عناصر الخطبة
1/ أسئلة واستفهامات 2/تكريم الإسلام للمرأة /3ما تفقده المرأة بوظيفتها 4/الوظيفة الحقيقية للمرأة 5/وظائف المرأة في بيتها 6/ (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ).اهداف الخطبة
اقتباس
وما معنى وظيفة المرأة؟. إن معناها كثرة الخروج والله يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] إن معناها ترك وظيفتها الأساسية, "والزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤوله عن رعيتها", إن معنى ذلك التقصير في حقوق أولادها وزوجها, إن معنى ذلك حلول الخدم بدل الأمهات, والمطاعم بدل أفاضل الوجبات, إن الوظيفة ودخول الخدم تعني الضرر, الجفاء الامتهان السحر القتل, العبث بالأولاد والبنات...
الخطبة الأولى:
الحمد لله شرح قلوب العارفين بنور هدايته, وزينها بالإيمان وألهمها من حكمته, أحمده حمد عارف لعظمته مقر بوحدانيته. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, خاضعاً لربوبيته مؤمناً بأسمائه وصفاته وألوهيته. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, المخصوص بإظهار ملَته, ودوام شريعته, إلى آخر الدهر ونهايته, صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الكرام وصحابته, وعلى التابعين لهم إلى اليوم الدين بإحياء سنته.
اتقوا الله فإن تقوا الله عليها المعوَّل, وعليكم بما كان عليه سلف الأمة والصدر الأول, (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
عباد الله: من أجل سوق الجنة والنار وضع الله الموازين, ووزنت الحسنات والسيئات, وتفاوتت الدرجات والدركات, ولكن (لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) [الكهف: 30] (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء: 47]. ويقول الحكيم الخبير: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46], ونظير ذلك قول الحق -جلا وعلا (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) [الإسراء: 7]. فكن مع الله يكن الله معك.
جهلت عيون الناس ما في داخلي *** فوجدت ربي بالفؤاد بصيرا
ياأيها الحزن المسافر في دمي *** دعني فقلبي لن يكون أسيرا
ربي معي فمن الذي أخشى إذن *** ما دام ربي يحسن التدبيرا
وهو الذي قد قال في قرآنه *** وكفى بربك هادياً ونصيرا
عباد الله الرحمن: دعوني استل أسماعكم قليلاً لأحدثكم عن إرادة عصرية, تختال ضاحكة لإخلاف المنهج الإلهي الحق المبين, المنزل في القول المتين. تلكم -رحمكم الله- وظيفة المرأة في الميزان, كفة التشريع الإلهي أم رغبة المريد الإنساني.
ماهي وظيفة المرأة في الحياة ؟!! سؤال مهم لتحديد الهدف قبل البدء في الطريق, ربما هدى أو ضلال, ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبل بعضه العذاب.
وإليكم أسئلة واستفهامات بين يدي الجواب: لماذا أصبحت وظيفة المرأة ثقافة تنشدها المقتدرة قبل غيرها والمستغنية قبل نظيراتها؟. لماذا أصبح جزء من العيب أو النقص أو الدونية إن كانت المرأة غير موظفة أو عاملة لماذا؟!. لماذا أصبح أساسيا في ذهن المرأة أن تطلب الوظيفة وتلهث وراءها؟.
عباد الله: وظيفة المرأة خارج حجرتها وأورقة دارها وهدوء منزلها وبروزاً عن مملكتها لا تخلو من حالتين:
إما أن تكون خالية من شوائب الاستغلال ومواقع الاختلاط وأماكن ازدحام الرجال, فهذه وظيفة مقبولة عُرفاً وشرعاً وطبعاً, بل قد تكون واجبه للنهوض بمصالح الأمة.
وإما أن تكون مليئة بالشوائب في أراضي الاختلاط وفي وسط زحام الرجال, فتلك خطر على المرأة في دينها وحياتها وبيتها ومستقبل حياتها. واسمعوا لهذا الخبر الواقعي: رأى رجل صالح يعمل في أحد المستشفيات فتاة موظفة حديثة، يعلوها الحياء، ويغشها الاستحياء مع تدين وعظة, وبعد أيام وهو يشاهد هذا الحياء المتصبب من هذه الفتاة تحدث معها طالباً رقم والدها, اتصل بوالدها ضرب معه موعداً للزيارة, دخل بيته تحدث معه ثم قال: أين ابنتك فلانة؟ قال: موجودة في البيت هنا. قال: أنا زميلها في العمل وحبذا لو جاءت للحديث معنا.
اندهش الأب واستغرب وتغيرت ألوان وجهه وظهرت عليه علامات الغيرة والاستغراب. فاجأه الضيف لماذا كل هذا الاستغراب؟! تستغرب من طلبي حضورها معنا في بيتك وحال وجودك وعلى مرأى ومسمع منك, ولا تستغرب وتغار وهي بين عشرات الرجال بلا محرم!!, وتمكث معهم الساعات الطوال ولا محرم, وربما ناوبت في الليل ولا محرم. عندها استيقظ ضمير الأب من غفلته وعاوده رشده، وكان ذلك اليوم هو آخر يوم تذهب فيها لوظيفتها.
لقد قارن الأب الغيور بعد استيقاظ غيرته بين شرف ابنته وحياتها ودينها, وبين مال تقتضيه وراتب تشتهيه. فحفظ لابنته مكانها وأعادها إلى منزلها, نعم؛ تعود إلى بيتها قبل أن تخسر وتخسر. هذا والد استيقظ قلبه فاشترى الكرامة بالمال وحفظ لابنته الحياء والقيم والخصال.
وما المرء إلا من وقى الذَّمَ عرضُهُ *** وعز فلا ذام لديه ولا غش
وليس بمن يرضى الدناءة والخنا *** طباعاً ولا من دأبه الهجر والفحش
لقد أكرم الله تعالى: المرأة أيما إكرام, فجعلها أماً مبرورة وزوجة مكرَّمة مصونه وأختاً محفوظة. أعلن للناس قاطبة: "خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي" [رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني]. فرض لها الحقوق وشرع لها الواجبات ففي الحقوق الزوجية: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228], وفي الحقوق المالية: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء: 11]
وأوجب لها النفقة على زوجها, وقبل ذلك على وليها من والد وولد وأخ, قال الله (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34]. إن على الزوج والأب والابن والأخ أن ينفقوا عليها هذا واجب لها, فلماذا تخرج من بيتها؟, وإن خرجت فإلى كرامة في مدارس تعليم وجامعات ومحاضن نسوية, لا أن تكون بائعة تسويقيه وممرضة وصيدليه.
لا يعجبنك من يصون ثيابه *** حذر الغبار وعرضه مبذول
لم نكن نظن يوماً ما أن بناتنا وأخواتنا يصبحن بائعات في الأسواق, ومستقبلات في الفنادق والله يقول: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 59].
وما معنى وظيفة المرأة؟. إن معناها كثرة الخروج والله يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] إن معناها ترك وظيفتها الأساسية, "والزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤوله عن رعيتها", إن معنى ذلك التقصير في حقوق أولادها وزوجها, إن معنى ذلك حلول الخدم بدل الأمهات, والمطاعم بدل أفاضل الوجبات, إن الوظيفة ودخول الخدم تعني الضرر, الجفاء الامتهان السحر القتل, العبث بالأولاد والبنات في الخلوات وأوقات الدوامات.
إن الوظيفة والمال تعني الخلافات الزوجية الكثيرة لمن المال اليوم؟!. فإن أبت الزوجة دارت الخلافات, وإن بذلت مالها فلا المال اكتسبت ولا الراحة وجدت. وإن اشتعلت النقاشات حصل الطلاق وأنواع الفراقات, فكم من مطلقة بأسباب الوظيفة طمعاً في المال مرة, وتحرك كوامن الغيرة من السائق مرة, ومن الزملاء مرة, ومن الجوال مرة؟.
تقول دراسة لبعض الباحثات إن طلاق الموظفات يرتفع إلى نسبه 20% منهن, وهذه النسبة تتزايد بسبب الضغوط النفسية التي لا تتحملها المرأة بين عملها وبيتها, وفي المملكة أكثر من حالة طلاق كل ساعة, بمعدل 33 حالة طلاق يومياً بمعدل 28-30 % من حالات الزواج, وهذا خطر كبير!!.
قد ساءها العقم لا ضحت ولا ولدت *** وذاك خير لها لو أعطت رشدا
يزعم البعض: أن وظيفة المرأة استقرار وضمان للمستقبل, وهاهن غير الموظفات أكثر استقرار منهن و إعماراً لبيوتهن والله أمر بالدين قبل المال, فقال: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه: 132]. وغالب مال المرأة ينقص في الكماليات.
عباد الله: لست هنا أدعو إلى ترك المرأة لعملها مطلقا, ولا إلى ترك البحث مطلقا، ولكن لينظر وليها بخطوات مدروسة منظور فيها إلى موضع القدم؛ متجنباً المزالق ودروب الفتن على ابنته أو موليته, حامياً لها من الشرور.
صونُ عرضي بمالي ولا أدنّسـه *** لا باركَ الله بعد العرضِ في المالِ
أحتال للمـالِ ، إن أودى فأكسبه *** ولستُ للعرضِ إن أوْدى بمُحتـالِ
الفقر يزري بأقوام ذوي حسب *** ويقتدي بلئام الأصل أنذال
أيها الآباء الكرام: إن الوظيفة الحقيقية للمرأة أن تعبد ربها, تصلي خمسها, وتصوم شهرها, وتطيع زوجها, وتربي أولادها, وتصنع طعامها, وترتب بيتها. إن وظيفة المرأة الحقيقة أن تنشر الود والحنان والعطف داخل مملكتها الصغيرة, إن وظيفة المرأة أن تستقبل زوجها حال عودته من عمله مهموماً متعباً؛ تستقبله بالفرح والسرور, تلك هي الوظيفة الأساسية, لا أن يدخل الزوج فتكون إما في عملها متأخرة, وإما وصلت منزلها مجهدة متعبة.
إن وظائف المرأة في بيتها كثيرة أهمها وأجلها بعد حق ربها: حق زوجها (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ) [البقرة: 228], وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" [رواه أحمد والطبراني وحسن الألباني]. وعليها خدمته وطاعته في غير معصية.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وتنازع العلماء هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولة الطعام والشراب والخبز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه مثل علف دابته ونحو ذلك؟
فمنهم من: لا تجب الخدمة، وهذا قول ضعيف كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء, فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف، بل الصاحب السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبة في السكن إن لم يعانه على مصلحته لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل -وهو الصواب- وجوب الخدمة فإن الزوج سيدها في كتاب الله، وهي عانية عنده لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى العاني والعبد الخدمة. ولأن ذلك هو المعروف. ثم من هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة، ومنهم من قال تجب الخدمة بالمعروف. وهذا هو الصواب. فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة ". ا.هـ رحمه الله. وكان نساء رسول الله يخدمنه وهذا أصح القولين.
إذن فوظيفة المرأة داخل بيتها، ووظيفة الرجل خارج بيته يجلب المال لتحصيل الأرزاق لأهله وهو القوام المنفق, يبني المسكن, ويدفع المحظور, ويجلب الطعام, والمرأة ملكة في مملكتها تعد العدة لراحة زوجها, وتخطيط كيف تربي أولادها؟, تعلمهم تأدبهم تحفظهم كتاب ربهم. أما إذا أصبحت مشغولة بعمل خارجي فتضيع أو تتضجر من حقيقة وظيفتها.
على المرأة المسلمة: أن تفقه تشريف الله لها ورفعة لمقدارها وصيانةً لكرامتها, فما لها وللبحث عن المال, وقد حفظ الله لها كرامتها وأوجب على الرجل الإنفاق عليها.
صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ, كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ, وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ, كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
التعليقات