عناصر الخطبة
1/أول محاولات تحريف الإسلام 2/خيانة الشيعة لآل البيت 3/دولة بني عبيد الباطنية ودورها 4/الدولة الصفوية ونشأتها 5/الشاه الصفوي إسماعيل وجرائمه ضد السنة 6/زوال دولتهماقتباس
وظل المد الصفوي يجتاح بلاد المسلمين حتى انتزع بغداد بعد سبع سنوات من قيام دولته، وكان انتزاعه لها أيضا بخيانة وممالأة من شيعتها آنذاك, ثم أمر بهدم مدينة بغداد وقتل أهل السنة, وتوجه إلى مقابر أهل السنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم, وبدأ يعذب أهل السنة سوء العذاب ثم يقتلهم، ونبش قبر أبي حنيفة...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العليم الحكيم, خلق الخلق ودبرهم، وكلف الجن والإنس وابتلاهم، نحمده على ما هدانا، ونشكره على ما أعطانا، ونستغفره لخطايانا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, أنزل القرآن هدى ورحمة للعالمين، وقص علينا فيه آخبار الغابرين، عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أعلى الله تعالى ذكره في العالمين، وجعله حجة على الخلق أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله ربكم، وأخلصوا له دينكم، وأحسنوا عملكم.
في هذه الخطبة ، نتصفح وإياكم شيئاً من صفحات التاريخ, فالتاريخ المليء بالدروس والعبر:
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر *** ضل قوم ليس يدرون الخبر
لقد شهد تاريخ البشرية صراعاً بين الرسل -عليهم السلام- وهم يهدون الناس إلى سبيل الله، وبين الشياطين وهم يصدونهم عن ذلك السبيل إلى سبل الغي والضلال.
وقد حفظ لنا التاريخ الكثير من الديانات والملل الباطلة التي بعث الله على إثرها الرسل مبشرين ومنذرين, حتى بعث الله تعالى محمدا -عليه الصلاة والسلام- مصدقا لرسالات من قبله من الرسل, وخاتما للأنبياء, فآمن به من آمن من أهل القبلة, ثم وقع الخلاف والتفرق بين أهل القبلة, فمنهم من ثبت على الحق، ملتزما بالكتاب والسنة، مهتديا بهدي السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم، ومنهم من انحرف إلى بدعة مكفرة أو مفسقة، فأحدث في الإسلام ما ليس منه.
وقد بدأت محاولات تحريف الإسلام، وإدخال العقائد الضالة فيه في آخر الخلافة الراشدة، عندما أراد عبد الله بن سبأ اليهودي المنافق أن يقوم في الإسلام بذات الدور الذي قام به سلفه شاؤول في النصرانية، فأحدث ابن سبأ وأتباعه الخروج على عثمان -رضي الله عنه-، واستتبعوا ذلك بالغلو في آل البيت، وزعموا التشيع لهم، فأظهروا محبتهم، ثم غالوا في علي -رضي الله عنه-, وادعوا العصمة له ثم النبوة، حتى وصل بهم غلوهم إلى خلع صفات الربوبية عليه وعلى زوجه وولده -رضي الله عنهم-، مع طعنهم في بقية الصحابة -رضي الله عنهم- إلا عددا قليلا منهم، وسبهم للخلفاء الثلاثة الذين -رضي الله عنهم-، ومات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو راض عنهم.
ثم لما بذر هؤلاء المنافقون بذرة الخلاف بين المسلمين، وسقوها بالأكاذيب والشائعات، وغذوها بالضغائن والأحقاد، وأوقعوا الخصومة بينهم كانوا هم أول من تخلى عن علي وابنيه الحسن والحسين -رضي الله عنهم-، وخانوهم أعظم خيانة، حتى قتل الحسين -رضي الله عنه- ظلما وعدوانا بسبب خيانة من زعموا التشيع له، وجعل أولئك الخونة وأتباعهم يوم مقتله يوم مناحة ولطم وبكاء، وإحياء للضغائن، وسب لأولياء الله تعالى من الصحابة والتابعين لهم بإحسان. ثم انشطرت الشيعة إلى مذاهب عدة، وفرق كثيرة، يلعن بعضها بعضا، وتزعم كل فرقة منها أن الحق معها دون غيرها, ومن أكبر فرقهم الإسماعيلية والأمامية الاثني عشرية.
ومضى التاريخ حتى كان القرن الرابع الهجري, حيث قامت لهم دولة في الشام ومصر وهي دولة بني عبيد الباطنية التي تسمى زوراً الدولة الفاطمية, فطمست هذه الدولة معالم الإسلام في مصر والشام، وأحيت البدع والضلالات، وامتحنت العلماء, حتى قيض الله للمسلمين القائد العظيم صلاح الدين -رحمه الله- تعالى فأسقط هذه الدولة الخبيثة، ولم يقم لأتباع المذهب الباطني دولة إلا ما كان للبويهيين ودولتهم زيدية.
وقد سعى ابن العلقمي الرافضي في القرن السابع أن يبني لهم دولة في بغداد على أنقاض الدولة العباسية بعد خيانته لها، ولم يتم له ذلك فمات كمدا بحمد الله تعالى، وتعاقبت الدول المغولية وغيرها على بلاد العراق وفارس، وكانت دولا سنية، آخرها دولة للتركمان، سقطت في أوائل القرن العاشر على يد الدولة الصفوية أول دولة شيعية إمامية.
وقد قامت الدولة الصفوية على يد إسماعيل بن حيدر الصفوي، نسبة إلى جده صفي الدين الأردبيلي الذي كان واعظا صوفيا، عاش في القرن السابع, وما زال أبناؤه وأحفاده يميلون للتشيع حتى اعتنقوا المذهب الإمامي الاثني عشري.
فلما آل الأمر إلى حفيده الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية حارب بالتركمانِ الصوفيةِ والمتشيعين دولتَهم السُنية فقضى عليها، فكان أول حاكم للدولة الصفوية وذلك عام تسع مئة وسبعة للهجرة.
واتخذت الدولة الصفوية مدينة تبريز الإيرانية عاصمة لها, وشيعت إيران بالقوة فنقلت نسبتهم من (10%) إلى (65%).
عندما حكم إسماعيل الصفوي أعلن أن مذهب الدولة هو الإمامية الاثني عشرية، وأنه سيعممه في جميع بلاد إيران، وعندما نُصح أن مذهب أهل إيران هو مذهب الشافعي قال: "إنني لا أخاف من أحد, فإن تنطق الرعية بحرف واحد فسوف امتشق الحسام ولن أترك أحداً على قيد الحياة". ثم صك عملة للبلاد كاتباً عليها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله"، ثم كتب اسمه.
وأمر الخطباء في المساجد بسب الخلفاء الراشدين الثلاثة -رضي الله عنهم-، مع المبالغة في تقديس الأئمة الاثني عشر. وقد عانى أهل السنة في إيران من ظلمه معاناة هائلة، وأجبروا على اعتناق المذهب الإمامي بعد أن قتل منهم مليون إنسان سني في بضع سنوات بشهادة مؤرخ شيعي.
وكان الشاه الصفوي إسماعيل يجمع بين التعصب المذهبي والغلو والتكفير، وبين الدموية، فقد نقل عنه أحد أقربائه أنه أكثر القتل حتى قتل ملك (شروان) وأمر أن يوضع في قدر كبير ويطبخ، وأمر جنده بأكله ففعلوا, وكان لا يتوجه لبلاد إلا فعل أشياء يندى لها الجبين من قتل ونهب, وكان من دمويته أنه ينبش قبور العلماء والمشايخ السنة ويحرق عظامهم، وكان إذا قتل أميراً من الأمراء أباح زوجته وأمواله لشخص لمن يختار.
ويكفي دليلا على تعصبه وهمجيته أنه دعا أمه للتشيع وكانت سنية حنفية، فأبت ذلك فأمر بقتلها فقتلت -رحمها الله تعالى-، وبلغ من طغيانه وجبروته أنه كان يأمر جنده بالسجود فيسجدون له.
وذكر أحد كبار مذهبهم ودولتهم في هذا العصر أن إسماعيل الصفوي كان ممالئا للإنجليز على الدولة العثمانية، وكان يعاقر الخمرة مع قادتهم ويقول لهم: "إنني أفضّل حذاء مسيحي على أكبر رجالات الدولة العثمانية".
وظل المد الصفوي يجتاح بلاد المسلمين حتى انتزع بغداد بعد سبع سنوات من قيام دولته، وكان انتزاعه لها أيضا بخيانة وممالأة من شيعتها آنذاك. ثم أمر بهدم مدينة بغداد وقتل أهل السنة, وتوجه إلى مقابر أهل السنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم. وبدأ يعذب أهل السنة سوء العذاب ثم يقتلهم، ونبش قبر أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-.
وقتل كل من ينتسب لذرية خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في بغداد لمجرد أنهم من نسبه, وقد أرخ الشيعة في ذلك الزمان لهذه الحادثة حتى قال ابن شَدْقَم: "فتح بغداد، وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد، ما لم يُسمع بمثله قط في سائر الدهور، بأشد أنواع العذاب، حتى نبش موتاهم من القبور".
وفر كثير من سنة بغداد إلى الشام ومصر، وحكوا للعالم الإسلامي ما فعل الصفويون ببغداد وأهلها، ووصلت أخبار المذابح العظيمة لأهل السنة إلى الدولة العثمانية، فاجتمع السلطان العثماني سليم الأول في عام عشرين وتسع مئة برجال دولته وعلمائها، وقرروا أن الدولة الصفوية تمثل خطراً على العالم الإسلامي, وأن على السلطان جهادها، وإيقاف ظلمها وتنكيلها بالمسلمين.
فحاول السلطان مفاوضة الصفوي إسماعيل فلما لم يستجب له، سار إليه بجيش يقوده السلطان بنفسه قوامه مئة ألف، وجيش الصفوي مئة ألف أيضا، فالتقى الجيشان في صحراء جالديران، فهزمه السلطان هزيمة نكراء وقتل أكثر جنده، فقضى على حكمه في العراق بعد أن حكمها بالحديد والنار ست سنوات.
فما كان من الصفوي الخبيث وقد أحس بالضعف إلا أن كاتب قائد البرتغال الصليبيين يطلب نجدته على أن يعطيهم مضيق هرمز وفلسطين، فكتب له قائد الصليبيين رسالة قال له فيها: "إني أقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر، أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل ما يريد".
ولكن الله تعالى خذلهم؛ إذ استطاع العثمانيون إفشال مخططهم، وظلوا يتتبعونهم حتى بعد هلاك الصفوي إسماعيل وتولي أبنائه من بعده.
والمتأمل لما في المذهب الاثني عشري من المراسم الشاذة، والطقوس الغريبة، والممارسات المقززة في المناسبات الدينية يجد إنه من إحداث هذا الخبيث الضال، وضل أتباعه يمارسونها ويتناقلونها جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا.
نحمد الله تعالى الذي عافانا مما ابتلاهم به, ونشكره على ما هدانا من الدين الحق الذي هو الرحمة والعدل، ونسأله سبحانه الثبات على الحق إلى الممات، إنه سميع قريب. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه.
ونحن نتحدث عن تاريخ المد الصفوي, فإنه يجدر بنا أن نستلهم العبر والدروس من التاريخ, ونحن اليوم نرى الابتلاءات, وتوالي المصائب والنكبات على أمة الإسلام، وعلى أرض العراق على وجه الخصوص.
حاضرة الخلافة الإسلامية خمسة قرون وزيادة، بلاد أخرجت أبا حنيفة النعمان، وإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل، وغيرهم في كوكبة من العلماء الربانيين، والقادة والمجاهدين.
ماذا فعل عباد الصليب في العراق؟, ثم ماذا فعل عباد الحسين بأهل السنة في العراق؟ الذين ما إن استوت لهم كعكة العراق إلا وعملوا فيها المزيد من المذابح والتقتيل الطائفي, بل أعلن المتنفذون منهم في العراق عن مشروعهم الطائفي البغيض, حين ظهر كبير من شياطينهم على فضائية من فضائياتهم يقول: "إن الشيعة ظلموا أربعة عشر قرناً، وآن لهم أن يأخذوا حقهم", مذكرا بمقولة خمينيهم الهالك حين قال: "السنة حكموا أربعة عشر قرناً، وآن للشيعة أن يحكموا العالم الإسلامي".
أين هؤلاء الحاقدون من دول إسلامية سنية قامت في الشرق والغرب، وعلى مدى أربعة عشر قرنا، نعمت فيها بسلام كل الطوائف والمذاهب، بل حتى الكفار الأصليين من يهود ونصارى وغيرهم، وإن وجد حاكم ظالم مستبد طال ظلمه الجميع، ولم يميز في ظلمه على أساس طائفي مذهبي أو عرقي أو ديني، وكم في دول أهل الإسلام في هذا العصر من طوائف متنوعة، ومذاهب مختلفة، وأقليات متباينة، فهل فعلت بها دولها ما يفعله الصفويون الجدد بأهل السنة في العراق، وماذا سيفعلون بعموم المسلمين لو حكموا العالم الإسلامي كما يطمحون. أخزاهم الله تعالى وخذلهم، ورد كيدهم عليهم، وحفظ المسلمين من شرهم ومكرهم.
إن في هذه النوازل العظيمة، لموعظة لعموم المسلمين حتى يصلحوا ما بينهم وبين الله تعالى، ويتوبوا من ذنوبهم، ويلجئوا إلى ربهم، فما أحوجهم إلى عون الله تعالى ومدده، وعافيته وحفظه، وتسديده وتثبيته، في وقت وقعوا فيه بين فكي المشاريع الصهيونية الإنجيلية، والطموحات الصفوية الفارسية. (عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً).
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم