وباؤوا بغضِبٍ من الله، ولم يكن لهم نصير؛ لقتلهم الأنبياء بغير حق، مضموماً إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه.
ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء، ثم لم يَتُبْ إلا ولا بد أن يصيبه الله بقارعة.
أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-:
إن ما صدر عن الكاتب الصحفي بجريدة البلاد السعودية المدعو حمزة "كاشغري" في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من تطاول على الله -تعالى-، وتشكيك في وجوده سبحانه، وفي وجوب عبادته جل وعلا، ومما تبع ذلك من سوء الأدب مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتصريح بكراهية ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
إن ما كتبه ذلكم الكاتب في تغريدته عن الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، كفرٌ لا يشكّ به مؤمن، وعقوبته واجبة، وتركه من أعظم المحادة لله ورسوله والإهدار لحدوده.
ولا يختلف العلماء أن الاستهزاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، والتنقص منه كفر مخرج من الملة: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)[التوبة: 65 - 66].
ويُجمع عامة العلماء على أن حده القتل، قال ابن المنذر: "أجمع عوام أهل العلم على ذلك".
روى أبو داود بسند صحيح: أن أمَةً سبّت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقتلها سيدها، فبلغ ذلك النبي فنادى: "ألا اشهدوا أن دمها هدر".
وعامّة العلماء على أن توبة من سبّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتنقص منه أمره إلى الله –تعالى، وأما عقوبته في الدنيا، فلا تسقط عنه، فالتوبة من سبّ البشر لا تسقط، فكيف بسيد البشر؟
ولمّا قُذِفت عائشة -رضي الله عنها- قال أُسيد -رضي الله عنه- عن الذي دافع عن السابّ إنك منافق تجادل عن المنافقين، هذا في الذي دافع عمن سبّ زوجة النبي، فكيف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟!
قال القاضي عياض -رحمه الله- في كتابه: "الشفاء بتعريف حقوق المصطفى، في حكم سب النبي -صلى الله عليه وسلم-": "اعلم -وفقنا الله وإياك- أن جميع من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عابه، أو ألحق به نقصاً في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرض به، أو شبهه بشيء، على طريق السب له، أو الإزراء عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغض منه، والعيب له، فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب...، ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا نمتري فيه تصريحاً أو تلويحاً، وكذلك من لعنه، أو دعا عليه، أو تمنى له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه، على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو غيره بشيء مما جرى من البلاء، أو المحنة عليه، أو غمضه ببعض العوارض البشرية الجائزة، والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة -رضوان الله عليهم" أ. هـ.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فإن دورنا وواجبنا عظيم إزاء نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن على كل مؤمن يحب الله –تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويغار لدينه أن يسعى لنصرة نبيه وحبيبه محمد -صلى الله عليه وسلم- كل من موقعه، وحسب قدرته واستطاعته.
وإننا -ولله الحمد والمنة- نقدر ذلكم الشعور الفياض، المفعم محبة، وغيرة للإسلام، ونبيه على جميع المستويات والصُعد، شعوباً وحكومات، ودور علم وإفتاء، ودعوة ومواقع تواصل، كان لها صوتها وقلمها وبياناتها وجهودها في الذب عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
بيد أن النصرة يجب أن تكون فعالة ومستمرة لا أن تكون ردة فعل، أو غضبة، تفتر مع الأيام.
ونصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- تكون بما يلي:
1- اتباع سنته وتطبيقها والاهتداء بهديه وطاعته، قال تعالى: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر: 7].
وقال سبحانه: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)[النور: 54].
وقال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)[النساء: 80].
وقال: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران: 31].
2- تنشئة الأطفال والأجيال منذ الصغر على محبته صلى الله عليه وسلم، والتأسي بسيرته، والاقتداء به.
3- قيام العلماء والدعاة والخطباء والمربين والإعلاميين بدورهم في ذلك.
4- إعداد برامج علمية وعملية للتعريف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، سواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والالكترونية.
5- إعداد ونشر وتقريب المؤلفات والرسائل التي تبين سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسنته وهديه وشمائله، وبجميع اللغات.
6- إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية، والإعلام الجديد، لنصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودعمها ماديا ومعنويا.
7- استنكار ما حدث ولو بالقلب، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فالتغيير باليد واللسان يكون بـ:
• إرسال رسائل الاستنكار والتنديد، ورفع الصوت بالإنكار ليسمع القاصي والداني.
• الاستمرار بمقاطعة بضائع كل دولة تُنشر فيها هذه الإساءات والرسوم المسيئة.
• مقاضاة أصحاب الإساءات صحفاً ومواقع، وناشرين ومؤلفين وممثلين؛ ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه التطاول على ثوابتنا، ومقدساتنا الإسلامية.
8- وأخيراً: الدعاء على من آذى نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وشتمه وتنقص منه، خاصة في مواطن الإجابة.
أسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينتقمَ ممن تنقَّص خاتمَ رسلِه، أو أعانَ على ذلك، أو رضيَه، أو دافع عمن فعله، وأن يجعلهم عبرةً لمن خلفِهم، إنه على كل شيء قدير.
رضينا بالله -تعالى- رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً، ونشهد الله -تعالى- على ذلك وكفى بالله شهيداً.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم