عناصر الخطبة
1/ أهمية الأمن ومنزلته 2/ ضرورة التعاون من الجميع على حفاظ الأمن 3/ الأمن في البلد الأمين أشد لزوماً من غيرهاهداف الخطبة
اقتباس
يخطىء فريق من الناس حين يغفل أو يتناسى وهو يذكر النعم ويعرض الآلاء أن الأمن أحد أكبر وأجل هذه النعم التي امتن الله بها على عباده وجعلها أساسًا ووعاءً جامعًا لضروبٍ من الخير وألوانٍ من المنافع.. ففي مقام التذكير بالآلاء بين -سبحانه- عظيم نعمته على قريش ببسط رداء الأمن عليهم حال سفرهم وارتحالهم في شتائهم وصيفهم وحال إقامتهم في البلد الأمين ..
الحمد لله الذي جعل الأمن نعمةً منَّ بها على عباده تستوجب الحمد والشكر والثناء.. أحمده -سبحانه- وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الصفات العلا والحسنى من الأسماء.. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا دائمين ما أشرق صبحٌ أو أطل مساء.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-؛ فإن تقوى الله خير زاد تعدون به يوم المعاد.
أيها المسلمون: يخطىء فريق من الناس حين يغفل أو يتناسى وهو يذكر النعم ويعرض الآلاء أن الأمن أحد أكبر وأجل هذه النعم التي امتن الله بها على عباده وجعلها أساسًا ووعاءً جامعًا لضروبٍ من الخير وألوانٍ من المنافع.. ففي مقام التذكير بالآلاء بين -سبحانه- عظيم نعمته على قريش ببسط رداء الأمن عليهم حال سفرهم وارتحالهم في شتائهم وصيفهم وحال إقامتهم في البلد الأمين.. والأعراب من حوله ينهب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً، فقال -عز اسمه-: ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) [قريش:1-4]، وقال -سبحانه-: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ) [العنكبوت:67].
فإذا اجتمع إلى الأمن من الخوف صحة الجسد من العلل والأسقام وتوفر ما يكفيه في يومه من قوتٍ حلالٍ فإنه يكون بذلك كمن أُعطِي الدنيا بأسرها.. أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى -صلوات الله وسلامه عليه- في الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجة في سننهما والإمام البخاري في (الأدب المفرد) بإسناد حسن عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي عن أبيه -وكانت له صحبة- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من أصبح منكم آمنًا في سربه (أي في نفسه وفي شأنه كله) معافىً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حِيزَتْ له الدنيا ".
وإذا كان للأمن هذه المنزلة فحقه الشكر لمسديه والثناء على معطيه -سبحانه- بالحفاظ عليه والحذر من كل ما يخل به أو يعكر صفوه أن يكون معول هدمٍ في بنيانه؛ لأن هذا حق نعم الله -تعالى- كافة على عباده، وبه يكون من الرب المجيد كما قال -سبحانه-: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) [إبراهيم:7]، ولأن مصالح العباد كافةً ومنافع الخلق جميعًا متوقفة عليه؛ إذ بدونه لا تنتظم مصالحهم ولا تتحقق منافعهم ولا يهنأ لهم عيشٌ ولا تطيب لهم حياة.
ولما كان هذا الحفاظ على هذه النعمة لازمًا ومتعينًا في كل الديار فإنه أشد لزومًا وآكد وجوبًا وأقوى تعينًا في هذه الديار المباركة والمنافع الشريفة بلاد الحرمين الشريفين- حفظها الله وأدام عليها نعمه الظاهرة والباطنة.. فإن طبيعة الرسالة السامية التي تحملها هذه البلاد للعالمين وصفة المهمة الشريفة المسندة إليها باعتبارها بلدًا جعله الله -تعالى- قبلة للمسلمين ومقصدًا للعابدين وملتقى للإخوة في الدين ومثابةً للناس.. لا يقضون من تكرار زيارته الوطر ولا ينالهم بالتردد عليه سأم.. مع ما أفاض الله عليها من خيراتٍ وما أفاء عليها من بركاتٍ، جعلت منها قوة اقتصادية رئيسة يعتد بها في الملمات ويرجع إليها في الأزمات والمضائق المستحكمات..
كل أولئك مما يوجب لهذه البلاد خصوصية أمنية تستوجب من ماشٍ على أرضها آخذٍ بحظها من خيراتها أن يكون في الحفاظ على أمنها نصيبٌ برعايته حق رعايته والعناية به وبذل الوسع في ذلك؛ فإن أمن هذه البلاد وقوتها ورخاءها أمنٌ وقوةٌ ورخاءٌ للمسلمين أجمعين.. لا يرتاب في ذلك عاقلٌ منصفٌ متجردٌ من أكدار الضغائن، سالمٌ من أوضار الأحقاد، ناج وبعيد من تأثير الدعايات المضللة والمزاعم التي لا تسندها الأدلة ولا تقوم على صحتها البراهين.
وإذا كان للجهات المختصة بالأمن دورها المباشرة والمؤثر الذي تؤديها بكل حزمٍ- والحمد لله كثيرا على ذلك، ونسأل الله لها المزيد من التوفيق والتسديد- فإن لأهل هذه البلاد جميعاً دورهم ولكل وافدٍ عليها أيضا دوره الذي يتعين عليه القيام به؛ ولا عذر له في التقاعس عنه أو التنصل منه لأن مظلة الأمن تظلهم جميعاً، ولأن الإخلال بالأمن أو الانتقاص منه مضرٌّ بهم جميعا، ولأن التعاون والتضامن شأن المؤمن مع أخيه المؤمن.. كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه الشريفة -صلى الله عليه وسلم- "..
ولأن في التعاون على الخير -ومنه التعاون على حفظ أمن المسلمين وحماية مقدساتهم ودرء الخطر عن ثرواتهم وخيراتهم- أن في ذلك امتثالاً لأمر الله الذي أمر به عباده المؤمنين في محكم كتابه بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [المائدة:2].
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واعملوا على القيام بمسئولياتكم كافة.. ومنها شكر الله على نعمة الأمن التي امتن بها على عباده في هذه البلاد، ومنها الحذر من التشبه في الانتقاص منه أو الإخلال به بكل تصرفٍ يضر ولا ينفع ويفرق ولا يجمع ويفسد ولا يصلح، وبالحرص على حفظ اللسان والقلم من كل كلام لا مصلحة فيه عبر مقالةٍ تُنشر أو حوارٍ يُذاع أو تصريحٍ يُبث أو غير ذلك من الوسائل؛ فإن مسئولية الكلمة ومسئولية الأمن لا تفترقان، وبالعناية بهما ورعايتهما حق رعايتهما تكون السلامة -بإذن الله- من كل الغوائل والآفات..
واذكروا على الدوام أن الله -تعالى- قد أمركم بالصلاة والسلام على خير الأنام فقال في أحسن الحديث وأصدق الكلام: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياأكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، ودمر أعداء الدين وسائر الطغاة والمفسدين، وألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم، وأصلح قادتهم، واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين.. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا وهيئ له البطانة الصالحة، ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء، اللهم وفقه وولي عهده وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين يارب العالمين، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد.. اللهم احفظ هذه البلاد والديار السعودية حائزةً كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين.
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين. اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين. اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر.. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافتيك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.
اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالصالحات أعمالنا.. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين
التعليقات