عناصر الخطبة
1/ العيد مناسبة للأخوة والتراحم والإحسان 2/ سوء الظن: أسبابه ومظاهره وآثاره وعلاجه 3/ منهج السلف الصالح في التعامل بإحسان الظن 4/ القدس وأحوال المسلمين في فلسطين 5/ التحذير من ارتكاب المحظورات في العيد 6/ توجيهات للنساءاقتباس
إذا تسرّب سوء الظن إلى النفوس أدّى بها إلى الاتهام المتعجِّل، وتتبُّع العورات، وتسقُّط الهفوات، والتجسّس الدنيء؛ ولذا ترى من يسيء الظن يقول: سأحاول أن أتحقَّق؛ فيتجسس، وقد يغتاب، وقد يذكر أخاه بسوء، فيرتكب ذنوباً مترادفة، ومعاصيَ قاصمة، وهنا مَكْمَنُ الخطر، أن تُبْنى على أوهام سوء الظن علاقات المسلمين، وتُؤسَّس ولاءاتُهم، فتغدو الظنونُ والأوهامُ محورَ الحبِّ والبغض، وهذا وأْدٌ لمشاعر الوُدِّ، وهدمٌ لمعاني المحبة ..
الخطبة الأولى:
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
لقد استروحنا في الأيام الماضية نسمات موسم من مواسم الخير من أجمل لحظات العمر، وهل هناك ألذّ من مناجاة الله، والوقوف بين يديه، وسماع آياته التي تشنِّف الآذان، وتطهّر القلوب وتزيد الإيمان؟.
هنيئاً للمحسِنِ القَبول والفوز والغفران، وحريّ بالمسيء أن يُعزَّى على الحرمان، وعليه أن يتدارك ما فات قبل الممات، (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89].
العيد مناسبة عظيمة لتوطيد العلاقات بين الناس التي هي من مقاصد الإسلام، سلامةُ الصدر، الودّ، التراحم، الأخوة، التعاطف؛ وإن علينا لِتبقى علاقاتنا مثبَّتة الجذور قوية البنيان، أن نُقبل على الناس وصدورنا سليمة، نقبل عليهم بنفوس صافية، ووجه باشّ، وأن نحسن الظن في التعامل مع بعضنا، ونخلع المنظار الأسود عند النظر إلى أعمال الناس ومواقفهم وأقوالهم.
حين نتأمل كثيراً من علاقات المسلمين ينقلب بصرك خاسئاً حسيراً على روابط تمزّقت، وعرًى تخلخلت، لظنون وريب، وشكوك وأوهام.
كثيراً ما يطرق سمعك في مجالس المسلمين العامة والخاصة: فلان قصد كذا، وفلان نوى كذا، وفلان أراد مِن فعله أو قوله كذا، سوء ظن مقيت، يؤجِّج مشاعر الحقد والكراهية، يهدم الروابط الاجتماعية، يزلزل أواصر الأخوة، يقطع حبال الأقربين، ويزرع الشوك بين أفراد المجتمع، بل كم رأينا وسمعنا أحداثاً جساماً، وكوارث سودٍ نتيجة سوء ظن جاء في غير محله.
إذا تسرّب سوء الظن إلى النفوس أدّى بها إلى الاتهام المتعجل، وتتبع العورات، وتسقّط الهفوات، والتجسّس الدنيء، ولذا ترى من يسيء الظن يقول: سأحاول أن أتحقق؛ فيتجسس، وقد يغتاب، وقد يذكر أخاه بسوء، فيرتكب ذنوباً مترادفة ومعاصي قاصمة، وهنا مكمن الخطر، أن تُبْنى على أوهام سوء الظن علاقات المسلمين، وتُؤسَّس ولاءاتُهم، فتغدو الظنون والأوهام محور الحب والبغض، وهذا وأد لمشاعر الود، وهدمٌ لمعاني المحبة.
إن شيوع سوء الظن يؤدي إلى أن يتراشق الناس بالتهم، ثم يسحبون الثقة من بعض، فيتباغضون ويتدابرون ويتقاطعون، الأمر الذي يؤدي إلى ذهاب ريحنا وفشلنا.
الظن -عباد الله- مبني على التخمين، بسبب كلمة أو عمل محتمل، والظن يجعل تصرف صاحبه خاضعاً لما في نفسه من تهمة لأخيه المسلم، فيتحكم الظن في التسويلات النفسية، والاتجاهات القلبية، حتى تجد من يظن السوء يحمل لمن يظن به أطناناً من التهم بناها خياله، وكلّستها أوهامه نتيجة سوء ظنه بأخيه.
بل إن تحيّة الإسلام إن كانت محفوفة بسوء الظن كانت شتيمة منكرة، وإن الابتسامة إن كانت مقرونة بسوء الظن فُسرت استهانة واستهزاءً، والعطاء والمـــَدْح يُفسّران على وجهٍ قد يقود إلى المعارك والاصطدام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
قال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ الظَّنّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ) [الحجرات:12]. دل سياق الآية على الأمر بصَوْن عرض المسلم غاية الصيانة لتقدُّم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال الظان: أبحث لأتحقق. قيل له: (وَلاَ تَجَسَّسُواْ). فإن قال: تحققتُ من غير تجسس. قيل له: (وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً) [الحجرات:12].
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ الظَّنِّ)، نداءٌ للمؤمنين، يأمرهم أن لا يتركوا أنفسهم نَهْباً لكل ما يهجس فيها حول الآخرين من ظنون وشبهات، وبهذا يطهّر القرآن الضمير من داخله أن يتلوّث بالظن السيئ فيقع في الإثم، ويدعه نقيًّا بريئاً من الهواجس والشكوك، أبيض، يُكِنّ لإخوانه المودة التي لا يعكّرها ظن السوء، والبراءة التي لا تلوّثها الريب والشكوك.
وما أروع الحياة في مجتمع بريء من الظنون! قال بعض العلماء: والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها أن كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة، وسببٌ ظاهرٌ، كان حرامًا واجب الاجتناب، وذلك إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح، وأُونست منه الأمانة في الظاهر، فظنُّ الفساد والخيانة به محرم؛ بخلاف مَن اشتهر عند الناس بتعاطي الريب، والمجاهرة بالخبائث.
ولذا ذهب كثير من العلماء إلى أن الظن القبيح بمــَن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبح، عن سعيد بن المسيب قال: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
إن هذا المنهج يتأكد مع أهل الفضل والخير، وهذا من فقه المقاصد والنيات الذي قد يفوت إدراكه على بعض الناس، حين يحكمون على أخطاء الآخرين دون اعتبار حال الشخص ونيته ومقصده، فربما تكون زلةَ لسان ولا يقصد المعنى الخبيث، كما بين ذلك ابن القيم -رحمه الله- حيث يقول: "والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه، وما يدعو إليه ويناظر عنه".
ولهذا لم يُحكم بالكفر على الذي أخطأ من شدة الفرح فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ لأنه لم يقصد تأليه نفسه. هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ينقل مقالة بعض المخالفين له ثم يقول: هذا الكلام فيه إجمال، والمحق يحمله محملاً حسنًا، وغير المحق يدخل فيه أشياء. انتهى كلامه رحمه الله.
هذا هو المنهج السامق، والتجرد الكامل الذي تربى عليه السلف الصالح، عدلٌ وإنصاف، رسمه للأمة علماء الملة، لقد حملوا العبارات المحتملة على الوجه الحسن، يغذي ذلك صدر سليم، وتجرد من الهوى، مع سخاء نفس، ونصح للأمة، فأين المسلمون من هذا المنهج؟!.
ليس من منهج السلف الصالح تأويل الألفاظ، وليّ المعاني، والفرح بالعثرات، ومعاملة المسلمين بسوء الظن، ورحم الله القلاعي إذ يقول: فقد يوحش اللفظ وكله وُد، ويُكره الشيء وليس من فعله بد، هذه العرب تقول: لا أبا لك! في الأمر إذا همّ، وقاتله الله، ولا يريدون الذم، وويل أمِّه! للأمر إذا تم، ومن الدعاء: تربت يمينك، ولذوي الألباب أن ينظروا في القول إلى قائله، فإن كان وليًا فهو الولاء وإن خشن، وإن كان عدوًا فهو البلاء وإن حَسُن. انتهى كلامه رحمه الله.
من سوء الظن -عباد الله- حمل أقوال الآخرين وأفعالهم على محمل سيئ بتضخيم السيئات، والنظر إليهم بمنظار الاتهام والإدانة دون البحث عن الأسباب، أو التماس المعاذير؛ وتفسير كل قول أو فعل يحتمل وجهين: وجهَ خير ووجهَ شر؛ فسبحان الله! كيف يحكمون على النيات والمقاصد؟! إنَّ عِلم خبايا النفوس وأسرارها والمحاسبة عليها من خصائص الله سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى، أما الإنسان فليس له من أخيه إلا الظاهر من عمله، وهذا ما كان عليه سلف الأمة الصالح، الذين أشربت قلوبهم تعاليم الإسلام الصافية النقية.
أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: إن ناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمَّنَّاه وقرَّبْناه، وليس لنا من سريرته شيء، والله يحاسبه على سريرته، ومن أظهر لنا شرًا لم نأمَنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة.
فعلى المسلم أن يحاسب نفسه عن كل كلمة يتفوه بها، أو حكم يطلقه، ولْيستحضر قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَلْبَصَرَ وَلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36].
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
لسوء الظن أسباب، أبرزها نشوء الفرد في بيئة معروفة بسوء الخلق وسوء الظن، من بيت أو أصدقاء، فيصبح سيئ النية، خبيث الطوية، ومن اتبع هواه وقع في الظنون الكاذبة؛ لأن حب الشيء يُعمي ويصم، فإذا مال الإنسان بهواه إلى آخر فإن هذا الميل ينسيه أخطاءه، ويحمله على تحسين الظن به، وإن كان مخطئًا في الواقع، وإذا أبغض إنسانًا آخر فإنه لا يميل إليه بهواه، فيحمله هذا على سوء الظن، وما يتبعه من التماس العثرات، وتصيّد الأخطاء، وإن كان مصيبًا في الواقع.
بعض الناس يغتر بشخصه ويُعجب بنفسه، فيرى نفسه دائمًا على حق والآخرين على باطل، يزكي نفسه، ويحتقر الآخرين، فيورثه ذلك سوء ظن مقيت.
إن ظاهرة إساءة الظن بالمسلمين قد انتشرت في زماننا، وأصبحت آفة تهدد الترابط والوحدة بين أفراد المجتمع المسلم، وهذا يؤثر سلبًا على قوة المجتمع وقدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
إن الظن السيئ والاتهام والتسرع رُوِّع به أناس، وظُلِم به أقوام، وهُجِر به صلحاء دون مسوِّع شرعي، كما قال الأول: وأرى العداوة لا أرى أسبابها، كل ذلك بسبب أسانيد منقطعة، وسلاسل مظلمة، ظنٌّ آثم، فغيبة نكراء، فبهتان وافتراء، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْمُؤْمِنَـاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَـاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) [الأحزاب:58].
إخوة الإسلام: إذا تقرر لدينا أن سوء الظن آفة مهلكة، فلا بد من العمل على العلاج؛ لئلا يستشري الداء، ويهلك الحرث والنسل، ومن العلاج إحسان الظن بالناس، تجنّب سوء الظن بهم، فكّر طويلاً قبل أن تحكم أو تتهم، ولئن تخطئ بحسن الظن أفضل من أن تخطئ بالتسرع بسوء الظن، قال عمر -رضي الله عنه-: ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
ومن العلاج التماس المعاذير للناس، ترك تتبع العورات، والتماس الزلات، والتنشئة على الالتزام بآداب الإسلام في الحكم على الأشياء والأشخاص من الاعتماد على الظاهر، وترك السرائر إلى الله وحده الذي يعلم السر وأخفى.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إن هذا العيد يوم فرح وسرور، يظهر فيه البشر والحبور، ويتجمل فيه بأحسن الملابس مع التمتع بالحلال. العيد مظهر من شعائر العبودية لله سبحانه، يأتي تتويجًا لعبادة الصوم التي من أبرز مدلولاتها الولادة الجديدة للمسلم بلا آثام ولا خطايا، فليس من العيد -عباد الله- ليس من العيد والفرح المحمود التلذذ بالمعاصي والخروج على القيم، ليس من العيد كسر الموازين الاجتماعية والعبث الماجن.
إن عيد المسلمين لا بد أن يكون منضبطًا بقيم الشرع وأخلاق الإسلام؛ كي لا تتحول الأعياد في مجتمعات المسلمين إلى سهرات محرمة، ورقصات ماجنة، وتضييع لأوقات الصلوات، فتمحو الذنوب أثر الصيام والقيام من النفوس.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وفي العيد لا نملك مقاومة آلامنا بمآسي المسلمين التي أحدثت جرحًا غائرًا في جسد الأمة المكلوم، فكم من بقعة ساخنة، دماء أهلها مسفوحة، ها هي الأنباء صباح مساء تحمل إلى كل مسلم تلك المآسي، فيعتصر القلب ألمًا، ويُكوى الكبد أسى.
ومن بين ركام المأساة تبلغك شكوى الشيوخ، وبكاء الأطفال، وصيحات اليتامى، وصرخات الأمهات، هناك من إخوانكم من ينشد الأمن والطمأنينة، هناك من يتحسس حنان الأمومة وعطف الأبوة، هناك من يحنّ إلى من يمسح رأسه، ويخفف بؤسه، لكن هيهات هيهات، فالمأساة أكبر من أمانيهم. نسأل الله أن يرفع عن المسلمين البلاء والضراء.
تذكروا هؤلاء وأولئك بنصرة قضاياهم، والدعاء لهم، وتفريج كربهم، وكفالة أيتامهم، ومواساة الثكالى وأصحاب الحاجات.
أما القدس فهي في القلوب والعقول والمشاعر، بل هي فوق كل الاعتبارات الآنية والمصالح الدنيوية، لن تفرِّط الأمة في ذرة من ترابها، ولا سلامَ ولا استقرار بدونها، وكل الممارسات التي يمارسها العدو من استيطان وتهويد هي أمور غير شرعية، ترفضها الأمة كما ترفض الاحتلال ذاته.
صبر ذلك الشعب طويلاً، وقدم تضحيات جسيمة، ودماؤه تراق على أرض فلسطين، وهم بأحجارهم وعصيهم وقفوا ضد اعتداء الغاصبين الذين نهبوا الأموال، وقتلوا الأبرياء، ونقضوا العهود والمواثيق.
سجَّل أبناء تلك الأرض بطولات وتضحيات لا تتوقف أمام الصلف اليهودي الذي أقدم -وما زال- على أبشع ما عرفت البشرية من وحشية؛ لماذا يحجم العالم عن ردع المعتدي، والأخذ على يديه؟! كيف يتأتى السلام، وهذه المذابح والبنادق والصواريخ تخرب الديار، وتحرق القلوب والأجساد، أجساد الشيوخ الركع والأطفال الرضع؟!.
قضية القدس ليست قضية تتعلق بالأرض، بل إنها تبقى قضية إسلامية تعني الأمةَ، كل الأمة، والمسلمون لن يهدأ لهم قرار إلا باستعادة المدينة التي تشرفت برحلة الإسراء والمعراج، وإعادتها إلى سيادة المسلمين، (وَللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـافِرُونَ) [الصف:8].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله.
معشر النساء: اتقين الله، (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـاهِلِيَّةِ الأولَى) [الأحزاب:33]، أقمن الصلاة، آتين الزكاة، أطعن الله ورسوله، أطعن أزواجكن بالمعروف، كنَّ من الصالحات القانتات، احذرن الألبسة المخالفة لشرع الله التي تظهر الزينة، أو تتضمّن تشبهاً بالكافرات، وتعوُّدًا على ترك الحياء وإظهار الفتنة.
هذه -عباد الله- شمس العيد قد أشرقت، فلتشرق معها شفاهكم بصدق البسمة، وقلوبكم بصفاء البهجة، ونفوسكم بالمودة والمحبة، جددوا أواصر الحب بين الأصدقاء، والتراحم بين الأقرباء، والتعاون بين الناس جميعًا.
في العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع على الألفة، ويتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق، ويتصافحون بعد انقباض، ويتصافون بعد كدر، فتكون الصلات الاجتماعية أقوى ما تكون حبًا ووفاء وإخاءً.
ألا وصَلوا -عباد الله- على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب:65].
اللهم صَلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم