عناصر الخطبة
1/رفض السموات ولأرض والجبال لحمل الأمانة وحملها الإنسان 2/قلة الأمانة من علامات الساعة 3/أهمية الحديث عن الأمانة 4/صور ومظاهر قلة الأمانة 5/الحرص على تأدية الأمانة وأهمية ذلك 6/نماذج رائعة في حمل الأمانة.اهداف الخطبة
اقتباس
نتكلمُ عن الأمانةِ؛ لأن الكلامَ عن الأمانةِ أمانةٌ أخذَها اللهُ -تعالى- على أهلِ العلمِ، وأصبحَ الحديثُ عن الأمانةِ ضرورةً في هذا الزمانِ. فعندما ترى الرجلَ قد عَلاهُ الغمُّ، وأنَقَضَ ظهرَه الهمُّ، قد طَأْطَأَ رأسَه، وتلعثمَ لسانُه، يطلبُ قَرْضاً ليُفرِّجَ عن نفسِه الكُربةَ الشديدةَ، ويعيشَ حياةً سعيدةً، فتتذكرَ حديثَ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيامَة".
فتُعطِيه ما يَردُّ البسمةَ إلى وجهِه، ويُعيدُ الفرحةَ إلى أهلِه، ثُمَّ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي لم يخلقْ الجنَ والإنسَ إلا ليعبدوه، ولا أسبغَ عليهم نعمَه إلا ليحمدوه، ولا أنزلَ عليهم كتبَه وأرسلَ إليهم رسلَه إلا ليعرفوه، أحمدُه سبحانه حَمْدَ عبدٍ يخافُ منه ويرجوه.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لا يُسئلُ عما يفعلُ ويَسألُ خلقَه عما فعلوه.
وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه الذي دعا أمتَه إلى التوحيدِ وأوصاهم بأن يخافوا اللهَ ويتقوه.
اللهم صل على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه الذين آزروه ونصروه وسلمْ تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
تلا الحسنُ البصريُ -رحمه الله تعالى- قولَه تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72].
ثُم قالَ: عَرَضَهَا عَلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ الطَّرَائِقِ الَّتِي زُيِّنَتْ بِالنُّجُومِ، وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ فَقِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيتِ، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ، قَالَتْ: لَا.
ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى الْأَرْضِينَ السَّبْعِ الشِّدَادِ، الَّتِي شُدَّتْ بِالْأَوْتَادِ، وَذُلِّلَتْ بِالْمِهَادِ، فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ فَقِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيتِ، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ، قَالَتْ: لَا.
ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى الْجِبَالِ الشُّمِّ الشَّوَامِخِ الصِّعَابِ الصِّلَابِ، فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ فَقِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيتِ، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ، قَالَتْ: لَا.
ثُمَّ قَبِلَهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ضَعْفِهِ، فَهوَ ظَلُومًا لِنَفْسهِ وللْأَمَانَةِ، جَهُولًا عَنْ حَقِّهَا وعاقِبَةِ فِعْلِه -إلا من وَفَّقَهُ اللهُ -تعالى- من أهلِ الإيمانِ الذينَ قالَ فيهم: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون: 8]-.
عبادَ اللهِ: عندما نرى كثيراً من أُمورِ الدينِ قد فُقِدتْ، ثم نسمعُ قولَه صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ: الْأَمَانَةُ".
نعلمُ أننا إذا تكلَّمنا عن الأمانةِ، فإننا سنتكلّمُ عن أمرٍ هو كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ، ولا نعلمُ هل بلغَ بنا الزمانُ الذي ذكره النبيُ -عليه الصلاة والسلام- حين ذكرَ رَفْعَ الأَمَانَةِ، فقالَ: "حتى يُقَالَ: إنَّ في بَنِي فُلانٍ رَجُلٌ أَمِينٌ، وحتى يُقَالَ للرَّجُلِ: ما أَجْلَدَهُ، وما أَظْرَفَهُ، وما في قَلْبِهِ حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيْمَانٍ".
نتكلمُ عن الأمانةِ؛ لأن الكلامَ عن الأمانةِ أمانةٌ أخذَها اللهُ -تعالى- على أهلِ العلمِ، وأصبحَ الحديثُ عن الأمانةِ ضرورةً في هذا الزمانِ.
فعندما ترى الرجلَ قد عَلاهُ الغمُّ، وأنَقَضَ ظهرَه الهمُّ، قد طَأْطَأَ رأسَه، وتلعثمَ لسانُه، يطلبُ قَرْضاً ليُفرِّجَ عن نفسِه الكُربةَ الشديدةَ، ويعيشَ حياةً سعيدةً، فتتذكرَ حديثَ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيامَة".
فتُعطِيه ما يَردُّ البسمةَ إلى وجهِه، ويُعيدُ الفرحةَ إلى أهلِه، ثُمَّ بعد ذلك ينسى لك ما فاتَ، ولا يُجيبُ على الاتصالاتِ، ولا تنفعُ الشفاعاتُ، وينسى أنه: "يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ".
وعندما ترى الموظفَ قد تساهلَ في عملِه، وفَرَّطَ في وظيفتِه، وعَطَّلَ مصالحَ المسلمينَ، وكأنَه لم يسمعْ دعاءَ نبيِ الرحمةِ، على من شقَّ على أبناءِ الأُمَّةِ: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ".
بل ويتجاوزُ هذا إلى تعقيدِ الأمورِ، واختلاقِ الأعذارِ لتأخيرِ المعاملاتِ، لينالَ بذلك من متاعِ الدنيا القليلِ، ويُعَرِّضَ نفسَه للطردِ والإبعادِ عن رحمةِ ربِّ العبادِ؛ كما جاءَ في الحديثِ: "لَعَنَ رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ".
نحتاجُ للحديثِ عن الأمانةِ، إذا رأيتَ كثيراً من الناسِ، يلهثونَ خلفَ تحصيلِ المالِ، من حرامٍ كانَ أم من حلالٍ، أكلٌ لأموالِ الناسِ بالباطلِ، سِلعٌ مغشوشةٌ، مساهماتٌ كاذبةٌ، هواميرُ وعِصاباتٌ، يتحكمونَ بالأسهمِ والعقاراتِ، لوحاتٌ على محلاتٍ قد عَشَّشَ فيها العنكبوتُ، سَعوَدّةٌ وهميةٌ، كَذِبٌ وخِداعٌ، كأننا في غابةٍ لا يعيشُ فيها إلا السِباعُ، تحايلٌ على النظامِ، ومخالفةٌ لتعاليمِ الإسلامِ.
عندما ترى المِلياراتِ، تُصرفُ في ميزانيةِ الوِزاراتِ، ثم تُقَلِّبُ بصرَك في الواقعِ المريرِ، فيَنْقَلِبُ إِلَيْكَ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ:
فترى المواطنَ لا يجرؤ حتى أن يحلُمَ بمسكنٍ فسيحٍ، ومستشفى مُريحٍ، ومدارسَ متطوَّرةٍ، وطُرُقٍ واسعةٍ.
أيُعقلُ أن يتحولَ المطرُ المُتوَسِّطُ في بلادِنا إلى شِبهِ كارثةٍ؛ تغرقُ فيه الشوارعُ، وتتساقطُ معه الأَسقُفُ، ويظهرُ فيه عُوارُ المشاريعِ السقيمةِ، والصَفقاتِ الأثيمةِ، والنتائجِ الأليمةِ، وواللهِ إن التلاعبَ بأرواحِ البشرِ لجريمةٌ؟.
أين في بلادِنا وسائلُ النقلِ العامِّ؟ أين القطاراتُ؟ أين الباصاتُ؟ أين أماكنُ الترفيهِ والمرافقِ العامّةِ؟ أين حدائقُ العائلاتِ؟ أين الأماكنُ التي يستطيعُ فيها الشبابُ أن يقضوا فيها الأوقاتِ ويَستَنفِذوا فيها الطاقاتِ؟.
هل مستوى التعليمِ يَصلُ إلى تَّطَلُّعاتِنا؟ أين برامجُ تعزيزِ التربيةِ وتنميةِ الأخلاقِ في مدارسِنا؟
هل إعلامُنا يُمثلُ ديننَا وتقاليدَنا؟ هل هو قدوةُ الإعلامِ المُحافظِ الذي ينطلقُ من بلادِ الحرمينِ إلى العالمِ أجمعِ؟.
أينَ العنايةُ ببيوتِ اللهِ -تعالى- أذاناً وإمامةً وصيانةً وترميماً؟.
هل تحتاجُ الوظيفةُ الكريمةُ لأبنائنا إلى وساطاتٍ وشفاعاتٍ، أم أنها خاصةٌ بالبناتِ؟.
ما يُصرفُ للفقراءِ واليتامى والأراملِ والمًطَلَقاتِ، يتبخَّرُ في غلاءِ الأسعارِ، وطَمعِ التجارِ، وجَشِعِ أهلِ العقارِ.
أهذه الأمانةُ التي أمرَ جميعُ الأنبياءِ -عليهم الصلاةُ والسلامُ- بأدائها؛ فعن عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ: أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: "سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ".
أم قد بلغْنا آخرَ الزمانِ، فنحن ننتظرُ الساعةَ؟ كما جاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ، قَالَ: "أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ؟" قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ، فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ" قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: "إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ".
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني اللهُ وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ.
أقولُ ما تسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
إن الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وسلَّم تسليماً كثيرًا.
أما بعد:
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا قَالَ: "لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ".
لذلك قالَ عمرُ -رضي الله عنه-: "لا تغرُّني صلاةَ امرئ ولا صومَه، مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ صلى، لا دينَ لمن لا أمانةَ له".
فاتقوا اللهَ -أيها المسلمونَ- في الأمانةِ، اتقوا اللهَ في الأمانةِ، اتقوا اللهَ في الأمانةِ، وإياكم وصفاتِ أهلِ النفاقِ فإن أحدَهم: "إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
وأنت أيها الموظفُ، وأنت أيها المديرُ، وأنت أيها الوزير، وأنت أيها الأميرُ: افتحوا قلوبَكم قبلَ مكاتبِكم للمواطنِ الذي توَلّيتم أمرَه، واستَرْعاكم إيَّاهُ وليُ أمرِكم، وسيسألُكم عنه ربُكم، اسهروا لراحتِه، اسعَوا في حاجتِه، واقضوا مصالحَه، يسّروا أمورَه، اجعلوا يعتزُّ بإسلامِه، ويفخرُ ببلادِه، فقد قالتْ العجوزُ للخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ الخطابِ -رضي الله عنه- وهي لم تعرفْه: "اللهُ بيننا وبينَ عمرَ!" قالَ: "وما يُدري عمرُ بكم؟" فقالت: "أيَتَولّى أمرَنا ويغفلُ عنّا؟".
واسمعوا معي لمثالٍ من أمثلِة الإسلامِ العظيمةِ التي تُكتبُ بماءِ الذهبِ، لرجلٍ لم يكنْ فوقَه إلا اللهَ -تعالى-، مَلَكَ الأرضَ من الأندلسِ إلى أطرافِ الصينِ، ومن تُركيا إلى اليمنِ، هو عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رحمه الله تعالى-.
كتبتْ له امرأةُ سوداءَ مسكينةٌ -تسمى فَرْتُونَةُ السوداءُ- من الجيزةِ بمصر َكتاباً، وفيه: "أن لها حائطاً لدارها قصيراً متهدماً، يتسوّرُه اللصوصُ، ويسرقونَ دجاجَها، وليسَ معها مالٌ تنفقُه في هذا السبيلِ".
فكتبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى والي مصرَ أَيُّوبِ بْنِ شُرَحْبِيلَ: "من عبدِ اللهِ عمرَ أميرِ المؤمنينَ إلى أيوبِ بنِ شرحبيلَ، سلامُ اللهِ عليك، أما بعدُ، فإن فَرتونةَ السوداءَ، كتبت إليَّ تشكو قِصرَ حائطِها وأن دجاجَها يُسرقُ منها، وتسألُ تحصينَه لها، فإذا جاءَك كتابي هذا، فاركبْ إليها بنفسِك وحصّنْه لها".
وكتبَ إلى فَرتونةَ: "من عبدِ اللهِ عمرَ بنِ العزيزِ أميرِ المؤمنينَ إلى فَرتونةَ السوداءِ: "سلامُ اللهِ عليك، أما بعدُ: فقد بلغني كتابُكِ، وما ذكرتِ فيه من قِصرِ حائطِك، حيث يُقتحمُ عليك، ويُسرقُ دجاجُك، وقد كتبتُ إلى أيوبِ بنِ شُرحبيلَ، آمرَه أن يبنيَ لك الحائطَ حتى يُحصّنَه مما تخافينَ -إن شاءَ اللهُ-".
"فلما جاءَ الكتابُ إلى أيوبِ بنِ شُرحبيلَ ركبَ بنفسِه حتى أتى الجيزةَ وظلَّ يسألُ عن فَرتونةَ حتى وجدَها، فإذا هي سوداءُ مسكينةُ، فأعلى لها حائطَها".
اللهم أصلحْ أحوالَنا يا ربَ العالمينَ.
اللهم أصلحْ ولاةَ أمورِ المسلمينَ، اللهم اجعلْهم قائدينَ للأمةِ بكتابِك، وسنةِ نبيِك مُحَكمينَ لشريعتِك.
اللهم أصلحْ بطانةَ ولاةِ أمورِ المسلمينَ، اللهم هيئ لهم بطانةً صالحةً تدلُهم على الخيرِ، وترغبُهم فيه، وتحذرُهم من الشرِ، وتنفرُهم عنه.
اللهم من كانَ من بطانةِ ولاةِ أمورِنا غيرَ مستقيمٍ، ولا ناصحَ لهم ولا لرعيتِهم، ولا ينظرُ إلا لنفسِه ومصلحتِه الخاصةِ، فأبعدْه يا ربَ العالمينَ عن ولاةِ أمورِنا، وهيئ لهم خيراً منه، إنك وليُ ذلك والقادرُ عليه.
التعليقات