عناصر الخطبة
1/نعمة اللباس والواجب نحوها 2/انقلاب فطرة بعض الشباب والشابات 3/صور التعري المعاصر ومظاهره 4/مفاسد الملابس الضيقة والشفافة 5/وسائل صيانة الإسلام للمرأة وحفظه لها 6/بعض المظاهر المخلة بالحياء والعفاف 7/الواجب نحو المظاهر السلبية في المجتمعاقتباس
لقد بالغ هؤلاء الشباب والفتيات في التزين والتجمل، حتى أظهروا من التزين ما لا يحل، وكشفوا من السوءات والعورات ما لا يجوز كشفه، وساهموا في إفساد المجتمع، وخرق قيمه وأخلاقياته، وسمعة أهله، بتصرفاتهم المشينة هذه. امتلأت الأسواق، وأماكن التنزه والتفسح بهؤلاء الشباب المراهقين، والنساء القاصرات، عقلاً وديناً، والتقوا هناك كل منهم يظهر تزيناً مبالغاً فيه، ويخرج بملابس تدل على...
الخطبة الأولى:
لقد منّ الله -سبحانه وتعالى- علينا بمنن كثيرة، وعطايا عظيمة، لو أردنا أن نعدها ونحصيها لما استطعنا: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].
ومن هذه النعم: أن الله -سبحانه وتعالى- يسر لعباده اللباس، وهدى الإنسان إلى أن يكتسي من الملابس ما يتزين به، ويستر به عورته، وجعل ذلك من آيات الله الباهرة، ونعمه الظاهرة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف: 26].
لقد علَّم الله -سبحانه وتعالى- الإنسان الغزل، والنسيج، والخياطة، وغيرها، حتى ينسج لنفسه ما يلبس من أجل أن يغطي عورته التي يسوؤه كشفها، ولا يرضى الإنسان العاقل بإظهارها، ولهذا قال الله: (قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ)[الأعراف: 26] أي يغطي عوراتكم.
وسميت العورة سوأة؛ لأن الإنسان العاقل يسوؤه كشفها وإظهارها.
هذه فطرة الله، وهذا خلقه، خلق الإنسان وهداه إلى ارتداء اللباس، من أجل أن يستر عورته به.
اليوم انقلبت الفطر، وانعكست الأمور، وصار بعض شبابنا وفتياتنا، يلبسون اللباس الذي يكشف العورات، ويظهر السوءات، ويبرز المفاتن.
تجد اليوم من شباب المسلمين ونسائهم من يتعرى ويتكشف، ويُظهر معظم جسده، ولا يخفي إلا قليلاً من جسمه.
وهناك من نساء المسلمات من تغطي رأسها وشعرها، وعورتها فقط، وتظهر باقي جسدها.
أو تلبس لباساً شفافاً رقيقاً، تظهر من خلاله، وكأنها بلا لباس، وهؤلاء هن النساء الكاسيات العاريات، الملعونات، اللاتي قال عنهن النبي -صلى الله عليه وسلم -: "نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا".
ربما -والحمد لله- لا يوجد في بلدنا هذا الصنف من الناس، فلا توجد عندنا من تمشي بلا حجاب، ولا من تضع الحجاب على رأسها، وتكشف أكثر جسدها، ولكن يوجد عندنا وبكثرة -وللأسف الشديد- شباب وفتيات يلبسون الملابس التي تحدد العورة، وتكاد أن تكشفها وتظهرها.
بنطلونات منحطة يرتديها شباب طائحون، تكاد أن تطيح منهم، بل ربما يجلس أحدهم فيطيح بنطاله، فتنكشف عورته.
يتعمدون لبسها، ويتفاخرون بانزلاقها وتطيحها، ويسمونها باسم: التطيح، فهؤلاء المتطيحون عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويفهموا أن اللباس يلبس لستر العورة لا لإظهارها، فليتقوا الله، وليتركوا الانبطاح وراء الموضات، قبل أن تكثر بهم الطيحات، فتصير حياتهم كلها طيحات وانزلاقات، لا في اللباس فقط وإنما في كل شيء.
يقول الله -تبارك وتعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) [الأعراف: 27].
فهل يرضى من يلبس هذه البنطلونات المتطيحة أن يعبث بعقله الشيطان، حتى ينزع لباسه ليريه سوءته؟
(لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا)[الأعراف: 27].
وهناك من شبابنا من يلبس ملابسَ ضيقة، يضيّق بها على نفسه، ويكبت بها جسده، ويؤذي بها بدنه، لا لشيء إلا للموضة والتقليد، هذه الملابس في الغالب تحدد عورة الإنسان وتبديها، حتى يظهر وكأنه بلا ملابس.
لقد أثبتت دراسات طبية حديثة: أن ارتداء الملابس الضيقة في فترة المراهقة يسبب العقم، وقد يسبب التهاب بطانة الرحم، ونقصان الخصوبة عند النساء، فهل تفقه بعض نسائنا اللاتي يرتدين الملابس الضيقة هذا الكلام؟
وإذا لم يتعظ هؤلاء بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، فهل يتعظوا بهذه التقارير الطبية والدراسات الحديثة؟!
هل ترضى المرأة المسلمة التي تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج بهذه العبايات الضيقة، والنقاب القصيرة، التي تظهر صدرها إذا التفتت، وتبرز ثدييها ومفاتنها بشكل بارز، كما هو مشاهد في واقعنا، والله المستعان.
هل تعلم المرأة أن الله فرض عليها الحجاب ليسترها لا ليكشفها، وليصرف أنظار الرجال عنها، لا ليجذب أنظارهم إليها: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب: 59].
وقال سبحانه: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33].
ونهى الله المرأة عن كل زينة ظاهرة تظهرها للرجال الأجانب، ولو كانت بسيطة، فقال: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31].
إننا نرى ونلاحظ خاصة في مثل هذه الأيام -أيام الأعياد- أوضاعاً مزرية جداً في اللباس، يلبسها الشباب المراهقون، والشابات البالغات، ملابساً لا تليق أبداً للمسلم أن يلبسها، أو يخرج بها؛ لأن فيها تقليداً بيناً، ومشابهة واضحة لأعداء الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ومن تشبه بقوم فهو منهم".
لقد بالغ هؤلاء الشباب والفتيات في التزين والتجمل، حتى أظهروا من التزين ما لا يحل، وكشفوا من السوءات والعورات ما لا يجوز كشفه، وساهموا في إفساد المجتمع، وخرق قيمه وأخلاقياته، وسمعة أهله، بتصرفاتهم المشينة هذه.
امتلأت الأسواق، وأماكن التنزه والتفسح بهؤلاء الشباب المراهقين، والنساء القاصرات، عقلاً وديناً، والتقوا هناك كل منهم يظهر تزيناً مبالغاً فيه، ويخرج بملابس تدل على ضعف الحشمة، وقلة الحياء، فكثرت المعاكسات، وانتشر الفساد، وعمّ البلاء، وأصبح الناس يرون بأعينهم صوراً من العهر والرذيلة والمساومة على البغاء والزنا أمام أعينهم، بشكل ظاهر، وبدون حياء، يساومها على الرذيلة، وتصعد معه في السيارة، ويذهب بها من وسط الشارع، أو من داخل المنتزه والناس يتفرجون ويشاهدون، يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النــور: 19].
الخطبة الثانية:
إن هذه الأوضاع الاجتماعية المزرية التي وصل إليها البلد، لابد أن يتصدى لها الآباء والوجهاء والعقلاء، ولا يرضون أبداً للفساد أن يتمدد، ولا يسمحون للرذائل أن تنتشر.
لا بد من الوقوف في وجه هذا الفساد الممنهج، والافساد المقنن، ولا يجوز السكوت على ذلك، أيرضى أهل البلد أن تصبح بلدهم قبلة لكل فاسد وباغي؟!
أيرضون للمفسد أن يأتي إلى هنا ليقضي إجازته، أو أعياده؛ لأنه يجد فيها بغيته، ويحصل على مطلوبه؟!
ألم يأن للآباء أن يكفوا أولادهم وبناتهم عن هذه المظاهر المشينة، والألبسة المخلة، التي تساعد على انتشار الفساد، وتبادل النظرات؛ يقول الله -سبحانه وتعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النــور: 30- 31].
ألم يأن للصالحين والأخيار، وشباب المساجد، أن يخرجوا إلى تلك الأماكن والبؤر ليؤدوا فيها واجبهم، واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.
ألا يساهم كل واحد منا في الحد من انتشار هذه المنكرات، ولو بكلمة واحدة، أو بما يستطيع؟!
ألا يعلم شبابنا وبناتنا ونسائنا، أنهم مسئولون عما يلبسون، ومحاسبون عما به يتزينون؟!
ألم يعلموا أن من مظاهر الولاء للكفار أن يتشبه المسلم بهم في لباسهم، أو تصرفاتهم، أو حركاتهم؟!
أما آن للنساء اللاتي يرتدين هذه الأزياء والملابس التي تهيج الشهوات، وتثير الغرائز، أن يتخلين عنها؟!
ألا يعلم كل شاب وكل فتاة تفعل ذلك، أنها تسيء في الحقيقة إلى نفسها، وأهلها، ومنطقتها ومجتمعها؟
ألا نتقي الله جميعاً، ونتحمل كلنا مسؤوليتنا عن ذلك، فكلنا مسئولون: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته" كما أخبر رسولنا -صلى الله عليه وسلم-..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم