وسائل التواصل ضوابط وآداب - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2024-09-10 - 1446/03/07
التصنيفات:

اقتباس

وما يقال على عدم نشر صور نسائه، يقال أيضًا على عدم نشر صور عباداته، كمن ينشر صورته بملابس الإحرام عند الكعبة، ومن ينشر صوره وهو يوزع الصدقات على الفقراء... فإن فاعل هذا يُخشى عليه من الرياء...

هل كان يتصوَّر أحد فيما مضى أن شخصًا في أقصي شرق الكرة الأرضية سيستطيع في يوم من الأيام أن يخاطب شخصًا آخر في أقصى غربها في أوضح صوت بل وصورة إن أراد؟! إنك لو قلت لأحد من أهل القرون الماضية: إنك تستطيع رؤية وجه فلان من خلف هذا الجدار أو سماع صوته وهو في قرية مجاورة لاتهمك بالخبل والجنون... لكننا الآن نتواصل بالصوت والصورة، ونرسل المقاطع والفيديوهات، وننقل البث المباشر في التو واللحظة حتى يتابع الغائب ما يراه الحاضر في نفس اللحظة... إن هذا كان يعد عند من مضوا نوع من الخيال الجامح والمعجزات الباهرة.

 

ولقد حدثنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن شيء من الخوارق للعادات والمألوفات، لكن ما أقربه إلى مخترعات اليوم من وسائل الإعلام ومن الهواتف الثابتة والنقالة ومن أجهزة الحاسوب والشبكة العنكبوتية... فهل كانت هذه نبوءات نبوية بما نعاينه اليوم من مخترعات حاضرة وبمخترعات أخرى لم توجد حتى الآن؟ نجيب: يعلم الله.

 

يروي أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى تكلم الرجلَ عذبةُ سوطه وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده"(الترمذي)، "وقد يكون هذا الذي يخبر عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- شيئًا خارقًا للعادة خارجًا عن المألوف كما تشهد على الإنسان أعضاؤه يوم القيامة... أو هو إخبار عما يصل إليه البشر من علوم ومخترعات، يستطيعون بها فقه لغة الحيوان، وينطقون بها الجماد كما هو الحال في المخترعات الجديدة "الراديو" و"التلفاز""(القيامة الصغرى، للأشقر).

 

***

 

على أية حال لقد عمت هذه المخترعات وانتشرت، تُسهِّل التواصل بين البشر عن طريق مواقع التواصل وآلياته وأجهزته وأدواته التي أصبحت الآن أكثر أن تُحصر، ولقد سرَّع من وتيرة انتشارها تلك الفطرة المركوزة في البشر أن يتعارفوا، بل هي غاية قرآنية: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[الحجرات: 13].

 

وعلى الرغم من أن كثيرًا من مستخدمي هذا الوسائل التواصلية يسيئون استخدامها إلا أنه يبقى الأصل فيها هو الحِل والإباحة، وأما إساءة الاستخدام فيمكن معالجتها عن طريق مراعاة آداب وضوابط تضمن بقاء تلك الوسائل في إطار النفع والمصلحة، ومن تلك الآداب والضوابط:

أولًا: استشعار مراقبة الله -تعالى-: فهو -عز وجل- القائل: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[المجادلة: 7]، فعلى الجالس أمام تلك المواقع أن يفعل ما يرضي عنه ربه ويقربه منه، وأن يحذر مما يغضبه.

 

ثانيًا: حسن القصد والنية: فـ"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(متفق عليه)، فمن كان استخدامه لوسائل التواصل لخير ونفع فهو له خير، ومن استخدمها لشر فعليه وباله.

 

ثالثًا: ألا تلهيه عن طاعة: فإن ألهته عن الطاعات فهي له من الرذائل المبغوضات، ولقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يتخلص من كل شيء يشغله عن طاعة ربه، فقد اتخذ يومًا خاتمًا فلبسه، ثم قال: "شغلني هذا عنكم منذ اليوم، إليه نظرة، وإليكم نظرة" ثم ألقاه(رواه النسائي).

 

رابعًا: نشر الخير دون الشر، والتثبت قبل النشر: فلا يكون كحاطب ليل؛ ينشر وينقل كل ما أتاه على علاته، ولكن ليتثبت وليتبين وليعقل الأمر قبل نشره: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[الحجرات: 6]، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "بئس مطية الرجل زعموا"(رواه أبو داود)، فإن من نق كل ما سمع دون تبين فهو كاذب، هكذا قالها -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"(رواه مسلم).

 

خامسًا: عدم الافراط في استخدامها: فليكن لها شيء من فضول أوقاتك، بعد أن تنتهي من عملك الدنيوي ووردك الأخروي، وتلاوة قرآنك، وصلة أرحامك... فمن الناس من يصحو عليها وينام وهي في يديه! فهي له -أيضًا- شر لا خير.

 

خامسًا: تجنب المحرمات: كالنظر إلى ما لا يحل من الصور والفيديوهات، وكالوقوع في الغيبة والنميمة والكذب و التشبع بما لم يعط...

 

سادسًا: عدم نشر أموره العائلية الخاصة على الملأ: فنرى من مستخدمي هذه الوسائل من يعرض صورًا لمناسباته العائلية وفيها صور نسائه وبناته... ويتركها نهبًا للأنظار وللقلوب المريضة!... فناشرها كالديوث الذي لا يغار على عرضه.

 

وما يقال على عدم نشر صور نسائه، يقال أيضًا على عدم نشر صور عباداته، كمن ينشر صورته بملابس الإحرام عند الكعبة، ومن ينشر صوره وهو يوزع الصدقات على الفقراء... فإن فاعل هذا يُخشى عليه من الرياء.

 

سابعًا: الحذر من جعل وسائل التواصل قاطعة للتواصل: بأن يتشاغل بها عن جلسائه ومحدثيه، خاصة إن كان يجالس والديه أو أسرته وأولاده، فمراعاة حق هؤلاء جميعًا أولى من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أشكالها.

 

***

 

فإن روعيت تلك الآداب والضوابط -وغيرها-، حلَّ استخدام وسائل التواصل، وإن انتهك شيء منها أو تجاهلها من يستخدم تلك الوسائل، قلنا له: أسأت وآذيت فأنت موزور غير مأجور.

 

وفيما يلي باقة من أجمل وأجمع وأروع الخطب المنبرية التي تناولت هذا الموضوع المهم وأحاطت بعدد من جوانبه وأبعاده وآدابه وضوابطه، فها هي بين يديكم.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
العنوان
مهلا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 2019/12/23 6149 444 11
مهلا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي

أعظم ضرر ما يقوم به بعض مستخدمي هذه الوسائل من التعدي على ثوابت ديننا الحنيف، وما يمارسه بعضهم من تشكيك، وما يطرحه من شبه لا تجد من يتصدى لها ويفندها، والغالب أن من طالع الشبهة وهو غير عالم بها محتاج لمن يردها، والاطلاع...

المرفقات

مهلا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life