عناصر الخطبة
1/إيمان العبد مرتبط بالتمحيص والامتحان 2/من فوائد التمحيص 3/من الأمور التي يمحص بها المؤمن 4/عاقبة الناجين من التمحيص والامتحاناقتباس
وَمِنَ التَّمْحِيص: انْتِفَاشُ البَاطِل، حَتَّى يَبْدُوَ كَالمُنْتَصِر، وهَذَا اسْتِدْرَاجٌ لِلْظَّالمِيْن، وإِعْدَادٌ لِلْمُؤْمِنِيْن، لِلْنَّصْرِ المُبِيْن؛ لِيَنَالُوْهُ عَنْ تَمْحِيْصٍ وَجَدَارَة، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا...
الْخُطْبَةُ الأُوْلَى:
عِبَادَ الله: لا يَتِمُّ الإِيْمَانُ إِلا بَعْدَ التَّمْحِيْصِ والاِمْتِحَان، قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)[العنكبوت:2].
وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: حُصُوْلُ التَّقْوَى: فَالتَّقْوَى هِبَةٌ رَبَّانِيَّة، لا تُوْضَعُ إلا في القُلُوبِ النَّقِيَّة، وَذَلِكَ بَعْدَ امْتِحَانِهَا وَتَمْحِيْصِهَا، (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)[الحجرات:3].
وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: مَحْوُ الذُّنُوب: فَلا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِن؛ حَتَّى يَبْقَى ذَهَبًا خَالِصًا، قال صلى الله عليه وسلم: "فَمَا يَبْرَحُ البَلاَءُ بِالعَبْدِ؛ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ"(رواه الترمذي، وقال: حسنٌ صحيح).
وَيَسْتَمِرُّ التَّمْحِيْصُ حَتَّى الوَفَاة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ"(رواه الترمذي وحسّنه) قال العُلَمَاء: "يَشْتَدُّ الْمَوْتُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، بِحَيْثُ يَعْرَقُ جَبِينُهُ مِنَ الشِّدَّةِ؛ لِتَمْحِيصِ ذُنُوبِهِ، أَوْ لِتَزِيدَ دَرَجَتُهُ".
وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: تَطْهِيْرُ القُلُوْب: مِمَّا تَلَطَّخَ بِهَا مِنَ الشُّبْهَةِ والشَّهْوَةِ والغَفْلَة، قال تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ)[آل عمران:154].
وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: تَطْهِيرُ الصُّفُوْف مِنْ خَبَثِ المُنَافِقِيْنَ والفَاسِدِيْن، قال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)[آل عمران:179]. قال ابنُ القَيِّم: "اقْتَضَتْ حِكْمَةُ الْعَزِيزِ أَنْ قَيَّضَ مِنَ الْمِحَنِ وَالْبَلَايَا، مَا يَكُونُ كَالدَّوَاءِ الْكَرِيهِ لِمَنْ عَرَضَ لَهُ دَاءٌ، إنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ طَبِيبُهُ بِإِزَالَتِهِ مِنْ جَسَدِهِ؛ وَإِلَّا خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ!".
والتَّمْحِيصُ والبَلاء مَحَكُّ الأَحْوَال، وَبِهِ تَظْهَرُ مَعَادِنُ الرِّجَال، قال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت:3]، قال الحَسَنُ البَصْرِي: "اسْتَوَى النَّاسُ في العَافِيَة؛ فَإِذَا نَزَلَ البَلَاءُ تَبَايَنُوا".
واخْتِبَارُ التَّمْحِيْص لا يَجْتَازُهُ إِلَّا الصَّابِرُون، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ)[محمد:31].
وَعِنْدَمَا يَتَمَحَّصُ المُؤْمِنُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ يَنْصُرْهُمْ اللهُ على عَدُوِّهِمْ، قال تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ)[آل عمران:141].
وَمِنَ التَّمْحِيص: سُهُوْلَةُ المَعْصِيَة؛ فاللهُ يَبْتَلِي المَرْءَ بِتَيْسِيرِ أَسْبَابِ المَعْصِيَةِ؛ (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ)[المائدة:94].
وَمِنَ التَّمْحِيص: اِنْتِفَاشُ البَاطِل، حَتَّى يَبْدُوَ كَالمُنْتَصِر، وهَذَا اسْتِدْرَاجٌ لِلْظَّالمِيْن، وإِعْدَادٌ لِلْمُؤْمِنِيْن، لِلْنَّصْرِ المُبِيْن؛ لِيَنَالُوْهُ عَنْ تَمْحِيْصٍ وَجَدَارَة، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة:214].
وَسُنَّةُ اللهِ الكَوْنِيَّة أَنَّ التَّمْكِيْنَ لا يَأْتِي إِلَّا بَعْدَ التَّمْحِيْص، سُئِلَ الشَّافِعِيُّ: "أَيُّمَا أَفْضَلُ لِلرَّجُلِ: أَنْ يُمَكَّنَ أَوْ يُبْتَلَى؟"، فقال: "لَا يُمَكَّنُ حَتَّى يُبْتَلَى!".
وَمِنَ التَّمْحِيص: غُرْبَةُ الدِّيْن، وَقِلَّةُ المُعِيْن، وَكَثْرَةُ المُتَسَاقِطِيْن، قال بَعضُ السَّلَف: "عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْحَقِّ، وَلَا تَسْتَوْحِشْ لِقِلَّةِ السَّالِكِينَ، وَإِيَّاكَ وَطَرِيقَ البَاطِلِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الهالِكِينَ!"، (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)[يوسف:103].
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:
عِبَادَ الله: لا يُمْكِنُ دُخُولُ الْجَنَّةَ إِلا بَعْدَ التَّمْحِيصِ والتَّطْهِير؛ فَإِنَّهَا طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا طَيِّبٌ، فَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ ذَرَّةُ خُبْثٍ؛ وَلِهَذَا تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوْهَا خَالِدِينَ)[الزمر: 73].
فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الإِنْسَانِ خَبَثُهُ، وَصُفِّيَ ذَهَبُهُ، وَصَارَ خَالِصًا طَيِّبًا كانَ أَهْلًا لِدُخُوْلِ الجِنَان، وَمُجَاوَرَةِ الرَّحْمَن، وكَانَ مِنَ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 32]، وَكَمَا قال -صلى الله عليه وسلم-: "حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا؛ أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ"(رواه البخاري).
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ لِكُلِّ خَيْر.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم