عناصر الخطبة
1/ الأمن أهم متطلبات الحياة 2/ عاقبة اختلال الأمن في المجتمع 3/ أسباب توفُّر الأمن 4/ واجبنا نحو نعمة الأمن 5/ أسباب فقدِ الأمناهداف الخطبة
اقتباس
الأمنُ من أهمِّ مطالبِ الحياة، بها تتحقَّقُ الحياةُ السعيدةُ، وبه يحصُل الاطمئنانُ والاستِقرار، به تتحقَّقُ السلامةُ من الفتن والشُّرور، لذا فهو نعمةٌ كُبرى ومنَّةٌ عظيمةٌ لا يعرِفُ كبيرَ مقدارِها وعظيمَ أهميتها إلا من اكتوَى بنار فقدِ الأمن، فوقعَ في الخوف والقلق والذُّعر والاضطراب ليلاً ونهارًا، سفرًا وحضرًا ..
الحمد لله الذي أنعمَ علينا بنعمٍ لا تُحصَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفى والرسولُ المُجتبَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ أهلِ البرِّ والتقوى.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-؛ فمن اتقاه وقاه وأسعدَه ولا أشقاه.
معاشر المسلمين: الأمنُ من أهمِّ مطالبِ الحياة، بها تتحقَّقُ الحياةُ السعيدةُ، وبه يحصُل الاطمئنانُ والاستِقرار، به تتحقَّقُ السلامةُ من الفتن والشُّرور، لذا فهو نعمةٌ كُبرى ومنَّةٌ عظيمةٌ لا يعرِفُ كبيرَ مقدارِها وعظيمَ أهميتها إلا من اكتوَى بنار فقدِ الأمن، فوقعَ في الخوف والقلق والذُّعر والاضطراب ليلاً ونهارًا، سفرًا وحضرًا.
أيها المسلمون: نعم، إن الأمن نعمةٌ عظيمةٌ امتنَّ الله بها على أقوام، فيقول -جل وعلا-: (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) [سبأ: 18].
ورسولُنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أصبحَ آمنًا في سِربه، مُعافًى في جسده، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا". رواه الترمذي، والبخاري في "الأدب المفرد".
معاشر المسلمين: إذا اختلَّ نظامُ الأمن وتزَعزَعت أركانُه وقعَ المُجتمع في الفتن العريضة والشرور المُستطيرة، وكثُرت حينئذٍ الجرائمُ الشنعاء، والأعمال النَّكراء، لذا حرَّم الإسلامُ كلَّ فعلٍ يعبَثُ بالأمن والاطمئنان والاستِقرار، وحذَّر من أيِّ عملٍ يبُثُّ الخوفَ والرعبَ والاضطراب.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحلُّ لمُسلمٍ أن يُروِّع مُسلمًا". رواه أحمد، وأبو داود.
بل ولقد بلغَت عنايةُ الإسلام بالحِفاظ على الأمن بأن حرَّم كلَّ ما يُؤذِي المُسلمين في طُرقهم وأسواقِهم ومواضع حاجاتهم.
يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرَّ أحدُكم في مساجِدنا أو أسواقنا ومعه نَبلٌ فليُمسِك بنَصلها أن يُصيبَ أحدًا من المُسلمين منها بشيءٍ". متفق عليه.
إخوة الإسلام: إن من أسباب توفُّر الأمن: السمع والطاعة لوليِّ الأمر في المعروف وفيما لا معصيةَ فيه لله -جل وعلا-، فذلكم أصلٌ من أصول الدين، وبهذا الأصل تنتظِمُ مصالحُ الدارَين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء: 59].
وفي الشأن ذاتِه من أسباب توفُّر الأمن: أن يحرِصَ وليُّ الأمر على أداء مهمَّته التي كلَّفه الله -جل وعلا- بها من تحقيق العدل في رعيَّته، ومُحاربة الفساد بشتَّى مجالاته، والأخذ على أيدي السُّفهاء، ورَدع المُجرمين والمُفسدين.
ومن أسباب تحقيق الأمن: التناصُح والتراحُم فيما بين الراعي والرعيَّة، والتعاوُن على وفق المنهَج النبويِّ المُؤصَّل على الإخلاص لله -جل وعلا-، والتعاوُن على الحق الذي لا يحدُوه إلا خوفُ الله -جل وعلا-، مع مراعاة مبادئ الرِّفق والحكمة واللُّطف بما يجمَعُ الكلمةَ، ويُوحِّدُ الصفَّ، ويُؤلِّفُ القلوبَ.
إنه التناصُح الذي يجلِبُ المصالحَ، ويدرأُ المفاسِد بكلامٍ طيبٍ وأسلوبٍ حسنٍ وتوجيهٍ سديدٍ، يقودُ الجميعَ إلى الخير والصلاح والازدهار، وينأَى بالناس عن التفرُّق والتشتُّت والعبَث والفوضَى، ومن أخلصَ وكان مع الله جعله الله مفتاحًا لكل خيرٍ، مِغلاقًا لكلِّ شرٍّ، والأعمالُ بالنيَّات.
أيها المسلمون: من نعمة الله -جل وعلا- علينا في هذه البلاد ما منَّ به من نعمٍ كثيرةٍ؛ منها: نعمةُ الأمن الوافِر، وذلك بسبب قيام هذه الدولة في أطوارها المُختلفة الثلاثة على نُصرة عقيدة التوحيد، وعلى قيامها على الدعوة السلفية، وإلا فالناسُ قبلُ كانوا في خوفٍ ورعبٍ وتشتُّتٍ لا يُنكِرُه إلا مُكابِر.
نعم، إنها الدعوةُ السلفيةُ التي رسمَها محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-، دعوةٌ تنتهِجُ القرآنَ الكريمَ والسنةَ النبويةَ منهجًا ودستورًا، حتى صارَت هذه الدولةُ بسبب هذا الأمر تتصدَّرُ المكانةَ العُليا والمنزلةَ الأسمَى.
فما واجبُنا نحو تلك النِّعَم؟! خاصَّةً نعمة الدين، نعمة تحكيم القرآن والسنة في القضاء، نعمة إقامة عقيدة التوحيد.
واجبُ كل مواطِن: أن يشكُر نعمةَ الله -جل وعلا-، وأن يكون حريصًا أشدَّ الحرصِ على حفظِ الأمن وصونِ الاستِقرار، فذلكم واجبٌ مُعظَّم وفرضٌ مُحتَّم.
أيها الشباب: إن الأعداءَ يتربَّصون بكم وببلادكم بأنواع المكر المُتعدِّدة؛ من نشر حرب المُخدِّرات المُهلِكة، ومن غزو الأفكار والعُقول، وبثِّ الفتن وأسباب الشرِّ والفساد.
فالحذرَ الحذرَ شبابَنا الكريم، كونوا درعًا متينًا في الحِفاظ على دينكم، والدفاع عن بلادكم الذي نشأتُم على أرضه، ونعِمتُم بخيره.
احذَروا من الدعوات التي تُهدِّدُ الأمن، وتُزعزِعُ الاستِقرارَ؛ فإن الواقعَ الذي عاشَته وتعيشُه بُلدان ممن حولنا يُذكِّرُنا بأن انفِلات الأمن أعظمُ الشرور، وأن المِحن والكُروب نتائِجُ الإخلال بالأمن، فيعودُ العمارُ خرابًا، والأمنُ سرابًا. نسأل الله -جل وعلا- السلامة والعافية.
أيها الشباب الفاضل: أبشِروا بالخيرات، وأمِّلوا في بلادكم وولاة أموركم تنالوا العاقبةَ الحميدة والعائِدة السعيدة، فأنتُم أولُ من يجبُ أن يكون عونًا في تحقيق الخير، وسندًا في تحصيل الرفاهية والرخاء والأمن والاطمئنان.
يا أيها الوزراء في هذه البلاد، يا أيها المسؤولون: اتقوا الله -جل وعلا- في أنفسكم، اتقوا الله -جل وعلا- في وليِّ أمركم، قوموا بواجبِكم أمام الله -جل وعلا- وأمام وليِّ أمركم ومُجتمعكم في تنفيذ السياسة التي انتهَجها ولاةُ الأمر من أجل إسعاد المواطِن وتحقيق مصالحه.
لا تُعقِّدوا الأمور، يسِّروا ولا تُعسِّروا، بشِّروا ولا تُنفِّروا، اتقوا الله -جل وعلا-، واحرِصوا أشدَّ الحرصِ على مصالح المُجتمع ومُقدَّراته وخيراته؛ فهي أمانةٌ في أعناقكم، والله -جل وعلا- سائِلُكم عن ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
أيها التجار: كونوا عونًا على وحدة الصفِّ وتحقيق الاستِقرار والأمن؛ فلقد منَّ الله -جل وعلا- عليكم بنعمة التجارة في هذه البلاد، فاشكُروا الله -جل وعلا-، ثم اشكُروا لبلادكم التي رغبتُم بخيراتها، واعلَموا أن الجشعَ واستِغلال الفُرص برفع أثمان السِّلَع على إخوانكم المُسلمين، إخوانكم في الدين، إخوانِكم في الوطنية، إخوانكم في المُجتمع، فإن ذلك عواقِبُه وخيمة.
أنتم أولُ من تجنُون عاقبتها السيئة، بادِروا إلى تحقيق الأمن الاجتماعي بالمُبادَرة إلى أداء الزكاة التي فرَّط فيها بعضٌ، فلو أُعطِيت كما شرعَ الله -جل وعلا- لما بقِيَ في البلد فقرٌ ولا عوَز.
عليكم بالإكثار من الصدقات، والمُساهمة في المشاريع التي تنفعُ المُجتمع، بادِروا إلى توظيف الشبابِ وبذلِ العطاء الجَزيل إزاءَ الوظائف التي يقومون بها، فذلكم واجبٌ اجتماعيٌّ، ومطلَبٌ وطنيٌّ، وفي الحديثِ: "من لا يشكُر الناسَ لا يشكُر الله".
وربُّنا -جل وعلا- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].
أيها الشباب: اعلموا أن الجميعَ -من حاكمٍ وعُلماء ومُثقَّفين ومُفكِرين- معكم في تحقيق الحياة الطيبة السعيدة لكم، وبلادُكم ماضيةٌ -بإذن الله جل وعلا- تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين في تحقيق حياةٍ تكونُ أكثرَ رخاءً وأوسعَ عطاءً، فمن وجدَ من مسؤولٍ ما تقصيرًا في تنفيذ ما توجَّه إليه وليُّ أمرنا خادمُ الحرمين الشريفين ووليُّ عهده، فليحرِص على الاتصال بوُلاة الأمر ونوَّابه في سائر المناطِق؛ من أُمراء ومُحافِظين.
ناهِيك عما جعله وليُّ الأمر بابًا لتحقيق العدل ونُصرة المظلوم؛ كالمحاكمِ الإدارية، وهو ما يُسمَّى بـ"ديوان المظالم" سابقًا.
أسأل الله -جل وعلا- أن يُحقِّقَ لنا الأمنَ والأمان والاستِقرار والاطمئنان.
أقولُ هذا القولَ، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ الأنبياء والمُرسلين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أجمعين.
أيها المسلمون: الأمنُ نعمةٌ عُظمى، وفقدانُه إنما سببُه الإعراضُ عن طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، الإعراضُ عن المنهج الإسلامي الذي رسمَه لحياة الناس في دنياهم وفي أخراهم.
وإن من أعظم أسباب فقدِ الأمن: فُشُوُّ المعاصي والسيئات والمُوبِقات، يقول سبحانه: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل: 112].
وإن من أعظم أنواع الإعراض التي بسببه دبَّت الفتنُ والقلاقِل وفُقِد الأمنُ والأمان في بعض بُلدان المُسلمين: التولِّي عن تحكيم شريعة الله -جل وعلا- التي كان يُنادي بها علماءُ المسلمين في كل مُؤتمر.
إن استِبدال شريعة الله بالقوانين الوضعية والدساتير البشرية إنما هو أعظمُ الأسباب التي بسببها دبَّ الظلمُ والقهرُ والعُدوان في بعض بلاد المسلمين، فكانت النتائجُ مُخزِية، والعواقِبُ وخيمة، فنبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وما لم تعمل أئمتُهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسَهم بينهم". رواه الببهقي، وابن ماجه.
إن هذا الحديثَ علَمٌ من أعلام النبوَّة، وإنما علينا في المُستقبل أن نعمل جاهدين على تحقيق شريعة الله -جل وعلا- في حياتنا، فبذلك تطيبُ الحياةُ، وتسعَدُ القلوبُ، وتطمئنُّ الأفئِدة، ويعيشُ الناسُ في رخاءٍ وأمنٍ وأمانٍ.
أيها المسلمون: إن أعظمَ الأعمالِ: الصلاةُ والسلامُ على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وحبيبِنا وقُرَّة عيوننا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديِّين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم احفَظ علينا أمنَنا، اللهم احفَظ على المسلمين جميعًا أمنَهم واستِقرارَهم، اللهم احفَظ على المسلمين جميعًا أمنَهم واستِقرارَهم، اللهم احفَظ عليهم أمنَهم وأمانَهم يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم اجعلهم في رخاءٍ وسخاءٍ، اللهم اجعلهم في رخاءٍ وسخاءٍ، اللهم اجعلهم في رخاءٍ وسخاءٍ، اللهم آمِن روعاتهم، اللهم استُر عوراتهم.
اللهم احفَظ كل مسلمٍ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ونعوذُ بعظمتك أن يُغتال من تحته.
اللهم أسعِد المُسلمين، اللهم أسعِد المُسلمين، اللهم أصلِح أحوالَهم، اللهم أصلِح أحوالَهم، اللهم أصلِح أحوالَهم، اللهم اغفِر لنا ولهم، اللهم اغفِر لنا ولهم، اللهم ارحمنا وإياهم رحمةً تُغنينا بها عمَّن سِواك يا حيُّ يا قيُّوم يا ذا الجلال والإكرام.
التعليقات