آفة الغضب

ناصر بن محمد الأحمد

2014-04-17 - 1435/06/17
عناصر الخطبة
1/ ماهيّة الغضب 2/ درجاته 3/ الغضب المحمود 4/غَضَبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم 5/ آثار ومخاطر الغضب المذموم 6/ أسبابه 7/ علاجه

اقتباس

الغضب شعلةُ نارٍ مُسْتَكِنّة في طيِّ الفؤاد اسْتِكْنانَ الجمر تحت الرماد، وربما جمع الغضبُ الشرَّ كله، وربما أدى إلى الموت باختناق حرارة القلب فيه، وربما كان سبباً لأمراض خطيرة، ناهيك عن لواحِقِهِ مِن مَقْتِ الأصدقاء، وشماتة الأعداء، واستهزاء الحُسَّادِ والأراذلِ من الناس. ولا أَدَلّ على خطورة الغضب من وصيَّةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل جاء إليه يطلب أن يوصيه، فقال -صلى الله عليه وسلم- له: "لا تغضب"، فردد مراراً، قال: "لا تغضب" رواه البخاري.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد: أيها المسلمون: سرعة الغَضَب آفة خطيرة يفقد المرء فيها السيطرة على نفسه، وربما اعتدى على غيره بلسانه أو بيده، فيندم بعد ذلك، ويعتذر لما بدر منه تجاه غيره، وكان في غِنَىً عن ذلك بتحكمه في انفعال الغضب.

 

والغضب ثورة دموية تغلي غلياناً شديداً في مراجل الصدر، وترتفع بها حرارة الجسم، وربما تُحدث أشياء غير متوازنة في قول أو فعل.

 

وسرعة الغضب رذيلة شريرة؛ إذا استشرت في مجتمع قوضت بنيانه، وهدمت أركانه، وأصبح المجتمع في بلاء جسيم.

 

ومما لا شك فيه أن للطباع أثراً في سلوكيات الناس في سرعة الغضب أو قلته؛ ولكن، بمجاهدة النفس وضبطها، واكتساب الفضائل الحميدة؛ تسلم من الوقوع في سوءات الغضب ومصائبه. "إنما الحلم بالتحلم".

 

قال عمرُ بنُ عبد العزيز: "قد أفلحَ مَنْ عُصِمَ من الهوى والغَضَب والطمع". وقال الحسن: "أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله من الشيطان، وحرَّمه على النار: مَنْ ملك نفسَه عندَ الرغبة، والرهبة، والشهوةِ، والغَضَب".

 

ويتفاوت الناس في طريقة تعاملهم مع الآخرين في حياتهم اليومية، ومعالجة المثيرات التي يواجهونها؛ فمنهم من تستخفه التوافه، فَيَسْتَحْمِق على عجل، ومنهم من تستفزّه الشدائد فَيُبْقِي على وقعها الأليم محتفظاً برجاحة فكره، وسجاحة خلقه.

 

أيها المسلمون: وينقسم الغضب إلى ثلاث درجات: التفريط، والإفراط، والاعتدال.

 

درجة التفريط: فيها يفقد المرء قوة الغضب، أو تضعف عنده، وهذا مذموم، وهو الذي يقال فيه: إنه لا حَمِيَّة له. ولذلك قال الشافعي: "من استُغْضِبَ فلم يغضبْ فهو حمار"، فهذا قد فَقَدَ معنى الغَيْرَة والعِزَّة، ورضي بقلة الأنفة، واحتمال الذُّل.

 

درجة الإفراط: فيها تغلب صفة الغضب حتى تخرج عن سياسة العقل والدين، ولا يبقى للمرء معها بصيرة ولا نظر، ولا فكرة ولا اختيار.

 

درجة الاعتدال: وهي درجة الغضب المحمود، بأن ينتظر إشارة العقل والدين، فينبعث حيث تجبُ الحَمِيَّةُ، وينطفئ حيث يَحْسُنُ الحلمُ. وحفظُ الغضب عند حد الاعتدال والاستقامة التي كلف الله -تعالى- بها عباده هو الوسط المطلوب.

 

الغضب المحمود: هو ما كان دفعاً للأذى في الدين أو العرض أو المال، له أو لغيره، وانتقاماً ممن عصى الله ورسوله، وهذه كانت حال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله -تعالى- غضب لذلك. قالت عائشة -رضي الله عنها- تصف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه في شيء قط، إلا أن تُنتهك حرمة الله، فينتقم بها لله" رواه البخاري.

 

إن الغضب المحمود يكون لله -عز وجل- عند ما تنتهك حرماته، ويكون على أعدائه من الكفَّار والمنافقين والطَّغاة والمتجبِّرين، وقد ذكر القرآن ذلك وصفاً للرُّسل الكرام في مواضع عديدة، ووردت أحاديث كثيرة تدل على أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب لله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير) [التوبة:73].

 

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وفي البيت قِرامٌ فيه صور، فتلوَّن وجهه، ثم تناول الستر فهتكه، وقال: "مِن أشد النَّاس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور" رواه البخاري.

 

وعن أبي مسعود -رضي الله عنه-، قال: أتى رجل النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطُّ أشد غضباً في موعظة منه يومئذ، قال: فقال: "يا أيُّها الناس، إنَّ منكم منفِّرين، فأيُّكم ما صلى بالنَّاس فليتجوز؛ فإنَّ فيهم المريض والكبير وذا الحاجة" رواه البخاري.

 

أيها المسلمون: الغضب شعلةُ نارٍ مُسْتَكِنّة في طيِّ الفؤاد اسْتِكْنانَ الجمر تحت الرماد، وربما جمع الغضبُ الشرَّ كله، وربما أدى إلى الموت باختناق حرارة القلب فيه، وربما كان سبباً لأمراض خطيرة، ناهيك عن لواحِقِهِ مِن مَقْتِ الأصدقاء، وشماتة الأعداء، واستهزاء الحُسَّادِ والأراذلِ من الناس. ولا أَدَلّ على خطورة الغضب من وصيَّةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل جاء إليه يطلب أن يوصيه، فقال -صلى الله عليه وسلم- له: "لا تغضب"، فردد مراراً، قال: "لا تغضب" رواه البخاري.

 

وفي رواية: علِّمْني شيئاً ولا تكثر عليَّ لعلي أَعِيَهُ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تغضب"، فردد ذلك مراراً، كل ذلك يقول: "لا تغضب" رواه الترمذي.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم- لمن استوصاه: "لا تغضب" يحتمل أمرين:

 

الأول: أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والتواضع ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة، فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق، وصارت لها عادة، أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه.

 

والثاني: أن يكون المراد ألا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك، بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه، والعمل بما يأمر به، فإن الغضب إذا ملك ابن آدم كان كالآمر والناهي له، وفي وصية عمر -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان" أخرجه عبد الرزاق في مصنفه. وروي عن بعض السلف: "أقرب ما يكون العبد من غضب الله -عز وجل- إذا غضب".

 

وقال بعض العلماء: خلق الله الغضب من النار، وجعله غريزة في الإنسان، فمهما قصد أو نُوزع في غرض ما، اشتعلت نار الغضب، وثارت، حتى يحمر الوجه والعينان من الدم. وصدق من قال: "الغضب ريح تهب على سراج العقل فتطفئه".

 

قال الشاعر:

ولم أرَ فضلًا تمَّ إلا بشيمةٍ *** ولم أرَ عقلًا صحَّ إلا على الأدب

ولم أرَ في الأعداءِ حين اختبرتهم  *** عدوّاً لعقلِ المرءِ أعدَى مِن الغَضَب

 

أيها المسلمون: وكما أن للغضب مخاطر صحية، فكثرة الانفعال تسبب الإصابة بالأمراض البدنية، وكثرة الغضب تجعل الإنسان مشدود الأعصاب، مرتعش المشاعر، وتؤول به إلى تفكك العلاقات الإنسانية.

 

فمن آثار الغضب: الحقد في القلب، والحسد، والبغضاء بين الناس، والشتم والسب والفحش في القول، والخصومة والعداوة والشقاق، وطلاق الزوجة الذي يعقبه الندم، والضرب والاعتداء الذي ربما يؤول إلى القتل، والدعاء على نفسه أو أهله أو أولاده أو ماله، فإنه ربما يوافق ساعة إجابة فيستجاب له، والأيْمان والقسم، وإذا أقسم الغضبان على شيء انعقدت يمينه، وفيها الكفارة كما قال أهل العلم.

 

وربما ارتقى الغضب إلى درجة الكفر كما حصل لجبلة بن الأيهم، وملخص قصته: أن جبلة كان آخر ملوك الغساسنة في الشام، ولما خاف على حكمه من الزوال لِما كان عليه من حروب مع البيزنطة أسلم، ثم كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستأذنه في القدوم عليه، فقدم إلى المدينة، ولما دخل على عمر رحّب به وأدنى مجلسه.

 

ثم خرج في موسم الحج مع عمر -رضي الله عنه-، فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطىء على إزاره رجل فقير من بني فِزارة، فالتفت إليه جَبلة مغضباً فلطمه فهشّم أنفه، فغضب الفزاري واشتكاه إلى عمر.

 

فبعث إليه عمر فقال: ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف فهشّمت أنفه؟! فقال: إنه وطىء إزاري، ولولا حرمة البيت لضربت عنقه. فقال له عمر: أمّا الآن فقد أقررت، فإما أن ترضيه، وإلّا أقتص منك بلطمه على وجهك. قال: يقتص مني وأنا ملك وهو من السوَقَة؟! قال عمر: يا جبلة، إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه، فما تَفضُله بشيء إلّا التقوى. قال جبلة: إذن؛ أتنصّر! قال عمر: من بدل دينه فاقتلوه!.

 

فلما كان الليل خرج جبلة وأصحابه من مكة وهرب إلى القسطنطينية فتنصر، ثم ما زال على نصرانيته حتى مات.

 

أيها المسلمون: للغضب آثار سيئة على نفس الغاضب في مظهره، وفي لسانه بأن ينطق بكل قبيح، وله آثاره السيئة على المجتمع الذي من حوله.

 

فمن آثار هذا الغَضَب في الظاهر: تغير اللون، وشدَّة رعدة الأطراف، وخروج الأفعال عن الانتظام، واضطراب الحركة والكلام، حتى يظهر الزَّبد على الأشداق، وتشتد حمرة الأحداق، وتنقلب المناخر، وتستحيل الخِلقة، ولو يرى الغَضبان في حال غضبه صورة نفسه؛ لسكن غضبه حياءً من قبح صورته؛ لاستحالة خِلقته.

 

وقُبْحُ باطنه أعظم من قبح ظاهره، فإنَّ الظَّاهر عنوان الباطن، إذ قُبْح ذاك إنما نشأ عن قبح هذا، فتغيُّر الظاهر ثمرة تغير الباطن. هذا أثره في الجسد.

 

وأما أثره في اللسان: انطلاقه بالقبائح، كالشتم والفحش وغيرهما، مما يستحي منه ذَوُو العقول مطلقاً، وقائلُه عند فتور غضبه؛ على أنَّه لا ينتظم كلامه، بل يتخبَّط نظمه، ويضطرب لفظه.

 

وأما أثره في الأعضاء: فالضرب فما فوقه إلى القتل عند التمكن، فإن عجز عن التشفي رجع غضبه عليه، فمزَّق ثوبه، وضرب نفسه وغيره، وعدَا عدو الواله السكران، والمجنون الحيران، وربما سقط وعجز عن الحركة، واعتراه مثل الغشية؛ لشدة استيلاء الغَضَب عليه.

 

وأما أثره في القلب: فالحقد على المغضوب عليه، وحسده، وإظهار الشماتة بمساءته، والحزن بسروره، والعزم على إفشاء سره، وهتك ستره، والاستهزاء به، وغير ذلك من القبائح، والعياذ بالله!.

 

قال الراغب: واعلم أنَّ نار الغَضَب متى كانت عنيفة، تأجَّجت واضطرمت، واحتد منه غليان الدم في القلب، وملأت الشَّرايين والدماغ دخاناً مظلماً مضطرماً، يَسْوَدّ منه مجال العقل، ويضعف به فعله، فكما أن الكهف الضيق إذا ملئ حريقاً اختنق فيه الدخان واللهب، وعلا منه الأجيج، فيصعب علاجه وإطفاؤه، ويصير كل ما يدنو منه مادةً تُقوِيه؛ فكذلك النفس، إذا اشتعلت غضباً عميت عن الرشد، وصمَّت عن الموعظة، فتصير مواعظه مادة لغضبه.

 

ولهذا حُكي عن إبليس -لعنه الله- أنه يقول: متى أعجزني ابن آدم فلن يعجزني إذا غضب، لأنَّه ينقاد لي فيما أبتغيه منه، ويعمل بما أريده وأرتضيه. وقد قيل: الغَضَب جنون ساعة.

 

عافانا الله وإياكم وإخواننا المسلمين...

 

بارك الله ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد: أيها المسلمون: للغضب أسباب، منها: الكِبْر، والعُجْبُ، والمزاح، والهَزْلُ، والهُزء والتعيير، وحب الدنيا.

 

وربما كانت تسمية الغضب عند بعض السفهاء بأنه قوة وشجاعة ورجولة، وهم بهذا يستسيغونه فيصبح مدحاً لصاحبه!.

 

وعموماً؛ فأسباب الغضب كثيرة ومتفاوتة من شخص لآخر، فمن الناس من يغضب لأتفه الأسباب.

 

وعلى المرء أن يُهدّئ نفسه دوماً، ويبتعد عما يغضبه؛ حفاظاً على دينه ونفسه.

 

وعلاج الغضب بإزالة هذه الأسباب بأضدادها، فعلاج الكبر بالتواضع، وعلاج العُجب بمعرفة النفس، وعلاج المزاح بتركه، وعلاج الهزل بالجد في الأمور، وعلاج التعيير بالحذر من القول القبيح، وعلاج حب الدنيا بالقناعة.

 

ومن الأمور المهمة في علاج الغضب: ذكر الله -عز وجل-؛ فيكون ذلك مدعاة إلى الخوف منه، والطاعة له، فعند ذلك يزول الغضب، قال الله -تعالى-: (وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِين) [آل عمران:134]، وقال -تعالى-: (خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين) [الأعراف:199].

 

ومن العلاج: التفكر في النصوص الواردة في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم؛ جاء في حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة! قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تغضب ولك الجنة" رواه الطبراني.

 

ومن العلاج: تخويف النفس من عقاب الله -عز وجل-، وهو أن يقول: قدرة الله -تعالى- عليَّ أعظم من قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت فيه غضبي لم آمن أن يُمضي الله -تعالى- غضبه عليَّ يوم القيامة.

 

ومن العلاج: الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان الرجيم، كما في حديث سليمان بن صرد -رضي الله عنه- قال: استبَّ رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يَسبُّ صاحبَهُ مُغضَباً قد احمر وجههُ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقوله النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إني لست بمجنون. رواه البخاري.

 

ومن العلاج: تحول الغاضب عن الحال التي يكون عليها؛ فإن كان قائماً جلس، وإن كان جالساً اضطجع، وعليه أن يتوضأ أو يستنشق الماء.

 

ومن العلاج: الصمت: وهو علاج ناجع للغضب أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إذا غضب أحدكم فليسكت" رواه الإمام أحمد.

 

ولأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول كثير من السباب وغير ذلك مما يندم عليه في حال زوال غضبه، فإذا سكت زال هذا الشر، وكما قيل: إذا غضبت فأمْسِك.

 

ومن العلاج: تذكر الغاضب ما يؤول إليه الغضب من الندم ومذمة الانتقام، وتذكر ثواب العفو وحسن الصفح، وهو بهذا يقهر نفسه عن الغضب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" رواه البخاري. وقد أحسن القائل: لا يُعرفُ الحلمُ إلا ساعَةَ الغَضَبِ.

 

ومن العلاج: تفكر الغاضب في قبح صورته؛ فلو نظر إلى صورته في مرآة حال غضبه لاستحى من قبح صورته واستحالة خِلقته!.

 

وأخيراً؛ فإن علاج الغضب بألا نكثر من الغضب في غير موضعه الصحيح، وقد مرت بنا وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الرجل بقوله: "لا تغضب". يقول ابن التين: جمع -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "لا تغضب"  خير الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين. اهـ.

 

ولذا تجد العاقل إذا تغير حاله من الغضب إلى الرضا، تعجب من نفسه، وقال: ليت شعري! كيف اخترت تلك الأفعال القبيحة؟ ويلحقه الندم.

 

ونؤكد على أن الغضب من أعظم المفاسد التي تَعرِض للإنسان، وأن الذي يملك نفسه عند الغضب يعد قوياً، حيث استطاع أن يقهر حظ نفسه وشيطانه.

 

والغضب المحمود هو ما كان لله -عز وجل-، ومن دعائه -صلى الله عليه وسلم-: "أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا" رواه النسائي.

 

اللهم ...

 

 

 

 

 

المرفقات

الغضب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات