عناصر الخطبة
1/ دعوة للبعد عن الشحناء بين المسلمين 2/ مساوئ الخصام والتهاجر بين المسلمين 3/ فضل العفو والصفح 4/ عظم أجر الإصلاح بين المتخاصميناقتباس
أقاربُ يجمعُهم الدَّمُ واللَّحمُ.. تربَّوا في بيتٍ واحدٍ، وناموا في سريرٍ واحدٍ. كمْ ليلةٍ في الضَّحكِ سَهروها؟! وكم من خِدعةٍ لصديقٍ مكروها؟ ! حياتُهم مليئةٌ بالمرحِ والألعابِ، وكانَ الخِصامُ ينتهي بكلمةِ عتابٍ.. ولكن عندما كَبَروا نفخَ الشَّيطانُ في القلوبِ الحبيبةِ، وجعلَ سوءَ الظَّنِّ يسودُ بينَ القَريبِ وقريبِه.. وفي نهايةٍ مُتوقَّعةٍ انتهتْ العلاقةُ ونُسيتْ القَرابةُ، ومنذ ذلك الحينِ والعدوُ سعيدٌ والحبيبُ حزينٌ
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي خلقَ الإنسانَ في أحسنِ تَقويمٍ، وفَضَّله على كثيرٍ ممن خَلَقَ تفضيلا، الحمدُ للهِ الذي خلقنا من ذكرٍ وأُنثى، وجعلنا شعوباً وقبائلَ لنتعارفَ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأَشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، بعثَه اللهُ للعالمينَ بشيرًا ونذيرًا، صلِّ اللَّهُمَّ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسَلِّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:12].
أصدقاءُ طفولةٍ.. لَعِبوا كثيراً واستمتعوا كثيراً. نشأوا جميعاً.. أوقاتُهم جميعاً.. في حيٍّ واحدٍ وفي مدرسةٍ واحدةٍ بل وفي جامعةٍ واحدةٍ. لهم كثيرٌ من الحِكاياتِ، وبينهم أسرارٌ وذِكرياتٌ؛ وفي موقفٍ حضرَ فيه الشَّيطانُ، وضَعُفَ فيه وازعُ الإيمانِ اختلفوا وتشاحنوا وتخاصموا، فتلاشتْ رابطةُ الحبُّ والوِئامِ، وبدأتْ رِحلةُ الصُّدودِ والخِصامِ، ومُنذُ شُهورٍ لا يُكلِّمُ بعضُهم بعضاً، ولا يسَلِّمُ أحدُهم على الآخرِ.
اثنانِ في عملٍ واحدٍ.. بدأوا الحياةَ العمليَّةَ في سنةٍ واحدةٍ.. أعوامٌ وهم في تعليمٍ وعملٍ وتعاونٍ.. يجلسونَ جميعاً ويأكلونَ جميعاً ويتحدثونَ كثيراً، بل إن أحدَهم ليجلسُ مع صاحبِه في العملِ أكثرُ مما يجلسُ مع أهلِه في البيتِ، وفي وجهةِ نظرٍ مُختلفةٍ.. نزغَ الشَّيطانُ بينهما فتهاجرا وتشاجرا، وطارتْ العِشرةُ في مهبِّ الرِّيحِ، وأُغلقتْ القلوبُ بالمفاتيحِ، وهم على ذلكَ شهورٌ حتى كأنَّ الصاحبَ لا يعرفُ صاحبَه.
أقاربُ يجمعُهم الدَّمُ واللَّحمُ.. تربَّوا في بيتٍ واحدٍ، وناموا في سريرٍ واحدٍ. كمْ ليلةٍ في الضَّحكِ سَهروها؟! وكم من خِدعةٍ لصديقٍ مكروها؟! حياتُهم مليئةٌ بالمرحِ والألعابِ، وكانَ الخِصامُ ينتهي بكلمةِ عتابٍ.. ولكن عندما كَبَروا نفخَ الشَّيطانُ في القلوبِ الحبيبةِ، وجعلَ سوءَ الظَّنِّ يسودُ بينَ القَريبِ وقريبِه.. وفي نهايةٍ مُتوقَّعةٍ انتهتْ العلاقةُ ونُسيتْ القَرابةُ، ومنذ ذلك الحينِ والعدوُ سعيدٌ والحبيبُ حزينٌ.
وهكذا أحداثٌ متكرِّرةٌ كثيرةٌ، ووقائعُ محزنةٌ مُثيرةٌ.
فيا أيَّها المؤمنونَ الذينَ هم لمغفرةِ ربِّهم راجون: اسمعوا معي لهذا الحديثِ الخطيرِ وتأملوا ما فيه من الخُذلانِ الكبيرِ.. وماذا قالَ فيه اللَّطِيفُ الخَبِيرُ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا".
لا إله إلا اللهُ.. كم في هذا الأسبوعِ من عباداتٍ؟! كم فيه من صلواتٍ؟! كم فيه من صدقاتٍ؟! كم فيه من أذكارٍ؟! كم فيه من توبةٍ واستغفارٍ؟! كم فيه من صيامٍ وبرٍّ للوالدينِ وصلةِ أرحامٍ؟! ومع ذلكَ لا يُغفرُ لهذا العبدِ.. بل ولا يُنظرُ في عملِه؛ فأيُّ خسارةٍ هذه، وأيُّ مُصيبةٍ تلك.
يا أهلَ الإيمانِ: اسمعوا داعيَ اللهِ -تعالى- إلى من اختلفوا قبلَكم.. وقد جاءَهم رَسولٌ وكِتابٌ؛ فقالَ -سبحانَه-: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105].
ففِروا من عذابِ اللهِ الغفورِ الرَّحيمِ بالاجتماعِ والمحبةِ على الصِراطِ المُستقيمِ، واستعيذوا باللهِ -تعالى- من الشَّيطانِ الرَّجيمِ.
أتعلمونَ ما هي أولُ خُطوةٍ للشَّيطانِ بعدَ أن يعجزَ عن دعوةِ المُسلمينَ إلى الشِّركِ؟.. يَقُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبَدُه الْمَصْلُونُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ".
سُبحانَ اللهِ.. وهل الخِلافُ والشَّحناءُ التي تكونُ بينَ المسلمينَ مُهمَّةٌ إلى هذه الدَّرجةِ؟! نعم.. أتعلمونَ لماذا؟ لأن فسادَ ذاتِ البينِ والبغضاءَ بينَ المسلمينَ هي الحالقةُ. قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ".
من مِنكم يُريدُ أن يأتيَ يومَ القيامةِ وهو قد قتلَ مؤمناً بغيرِ حقٍّ، وهو يعلمُ أن الْمُؤْمِنَ لا يَزَالُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا.. اسمعوا معي لهذا الحديثِ: قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ".
هل تسمعُ يا من هجرَ أخاهُ سنينَ؟ هل ترضى أن تُحشرَ مع سافكي دماءِ المُسلمينَ؟.
عبادَ اللهِ: ألم يقلْ اللهُ -تعالى- في كتابِه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)؟! فكيفَ تُخالفُ هذه الآيةَ وتجعلُ المؤمنَ عدوَّاً؟! إلى متى الخِصامُ والهجرُ؟! ألم يأتِك ما جاءَ في ذلكَ من الزَّجرِ؟! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ".
فالأمرُ خطيرٌ ولا يحتملُ التَّأخيرَ؛ فكن خيرَ الرَّجلينِ عندَ اللهِ -تعالى-؛ فعَنْ أبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ الله عَنْهُ-: أَنْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يحلُّ لمسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَياَلٍ يَلْتْقَيِاَنِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلَامِ".. فالتمس لأخيكَ عُذراً.. فإن لم تجدْ فقلْ لعلَّ له عذراً لا أعرفُه.
إذا شِئتَ أن تُدعى كَريمًا مكرَّمًا *** أديبًا ظَريفًا عاقلًا ماجِدًا حُرَّا
إذا ما أتتْ من صاحبٍ لك زَلَّةٌ *** فكن أنتَ محتالًا لِزلّته عُذرا
جرى بينَ الحسينِ بنِ عليٍّ وأخيه محمدٍ بنِ الحنفيَّةِ -رضيَ اللهُ عنهم- أجمعينَ كلامٌ فانصرفا مُتَغاضبيْن، فلما وصلَ محمدٌ -وهو الأصغرُ- إلى منزلِه أخذَ رُقعةً وكتبَ فيها: "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ.. من محمدٍ بنِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ إلى أخيه الحسينِ بنِ عليٍّ بن أبي طالبٍ، أما بعدُ: فإنَّ لك شرفًا لا أبلغُه، وفضلاً لا أدركُه، فإذا قرأتَ رِقعتي هذه فالبسْ رداءَك ونعليكَ، وسِرْ إليَّ فترضَّاني، وإياكَ أن أكونَ سابقَك إلى الفضلِ الذي أنتَ أولى به مني والسَّلامُ".
فلما قرأَ الحسينُ -رضيَ اللهُ عنه- الرِّقعةَ لَبسَ رداءَه ونعليه، ثم جاءَ إلى أخيه فترضَّاه.
هكذا عندما تكونُ الهِممُ جبالاً، وهكذا عندما ينتصرُ الإنسانُ على نفسِه الأمارةِ بالسُّوءِ.
أيُّها الأحبَّةُ: الصُّلحَ الصُّلحَ والعُذرَ العذرَ، وكونوا عبادَ اللهِ إخواناً، وكن سابقاً مُعتذراً أو كن للعُذرِ قابلاً.
قَالَ يُونُسُ الصَّدَفِيُّ: "مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، نَاظَرْتُهُ يَوْمًا فِي مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ افْتَرَقْنَا، وَلَقِيَنِي، فَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، أَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ نَكُونَ إِخْوَانًا وَإِنْ لَمْ نَتَّفِقْ فِي مَسْأَلَةٍ". قالَ الذَّهبيُ -رحمَه اللهُ تعالى- بعدَ ذِكرِ هذه القِصَّةِ: "هَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ عَقْلِ هَذَا الْإِمَامِ، وَفِقْهِ نَفْسِهِ؛ فَمَا زَالَ النُّظَرَاءُ يَخْتَلِفُونَ".
إِذَا اعْتَذَرَ الْجَانِي مَحَا الْعُذْرُ ذَنْبَهُ *** وَكَانَ الَّذِي لا يَقْبَلُ الْعُذْرَ جَانِيَا
وإيَّاكَ أن يُرفعَ عملُكَ إلى اللهُ -تعالى-، ثُمَّ لا يُعرضُ لشحناءٍ بينَك وبينَ أحدٍ من المسلمينَ؛ فيا خسارةَ من سعيا واجتهدا وعمِلا صالحاً.. ثُمَّ قالَ اللهُ -تعالى- فيهما: "أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا".
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِي وَاِيِّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدِ البَشرِ، الذي انشقَّ له القمرُ، وسلَّمَ عليه الحجرُ، ما طلعتْ الشَّمسُ على أشرقَ منه وجهًا ولا أنورَ، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليه وعلى آلِه وصحبِه والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ المحشرِ..
أما بعدُ:
أيُّها المؤمنُ: اسمع إلى قولِ خالقِنا ورازقِنا -سبحانَه- في كثيرٍ من أحاديثِ مجالسِنا: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114].
فما أعظمَ الحديثِ في الإصلاحِ بينَ الإخوانِ.. قالَ الشَّيخُ السِّعديُّ -رحمَه اللهُ- في تفسيرِه: "والسَّاعي في الإصلاحِ بينَ النَّاسِ أفضلُ من القَانتِ بالصَّلاةِ والصِّيامِ والصَّدقةِ، والمصلحُ لا بدَّ أن يصلحَ اللهُ سعيَه وعملَه، كما أنَّ السَّاعي في الإفسادِ لا يصلحُ اللهُ عملَه ولا يُتِمُّ له مقصودَه كما قالَ -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81]".
وصدقَ -رحمَه اللهُ تعالى-؛ فقد قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟"، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ".. لذلك أُجيزَ الكَذبُ في الإصلاحِ بينَ المُتَخاصمينِ؛ لما فيه من المصلحةِ الكُبرى للأفرادِ والمُجتمعاتِ. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ".
فماذا تنتظرُ يا من يرجو فضلَ ربِّه، ويرحمُ إخوانَه، ويحبُّ مُجتمعَه، ففي إصلاحِك بينَ النَّاسِ خيرٌ عظيمٌ في الدُّنيا والآخرةِ، كلامُكَ فيه أعذبُ وأعظمُ الكلامِ، ومشيُّكَ له خيرُ ما مشتْ إليه الأقدامُ، وصاحبُه من البَررةِ الكِرامِ.
إنَّ المكارمَ كُلَّها لو حُصِّلتْ *** رَجَعْتُ بجُمْلَتِهَا إلى شَيئينِ
تعظيمُ أمرِ اللهِ جلَّ جلالُه *** والسَّعيُ في إصلاحِ ذاتِ البَيْنِ
اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم