عناصر الخطبة
1/ موقف الإسلام من الحب 2/ حكم عيد الحب 3/ أوصاف الحب المذموم المحرم 4/ سمات الحب المباح المقبول 5/ الوفاء من علامات المحبة 6/ عظم أجور الحب في الله.اقتباس
الحب في الإسلام دين، الحب في الإسلام طاعة، الحب في الإسلام عبادة وإيمان لكن عن أي حب تسأل؟ إن كنت تسأل عن حب موهوم وعن علاقة تجمع بين الرجل والمرأة أو بين الشاب والفتاة فهذا قطعًا لا يجوز، وهذا قطعًا حرام.. إن كنت تسأل عن علاقة موهومة بل علاقة مشبوهة بين لصوص الأعراض وأولئك الذين يضحكون على الغافلات الطاهرات بمسمى حب؛ فهذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا مما يحاسَب عليه العبد سواء كان امرأة أو رجلاً.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله -عز وجل- وأحثكم على طاعته وذكره واستغفاره وتلاوة القرآن، وأذكركم يا معاشر المؤمنين بقول الله -تبارك وتعالى- يخاطبنا يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
أيها الأخوة المؤمنون : سألني أخ حبيب عن خطبة الأسبوع الماضي قال لي: كنا نتمنى أن تحدثنا عن عيد الحب، ثم سألني سؤالاً عجيبًا قال هل الحب في الإسلام حرام؟
وأنا من عادتي أني لا أقطع السلاسل، ولا أترك المنهج الذي أسير عليه في خطبة الجمعة لأجيب عن سؤال، أو عن رغبة لأحد؛ لأن هذه القضية لا تنتهي، وإنما هو منهج متكامل يسير وفق برامج نريد من خلالها أن نوصل معلومات.
لكن من حساسية السؤال لو قلت له: لا يجوز الحب في الإسلام لأخطأت، ولو قلت له يجوز لربما احتاج ذلك إلى بيان.
أقول وبالله التوفيق جوابًا عن السؤال الذي طُرح، أما عيد الحب فهو ليس من أعياد المسلمين وليس من اهتماماتهم؛ لأنه تشويه لحقيقة هذه العاطفة النبيلة وتبرير لما يكون في داخله ومن خلاله من علاقات لا ترضي الله -عز وجل- ولا ترضي رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا محل بحث.
أما السؤال: هل الحب في الإسلام حرام؟
أقول أيها السادة: الحب في الإسلام دين، الحب في الإسلام طاعة، الحب في الإسلام عبادة وإيمان لكن عن أي حب تسأل؟ إن كنت تسأل عن حب موهوم وعن علاقة تجمع بين الرجل والمرأة أو بين الشاب والفتاة فهذا قطعًا لا يجوز، وهذا قطعًا حرام.
إن كنت تسأل عن علاقة موهومة بل علاقة مشبوهة بين لصوص الأعراض وأولئك الذين يضحكون على الغافلات الطاهرات بمسمى حب؛ فهذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا مما يحاسَب عليه العبد سواء كان امرأة أو رجلاً.
إن كنت تسأل عن وهم يقوله أهل الغرائز، ويضحكون به على أعراض المسلمين من علاقة تنشأ بين إنسان لا يعرف الله ولا يؤمن بالله، ولا يحلل ولا يحرم مع امرأة متزوجة قادتها ظروفها وحرمانها من العواطف والمشاعر لأيّ سبب من الأسباب إلى أن تقع في براثن هذا الرجل يسمعها معسول الكلام، ويمنيها بالمشاعر، ويعلم أنها متزوجة، ويعلم أنها في أسرة، وأنها زوجة في بيت كريم ولأسرة عريقة، ثم يتمادى وهو يتمادى فهذا هو الحرام بعينه، وهذا هو الإثم بذاته، وهذا مما تهتز العوالم لشناعته ولبشاعته؛ لأنه حرام وسيفضي إلى حرام أكبر سيفضي إلى شر أعظم، سيفضي إلى جروح في الأسر لا تزال إلا بهدمها، سيفضي إلى آلام ما يعلم حقيقتها إلا الله، سيفضي إلى خراب في المجتمعات.
أما إن حدثتني عن الحب الذي ينشأ في ذات الله -تبارك وتعالى- بين اثنين من أهل الإيمان، إذا حدثتني عن الحب الذي جعله الله -تبارك وتعالى- ملاط الكون وبنى كل الكون عليه.
الله -تبارك وتعالى- أيها السادة بنى كل هذا الكون على الحب فجعل حبًّا بينه وبين عباده وبين عباده وبينه، قال ربنا -تبارك وتعالى-: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة: 54] فأثبت حبه لعباده.
وقال -تبارك وتعالى- (وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [البقرة: 222].
وأثبت الحب لهؤلاء لأهل الإيمان لأهل الأخلاق لأهل القيم وأثبت الحب منهم إليه فهو سر العبودية، قال ربنا -تبارك وتعالى- (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ) [البقرة: 165].
والحب بين العبد وبين الله حب يفضي إلى العبودية، ثم إلى الإيمان ثم إلى الطاعة ثم إلى العرفان ثم إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
وحب بينكم وبين رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بين المؤمنين وبين حبيبهم، بينهم وبين شفيعهم -صلى الله عليه وسلم- هذا الحب الذي عبر عنه ربنا -تبارك وتعالى- يوم قال على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران:31].
وعبر عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".
ففهمنا أن المؤمن يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن الحب دين وفهمنا قبل ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبنا يحب هذه الأمة.
أحب الصحابة الكرام أحب أبا بكر وعمر، وأحب عثمان وعليًّا، وأحب سائر الصحابة أحب معاذ فقال يا معاذ "إني أحبك" وأحب أبا ذر وأبا الدرداء، ونادى بحبهم ثم تعدانا حب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلينا إلى حياتنا لما قال: "واشوقاه لأحبابي" قالت الصحابة: أولسنا أحبابك يا رسول الله؟ قال: "لا، أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم يؤتون من بعدي آمنوا بي ولم يروني -أنتم- وصدقوا رسالتي ولم يلقوني" –أنتم-.
أنتم أحباب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحب مكين والعروة وثقى والحبل موصول ونحن الأمة التي تحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم اشهد علينا أننا نحب حبيبك -صلى الله عليه وسلم- أكثر من الأهل والمال والولد بل أكثر من الروح التي في الحنايا هو القلب هو المشاعر هو العاطفة نفديه بكل غالٍ نفديه بالأب والأم، أوليس هو الحبيب الذي سر الهداية، أوليس هو الحبيب الذي يمثل عنصر الإشفاق في الأمة، أوليس هو الذي شاءت قدرة الله أن نكون حظه من الأمم وأن يكون حظنا من الأنبياء وسيجمع الله بيننا وبينه في الآخرة، سيجمع الله بيننا وبينه على الحوض ونحن الأمة التي تعيش الآن على هذا الأمل، على أمل أن نلقاه هناك على الحوض غير خزايا ولا نادمين ولا مغيرين ولا مبدلين، ونحن نؤمن بأن له حوضًا، وأنه صاحب الراية وأنه صاحب الشفاعة وعلى الحوض أباريق وأكواب لكننا نحن أن نشرب من كفه الشريف لذلك أعطيناه كل الحب.
والنبي يعلمنا عن الله -تبارك وتعالى- أن الحب في الإسلام لا يتوقف حب بينك وبين الناس، بين المؤمنين "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فإذا قامت العلاقات في الإسلام على مفهوم المحبة وساد الحب مجتمع المسلمين رأيت السعادة ورأيت التعاون ورأيت الخير ورأيت الإخلاص؛ لأن الحب لا ينتج إلا خيرًا.
من هنا أيها السادة كان ثواب الحب عظيمًا حب في الله لا يقوم على المصالح، الحب الذي يقوم على الغريزة ينتهي بمجرد الوصول إليها أو الحصول عليها والحب الذي يقوم على المصالح ينتهي بمجرد تحقيقها أو عدم تحقيقها.
لكن الحب في الله لا يزول.. الحب في الله حب استمد نوره وقوته من الله؛ لأنه حب الفضائل حب الإيمان، الحب في الله عاطفة نبيلة لا تغيرها الأيام حب صادق لا يفسده النفاق، حب دائم لا تعتريه الشبهات، لا تؤثر فيه الخلافات، والاختلاف في الرأي، عندما تحب إنسانًا لن يزول الحب منك ومنه لو اختلفتم؛ لأن الحب يبني دائمًا، الحب يعمر، الحب يجعل في الحياة سعادة ولأنه صادق ولأنه مخلص ولأنه دين كما علمتم وكما سمعتم وكما أيضا ستسمعون.
تعرفون أن الحب لا ينتج إلا خيرًا، أراد الله -تبارك وتعالى- يوم جمع بين المؤمنين بالحب أن يكون أثره في المجتمع لذلك ترى أن المحبة ودود لمن يحبه، المحب مخلص لمن يحبه فإذا تحاب شبان أو رجلان أو اثنان من هذه الأمة حب الله -تبارك وتعالى- فالإخلاص يجعله لا يخذله ولا يسلمه ولا يضيعه ولا يتركه يقدم له النصح يقدم له الخير كل الخير لأن المحب يتمنى الخير لمن يحبه.
وخلق آخر تجده في أخلاق أهل المحبة هو الوفاء -أيها السادة-، الوفاء خلق من أخلاق أهل المحبة فهم أوفياء لمن يحبون.
وتعالوا إلى سيد الوفاء، بل إلى سيد المحبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كان وفيًا مع كل الناس، كان وفيًا مع أهله مع أنهم ألاموه مع أنهم عذبوه، مع أنهم طردوه، لما جاءت لحظة الانتقام وجاءه ملك الجبال مرني فأطبق عليهم الأخشبين قال لا يا ملك الجبال، الوفاء للأمة أن تنصح لها أن تحميها، أن تأخذ بأيديها، والقوم قومنا والأهل أهلنا والحب يفرض علينا أن نقدم لهم الحب لا نقدم لهم الضر.
والحب يسري في الأسر ويحدثك هذا التاريخ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان وفيا للسيدة خديجة -رضي الله عنها-.
تذكرون أمنا خديجة يوم كانت مع رسول الله يوم كان فقيرًا، وحملت معه الإسلام يوم كلف بالرسالة، وكانت تذهب إلى ورقة بن نوفل، وكانت تقول له: "كلا يا ابن عم والله لن يخزيك الله أبداً"، وصبرت معه على الضير على حصار أبي طالب حتى أكلت أوراق الشجر وما تخلت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنها تحبه ولأنه كان يحبها بادلها الوفاء بالوفاء وماتت خديجة وما مات حبها في قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
كانت إذا مر ذكرها وسيرتها ينتفض النبي -صلى الله عليه وسلم- فرحا وبهجة ويكرم أهلها وصديقاتها ويقول: "اللهم خديجة، اللهم خديجة"، ولما فتح الله له مكة المكرمة ودخلها على رأس جيش عرمرم وفتحت له أبوابها وبيوتها قالوا أين تسكن يا رسول الله؟ جاء الجواب عجيبًا "اضربوا لي خيمة عند قبر خديجة"، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى إلى المكان الذي تسكنه خديجة ولو بعد موتها فلم يسكن في مكان آخر.
روحي لك الفدا يا رسول الله، وأنت تعلمنا حقائق الحب، الحب ليس كلامًا معسولاً فحسب ولا هدية تقدم، الحب مشاعر، الحب إيمان، الحب أخلاق، الحب وفاء مع الناس مع البلد مع القوم مع الوالدين الذين ربيانا وعلمانا وكبرانا فإذا كبرنا واشتد عودنا وعظمت ثقافتنا وكبرت مناصبنا نسيناهم وأهملناهم ونحن ندعي الأخلاق الحضارة وهذا ليس من الإيمان في شيء.
الحب وفاء لا ينتهي والحب إيثار؛ لأن المحب يؤثر من يحبه على نفسه على ذاته على مصلحته والأمثلة أكثر من أن تعد وأن تحصى، ولأن الحب عاطفة نبيلة، ولأنه يقوم في الله وعلى الله وفي الله فقد جعل الله ثوابه فوق ثواب الطاعات وأعظم من ثواب الأعمال الصالحة جميعها.
اسمع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا أن أهل المحبة في الله هم أهل النجاة يوم القيامة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، قال: "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه".
سيظلهم ربي في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ثم وردنا في الصحيح من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة -تبارك وتعالى- أنه يقول: "يوم القيامة أين المتحابون في جلالي؟ اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي"، فيستظلون في ظل العرش على منابر من نور.
وحدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن هؤلاء الذين يحبون في الله -تبارك وتعالى- هم أهل الله وأولياء الله فيما رواه سيدنا عمر وسيدنا أبو هريرة وابن عمر من طرق كثيرة يقول: خطبنا -صلى الله عليه وسلم- يومًا وفي رواية ابن عمر سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن من عباد الله أناس ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمنزلتهم من الله يوم القيامة ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَعِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ". قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ ؟ قَالَ: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَمْوَالٍ وَلا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ، وَهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ تَلا (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس: 82].
سيجدون سعادة الآخرة وقبلها سعادة الدنيا، قال "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" وهذا عنصر في الحب، قال "وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله" وقال "و"أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".
وعلمنا أن أهل المحبة في درجات الإكرام يوم القيامة تسأل لماذا أيها السادة؟ لأن الحب صادق ولأن الحب يُنبئ عن قلوب طاهرة وعن أرواح صافية وعن قلوب عاشقة إذا رأيت إنسانًا يحب في الله فاعلم أن قلبه طاهر وسريرته صافية وروحه روح طيبة، واشهد له بالإيمان؛ لأنه قد ورد في الأثر "لا إيمان لمن لا محبة له".
هنا بيت القصيد والله -تبارك وتعالى- لأن الحب طهر، ولأن الحب صدق ولأن الحب إخلاص، ولأن الحب إيمان، ولأن الحب إيثار فقد أعطى ربي -تبارك وتعالى- كل هذا الثواب لأهل المحبة وأعظم ما يرجوه أهل المحبة ما خبرنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم قال: "يحشر المرء مع من أحب".
يا ثوبان المرء مع من أحب يوم جاءه ثوبان، وقد نحل جسمه واصفر لونه قال "ما بك يا ثوبان أمن مرض؟" قال لا يا رسول الله لكني في الدنيا أغيب عنك أشتاق إليك أتي فأراك فيبرد ما بي من الشوق، ثم ذكرت الآخرة ومكانك فيها ومكاني فيها فعلمت أني لن أراك فبرح بي الوجه، فيأتي الجواب عجيبًا "يا ثوبان المرء مع من أحب"، ويفرح المؤمنون، يقول أنس "ما فرحت الصحابة بحديث فرحها بهذا الحديث لأنهم أمنوا مكانهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
هذه الأمة أمة الحب، هذا حديث يسعدنا، يبهجنا يملأنا فخرًا؛ لأننا نعلم أننا نحب الله ونحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان المرء مع من أحب ونحن معه يوم القيامة، نحن نشهد أننا مقصرون وأننا مذنبون وأننا خطاءون لكننا نحبك يا رسول الله.
تحبون رسول الله! أبشروا بالخير أيها السادة! هذا هو الإسلام دين المحبة دين الصدق، دين الخير دين السماحة، دين الوفاء، وليس دين الضحك على البنات الغافلات، وليس دين لصوص الأعراض، وليس ذلك الدين الذي يجعل من الكره وسيلة للحياة، الذين يجعل الله الحب في قلوبهم يسعدون بحبهم في الدنيا قبل الآخرة.
والله يا إخوان أهل المحبة سعداء بحبهم؛ لأنهم ينظرون إلى الدنيا وإلى الناس نظرة الخير والرضا، وأما الذين يكرهون فهم أولئك الذين يعيشون بشقاء وتعاستهم وحقدهم وسوء ظنهم أولئك الذين لا يجدون في قلوبهم مساحة لمحبة الإنسان، أولئك يشقون في الدنيا قبل الآخرة.
أيها السادة عمروا قلوبكم بالحب، لكن الحب في الله، وليس الحب الذي يهدم البيوت ويضحك على البنات، وليس الذي يسرق الأعراض؛ فذاك إثم وعار وشر مستطير إن لم يعاقب صاحبه في الدنيا فلينتظر عقابه عند الله في يوم لا تنفع فيه المعاذير.
اللهم املأ قلوبنا بمحبتك اللهم املأ قلوبنا بحب حبيبك -صلى الله عليه وسلم- وبحب أهل الإيمان..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم