عناصر الخطبة
1/ الاعتبار بسرعة تقضّي الأيام 2/ التبشير برمضان والتهنئة بمقدمه 3/ فضل رمضان 4/ بعض أحكام الصيام 5/ بعض آداب الصياماقتباس
أيها الإخوة المسلمون: إن مما ينبغي للإنسان أن يتفكر فيه ويتعظ به سرعة تقضِّي الأيام والشهور، وتصرُّم الأعوام والدهور، وهكذا الدنيا حتى يأذن الله بانتهائها، وهكذا عمر الإنسان يقطعه مرحلة مرحلة، وسنة بعد سنة، حتى يحين موعد وفاته، وساعة قبض روحه، ويوم مفارقة أهله وذويه، وانتقاله إلى الحياة البرزخية، ومن مات...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومَن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله وأمينه على وحيه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا -رحمكم الله- على فعل كل ما يقربكم منه -سبحانه وتعالى-، والحذر من الوقوع فيما يغضب الله ويسخطه.
أيها الإخوة المسلمون: إن مما ينبغي للإنسان أن يتفكر فيه ويتعظ به سرعة تقضِّي الأيام والشهور، وتصرُّم الأعوام والدهور، وهكذا الدنيا حتى يأذن الله بانتهائها، وهكذا عمر الإنسان يقطعه مرحلة مرحلة، وسنة بعد سنة، حتى يحين موعد وفاته، وساعة قبض روحه، ويوم مفارقة أهله وذويه، وانتقاله إلى الحياة البرزخية، ومن مات قامت قيامته.
فهنيئا لِمَن عمر أيامه وحياته بالطاعات، والبعد عن المحرمات، ومراقبة عالم السر والخفيات! ويا شقاوةَ من ذهبت عليه أيامه وشهوره وأعوامه وعمره وهو في بحر المعاصي والإهمال والتضييع غارق!.
أيها الإخوة المسلمون: ها نحن قبل فترة مضت عشنا رمضان الماضي، فمنا من كان شهر رمضان له عونا على الطاعة، والإقبال على الله، واللجوء إلى جنابه، والتضرع إليه، والخضوع والانكسار بين يديه -سبحانه وتعالى-.
ومنا من كان شهر رمضان حاجزاً له عن اقتراف المعاصي والآثام، ومانعاً له من مجاوزة الحلال وتعدي الحرام، فلما انتهى الشهر عاد إلى أفعاله القبيحة، وهجر الصلاة والطاعة وصالح العمل، ووقع في القبيح منه.
ثم مضت الأيام سراعا، يطلب الليل النهار، ويطلب النهار الليل، تشرق الشمس وتغرب، ويدخل الشهر ويخرج، وتمر الجمعة بعد الجمعة، وها هو الشهر، ها نحن الآن على أبواب شهر رمضان مرة أخرى، ولم يبق على مقدمه إلا أيام يسيرة، فنسأل الله -عز وجل- بِمَنِّهِ وكرمه أن يبلغنا شهر الصيام والقيام، وأن يبارك لنا فيه، وأن يعيننا على انتهاز أيامه الفاضلة المباركة.
أيها الإخوة المسلمون: إن بلوغ شهر رمضان من أعظم نعم الله -عز وجل- على العبد، فهو -والله!- نعمة جليلة، ومنة عظمى تستوجب الشكر للرب -عز وجل-.
كيف لا يكون بلوغ شهر رمضان من أعظم المنن وهو شهر الرحمة، شهر المغفرة، شهر العتق من النيران؛ ولهذا كان السلف الصالح يهنئ بعضهم بعضاً بقدوم شهر رمضان، لإدراكهم أنه من المواسم الفاضلة الشريفة.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن صام رمضانَ إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
كان رسولكم -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه عند قدوم شهر رمضان، روى الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه يقول: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتَّح أبواب الجنة، وتغلق أبواب الجحيم، وتغلُّ الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم".
وفي بعض الأحاديث: "أتاكم رمضان سيد الشهور؛ فمرحبًا به وأهلاً!".
وعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يوم من شعبان، قال: "يا أيُّها الناسُ، قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ مباركٌ، شهرٌ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، جعل اللهُ صيامَه فريضةً، وقيامَ ليلِه تطوعًا، مَن تقرّب فيه بخَصلةٍ من الخيرِ كان كمن أدّى فريضةً فيما سواه، ومَن أدّى فريضةً فيه كان كمن أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه، وهو شهرُ الصبرِ، والصبرُ ثوابُه الجنةُ، وشهرُ المواساةِ، وشهرٌ يُزادُ في رزقِ المؤمنِ فيه، مَن فطر صائمًا كان مغفرةً لذنوبِه، وعتقَ رقبتِه من النارِ، وكان له مثلُ أجرِه، من غيرِ أنْ ينقصَ من أجرِه شيءٌ".
قالوا: يا رسولَ اللهِ، ليس كلُّنا يجدُ ما يُفطرُ الصائمَ! فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يُعطي اللهُ هذا الثوابَ من فطر صائمًا على تمرةٍ، أو شربةِ ماءٍ، أو مذقةِ لبنٍ؛ وهو شهرٌ أولُه رحمةٌ، وأوسطُه مغفرةٌ، وآخرُه عتقٌ من النارِ، من خفّف عن مملوكِه فيه غفر اللهُ له وأعتقَه من النارِ، واستكثروا فيه من أربعِ خصالٍ: خصلتين ترضون بهما ربَّكم، وخصلتين لا غناءَ بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربَّكم: فشهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غناءَ بكم عنهما: فتسألون اللهَ الجنَّةَ، وتعوذون به من النارِ، ومن أشبع فيه صائمًا سقاه اللهُ من حوضي شربةً لا يظمأُ حتى يدخلَ الجنَّةَ".
فسبحان من حبا أمة الإسلام هذا الشهر العظيم ومنّ عليهم بهذا الفضل الكبير!.
أيها الإخوة المسلمون: ونحن على مشارف شهر رمضان يحسن بنا أن نذكر بعض أحكامه وآدابه؛ ليعبد المسلم ربه على بصيرة، وليصوم صيامه مبتعداً عن كل ما ينقصه ويشينه.
فاعلموا -رحمكم الله- أن الشهر يحكم بدخوله شرعا بأحد أمرين اثنين لا ثالث لهما: إما برؤيةٍ شرعيةٍ، وإما بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإنْ غُمِّيَ عليكم الشهرَ فعدُّوا ثلاثينَ".
وهذا من كمال التيسير والرفق بالأمة؛ إذ لم يكلفهم الرب -عز وجل- إلا بما يطيقون ويقدرون عليه، ومن ثَم؛ فلا عبرة بالحساب الفلكي في الشرع بدخول الشهر وخروجه، وإنما العبرة بالرؤية الشرعية، أو بإكمال شعبان ثلاثين يوما، فلله الحمد والفضل على كمال تيسيره وتخفيفه.
ويجب الصيام على كُلِّ مسلمٍ بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع؛ لقول الله -عز وجل-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة:185].
وعلى الأولياء: الآباء والأمهات، أن يأمروا أبناءهم وبناتهم الصغار بالصيام إذا أطاقوه ولو لم يبلغوا؛ تمرينا لهم على الطاعة ليألفوها بعد بلوغهم.
ومن كمال رحمة الله -عز وجل- أن الله -تعالى- عذر بعض الناس فلم يوجب عليهم الصيام؛ بل رخص لهم بالفطر، كالكبير الذي لا يطيق الصيام، والمريض مرضا لا يرجى برؤه؛ فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكينا، ولا يلزمهما القضاء.
وأما المريض الذي يرجى برؤه، فإن كان الصوم يشق عليه أفطر وقضى، وإن كان الصوم يضره لزمه الفطر، وكذا المسافر، لقوله -تعالى-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة:185]، وقوله -تعالى-: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة:195]، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لمن صاموا وتضرروا بصيامهم في سفرهم: "أولئك العصاة! أولئك العصاة!".
كما أنه خفف على المرأة الحائض والنفساء، فلا يشرع لهما الصيام حال الحيض والنفاس؛ بل يحرم منهما الصوم، وعليهما القضاء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أليس إحداكن إذا حاضت لم تصلي ولم تصم؟".
وكذا المرضع والحامل إذا خافتا على نفسيهما أفطرتا وقضتا، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا.
ومما ينبغي للمسلم أن يعلمه أيضا مفطرات الصيام.
وأصول المفطرات: الأكل والشرب والجماع، لقوله -تعالى-: (... فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ...) [البقرة:187].
ومن المفطرات كذلك: إنزال المني بالاختيار، بتقبلٍ أو لمس أو استمناء أو مشاهدةِ ما لا تحل مشاهدته أو غير ذلك؛ لأن هذا كله من الشهوة التي أمر الإنسان بالبعد عنها في صيامه، كما في الحديث القدسي: "يدَع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي".
ومن الآداب التي يجب على المسلم أن يتأدب بها في صيامه أن يقوم بما أوجب الله عليه من العبادات القولية والفعلية، ومن أهمها الصلاة، فعلى الصائم أن تزداد محافظته على الصلاة في صيامه، فيؤديها في أوقاتها مع جماعة المسلمين، وليحذر من التفريط فيها وتأخيرها عن أوقاتها كما يفعله كثير من الصائمين في هذه الأزمنة.
وعلى الصائم -كذلك- أن يجتنب جميع ما حرم الله -عز وجل- عليه، كالغيبة والنميمة وقول الزور وسماع الغناء والمعازف، ومشاهدة ما لا تحل مشاهدته من الأفلام والمسلسلات التي تجد لها سوقا رائجة في رمضان، والتي يحرص دعاة الرذيلة ودعاة الشر الذين يرغبون في صرف المسلمين عن الاستفادة من أيام الشهر ولياليه يحرصون على تكثيفها في أيام هذا الشهر ولياليها، فيحرصون على عرضها في الليل وإعادتها في النهار مرات ومرات، كأنهم قطعوا على أنفسهم عهدا بأن يصرفوا عباد الله عن الاستفادة من شهر رمضان واغتنام أيامه ولياليه، وألا يكون للصيام والصلاة أثر في حياة الصائمين.
فإلى الله المشتكى من أناس ينتسبون إلى الإسلام سخّروا قنواتهم الفضائية لهدم الفضيلة وإشاعة الرذيلة، وزعزعة عقائد المسلمين، وبث الشُّبَه والشهوات في صفوفهم!.
ومن الآداب التي ينبغي للصائم التأدب بها أن يحرص على السحور، وهو الأكل آخر الليل قبل طلوع الفجر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تسحّروا؛ فإن في السحور بركة".
ومن السنة -كذلك- تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر".
هذه بعض أحكام الصيام وآدابه، نسأل الله -عز وجل- أن يبلغنا شهر الصيام والقيام، وأن يعيننا فيه على البر والإحسان.
اللهم قد أظلنا شهر رمضان فسلمه لنا، وسلمنا له، وتسلمه منا مُتقبلا، وأعنا فيه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ووفقنا فيه لصالح الأقوال والأعمال، إن ربي على كل شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا لا يحد، وأشكره -سبحانه- شُكراً لا يُعَدّ، وأصلّي وأسلّم على صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشافع المشفّع، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
أيها الإخوة المسلمون: إن مما خص الله به -عز وجل- صيام رمضان أن جعل نهاره فرضا لازما، وقيام ليله تطوعا مستحبا، ولقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام رمضان وحث عليه: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إيمانا واحتسابا"، أي: إيمانا بالله وبما أعده من الثواب للقائمين، ومعنى قوله "احتسابا"، أي: طلباً لثواب الله، لم يحمله على الصيام أو القيام رياء ولا سمعة ولا طلب مال ولا جاه ولا محمدة.
قيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره، فعلى هذا؛ فالتراويح التي يفعلها المسلمون في شهر رمضان هي من قيام رمضان، فينبغي الحرص عليها، والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله -عز وجل- في إقامتها.
وإنما سميت تراويح لأن الناس كانوا يطيلونها جدا؛ فإذا صلوا أربع ركعات استراحوا قليلا، وكان السلف الصالح يطيلونها جدا؛ فعن السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: "كان القارئ يقرأ بالمئين –أي: بمئات الآيات- حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام".
فاحرص أيها المسلم على صلاة التراويح؛ لكي تنال أجرها العظيم، وثوابها الجزيل، ولا تنصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر؛ ليحصل لك أجر قيام الليل كله.
فإن تعذر عليك أداء صلاة التراويح مع جماعة المسلمين لارتباطٍ بعملٍ أو نحو ذلك لا يسمح أربابه لك بحضور صلاة التراويح فلا تفرط في أن يكون لك حظ من قيام الليل، ولو ركعات يسيرة معدودة بعد رجوعك من عملك وقبل طلوع الفجر.
ويجوز للنساء حضور التراويح في المساجد إذا أمنت الفتنة منهن؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"؛ ولكن يجب أن تأتي المرأة متسترة متحجبة، غير متبرجة ولا متطيبة، ولا رافعة صوتاً، ولا مبدية زينة؛ لقوله -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النور:31].
ومما ينبغي للمسلم المحافظة عليه في هذا الشهر الكريم: المحافظة على قراءة القرآن الكريم؛ فإن شهر رمضان شهر القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185].
لكن؛ ينبغي أن تكون قراءة المسلم له قراءة خشوع وتدبر وتفكر واتعاظ؛ لأن هذا هو المقصود الأعظم من قراءة القرآن الكريم: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [ص:29].
ليس الهدف كثرة الختمات فقط؛ ولكن الهدف -مع كثرة القراءة- التدبر والتفكر والتأثر والخشوع عند قراءة القرآن.
أيها الإخوة في الله: إذا كان شهر رمضان هو شهر المواساة والبذل والإحسان؛ فإنه حري بالمسلم أن يعوّد نفسه البذل والإحسان، فيتفقد المساكين والمحتاجين، ويواسي المتعففين الذي لا يسألون الناس إلحافا.
يواسيهم بالطعام والقوت والمال؛ ليكون ذلك أثرا من آثار الصيام، وخصوصا أقرباء المرء وأرحامه وجيرانه؛ لأنه يجتمع في حقهم واجبان إن كانوا أقارب له: واجب الصلة، وواجب المواساة؛ أو: واجب الجيرة، وواجب الإسلام.
ليكن همك الأول -أيها الأخ المسلم- في شهر رمضان الحرص على تحقيق التقوى، وزيادة الإيمان، وكسب الحسنات.
نسأل الله -عز وجل- أن يبلغنا بِمَنِّهِ وكرمه شهر رمضان، وأن يبارك لنا في أيامه ولياليه، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، ويوفقنا فيه لصالح الأعمال، وأن يمن علينا فيه بتوبة نصوح، إنّ ربي على كل شيء قدير.
هذا؛ وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه، فقال -عز من قائل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
وقال عليه الصلاة والسلام: "من صلى عليّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً".
اللهم صل وسلم وبارك...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم