عناصر الخطبة
1/ أهم فرائض الدين بعد توحيد رب العالمين 2/المسابقة إلى طاعة الله 3/اغتنام مواسم الطاعات 4/صيام أيام التشريق 5/وشاهد ومشهود.اقتباس
المُسابقة إلى طاعةِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- ديدنُ أهل الصلاح وشأن أهل الإيمان الذين أخبتت قلوبهم لربهم إيمانًا وعُبوديةً وصدقًا وصلاحًا وفلاحًا، وإن اللاهين واللاعبين لا تزال تمر عليهم مواسم الخيرات تترا فينقضي موسمٌ...
الخطبةُ الأولَى:
الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شهادةً نرجو بها النجاة والفلاح يوم لقاه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى؛ فإن أجسادنا على النار لا تقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
أيها المؤمنون: ضحّى المُضحون، وحجّ الحاجّون، واعتمر المعتمرون، وأهدى المُهدون، وكبّر المُكبّرون، وسابق المُسابقون، فأين أنت منهم يا رعاك الله؟ هل أنت من هؤلاءِ فسابقت؟ فمن سابق ظفر أو ممن تراخيت وتأخرت ولا تزال ساعةَ ما انتظر؟
نعم -يا عباد الله- إن مواسِم الخيرات لما تنقضي بعد، وربنا المعبودُ في أشهر الحج والمعبود بهذه العبادات لم يزل يُعبد إلى أن تقومَ الساعة، ولم يزل يُعبد إلى أن تخرج روحك من جسدك.
إن الصلاة -يا عباد الله- أهم فرائض الدين بعد توحيد رب العالمين، وهم أهم من النسيكةِ ومن النُّسك فما شأنك فيها ومعها يا رعاك الله، وكذلكم الزكاةُ والصيام من فرائِض الله -عَزَّ وَجَلَّ- فتفقَّد نفسك يا رعاك الله فيها، هل بقي عليك من الزكاةِ ما لم تُخرجه أو من صِيام رمضانَ ما لم تصمهُ وتقضِه، فهذا أوان القضاءِ والتمام بأداءِ أركان الإسلام علينا وعليكم وعلى المُسلمين.
عباد الله: إن المُسابقة إلى طاعةِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- ديدنُ أهل الصلاح وشأن أهل الإيمان الذين أخبتت قلوبهم لربهم إيمانًا وعُبوديةً وصدقًا وصلاحًا وفلاحًا، وإن اللاهين واللاعبين لا تزال تمر عليهم مواسم الخيرات تترا فينقضي موسمٌ ويعقبه آخر مرةً بعد أُخرى وهم لا يزالون في سكرتهم يعمهون، ولا يزالون في لهوهم ولعبهم؛ أي أنهم لم يرفعوا بذلك رأسًا كأنهم مُخلّدون في هذه الدنيا، فلا فريضةَ سارعوا إليها، ولا نافلةَ حرصوا على أدائِها، ولا سرًّا في هذه الحياة، فطنوا له إلا لهوهم في هذه الدنيا يظنون أنهم مُخلدون فيها.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وما فيهِ من الآيات والذكر الحكيم، وهو القائِل -جَلَّ وَعَلَا-: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[لقمان: 33]، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفارًا.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسانه، والشكر له عَلَى توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشأنه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى رضوانه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلف من إخوانه وسار على نهجهم واقتفى أثرهم وأحبهم وذبَّ عنهم إلى يوم رضوانه.
أما بعد عباد الله: فقد روى أحمد وبعض أهل السُّنن من حديث نُبيشةَ الهذلي -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه-: "أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بعثَه مناديًا في أهلِ منى: أيام النحر وأيام التشريق أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذكرٍ لله -عَزَّ وَجَلَّ-"، وإذا كانت كذلك فلا يصح أن تُصام، ويوم الثالث عشر من ذي الحجة لا يصح أن يُصام على أنه من أيام البيض، وإنما يُصام ما بعده الرابع عشر والخامس عشر.
ومن صام هذا اليوم يوم الجمعةِ السادس عشر إتمامًا لهذه الأيام البيض فلا بأسَ بذلك لأنه لم يخص الجمعةَ بصيام كما سبق في يوم عرفة؛ حيث وافق في هذه السنة يوم جمعة وتحقق قول الله -جَلَّ وَعَلَا-: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[البروج: 3]؛ فالشاهد يوم عرفة والمشهود يوم الجمعة، وقد اجتمعت لكم في عامكم هذا، من صام يوم الجمعةِ الذي وافق عرفة أو صام هذا اليوم موافقًا للسادس عشر فإنه لا حرج عليه؛ لأنه لم يخص يوم الجمعةِ بصيام وإنما صامها تبعًا لغيرها.
ثم اعلموا عباد الله أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وشرك الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم عباد الله بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، ولا يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم اللهم تسليمًا.
اللهم عزًا تعز به أولياءك وذلا تذل به أعداءك، اللهم أبرم لهذه الأُمةِ أمرًا رشدًا، يُعز فيهِ أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيهِ بالمعروف ويُنهى فيهِ عن المنكر يا ذا الجلالِ والإكرام.
اللهم وفّق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم خذ بنواصيهم إلى البر والتقوى، اللهم اجعلهم عزًا لعبادك وأوليائِك المؤمنين ونُصرةً لدينك، وذلاً على أعدائك يا رب العالمين، اللهم من ضارنا أو ضارَّ المُسلمين أو أراد بنا مكرًا أو سوءًا اللهم فأشغلهُ بنفسه واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا يا سميع الدعاء يا ذا الجلالِ والإكرام.
اللهم اغفر للمُسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والاموات يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مُغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مُجلِّلاً، اللهم سُقيا رحمة لا سُقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم إنك ترى ما بنا من الحاجة، اللهم فارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، اللهم ارحم هؤلاء الشيوخ الركَّع، وهؤلاء البهائِم الرُّتَّع، اللهم أنزل علينا من خيرك وفضلك يا خير المنزلين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرةِ حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم