عناصر الخطبة
1/ الحذر من العودة إلى التلوث بالمحرمات 2/ شكر الله تعالى 3/ أمارة الحج المبرور 4/ الحج تعريف بالله تعالى وأسمائه وصفاته 5/ الحذر من تلبية الدعاوى المناهضة لدين الله 6/ توجيه لمن لم يرزقه الله الحج 7/ لزوم طريق الاستقامة 8/ ميلاد جديد 9/ الاهتمام بالقبول 10/ أسباب قبول العمل الصالحاهداف الخطبة
اقتباس
الخاليةِ قضى الحجاجُ عبادةً من أعظم العبادات، وقربةً من أعظم القربات، تجردوا لله من المخيطِ عند الميقات، وهلّتْ دموع التوبةِ في صعيد عرفاتٍ على الوجنات، خجلاً من الهفوات والعثرات، وضجتْ بالافتقار إلى الله كلُ الأصواتِ بجميع اللغات، وازدلفتِ الأرواحُ إلى مزدلفةَ للبَيَات، وزحفتِ الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات، والطوافِ بالكعبة المشرفة، والسعيِ بين الصفا والمروة في رحلةٍ من أروع الرَحلات...
إن الحمد لله...
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ زاد، وأحسنُ عاقبةٍ في معاد، واعلموا أن الدنيا مِضْمَارُ سِباق، سبق قومٌ ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فرحم الله عبدًا نظر فتفكر، وتفكر فاعتبر، وأبصر فصبر، ولا يصبر على الحق إلا من عرف فضله ورجا عاقبته: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128].
أيها المسلمون: في الأيامِ القليلةِ الخاليةِ قضى الحجاجُ عبادةً من أعظم العبادات، وقربةً من أعظم القربات، تجردوا لله من المخيطِ عند الميقات، وهلّتْ دموع التوبةِ في صعيد عرفاتٍ على الوجنات، خجلاً من الهفوات والعثرات، وضجتْ بالافتقار إلى الله كلُ الأصواتِ بجميع اللغات، وازدلفتِ الأرواحُ إلى مزدلفةَ للبَيَات، وزحفتِ الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات، والطوافِ بالكعبة المشرفة، والسعيِ بين الصفا والمروة في رحلةٍ من أروع الرَحلات، وسياحةٍ من أجمل السياحات، عادَ الحجاج بعد ذلك فرحين بما آتاهم الله من فضله: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُون) [يونس: 58].
فإلى كل من حج البيت العتيق، إليك هذه الوقفات:
الوقفة الأولى: يا من حج البيت العتيق: لقد جئت من كلِ فج عميق، ولبيت من كل طرفٍ سحيق، ها أنت وقد كَمُلَ حجك، وتمَّ تفثُك، بعد أن وقفت على هاتيك المشاعر، وأديت تلك الشعائر، ها أنت وقد رجعت إلى ديارك، احذر كل الحذر من العودة إلى التلوثِ بالمحرمات، والتلفُّع بالمَعَرَّات، والْتِحَافِ المسبَّات (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثا) [النحل: 92]، فإياك إياك أن تهدم ما بنيت، وتُبدد ما جمعت، وتنقض ما أحكمت.
الوقفة الثانية: يا من حج بيت الله الحرام: اشكر الله على ما أولاك، واحمده على ما حباك وأعطاك، تتابع عليك بِرُّه، واتصل خيرُه، وعمَّ عطاؤه، وكمُلت فواضله، وتمت نوافله: (وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم) [النحل: 52]، فظُنَّ بربك كلَ جميل، وأمِّل كلَ خيرٍ جزيل، وقوِّ رجاءك بالله في قبولِ حجِك، ومحْوِ ما سلف من ذنوبك، فقد جاء في الحديث القدسي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: قال الله تعالى: "أنا عند ظنِّ عبدي بي". أخرجه الشيخان. فهنيئًا لك حجُك وعبادتُك واجتهادُك.
الوقفة الثالثة: يا من حج البيت الكريم: لقد فَتَحت في حياتك صفحةً بيضاء نقية، ولبست بعد حجك ثيابًا طاهرة، فحذار حذار من العودةِ إلى الأفعال المخزية، والمسالكِ المردية، والأعمال المشينة، فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة، وما أقبح السيئة بعد الحسنة، وإن من قبول العمل الصالح إتباعه بعمل صالح.
الوقفة الرابعة: إن للحج المبرور أمارة، ولقبوله منارة، سُئل الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: ما الحجُ المبرور؟! قال: "أن تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة"، فليكن حجُك حاجزًا لك عن مواقعِ الهلكة، ومانعًا لك من المزالقِ المُتلفة، وباعثًا لك إلى المزيد من الخيرات وفعلِ الصالحات، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالحِ العمل إلا حلولُ الأجل، فما أجملَ أن تعود بعد الحج إلى أهلك ووطنك بالخُلُقِ الأكمل، والعقلِ الأرزن، والوقارِ الأرْصَن، والعِرض الأصون، والشِيَمِ المرْضية، والسجايا الكريمة، ما أجملَ أن تعود حَسَنَ المعاملة لقِعادك، كريمَ المعاشرةِ لأولادك، طاهرَ الفؤاد، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد، المُضْمَرُ منه خيرٌ من المظهر، والخافي أجملُ من البادي، فإن من يعودُ بعد الحج بهذه الصفات الجميلة والسمات الجليلة فهو حقًّا من استفاد من الحجِ وأسرارِه ودروسِه وآثاره.
الوقفة الخامسة: الحج بكل مناسكِه وأنساكه يعرّفك بالله، يذكرك بحقوقه وخصائصِ ألوهيته -جل في علاه-، وأنه لا يستحقُ العبادةَ سواه، يعرفك ويذكرك بأن الله هو الأحدُ الذي تُسلَم النفس إليه، ويوجَّه الوجه إليه، وأنه الصمدُ الذي له وحده تَصْمُد الخلائق في طلب الحاجات، فكيف يهون عليك بعد ذلك أن تصرف حقًّا من حقوق الله من الدعاء والاستعانةِ والذبح والنذر إلى غيره؟! فأي حجٍّ لمن عاد بعد حجه يفعل شيئًا من ذلك الشركِ الصريح والعمل القبيح، أي حج لمن يأتي المشعوذين والسحرة، ويُصَدِّقُ أصحابَ الأبراج والتنجيمِ وأهلَ الطِيرة، ويتبرك بالأشجار، ويتمسح بالأحجار، ويعلق التمائمَ والحروز؟! أين أثرُ الحج فيمن عاد بعد حجه مضيعًا للصلاة، مانعًا للزكاة، آكلاً للربا والرشوة، متعاطيًا للمخدرات والمسكرات، قاطعًا للأرحام، والغًا في الموبقات والآثام؟!
فيا من امتنعتَ عن محظورات الإحرامِ أثناء حج بيت الله الحرام، إن هناكَ محظورات على الدوام، وطولَ الدهر والأعوام، فاحذر إتيانها وقربانها: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون) [البقرة: 229].
الوقفة السادسة: من لبى لله في الحج مستجيبًا لندائه، كيف يلّبي بعد ذلك لدعوةٍ أو مبدأ أو مذهب أو نداء يُنَاهِض دين الله الذي لا يُقبل من أحدٍ دين سواه؟! من لبّى لله في الحج، كيف يَتحاكم بعد ذلك إلى غير شريعته؟! أو ينقادَ لغير حكمه؟! أو يرضى بغير رسالته؟! من لبى لله في الحج، فليلبِّ له في كل مكان وزمان بالاستجابةِ لأمره أنى توجهت ركائبُه، وحيثُ استقلَّت مضاربه، لا يتردد في ذلك ولا يتخير، ولا يتمَنَّعُ ولا يضجر، وإنما يَذِّلُ ويخضع، ويُطيع ويسمع.
الوقفة السابعة: يا من غابت عنه شمسُ هذه الأيامِ ولم يَقْضِها إلا في المعاصي والآثام، يا من ذهبتْ عليه مواسمُ الخيرات والرحمات وهو منشغل بالملاهي والمنكرات، أما رأيت قوافلَ الحجاج والمعتمرين والعابدين؟! أما رأيت تجرُد المُحْرِمين وأكفَّ الراغبين ودموعَ التائبين؟! أما سمعتَ صوت الملبين المكبرين المهللين؟! فما لك قد مرّت عليك خيرُ أيام الدنيا على الإطلاق وأنت في الهوى قد شُدَّ عليك الوَثاق؟!
يا من راح في المعاصي وغدا، يقول: سأتوب اليوم أو غدًا، يا من أصبح قلبه في الهوى مُبددًا، وأمسى بالجهل مُجنَّدًا، وبالشهواتِ محبوسًا مقيدًا، تذكر ليلةً تبيتُ في القبر منفردًا، وبادِر بالمتاب ما دمت في زمن الإنظار، واستدرك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار، وأقلع عن الذنوب والأوزار، واعلم أن الله يبسط يده بالنهار ليتوبَ مُسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار.
الوقفة الثامنة: وأنت أنت يا من تقلبتَ في أنواع العبادة، الزم طريقَ الاستقامة، وداوم العمل فلستَ بدار إقامة، واحذر الإِدْلاَءَ والرياء فربّ عملٍ صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغّره النية. يقول بعض السلف: من سره أن يَكْمُلَ له عمله فليُحسن نيته، وكن على خوف ووجل من عدمِ قبول العمل، فعن عائشة -رضي الله عنها- زوجُ النبي قالت: سألت رسول الله عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَة) [المؤمنون: 60]، فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! فقال: "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تُقبل منهم: (أُوْلَـئِكَ يُسَـارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَهَا سَـابِقُون)". أخرجه الترمذي.
الوقفة التاسعة: يا من قصد البيت الحرام: ليكن حجك أول فتوحك، وتباشيرَ فجرك، وإشراقَ صبحك، وبدايةَ مولدك، وعنوانَ صدق إرادتك، تَقبّل الله حجك وسعيك، وأعاد الله علينا وعليك هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، والأمة الإسلامية في عزة وكرامة، ونصر وتمكين، ورفعة وسؤدد.
اللهم تقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، اللهم تقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، اللهم اجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، اللهم تقبل مساعيهم وزكها، وارفع درجاتهم وأعلها، وبلّغهم من الآمال منتهاها، ومن الخيرات أقصاها، اللهم وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبيهم سالمين غانمين برحتمك يا أرحم الراحمين.
بارك الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...
أما بعد:
أيها المسلمون: من الأمور التي ينبغي الاهتمام بها بعد القيام بأي عمل: مسألة قبول العمل، هل قُبِل أم لا؟! فإن التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى، ولكنها لا تتم إلا بنعمة أخرى أعظم منها، وهي نعمة القبول، وهذا متأكد جدًّا بعد الحج الذي تكبّد فيه العبد أنواع المشاق، فما أعظم المصيبة إذا لم يُقبل؟! وما أشد الخسارة إن رُدّ العمل على صاحبه، وباء بالخسران المبين في الدين والدنيا!
وإذا علم العبد أن كثيرًا من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول، فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها، وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن: العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى، إليك بعض أسباب قبول الأعمال الصالحة:
1- استصغار العمل وعدم العجب والغرور به: إن الإنسان مهما عمل وقدم، فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله -تبارك وتعالى-، فإن حقَّه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئًا، حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة.
2- الخوف من رد العمل وعدم قبوله: لقد كان السلف الصالح يهتمون بقبول العمل أشد الاهتمام، حتى يكونوا في حالة خوف وإشفاق، قال الله -عز وجل- في وصف حالهم تلك: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 60، 61]، وقد فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم، وأُثر عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: "كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله -عز وجل- يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ)".
3- الرجاء وكثرة الدعاء: إن الخوف من الله لا يكفي؛ إذ لابد من نظيره وهو الرجاء؛ لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الإنسان وعبادته، ورجاء قبول العمل، مع الخوف من رده، يورث الإنسان تواضعًا وخشوعًا لله تعالى، فيزيد إيمانه، وعندما يتحقق الرجاء فإن الإنسان يرفع يديه سائلاً ربه قبول عمله، فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-، كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127].
4- كثرة الاستغفار: مهما حرص الإنسان على تكميل عمله فإنه لابد من النقص والتقصير، ولذلك علَّمنا الله تعالى كيف نرفع هذا النقص فأمرنا بالاستغفار بعد العبادات، فقال بعد أن ذكر مناسك الحج: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 199]، وأمر نبيه أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) [سورة النصر].
5- الإكثار من الأعمال الصالحة: إن العمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج إلى سقاية ورعاية حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول: أختي أختي، وهذا من رحمة الله -تبارك وتعالى- وفضله، أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله أنه يفتح له بابًا إلى حسنة أخرى ليزيده منه قربًا، وإن أهم قضية نحتاجها الآن أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئًا فشيئًا، وهذه هي الاستقامة.
أيها المسلمون: يا من حججتم هذا العام: هل تدرون أي نعمة حصّلتم؟! وأي خير أدركتم حينما خرجتم حجاجًا إلى بيت الله الحرام؟! هل تعلمون أي فضل نلتم عندما رحلتم لأداء هذا العمل العظيم؟! هل تشعرون بمعنى قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
أيها الحجاج الكرام: استشعروا معنى قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة: 4]، فتذكروا خطواتكم وممشاكم بين تلك الفجاج والوهاد تصدحون بأجمل كلمة خرجت من الأفواه: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".
أيها الحجاج: الله الله أن تعودوا لسالف عهدكم، وليرَ الله منكم شكرًا حقيقيًّا على هذه النعمة التي خصَّكم بها وحُرم منها أمم من الناس، الله الله في الصدق مع الله، ونصرة دين الله، ومراقبة الله في خلواتكم وجلواتكم، لا تجعلوا الرحمن أهون الناظرين إليكم، فإن الله يغار، وغيرته أن تؤتى محارمه، وتذكّروا أنه ليس بين الله وبين أحد منكم نسب، وقد قال عن أحب خلقه إليه: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) [الحاقة: 44-47]، وحاشاه عليه الصلاة والسلام.
التعليقات