عناصر الخطبة
1/ العداء للإسلام والمسلمين قائم إلى قيام الساعة 2/ أسباب تنصّر بعض المسلميناقتباس
لقد استطاع النصارى أن يغرّوا بعض الشباب، فما كان من هؤلاء الشباب إلاّ أن بدلوا دينهم ودخلوا النصرانية، ولكل واحد منهم غرض أو هدف، فهم يتعللون بأسباب سخيفة وشبه واهية لا قيمة لها، فمن الشباب من بدل دينه بسبب طمع دنيوي؛ كسيارة أو مال أو وظيفة أو سكن أو تأشيرة أو غيرها، ومنهم من بدل دينه بسبب الحالة النفسية التي يعاني منها العاصي، فالعاصي في كآبة وغمّ وهمّ، أو باختصار ضنك معيشي، وهو يعتقد أنه سيتخلص من الحمل الثقيل، الحمل النفسي المصاحب للمعصية...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فأوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، فاتقوه على الدوام، واغتبطوا بما هداكم للإسلام، وازدلِفوا إليه باتِّباع سيّد الأنام، ويا بُشرى لكم عند ذلك بصلاح الأحوال وزكاء القلوب والأعمال، وحصول السعادة والفلاح في الحال والمآل.
أيها المسلمون، إنّ أعداء الإسلام منذ بزوغ شمسه وظهوره وانتشار ضيائه وجماله وسنائه وهيمنته على الأديان كلها ما فتئوا يكيدون للإسلام وأهله ويتربصون بهم الدوائر، (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء: 89].
إنّ كيد الأعداء لن ينقطع ما بقي إسلام على وجه الأرض، وهذه حقيقة لا نشك فيها، وهي مصداق قوله تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217]. والفعل المضارع (يُقَاتِلُونَكُمْ) عند أهل اللغة يدل على التجدد والاستمرار، فالحملات لن تهدأ عن الإسلام وأهله، وما نشهده اليوم من حملة مسعورة على الإسلام وتعاليمه في بلادنا الجزائر أكبر دليل على صدق كلام الله، فلم يكفهم ما فعلوه من حملات الصليب ومحاكم التفتيش بعدها، مرورا بحقبة الاستعمار المريرة، وما يفعله اليوم النصارى في المسلمين من تقتيل وتشريد تحت مُسمى محاربة الإرهاب، وهو في الحقيقة محاربة للإسلام وأهله، لتَخرج لنا قوى الظلم والكفر والإلحاد بثوب آخر تحت مُسمى التبشير أو التنصير.
أيها الإخوة الكرام: إن ما يحملنا على القلق من هذه الحملة المسعورة هو ذلك الأثر الذي تحاول خَطَه في بلادنا، فقد وجدت بالفعل آذانًا مصغية فملأتها، وقلوبًا واهية فاستهوتها، وأفئدة خالية من الدين فعمرتها، وضمائر غائبة فاحتلتها، وعقولاً سخيفة فألغتها وغيبتها، وشخصيات تافهة فاستعمرتها وحرّكتها، وفق خطط ممنهجة ومدروسة، فما تركوا من سبيل إلاّ سلكوه ليردوا شبابنا عن دينهم، فوزعوا الأناجيل باللغتين العربية والفرنسية، ومعها بعض المنشورات التي تدعو أو بها تعاليم النصرانية، بل وأقاموا من أجل هدفهم محطات إذاعية وتلفزيونية موجهة، تقول إحدى الإحصائيات: إن هناك أكثر من 1900 إذاعة تبث إلى أكثر من 100 دولة وبلغاتها، لا هَمَّ لها سوى الدعوةِ إلى دينهم المشوّه، وهم يقيمون لقاءات يومية مع من خُدع واغتَرَّ بهم، ليشهدوا أمام من بقي من شباب الإسلام عمومًا والجزائري خصوصًا بأنهم وجدوا ضالتهم، وعرفوا السكينة لما دخلوا في دين النصارى، والله أعلم كم دفعوا لهؤلاء حتى يقولوا هذا الكلام الذي لو نزل أحدنا إلى أرض الواقع لوجده سرابًا، بل سيجد الضنك واللأواء في حياتهم ومعاشهم، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 126].
ولو كان الأمر فيه راحة وسكينة فكيف نفسّر ارتفاع نسبة المنتحرين عند المسيحيين وارتفاع عدد مدمني الكحول والمخدرات وزيادة في نسبة الأمراض النفسية والعصبية رغم ما هم عليه من طفرة اقتصادية ورغد معيشي؟!
إننا -نحن المسلمين- وعلى الرغم من كل المشاكل والهموم، إلاّ أننا أقل الشعوب من حيث نسبة المنتحرين والمدمنين، ومن كان من المسلمين مدمنًا أو يعاني من مرض نفسي إنما هو راجع لبعده عن الدين وعدم رضاه بما قسمه رب العالمين، ولن يُلام الإسلام بسبب سلوك بعض المسلمين.
أيها الإخوة الكرام: لقد استطاع النصارى أن يغرّوا بعض الشباب، فما كان من هؤلاء الشباب إلاّ أن بدلوا دينهم ودخلوا النصرانية، ولكل واحد منهم غرض أو هدف، فهم يتعللون بأسباب سخيفة وشبه واهية لا قيمة لها، فمن الشباب من بدل دينه بسبب طمع دنيوي؛ كسيارة أو مال أو وظيفة أو سكن أو تأشيرة أو غيرها، ومنهم من بدل دينه بسبب الحالة النفسية التي يعاني منها العاصي، فالعاصي في كآبة وغمّ وهمّ، أو باختصار ضنك معيشي، وهو يعتقد أنه سيتخلص من الحمل الثقيل، الحمل النفسي المصاحب للمعصية، وهذا الأمر وإن بدا للغافل حجة غير أنه كالمستجير بالرمضاء من النار، أو كمن ضرّه إصبَعُه فقتل نفسه ليرتاح من الألم، وهذا الأمر لا يفعله سوى من خلا رأسه من عقله؛ إذ إن سبب الغم والهم هو بُعد العاصي عن الله وإعراضه عن ذكر الله، وحاشا للدين أن يكون سببًا للغم والهم، والآية صريحة في هذا المقام: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) [طه: 124-126].
ومن الناس من اغترّ بمعاملة النصارى وآدابهم، فتأثر بهم وأحبهم فأحب دينهم، ومما ابتُلي به المسلمون أهل القرآن اليوم ومن جُعِلَت الجنة جزاءً لأحسنهم أخلاقًا أننا أصبحنا معجبين بل نَتَنَدَّرُ بأخلاق النصارى وآدابهم، والأطم من الإعجاب بهم تَعيِيرُ بعضنا بما للنصارى من أخلاق وجعل أخلاقهم أسنى المطالب، حتى من رأيناه من المسلمين ذا أخلاق فاضلة قلنا: هذا عنده معاملة النصارى، وأنا أقول لكم: من أراد أن يعرف أخلاق النصارى الحقيقية فليعش معهم ويخالطهم، ثم ليأتنا بنبأ يقين عنهم، إنهم من أفسد مخلوقات الله، وما يظهر لنا من أخلاق فاضلة ومواعيد دقيقة فهي عبارة عن مساحيق تجميلية سرعان ما تزول، لينكشف الوجه الحقيقي للنصارى، الذين عاثوا في بلادنا فسادًا، فقتلوا وشرّدوا وعذبوا، ولا زالت آثار التعذيب باقية على أجساد آبائنا كوسام لتضحياتهم وعلامة على خلُق النصراني الفظّ.
ورد في مجلة الإصلاح العدد (93) ما يلي: "14 ألف ألماني يقدم على الانتحار، وتزداد النسبة في الرجال بين 25 و29 عامًا، ويعتبر أغنى إقليم في إيطاليا من أكثر الأماكن في العالم انتحارًا".
وفي العدد (104) من المجلة ورد ما يلي: "7.2 مليون أمريكي يعانون من مرض الأرق، 3.5 مليون مدمن تسوق في الولايات المتحدة، ومدمنو التسوق بعضهم أفلس وباع كل ما عنده، فانتشرت عيادات مكافحة الإدمان!".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
أيها الإخوة الكرام: زد على ذلك ما تبثه المحطات التلفزيونية من مسلسلات مدبلجة، والتي تتلاعب بمشاعر المسلمين، وتربي فيمن يشاهدها حب النصارى ودينهم، فهم يضعون الممثل في مأزق أو مشكلة لا يستطيع حلها، فإذا صلى ليسوع المسيح في الكنيسة حدثت معجزة، فانفكت عقدته، وانحلت مشكلته، وعاش هنيئًا بلا مشاكل، وكأن المشاكل في لحظة تبخرت وتلاشت بسبب صلاتهم للمسيح، وصدقوني أن هذا ما جعل إحدى الجزائريات تعترف بأن هذا هو السبب الذي جعلها تتنصر وتبدل دينها. وصدق الله القائل: (مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأعراف: 186].
ومن زعم أن المسلسلات والأفلام لا تؤثر على المسلمين فلينظر إلى ملابس المسلمين أنفسهم كيف هي، وما هو مرسوم عليها أو مكتوب فيها، وانظروا إلى النساء المسلمات وما فعلت بهن المسلسلات.
أيها الإخوة الأفاضل: ومن الشباب من تنصر بدعوى أن المسيح جاء بالمحبة والتسامح، فهم يقولون مثلاً: إن المسيح قال: "لو ضربك أحد على الخد الأيمن فقدم له خدك الأيسر". كما زعموا أن الله أحبنا فافتدانا بابنه تكفيرًا لخطايانا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، وهذا والله إن لم يكن جنونًا فما الجنون إذًا؟! وأنّى للنصارى من مستند لينسبوا عيسى عبد الله ورسوله إليه سبحانه؟! ثم ماذا عن هذه الأغلوطة الكبرى أغلوطة دين المحبة؟! من أين لهم بالمحبة أصلاً؟! ألم يقرؤوا التاريخ فيروا حروب الصليب ومحاكم التفتيش في أوروبا؟! وهلاّ تركنا التاريخ لننظر إلى عالمنا اليوم؟! فمن يقتل من؟! ومن يشرد من؟! ومن يحاصر من؟! ومن يجوّع من؟! ومن يحتلّ ويغزو من؟! ثم مَن قال: إن الإسلام دين العنف والغلظة؟! إن الإسلام دين المحبة والإخاء، ألم يجعل الإسلام المسلمين كلهم بمختلف جنسياتهم وألوانهم وأعراقهم إخوة في الدين؟! ألم يجعل الإسلام من المحبة سببًا لدخول الجنة؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم".
والنبي حين فتح مكة وأمكنه الله من أهلها الذين قاتلوه وطردوه وأخذوا أمواله غصبًا وظلمًا، فلما أتوا إليه يطلبون العفو قال: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء".
أيها الإخوة الأفاضل: وبعض الشباب مِمَّن بدل دينه تعلّل بكونه لم يفهم الإسلام، وتشوّشت في فكره الأحكام، فهو لا يدري حلالاً مِن حرام، وحتى المسلمين أنفسهم تفرقوا واختلفوا اختلافًا ظاهرًا بينًا، فما تجده عند البعض حلالاً تجده عند البعض حرامًا، وبعض المسلمين يكفر بعضًا أو يفسق بعضًا، بل ويقتل المسلم أخاه المسلم، فأيّ دين هذا الذي يأمر بهذا؟! فحكم على الدين بالبطلان بسبب أهله وما يفعلونه!
فنقول لهؤلاء الذين سكنهم الوسواس: اعلموا -أيها المسلمون وغيركم- أنه لا دخل للإسلام في أفعال المسلمين، ولو كان الأمر كذلك لكنت أول من يدان بهذا، فلا يوجد على مدى الدهور والعصور من بني آدم أكثر قتلاً من هتلر الذي قتل 30 مليون شخص، ثم من قال: إن المسلمين اليوم يمثّلون الإسلام الحقيقي؟! إن الإسلام ما قال الله ورسوله، لا ما يفعله المسلمون.
أما سبب اختلافهم في التحليل والتحريم فهو راجع إلى فهم النصوص، لا إلى النصوص نفسها، فلا يوجد على وجه الأرض مسلم لا يسلّم بقول الله ورسوله، ومن لم يسلّم بقول الله ورسوله فلا يعدّ مع المسلمين، فمشكلة المسلمين فهمُ النصوص واستنباط الأحكام.
أما تفسيق المسلمين وتبديعهم فهذا لا يفعله إلاّ شخص جاهل مغرور لا خلق ولا خلاق له، اللهم إلا عالمًا بهذا الفنّ، فهو مخوّل شرعًا بهذا الأمر، وما بقي فمتنطّعون يريدون التقوّل والتلسّن فقط، وفاقد الشيء لا يعطيه كما قيل قديمًا.
أيها الإخوة الكرام: أما عن محاسن الإسلام فسنتكلم عنها في الخطب القادمة إن شاء الله، كما سنتكلم أيضًا عن سبب تركيزهم في حملاتهم على مناطق معينة دون مناطق، وسنتكلم -إن شاء الله- أيضًا عن الإنجيل أو بالأحرى الأناجيل التي يعتمد عليها المسيحيون، وأقوال العلماء فيها، وحجج النصارى وما قيل في نقضها، ومقارنة بين الإسلام والنصرانية.
نسأل الله أن يوفقنا للحق وأن يرزقنا اتباعه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرد من ضل عن السبيل القويم إلى الحق، في بلدنا خاصة وكل بلاد المسلمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم