عناصر الخطبة
1/ صور عطرة من الصبر على البلاء 2/ تضحيات الصحابة الأوائل والسلف الأماجد 3/ أهمية الثبات على الدين والتضحية من أجله 4/ أين أنت من تضحيات السابقين وأهل الشام في سبيل دينهم.اهداف الخطبة
اقتباس
إن للطغاة والمجرمين سننًا بالظلم ساروا عليها، وإن لهم سبيلا طويلا ملئ جورا وحيفا وغدرا!
إن لهم رحلةً طويلة بتعذيب المؤمنين؛ ليردوهم عن دينهم، وليستعبدوهم لأنفسهم، ويسخروهم لذواتهم، ألا وإن النفوس الكبيرة تهون عليها أجسادُها في سبيل عقائدها وأفكارها، وتسترخص أرواحَها لمبادئها وقيمها. فيمزَّقُ الجسدُ ويحرَّقُ ويعلُّقُ ويسحلُ ويسلخُ، وقلب صاحبه منعقد على ما اطمأن له، واقتنع به، لا يرده عنه شيء، ولا ينال منه....
الحمد لله الأول الآخر الظاهر الباطن، وهو بكل شيء عليم، الحمد للرحمن حق حمده حمدا يجل به الإحصاء ! وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له رب كل شيء ومليكُه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام الهدى أجلى الله به الدجى فأصبح ليل الأرض في أفقه فجر، أرسله الله هاديا به من الجهالة ومرشدا به من الغواية فبصَّر به من العمى , وفتح به قلوبا غلفا وآذانا صمًّا، فصلوات ربي عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
ثم أما بعد: وهل أتاك نبأ المعذبين !!
إن للطغاة والمجرمين سننًا بالظلم ساروا عليها، وإن لهم سبيلا طويلا ملئ جورا وحيفا وغدرا!
إن لهم رحلةً طويلة بتعذيب المؤمنين؛ ليردوهم عن دينهم، وليستعبدوهم لأنفسهم، ويسخروهم لذواتهم. ألا وإن النفوس الكبيرة تهون عليها أجسادُها في سبيل عقائدها وأفكارها، وتسترخص أرواحَها لمبادئها وقيمها. فيمزَّقُ الجسدُ ويحرَّقُ ويعلُّقُ ويسحلُ ويسلخُ، وقلب صاحبه منعقد على ما اطمأن له، واقتنع به، لا يرده عنه شيء، ولا ينال منه معذبه ما أراد.!!
عُذِّب أحد من كان قبلنا، كان عذب الروح، شفاف النفس، وثيق الإيمان، ريان الضمير، عابدًا ناسكا, كان كما وصفه حسان بن ثابت رضي الله عنه:
صقرا توسط في الأنصار منصبه *** سمح الشجية محضًا غير مؤتشب
شهد بدرًا، ثم أوفده عليه الصلاة والسلام يوم الرجيع ليفقِّه بعض القبائل الذين سألوه ذلك ولكنهم غدروا به وبهم في الطريق ثم استوثقوه وباعوه لبعض المشركين بمكة، ولقد وجدها المشركون فرصة تاريخية لهم ليردوا بها دَيْنَ يومِ بدر، بغدر مثل غدر أبي رغال، عرضوه على مقصلة الإعدام، ثم استوهبوه كلمة يشمون بها منه رائحة بغض حبيبه عليه الصلاة والسلام! فلم يعطهم إياها..
ثم نادوه: أتحب أن محمدًا مكانك وأنت سليم معافى في أهلك! فلم يرعهم إلا بصيحته ليقول: "كلا والله، والله إني والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة"!!
إذا الحب ما فدى المحبين *** إنه سراب وإن أمهرت كلّ يمين!!
إنه الحب الذي جعل خبيب بن عدي يرتل في وجه معذبيه وهم يستصرخونه.. إنه الحب الذي جعله يلقي قصيدة الفداء، على خشبة الفناء، في إصرار وإباء، وصبر ومَضَاء:
ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي جنب كان في الله مصرعي
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا *** قبائلهم واستجمعوا كل مجمع !!
إلى الله أشكون غربتي ثم كربتي *** وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما يراد بي *** فقد بضعوا لحمي وقد بان مطمعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع
وليقول له الخلود: بارك الله لك في أشلائك يا خبيب، فقد خلدناك بأوصالك التي عُذبت في ذات ربك !! فنم في ظلال الخلد، واهنأ بمضجع نديّ بأنفاس النّبييّن عاطر!!!
إن في صدر هذه الأمة رجالاً توقد الإيمان في قلوبهم، فهانت عليهم نفوسهم، وجعلوا من أجسادهم درعاً لإيمانهم، فأوذوا أذى شديدًا، وعُذبوا عذابًا أليمًا.. حملوا الإسلام حين لم يحمله أحد، ودانوا به حين نفر منه الأكابر، فكان الواحد منهم خامس خمسة في الإسلام، وسادس ستة في الإسلام، وسابع سبعة في الإسلام، ليس على وجه الأرض أحد يدين بالدين غيرهم.!!
إمامهم محمد بن عبد الله *** طَابَتْ جمائله والخِيمُ وَالشّيَمُ
من يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ *** كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
إمامهم إنه الذي ضُرب وجرح، ورجم بالحجارة حتى أُدمي، وخُنق وهو يصلي حتى أشرف على ما أشرف، ووُضع الأذى على ظهره، وشُج رأسه، وكسرت رباعيته، وتآمر المشركون على قتله، وناله أذى شديد، وعذاب أليم، في نفسه وأهله وقرابته وأصحابه، ولقد لخص عليه الصلاة والسلام ما أصابه بقوله: «لقد أُخِفْتُ في الله وما يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ في اللَّهِ وما يُؤْذَى أَحَدٌ».!!!
وهل أتاك نبأ المعذبين؟!!
ولما كان رسول الله هو أسوتهم في كل شيء، كان من هذا الشيء هو عذابهم في سبيل ما أنزل الله على رسوله، عقد إمام السير محمدُ بنُ إسحاق رحمه الله تعالى فصلا، ذكر فيه شيئًا من عذابهم، قال فيه: "فَوَثَبَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَجَعَلُوا يَحْبِسُونَهُمْ وَيُعَذِّبُونَهُمْ بِالضَّرْبِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَبِرَمْضَاءِ مَكَّةَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ؛...يَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ... فَكَانَ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ صَادِقَ الْإِسْلَامِ، طَاهِرَ الْقَلْبِ، وَكَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ يُخْرِجُهُ إِذَا حَمِيَتِ الظَّهِيرَةُ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ فَتُوضَعُ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: لَا وَالله لَا تَزَالُ هَكَذَا حَتَّى تَمُوتَ، أَوْ تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، وَتَعْبُدَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. فَيَقُولُ وَهُوَ فِي كل ذَلِكَ يقول: أَحَدٌ أَحَدٌ
ولقد كان أولُ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ سَبْعَة: رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَخَبَّابٌ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَعَمَّارٌ، وَسُمَيَّةُ أُمُّ عَمَّارٍ، فَأَمَّا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، ثُمَّ صَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَبَلَغَ مِنْهُمُ الْجَهْدُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَبْلُغَ مِنْ حَرِّ الْحَدِيدِ وَالشَّمْسِ".
يا لها من أجساد، نحيلة ضعيفة، ما منعها صهرها بالحديد وبالنار، وأن تجرد ثم تشوى برمضاء مكة، أن تصمد أمام كل تلك السياجات خلف قضبان النجاة، ولتسجل لهم كل الأمم بأنهم جازوا أصعب اختبار ليكونوا أنموذجاً لكل جيل يرى أن طريق الدعوة مطليا بالذهب والفضة، ومحلى بالوردة الحمراء!
بل إن النفوس الكبار هي وحدها التي تتعب في مرادها الأجسام... إنها دعوة لكل جيل أن يقرأ قوله تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 1- 3].
يقول سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله تعالى: "قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَبْلُغُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَذَابِ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي تَرْكِ دِينِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالله، إِنْ كَانُوا لَيَضْرِبُون أَحَدَهُمْ وَيُجِيعُونَهُ وَيُعَطِّشُونَهُ، حَتَّى مَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَوِيَ جَالِسًا مِنْ شِدَّةِ الضُّرِّ الَّذِي نزل بِهِ".
وهل أتاك نبأ المعذبين؟!
قال الشعبي: "سأل عمرُ بْن الخطاب رضي الله عنه خبابًا رضي الله عنهما عما لقي من المشركين، فقال: يا أمير المؤمنين، انظر إِلَى ظهري. فنظر، فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل، قال خباب: لقد أوْقدت نارٌ وسُحبت عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري".!!
ويقول: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمًا أَخَذُونِي وَأَوْقَدُوا لِي نَارًا، ثُمَّ سَلَقُونِي فِيهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَجُلٌ رِجْلَهُ عَلَى صَدْرِي، فَمَا اتَّقَيْتُ الْأَرْضَ إِلَّا بِظَهْرِي، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ بَرِصَ"، قال الشَّعْبِيِّ عن خباب: "جَعَلُوا يَلْزَقُونَ ظَهْرَهُ بِالرَّضْفِ حَتَّى ذَهَبَ مَاءُ: ظهره".
بل كان رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أول الإسلام يألف خبابًا ويأتيه، فأُخبرت مولاته بذلك، فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها عَلَى رأسه.,,,,
إنهم في سبيل المجد ثاوون ***لم تكن قبورهم غير الدلاص المسرد !
وكانوا أحاديث الرفاق *** فأصبحوا أغاني للغوري والمتنجد!
قَالَ ابن إسحاق: "وَكَانَتْ بَنُو مَخْزُومٍ يَخْرُجُونَ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِأَبِيهِ وَأُمِّهِ... إِذَا حَمِيَتِ الظَّهِيرَةُ يُعَذِّبُونَهُمْ بِرَمْضَاءِ مَكَّةَ، فَيَمُرُّ بِهِمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ لهم: «صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» فَأَمَّا أُمُّهُ فَقَتَلُوهَا; تَأْبَى إِلَّا الْإِسْلَامَ".
قال ابن سعد: "وَكَانَتْ سمية بنت خياط مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي الله لِتَرْجِعَ عَنْ دِينِهَا فَلَمْ تَفْعَلْ وَصَبَرَتْ حَتَّى مَرَّ بِهَا أَبُو جَهْلٍ يَوْمًا فَطَعَنَهَا بِحَرْبَةٍ فِي قُبُلِهَا فَمَاتَتْ رَحِمَهَا الله, وَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ عَجُوزًا كَبِيرَةً ضَعِيفَةً"، "ومات ياسر والد عمار في العذاب".
ما ذاك إلا لأن نفوسهم تسامت فوق الشهوات، وتعالت على حضيض الدركات وباعت أرواحها لله سبحانه وتعالى، ووهبت حياتها لدينها فداء لكلمة التوحيد، وحفظًا لأعراضهم ودمائهم، فهم رجال مبادئ وقيم لا رجالُ مناصب وكراسي وأطماع، أرادوا لمبادئهم أن تسود، ولأفكارهم أن تعلو وتسمو وتستقر، وتحيا أبد الدهر، مرفوعة شامخة...!! فكأن عليهم من شمس الضحى وعدا بأن يحيوا حياة سمائها، إن طريق الدعوة وطريق سبيل الله كما أن شائك إلا أنه مستقيم، وكما أنه بعيد إلا أنك ترى نهاياته وأنت في أول الطريق..
ولقد قالها ورقة بن نوفل لأشد المعذبين في ذات الله: «ليتني أكون فيها جذعاً إذ يُخرجك قومك، فقال: أو مخرجي هم، قال: نعم، لم يأت نبي قط بمثل ما جئت به إلا عُودي».
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) [العنكبوت: 10- 11].
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة إن ربي كان غفاراً.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيراً ..
أما بعد: هنيئا لكل من جاز اختبار الدعوة، هنيئا لمن لم تلهه دنياه عن آخرته، هنيئا لكل صابر محتسب، في طريق عُبِّدت من مكاره وصعاب! هنيئا لمن علم أن هذه الدنيا دارَ ممر لا مقر، فأعد العدة، وعاش وتنفس ومات للدعوة، في كل واد !
هنيئا لكل من اختار الصراط المستقيم، فتعب لأجل ذاك ونصب وتعذب وعُذب !! ولقيَ في سبيل المجد كل مكروهة هنيئا لهم .
ـ إلى كل من دخل ذاك السبيل، فعذب في ذات الله، في سبيل تفعيل كلمة لا إله إلا الله..
ـ إلى كل مدافع عن بلده أن يقتنصه الأشرار، ويعيث بسيادة شريعته الفجار، فجاهد في سبيل أن تكون فيه كلمةُ الله هي العليا فعذب لذلك، هنيئا لك فقد عذبت في ذات الله..
ـ إلى كل من أقيل من منصبه في سبيل قولة حق، وافتدى الآخرة بدنياه، وما منعه أن تجمد عنه امتيازاته في سبيل امتيازات ما عند الله! هنيئا لك فقد عذب في ذات الله ..
ـ إلى كل من تمعر وجهه من أثر قرار صدر عُبث من خلاله بشريعة الله، هنيئا لك فقد عُذبت في ذات الله..
إلى كل من اختار طريق الحق، فأوذي بحسبها أذى صغيراً أو كبيرا, هنيئاً لك فقد عذبت في ذات الله،،
ـ ألا شاه وجه قال لا إله إلا الله ثم لم يُعذب في سبيل أن تكون علية ليعيش في سرواتها وعَلائها كل الأنام..
ألا إنما العيش في سبيلها عذاب, والحب في سبيلها عذاب، والبغض في سبيلها عذاب، والحزن ألا تعتلي في وطني عذاب، وكل بأس يصطفيني في سبيلها عذاب.
تفديك يا شريعة المولى تراب بلدي *** روى ثراها كل عرق في الجسد
تفديك يا شريعة الحق الأحد نفديك *** من عيون حاقد أو حاسد إذا حسد
نفديك لو في كل أعناق *** الأباة الحبل حبل من مسد
إنا لنمشي في سبيلها *** بقل هو الله أحد
تفديك يا شريعة المولى كل عذابات المعذبين، ما لنا في هذه الدنيا,, إن لم نحيى لك ونموت من أجلك..
تفديك هتافات الهاتفين في الشام حين يقولون لأجلك: لا إله إلا الله، ثم تسدل على قائليها فوهات البنادق تعتلي: الله أكبر!
تفديك صيحاتهم بـ "ما لنا غيرك يا الله" !! وليلقوا في سبيلها كلَّ عذاب.
يفديكِ كل دم يُراق على ثرى شام الأباة، تفدي علوَّك صبية لم يرتضوا غير الممات، ليعبروا في الخالدين!!
أراد الطاغوت أن يعبِّدهم لغير الله سبحانه، وأن يظفر منهم بكلمة الكفر، ولهم رخصة في ذلك، ولكن أبوا إلا العزيمة، وتحملوا أشد العذاب، فمنهم من أحرق وهو يذكر الله، ومنهم من دُفن حيًّا وهو يشهد ألا إله إلا الله، ومنهم من مات بالأقدام وهو يذكر الله، ومنهم من قطع جسده حتى فاضت روحه وهو يذكر الله
ثمن المجد دم جادوا به فاسألوا كيف أصاروا الثمنا!!
إلى كل من ارتضى أن يُمضيَ حياته لاهيا
إلى كل من أقضى عمره سبهللا، لم تُدون في صحائف عمره ما يلقى الله به !!
إن لك جيرانا سطروا تاريخهم وصحائفهم بمداد من دم، أفتعجز أنت من دونها!!
إن لك جيرانا عز عليهم أن يموتوا دون أن يفعِّلوا كلمة التوحيد حية منتفضة !!
فما صنعت أنت لتسجل تاريخك الذي تلقى الله به!!
وهل كنت رجلاً إن أتوا بعده يقولون: مر وهذا الأثر!!
ومن يكن برسول الله أسوته فليركب المجد من ميم إلى دال..
اللهم صل وسلم على هادي البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله وارض اللهم على آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم اللهم تسليماً كثيراً.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين...
التعليقات