عناصر الخطبة
1/مطالبات دعاة التغريب بتغيير المناهج 2/الهدف الحقيقي من تغيير المناهج التعليمية 3/حال الناس قبل الإسلام وبعده 4/فضل التدين وشروط المثالية فيه 5/هدف وسائل الإعلام من الدعوة إلى تخفيف حدة التدين 6/طبيعة التدين 7/المتدين غير معصوماقتباس
إن التدين هو الذي أصلح حال العرب هو الذي هذب أخلاقهم، وعدل قيمهم، ورفع من شأنهم، ولما صفت نفوسهم، وطهرت من أدران الشرك، وتشبعت قلوبهم بالإيمان، انتشرت مظاهر العدل والرحمة والإحسان في المجتمع. هذا ما يصنعه التدين، يصنع إنسانا مثاليا، بعكس ما يدعيه أعداء التدين، لكن هذه المثالية تشترط أمرين رئيسين: الأول...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
يدور الحديث في أروقة المؤسسات التعليمية، والسياسية، والثقافية، في كثيرا من بلاد المسلمين العرب وغير العرب، يدور الحديث عن أسباب تفشي الطائفية في المنطقة، وسبل علاجها، وكما كان الحديث عن التطرف سابقا يحمل تحليلا محددا عند أصحاب الأفكار التحررية المستغربة، فكذلك يحمل هذا الآخر لديهم نفس التحليل.
إن السبب في نظرهم هو ظاهرة التدين في شعوب الأمة، وقد اطلعت قريبا على طرف من مقابلة لأحد المسئولين الكبار في إحدى دول الخليج، يتكلم فيها بحماس شديد عن ضرورة إعادة النظر في المناهج التعليمية الدينية، فبعد أن أشار بقوله: "إننا لن نقبل أن يزايد أحد على موضوع التدين، كلنا الحقيقة عرب -وأذكر النص صريحا- ومسلمون ومتدينون، ونعتز بهذه الأمور" هذا كلام ممتاز.
لكن بعد قليل إذا به يعلق على المناهج الدينية المقررة على الأطفال في السنين الأولى، وأنه يرى أن تزال من منهجهم المفاهيم، والعقائد الإيمانية الغيبية، قائلا: "ربما لا تكون هذه المرحلة مناسبة بالنسبة لحصول الطالب على هذه المعلومات بالذات، لماذا؟ نريد أن نخرج طالب عربي مسلم يستطيع أن يتعايش ويعمل بمرونة وبدون حساسية مع هذا المجتمع المتنوع".
لعله يقصد طالب عربي مسلم، إسلام مايع لا هوية له، لا أدري.. ربما!
إذا كانت الغيبيات الإيمانية التي يريد أن تحجب عن الأطفال المسلمين الصغار؛ كالجنة والنار، والحسنات واليوم الآخر، والملائكة، ماذا يبقى في ذهن الصغير؟!
الشخصيات الخرافية، سوبر مان، والتنيين الطائر، جرينديزر، وغير ذلك!.
أقول: إن كان من شيء ينبغي أن يحجب عن عقل الطفل المسلم ليس الغيبيات الإيمانية، وإنما هذه الخرافات الوهمية التي تسحبه بعيدا إلى عالم الخيال والخرافة، وتغذيه بمفاهيم مخالفة لعقيدة الإسلام.
أما أن الدكتور هذا لا يرى في الشخصيات تلك بأس؛ لأنها شخصيات أمريكية، يقول: "يجب أن نعيد النظر كيف نفهم هذا الدين، وكيف نقرأ هذا الدين".
ويتسابق أمثاله من أصحاب ما يسمى بالفكر المستنير ومن يشاركهم في هذا المنحى من الليبراليين، وكذلك العلمانيين بالتصدي لظاهرة التدين باستغلال الأحداث لإخماد هذه الظاهرة.
فتقول إحداهن في صحيفة تلقى أمام البيوت في محاولاتها التسويقية، تقول: "فقد تبين لهذه القوى تقصد القوى الديمقراطية أن البديل الإسلامي أصبح أكثر خطر عليها من الواقع الاستبدادي في كثير من الدول العربية".
تبين لها أن القمع الأمني عابر في نهاية المطاف، بينما القمع المنطلق من تسييس الدين، ومن الاحساس بالتفوق الديني، ومن استخدام الدين لتغيير الدساتير والقوانين إنما هو قمع دائم يطيح إطاحة قاضية بالديمقراطيات، والحقوق المدنية.
ايها الإخوة المسلمون: لقد كان العرب قبل الإسلام قبائل متناحرة، القوي منها يهاجم الضعيف، فيغزوه ويأخذ ماله، ويستعبده، ويسبي عياله.
وكانت قلوبهم قاسية، وأخلاقهم شرشرة، ومبادئ العصبية تنضح من سلوكهم نضحا، حتى قال دريد بن الصمة:
فلما عصوني كنت منهم وقد أرى *** غوايتهم وأنني غير مهتد
وهل أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد
فجاء الإسلام بعدله وإحسانه، فطهر النفوس، وهذب الأخلاق، وروض السلوك، وكتم أنفاس الشر في كل ناحية من نواحي المجتمع العربي، وأصبح الظلم شاذا، بعد أن كان أصلا، وعلا صوت الحق واندحر الباطل، ونزلت آيات الرحمن تذكر عباده بنعمته عليهم بالإسلام: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103].
وآيات أخرى تذكر بمنته: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران: 164].
إن التدين هو الذي أصلح حال العرب هو الذي هذب أخلاقهم، وعدل قيمهم، ورفع من شأنهم، ولما صفت نفوسهم، وطهرت من أدران الشرك، وتشبعت قلوبهم بالإيمان، انتشرت مظاهر العدل والرحمة والإحسان في المجتمع.
هذا ما يصنعه التدين، يصنع إنسانا مثاليا، بعكس ما يدعيه أعداء التدين، لكن هذه المثالية تشترط أمرين رئيسين:
الأول: وهو متعلق بذات الدين، وهو أن يكون التدين لا بدين باطل، بل بالدين الصحيح دين الإسلام، وعلى منهج صحيح، وهو منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبته الكرام.
والأمر الثاني: وهو متعلق بالإنسان أن يكون تدين الإنسان على علم وبصيرة، ونية صادقة، والتزام باطن وظاهر.
إذا توفر هذان الشرطان، فسوف يرتقي الإنسان في درجات من المثالية الأخلاقية، لن يوفرها له أي دين، أو أي مبدأ آخر.
أيها الإخوة: إننا نعيش مرحلة من الزمان، سيطر فيه أهل الباطل على مفاصل الحياة المادية والتقنية، وأبهروا عقول الناس بإمكاناتهم واختراعاتهم، وهيمنتهم، ومن هؤلاء الناس المتأثرين المسلمون أنفسهم.
ولا بأس بأن يعجب الإنسان بجودة اختراع، أو نشاط، وهمة عالية، لتحقيق أهداف ما،
أو تنظيم والتزام بالنظام، لا بأس في الإعجاب بهذه المظاهر من أي إنسان، أو أي مجتمع مهما كانت ديانته.
لكن إذا تجاوز الإعجاب هذه الحدود، ووصل إلى الإعجاب بالقيم والمبادئ، والقيم والمنطلقات، هنا يكمن الخطر.
وهذا ما وقع فيه أولئك التنويريين والليبراليون وأمثالهم، فهم في الحقيقة يرددون ما يدعو إليه أعداء الإسلام، وهو تخفيف حدة التدين، حتى يتواكب المسلمون مع العصر، والتنوع العقدي، هذا هو المبرر، وكأن المتدين يعارض العيش بسلام مع البشر.
نحن لا ننكر وجود الغلو في بعض الناس، لكن الغلو ليس هو التدين، الغلو شيء، والتدين شيء آخر، التدين هو الاعتدال ذاته، إذا اتبع المتدين منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- على علم وبصيرة، بالكتاب والسنة، لا على فلسفة العقل، ولا أهواء النفوس.
أقول هذا لأن النفوس تهوى، قد تهوى الإرجاء أسلوبا في فهم النص، يعني المهم القلب واعمل ما شئت، هذا هو مفهومها للنص، وقد تهوى النفوس التصوف أسلوبا في فهم النصوص، يعني اغرف من الكلام بلا تمحيص ولا تدقيق، وابتدع في الدين، هذا هو أسلوبهم.
فهذه المقالة دائما تتكرر في الفضائيات، وستسمعونها مرارا: فهم النص.
إن فهم نصوص الكتاب والسنة مقيد للعلم، وليس مطلق لكل من هب ودب، كما أن الصحابة والتابعين أولئك الذين كانوا أقرب الناس من معين الإسلام.
إن تخفيف حدة التدين الذي يسعوا أمثاله هي إحدى وسائل أعداء الإسلام لإغراق المجتمع.
وما تخفيف حدة التدين، وتقليص المناهج الدينية إلا مرحلة أولى في طريقهم إلى ذلك الهدف.
إن أصابع هذا ومن على شاكلته دائما تشير إلى التدين ذاته، متهمة إياه دون أن تتهم من أساء إلى التدين، وتجدهم لما شطح أقلية من الشباب المسلم المغرر بهم، ووجهوا حرابهم إلى صدر بلادهم يتهمون التدين.
ولما احترقت مدرسة للبنات، وراح ضحية الحريق بعض الفتيات، يتهمون التدين، واليوم لما استفحل الغل والبطش الطائفي الصفوي في العراق، ها هم يتهمون التدين بعمومه من جديد، وكأن المتدينين من أهل السنة والجماعة هم سبب إشعال فتيل الفتنة الطائفية في العراق، وكأن المتدينين من أهل السنة والجماعة هم الذي ينفخون نار الفتنة الطائفية في لبنان اليوم، وكأن المتدينين من أهل السنة هم الذين لا يكاد يمر عليهم شهر إلا وجعلوا فيه مناسبة عزاء وحزن لولي أو إمام، مناسبة تجدد الضغائن، وتشحن الصدور بالكره والغل، والحقد من كل مخالف، وتأصل عقدة المظلومية والحرمان.
يتهمون أهل السنة بأنهم هم الذين يحملون أعلاما غير أعلام دولهم، ويسيرون بها في الشوارع، وكأن أهل السنة هم الذين اتخذوا مرجعيات خارج بلادهم، وكأن دينهم ودين من طعن في القرآن وكفر الصحابة، وخون زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- واستغاث بأهل القبور سواء، لا سواء.
إن دين الله لا يدعو إلى الطائفية، وإنما يدعو إلى العدل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].
إن الذي يدعو إلى الحزبية والطائفية هو كل دين باطل أو محرف، أما دين الله -تعالى- فإنه يدعو إلى الرحمة في موضعها، ليس بالمسلمين، ولا بالغافلين من عصاة المسلمين وبسطائهم فقط، بل بكل نفس، ولو كانت نفسا كافرة بدين الإسلام؛ قال صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء" [أخرجه أبو داوود وهو حديث صحيح].
قيل في شرحه: "فيه الحث على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر والبهائم".
كما أن دين الله لا يدعو إلى الرخاوة، بل يدعو إلى الحزم بكل متربص، وكل معاند، مُصر على المجاهرة بالمعصية والإفساد في الأرض: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النــور: 2].
وقال صلى الله عليه وسلم: "والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً".
فالتدين بالدين الصحيح لا يؤدي إلى الظلم، ولا إلى العصبية الطائفية، وإنما هي نفس الإنسان إذا آبى أن يهذبها صاحبها بأخلاق الإسلام، سواء كان متدينا في الظاهر أو غير متدين.
أسأل الله -تعالى- أن يحفظ علينا ديننا، وأن يثبتنا عليه، وأستغفر الله فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه، واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمن طبيعة التدين أنه يجعل صاحبه لصيقا بالقرآن، ويحمله على تدبر آياته، والتأسي بسنة المصطفى دينا وخلقا.
ونؤكد هنا أن المتدين غير معصوم، قد يخطئ المتدين في لحظة من لحظات الضعف، قد يغضب، بل قد يظلم، ولكنه لو صح تدينه، وقوي إيمانه، فإنه يتوب إلى الحق بسرعة، ويخاف الله، ويرجوه، ويؤنبه ضميره، فيستغفر وينيب سريعا، بعد تلك الكبوة.
وهكذا كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكنهم لم يكونوا معصومين، بل إنهم كانوا بشراً يعتريهم ما يعتري البشر.
أبوبكر -رضي الله عنه- غضب وحلف أن لا ينفق على مسطح، لما خاض فيمن خاص في حادثة الإفك، وقال: والله لا أنفق على مسطح بعد هذا، وكان ينفق عليه لقرابته منه، وفقره، فلما أنزل الله -تعالى-، وانظروا إلى تأثير القرآن: (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النــور: 22].
حركت هذه الآية قلب أبي بكر -رضي الله عنه- وقال: بلى والله إن أحب أن يغفر الله لي، فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفقها عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
وهكذا كان سلفنا الصالح من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبته الكرام، كلما صح تدينهم صحت أخلاقهم، وامتازوا بصفات النبل والشهامة، فهذا هو الإمام أحمد -رحمه الله- إمام أهل السنة على مدى العصور يعذبه الجلادون 14 سنة على رفضه لبدعة القول بخلق القرآن، يعذبونه ما بين إهانة وسجن وجلد 14 سنة على هذا الحال، حتى خلافة المتوكل الذي كان يتعجب من صفح أبيه عمن عذبه طوال تلك السنين: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)[الشورى : 40] فنظرت في تفسيرها فإذا هو: إذا كان يوم القيامة قام مناد ينادي: لا يقوم إلا من كان ليقم من أجره على الله -عز وجل-، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا، قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل أن لا يعذب الله -تعالى- بسببه أحدا.
قلوب رحيمة تتأثر بآيات الله.
أيها الإخوة المسلمون: دين الإسلام دين التسامح، ولا يبني الأحقاد، ولا يجعل اللعنة شعارا وديدننا في مواعظه.
اللهم أعلِ الإسلام، وأعز المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم