عناصر الخطبة
1/فضائل طلب العلم 2/عظم أجور تعلم العلم وتعليمه 3/رفعة مكانة أهل العلم 4/رسائل إلى الطلاب في بداية العام الدراسي.اقتباس
لَمْ يَأْمُرِ اللهُ -تَعَالَى- نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَسْتَزِيدَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الْعِلْمِ، فقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[سورة طه: 114]، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا لِلْعِلْمِ مِنْ أَثَرٍ إِيجَابِيٍّ فِي حَيَاةِ الْبَشَرِ. فَالْعِلْمُ شَرَفٌ لَا قَدْرَ لَهُ، وَلَا يَجْهَلُ قَدْرَ الْعِلْمِ وَفَضْلَهُ إِلَّا الْجَاهِلُونَ، وَطَلَبُ الْعِلْمِ خَيْرُ مَا بُذِلَتْ فِيهِ الأَعْمَارُ، وَأُنْفِقَتْ فِيهِ السَّاعَاتُ....
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ -تَعَالَى- عَلَيْنَا: أَنْ هَدَانَا لِنِعْمَةِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعَلُّمِهِ؛ فَهُوَ أَيْسَرُ طَرِيقٍ لِلْوُصُولِ لِلْجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"( رواه مسلم)، فلْتَلْهَجْ أَلْسِنَتُنَا بِشُكْرِ نِعْمَةِ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم:7].
وَجَعَلَ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ يَدْعُونَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِمُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ؛ قَالَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"(رواه الترمذي وصححه الألباني).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَمْ يَأْمُرِ اللهُ -تَعَالَى- نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَسْتَزِيدَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الْعِلْمِ، فقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[سورة طه: 114]، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا لِلْعِلْمِ مِنْ أَثَرٍ إِيجَابِيٍّ فِي حَيَاةِ الْبَشَرِ.
فَالْعِلْمُ شَرَفٌ لَا قَدْرَ لَهُ، وَلَا يَجْهَلُ قَدْرَ الْعِلْمِ وَفَضْلَهُ إِلَّا الْجَاهِلُونَ، وَطَلَبُ الْعِلْمِ خَيْرُ مَا بُذِلَتْ فِيهِ الأَعْمَارُ، وَأُنْفِقَتْ فِيهِ السَّاعَاتُ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا؛ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ، وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ"(رواه الترمذي وحسنه الألباني).
وَتَحْصِيلَ الْعِلْمِ النَّافِعِ مِنَ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ لِلإِنْسَانِ بَعْدَ مَمَاتِهِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"(رواه مسلم).
مَعاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- رَفَعَ شَأْنَ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَرَفَعَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَقَالَ -تَعَالَى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[المجادلة: 11].
وَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَجَعَلَهُمْ وَرَثَةَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإنّما رَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"(رواه أحمد وصححه الألباني).
لِذا فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ: أَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ قَدْرَهُمْ، وَيَعْرِفَ لَهُمْ مَكَانَتَهُمْ، وَيُنْزِلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ؛ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ"( رواه أحمد وحسنه الألباني).
وَالْعُلَمَاءَ هُمُ الْقَادَةُ لِسَفِينَةِ النَّجَاةِ، وَالرُّوَّادُ لِسَاحِلِ الأَمَانِ، وَالْهُدَاةُ فِي دَيَاجِيرِ الظَّلَامِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السجدة: 24].
وَعِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ، وَاشْتِدَادِ الْمُدْلَهِمَّاتِ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى الْعُلَمَاءِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل:43]، وَقَالَ اللهُ: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء:83].
فَنَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى أَنْ يُبَارِكَ لَنَا فِي عُلَمَائِنَا ومعلمينا، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِحُسْنِ الِاسْتِفَادَةِ مِنْهُمْ، وَأَنْ يَهْدِيَنَا جَمِيعاً سَوَاءَ السَّبِيلِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولهم، ولِوَالِدِينَا، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأَيُّهَا الطُّلَّابُ: اتقوا الله -تعالى-، واجْتَهِدُوا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَلَا تَتَثَاقَلُوا عَنِ التَّحْصِيلِ الدِّرَاسِيِّ، وَاسْتَشْعِرُوا لَذَّةَ عِبَادَةِ طَلَبِ الْعِلْمِ، فإِنَّ طَلَبَ العِلْمِ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ إِذا أُخْلِصَتِ النِّيَّاتُ.
لذا عَلَيْكُم أَنْ تُخْلِصُوا النِّيَّةَ فِي دِرَاسَتِكم، وَأَنْ يَسْتَشْعِرُوا عِظَمَ الأَجْرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَأَنْ تَتَحَمَّلُوا الْمَشَاقَّ في سَبِيلِ تَحْصِيلِهِ، واَجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ؛ لِتُحَقِّقُوا الْمَرَاتِبَ الْعُلْيَا، فَتَحْظَوْا بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الدَّارَيْنِ.
وَاطْلُبُوا مَعَالِيَ الأُمُورِ، وَتَخَلُّقُوا بِالأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ وَالسُّلُوكِيَّاتِ الْفَاضِلَةِ، وَاحْتَرِمُوا مُعَلِّمِيكُمْ وَاقْدُرُوا لَهُمْ قَدْرَهُمْ، وَاعْرِفَوا لَهُم شَرَفَ مَكَانَتِهِم، وَاجْتَنِبُوا سَفَاسِفَ الأُمُورِ وَرَذَائِلَ الأَخْلَاقِ، وَإِضَاعَةَ الْحِصَصِ بِالْقِيلِ وَالْقَالِ، وَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ؛ فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ عِبَادَةٌ وَخَشْيَةٌ. واكثروا من هذا الدعاء: اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما.
اللَّهُمَّ ادفع عنّا الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلَ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن. اللهم إنَّا نعوذ بكَ من جَهْد البلاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه لِمَا تُحِبُّ وترضى، واجزهما عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء، اللهم وفِّقْهما لِمَا فيه خير للإسلام والمسلمين، اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا تحبه وترضاه.
اللهم انصر جنودنا المرابطينَ على حدود بلادنا، اللهم انصرهم نصرًا مؤزَّرًا عاجلًا غير آجل، وردَّهم لأهليهم سالمين غانمين منصورين، برحمتك وفضلك وجودك يا ربَّ العالمينَ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
التعليقات