عناصر الخطبة
1/تجديد التوحيد والإيمان 2/أسباب انتشار الشرك 3/التحذير من الذهاب إلى السحرة والكهنة 4/من هو الكاهن؟ 5/حكم الذهاب إلى الكهنة والعرافين وتصديقهم 6/تعريف السحر وبعض مفاسده وأضراره 7/علامات يعرف بها الساحراقتباس
أيها الإخوة المسلمون: هذا تذكيرٌ للعارف، وتعليمٌ للجاهل بحكم ما ظهر وانتشر من أمر ممارسة السِّحر، وذَهاب النساء والرجال للسَّحرة الأشرار، والكهنة الفُجَّار، ليفتحوا عليهم الكتاب، وغضبَ ربِّ الأربابْ، نتدارسُ هذه الكارثة فيما بيننا أداءً لواجب التبليغ، وإقامةً للحجَّة الشرعية على السَّامعين؛ عن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ فـ....".
الحمد لله ربّ العالمين، يهدي من يشاء برحمته، ويُضلّ من يشاء بحكمته.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خَلَقَ الخَلْقَ ليبلُوَهُم أيُّهُم أحسنُ عمَلاَ، فمنهم شقيُّ وسعيد، ومُحسنٌ وطريد، فله الحمد في الأولى والآخرةِ، وهو على كلّ شيءٍ قدير.
وأشهدُ أنّ محمدًا عبد الله ورسوله، إمام المرسلين، وسيّدُ الغُرّ المُحجّلين، أرسله اللهُ فرقًا بين العباد، فبيّن سُبُلَ الرُّشدِ والهداية، وفضحَ مسالكَ الكُفر والغواية، فافترقَ الناسُ إلى متّقين أخيار، وغاوينَ فُجّار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ الأخيار، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدّين.
ثم أما بعد:
معشر المؤمنين: حديثنا اليومَ تجديدٌ للتوحيد، ومراجعةٌ للإيمان والاعتقاد، وتربيةٌ للمؤمنين على تحقيق ولاية الله ورسوله والمؤمنين، والنفور من ولاية أعداءِ الله ورسوله والمؤمنين، ونستفتحُ بالذي هو خير؛ قال الله -تعالى-: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ * بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ)[الزمر: 64-66].
أيها الإخوة في الله: إن صور الشِّركِ بالله -تعالى- كثيرةٌ متنوعة، قد تظهرُ في مكانٍ وتنقصُ في آخر، لا تخفيها المكانة الاجتماعية للمشرك، ولا مستواه الثقافي، ولا العلمي، هي باقية مستمرَّةٌ حتى في أرقى المدنيَّاتِ والأُسَرِ العريقة العتيقة.
والسببُ في ذلك الجهلُ، وحُسنُ الظَّنِّ بالنفس، واعتقادُ أنَّ أمر الشركِ ظاهرٌ واضِحٌ لا يحتاج منّا إلى طولِ وتكرارِ تذكيرٍ وتعليم، بل اعتبارُ من يعلِّمُ حقيقة التوحيدِ، ويُحذِّرُ من حقيقة الشرك مُضيِّعًا للجهودِ والأوقات، ومُفرِّقًا للأرقام والطاقات!.
أيها الإخوة المسلمون: هذا تذكيرٌ للعارف، وتعليمٌ للجاهل بحكم ما ظهر وانتشر من أمر ممارسة السِّحر، وذَهاب النساء والرجال للسَّحرة الأشرار، والكهنة الفُجَّار، ليفتحوا عليهم الكتاب، وغضبَ ربِّ الأربابْ، نتدارسُ هذه الكارثة فيما بيننا أداءً لواجب التبليغ، وإقامةً للحجَّة الشرعية على السَّامعين؛ عن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد".
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منَّا من تطيَّرَ أو تُطُيِّرَ له، أو تكهَّنَ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحرَ أو سُحِرَ له".
الكاهن رجل أو امرأة يتصل بالشياطين ليخدموه بعد أن يكفر بالله -تعالى-، يخبرونه بما استرقوه من السمع، ثم هو يضيف إليه ما يضيف من الأخبار الكاذبة ليأكل أموال الناس بالباطل، فإذا وقع شيءٌ مما أخبر به الناس الذين يأتون إليه اعتقدوه عالمًا بالغيب وأمور المستقبل وعالمًا بضمائر النَّاس، شريكًا في تدبير ما في الكون، أو مُعينًا في شيء من ذلك، فلذلك يتحاكمون إليه وإلى العرَّاف والمُنَجِّمُ والرَّمَّال.
الكاهن من أولياء الشياطين، كافرٌ بالله -تعالى-، استمتع في الدنيا أوقاتًا كثيرة بأوليائه من الجن، وبما يعطونه من المال والجاه والمكانة، ثم النَّار مأواه خالدًا فيها؛ كما قال الله -تعالى-: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأنعام: 128-129].
أيها الأخ في الله: تأمّل قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد".
تُرَى: بماذا تكفر حين تذهب للكاهن والعرَّاف فتصدِّقهُ بما يخبرك ويقوله لك؟
تكفر بعقائد إسلامية كثيرة أنزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتم توحيدُك وإيمانك إلا بها؛ تكفر بقول الله -تعالى-: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)[النمل: 64].
وقوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)[الجن: 26-28].
فالغيبُ لا يعلمه إلا الله بنص القرآن العظيم، والذي يعتقدٌ صدقَ الكاهن في العلم بالغيب ويرضى به ويتَّبعهُ، وهو يعلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله رادٌّ لكتاب اللهِ -تعالى- كافرٌ كفرًا أكبر مخرجًا من الملَّة، برئ منه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأمَّا الجاهل فإنَّه يُعلَّمُ ليعلم، ثم ليحذر في المستقبل، فإذا ما عادَ كان حالهُ حالَ سابقه.
حين تذهبُ إليه وتصدِّقهُ بما يقول تكفر بقول الله -تعالى-: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا)[الفرقان: 3].
فالكاهن والعرَّاف والرَّمَّالُ عبدٌ لله ضعيفٌ مثلكَ، فإذا سألتهُ تحقيق ما لا يقدرُ عليه إلاَّ الله من تكثير الأرزاق، وشفاء الأمراض، وإعطاء الأولاد، فقد كفرتَ بالله -تعالى- وجعلت له شريكًا فيما هو من خصائصه سبحانه، وعبدتَ الكاهنَ والعرَّاف.
إذا قلتَ له: متى ستلدُ امرأتي؟ أو قلتِ لهُ: متى سيرجعُ زوجي؟ وأرجوكَ أن تُرجعهُ للدَّار وأعطيكَ ما تُريد.
أو قلتَ للكاهن: هل هذه الطريق التي سأسلكها فيها مصلحتي أم لا؟
إذا فعلتَ ذلك -يا عبد الله- وصدَّقته بما يقول؛ فقد كفرتَ بما أنزِلَ على محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعبدتَ الكاهنَ والعرَّاف.
نسأل الله العظيم السلامة والعافية.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أحبّتي في الله: السحر عزائم ورُقًى وعُقد وطلاسم وأدوية وعقاقير يتوصَّلُ بها السَّاحرُ إلى استخدام الشياطين فيما يريدُ به ضرر المسحور، من خلال التأثير في بدن المسحور وعقله وإرادته وميله، فتكون تلك الطلاسم والأعمال سببًا في المرض أو القتل أو الجُنون، أو التفريق بين المتحابِّين، أو تعطيل الزواج، أو العطف بين القلوب حتى يكون العبد كالبهيمة، أو التخييل، أو غير ذلك من أنواع السحر.
ولكن تيقّنُوا -معشر المؤمنين- أنَ جميع ذلك الضرر لا يكون إلا إذا أذن اللهُ فيه إذنًا كونيًّا قدرِيًّا استدراجًا للسَّاحر، وامتحانًا أو عقوبةً للمسحور؛ كما قال الله -تعالى-: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة: 102].
السَّاحرُ والسَّاحرةُ من أولياء الشياطين، كافرٌ بالله -تعالى-، استمتع في الدنيا أوقاتٍ كثيرة بأوليائه من الجن، وبما يعطيه الناسُ من المال والجاه والأعراض، ثم النَّار مأواه خالدًا فيها لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاَ؛ كما قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة: 102].
وقال سبحانه: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأنعام: 128-129].
أيها الإخوة في الله: السَّاحرُ له علامات كثيرة تعرفه بها، لا يهمك لبسَ عمامةً أم لبِسَ طربوشًا أو بدلَةً فرنسية، سمَّاهُ النَّاسُ شيخًا أو طالِبًا أو واليًا صالحًا أو طالحًا.
السَّاحرُ يأمرك بأن تذبح لغير الله ذبحًا معيَّنًا في مكانٍ معين، أو يكتب لك الطلاسم والتعاويذ الشيطانية لتعلِّقها في صدرك أو بيتك أو محلِّك أو سيَّارتك، أو يخبرك ببعض الأمور الغائبة، أو الأشياء المفقودة.
أحيانًا يظهر لك بأن له كراماتٍ وخوارق، كدخول النَّار، وضرب نفسه بالسِّلاح والخنجر، أو إخراج البارود من العصا التي يسير بها، وإمساكِ الحيَّات وغير ذلك!.
إن كان فيه شيء من هذا فاعلم أنه ساحر، فلو حجَّ مائة مرَّة ما تقبَّلَ اللهُ منه صرفًا ولا عدلاَ؛ لأنَّه أشرك بالله ما لم ينزِّل به سلطانَا؛ كما قال اللهً -تعالى-: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينْ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ)[الزمر: 65].
أيها الأخ في الله، وأيتها الأختُ في الله: إيَّاك أن تزلَّ قدمُك فتذهبَ للكاهن وتُصَدِّقَهُ بما يقول.
إيَّاكَ أن تزِلَّ قدمُك فتمارسَ السِّحرَ، أو تذهبَ للسَّحرة الأشرار الفُجَّار.
وتذكَّر أنَّ جميعَ ذلك شركٌ باللهِ -تعالى-، وعليكَ بتحقيق التوحيد في جميع أقوالك وأفعالك واعتقاداتك:
تذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ابن مسعود مرفوعا: "من مات يشرك بالله شيئا دخل النار".
وتذكر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ".. من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا فوجبت له الجنة، ومن مات كافرا وجبت له النار".
وتذكر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يقول الله تعالى: ".. ومن عمل قُرَابَ الأرض خطيئةً ثم لقيني لا يشرِكُ بي شيئًا جعلتُ له مثلها مغفرة ً".
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم