عناصر الخطبة
1/التوحيد أعظم ما أمر الله به 2/ الشرك أعظم ما نهى الله عنه 3/ الشرك نوعان 4/ الخوف من الوقوع في الشرك 5/ من مظاهر الشرك المنتشرة .اهداف الخطبة
التحذير من الشرك وبيان خطره / التنبيه على بعض مظاهر الشرك المنتشرة .عنوان فرعي أول
لا يغفر أن يشرك بهعنوان فرعي ثاني
الشرك الخفيعنوان فرعي ثالث
صور منتشرةاقتباس
كيف لا نخاف من الشرك وأكثرنا لا يدري ما هو الشرك وما هي أنواعه؟ حتى صار بعض الجهال أو المتساهلين في عقيدتهم يتعالجون من الأمراض عند الدجالين والمشعوذين والسحرة، وربما يأمرونهم بارتكاب الشرك فيفعلون ذلك كالذبح للجن والنذر للقبر الفلاني ولبس الحلقة والخيط والطلاسم.
الحمد لله رب العالمين (أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [يوسف:40] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس:18] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك، فجاهد في الله حق جهاده حتى بلّغ رسالة ربه وأكمل الله به الدين وأتم به النعمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيلهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى وافعلوا ما أمركم به واجتنبوا ما نهاكم عنه، واعلموا أن أعظم ما أمركم الله به هو التوحيد، وهو اخلاص العبادة لله وحده لا شريك له. وهو الذي خلقتم من أجله، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56] والمصلحة في ذلك راجعة إليكم فأنتم بحاجة إلى عبادة الله لتنالوا بها رحمة الله وتنجوا من عذابه –فالله أمركم بعبادته لمصلحتكم أنتم، أما هو سبحانه فهو غني عن عبادتكم قال تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) [إبراهيم:8] وأعظم ما نهاكم عنه هو الشرك، وهو جعل شيء من العبادة لغير الله تعالى كالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء والرغبة والرهبة، قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) [المائدة:72] وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء:48] .
والشرك نوعان: شرك أكبر يخرج من الملة ويكون صاحبه في الدنيا حلال الدم والمال إلا إذا كان له عهد من المسلمين، وفي الآخرة يكون خالداً مخلداً في نار جنهم، فقد حرمه الله من جنته وطرده من مغفرته ورحمته، وهذا الشرك يحصل ويتحقق إذا وجه العبد شيئاً من العبادة لغير الله –كأن يدعو الأموات والجن والشياطين لقضاء حاجاته وتفريج كرباته أو يذبح لهم لشفاء مرضه أو لدفع شرهم عنه. ومن ذلك ما يحصل اليوم عند قبور الأولياء والصالحين حيث أصبحت تلك القبور أو ثاناً تعبد من دون الله في كثير من البلاد. كما فعل قوم نوح غلواً في الصالحين (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) [نوح:23] ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "أن هؤلاء المذكورين في هذه الآية هم رجال صالحون من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت".
وروى ابن جرير رحمه الله عن محمد بن قيس: أن يغوث ويعقوق ونسراً كانوا قوماً صالحين من بني آدم وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة، فصوروهم، فلما ما توا- أي مات هؤلاء المصورون- وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
عباد الله: هذا ما كان من قوم نوح من عبادة الأموات هو الذي يحصل اليوم من عباد القبور في كثير من البلاد وهم يدّعون الإسلام.
النوع الثاني: من أنواع الشرك: الشرك الأصغر كالرياء والحلف بغير الله، وقول: ما شاء الله وشاء فلان، لو لا الله وأنت ما حصل ذلك وما أشبه ذلك. وهذا النوع لا يخرج من الملة ولكنه خطير وإثمه عظيم وقد يجر إلى الشرك الأكبر.
عباد الله: إذا كان الشرك بهذه الخطورة فإنه يجب على المسلم أن يعرفه ليجتنبه وذلك بأن يتعلم العقيدة الصحيحة ويعرف ما يضادها من الشرك الأكبر أو نقصها من الشرك الأصغر. فإن من لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه، وقد قال أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: "يوشك أ تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية".
وكان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن أقع فيه" ، وكيف لا يخاف الإنسان من الوقوع في الشرك وقد خاف من ذلك إبراهيم الخليل حين قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ *رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) [إبراهيم:35-36] مع أنه عليه السلام كسر الأصنام بيده. لكنه خشي من الفتنة. والمؤمن لا يزكي نفسه ولا يأمن الفتنة، فهو بحاجة إلى أن يثبته الله على الحق. وكيف لا يخاف الإنسان من الوقوع في الشرك ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: "إن أخوف ما أخاف علم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء. يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم: اذهبوا على الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا: هل تجدون عندهم جزاء؟" رواه الإمام أحمد.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: فإذا كان الشرك الأصغر مخوفاً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال علمهم وقوة إيمانهم، فكيف لا يخافه وما فوقه من هو دنهم في العلم والإيمان بمراتب؟ خصوصاً إذا عرف أن أكثر علماء الأمصار اليوم لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقرّ به المشركون، وما عرفوا معنى الإلهية التي نفتها كلمة الإخلاص عن كل ما سوى الله.
عباد الله كيف لا نخاف من الشرك وأكثرنا لا يدري ما هو الشرك وما هي أنواعه؟ حتى صار بعض الجهال أو المتساهلين في عقيدتهم يتعالجون من الأمراض عند الدجالين والمشعوذين والسحرة، وربما يأمرونهم بارتكاب الشرك فيفعلون ذلك كالذبح للجن والنذر للقبر الفلاني ولبس الحلقة والخيط والطلاسم. والبعض الآخر يذهب إلى الكهان والعرافين ليسألهم عن المغيبات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، كيف لا نخاف من الوقوع في الشرك، وكثير ممن ينتسبون إلى الإسلام اليوم قد وقعوا فيه ومارسوه بجميع أنواعه عند القبور وأرخيت عليها الستور. ووضعت عندها الصناديق لجمع النذور وهيئت للطواف بها، والتمسح بأركانها، وطلب المدد من سكانها واتخاذهم وسائط عند الله، كما قال إخوانهم من المشركين الأولين: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر:3]
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: "أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله" .
قال شيخ الإسلامابن تيمية رحمه الله: " فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها ويخشون ويخضعون ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله ولا وقت السحر، ومنهم من يسجد لها وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد". انتهى.
فاتقوا الله عباد الله واسألوه أن يوفقكم لمعرفة الحق والعمل به والثبات عليه (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8] .
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم