نسائم شهر الخيرات في رحاب الأقصى المبارك

الشيخ محمد سليم محمد علي

2023-03-26 - 1444/09/04
عناصر الخطبة
1/شهر رمضان شهر سلم وأمن وأمان 2/الدعوة لتوحيد الكلمة ونصرة الدين 3/المكانة السامية للمسجد الأقصى المبارك 4/وصايا ونصائح لاغتنام شهر الخيرات والرحمات 5/وجوب حل مشكلة المعلمين ودعمهم ماديا ومعنويا

اقتباس

شهر رمضان يحل ضيفًا مباركًا علينا، ونحن بهذه المناسبة نُهنِّئ عالَمنا العربيّ والإسلاميّ عامَّة، والمرابطين في بَيْتِ الْمَقْدِسِ وأكنافِه خاصَّةً، بهذا الشهر الكريم، ونذكرهم أن شهر رمضان هو شهرُ الوِحدةِ للمسلمين، وشهرُ التئامِ صفوفِهم، وهو فرصةٌ لجَمْع كلمتهم، وائتلاف قلوبهم...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، أمرَنا بصيام رمضان فقال: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[الْبَقَرَةِ: 185]، فاللهم إنَّا نوينا صيام رمضان في المسجد الأقصى ورحابه، وفي بَيْت الْمَقْدسِ وأكنافه.

يا مَنْ إليه جميعُ الخَلْق يبتهلُ *** وكلُّ حيٍّ على رُحماهُ يتَّكِل

أنتَ المنادى به في كل حادثة *** أنتَ الإلهُ وأنتَ الذخرُ والأملُ

أنتَ الرجاءُ لِمَنْ سُدَّتْ مَذاهِبُهُ *** أنتَ الدليلُ لِمَنْ ضلَّت به السُّبُلُ

إنَّا قَصَدناكَ والآمالُ واقعةٌ *** عليكَ والكلُ ملهوفٌ ومُبتهِلُ

 

فاللهمَّ تقبَّل صيامنا، وتقبَّل رِباطَنا، وتقبَّل قيامَنا، وتقبَّل شهداءنا، وكن مع أسرانا، أَطلِق سراحهم لأهلهم وذويهم سالمينَ.

 

ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، قال في الحديث القدسي: "‌كُلُّ ‌عَمَلِ ‌ابْنِ ‌آدَمَ ‌لَهُ ‌إِلَّا ‌الصِّيَامَ، ‌فَإِنَّهُ ‌لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ"، فاللهمَّ أَدخِلْنا في زمرة الصالحين، وتقبَّلْنا في الصابرينَ المحتسِبِينَ، واجمعنا في الفردوس مع الصِّديقين والشهداء والنبيين.

 

ونشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، بشَّرنا أن شهر رمضان شهر سِلْمٍ وأمنٍ للمسلمينَ، ففيه تُصفَّد الشياطينُ، فلا تفكوا وثاقها يا مسلمون، وفيه تَفتَح الجنةُ أبوابَها، فلا تُغلِقُوها يا مؤمنون، وفيه تُغلَق النارُ، فلا تفتحوها يا مرابطون، قال -عليه السلام-: "إِذَا ‌دَخَلَ ‌رَمَضَانُ ‌فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على سيدنا محمد، حامل لواء الحمد، وصاحب المقام المحمود، وصل اللهم على آله وأصحابه والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان، وصل اللهم على من شد الرحال إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

 

أما بعدُ: شهر رمضان يحل ضيفًا مباركًا علينا، ونحن بهذه المناسبة نُهنِّئ عالَمنا العربيّ والإسلاميّ عامَّة، والمرابطين في بَيْت الْمَقْدسِ وأكنافه خاصَّةً، بهذا الشهر الكريم، ونذكرهم أن شهر رمضان هو شهرُ الوِحدةِ للمسلمين، وشهرُ التئامِ صفوفِهم، وهو فرصةٌ لجَمْع كلمتهم، وائتلاف قلوبهم.

 

فيا أبناء شعبنا، ويا أيها العرب والمسلمون: اجمعوا كلمتكم على قلب رجل واحد، نصرةً لدينكم، ونصرةً لقُدسكم، ونصرةً لأقصاكم، ونصرةً لقضاياكم، وإعزازًا لأنفسكم، وبخاصة أن الهجمة عليكم شعارها: "دمِّرُوا الإسلامَ وأَبِيدوا أهلَه"، وشعارُها أيضًا: "فرِّقُوا الشعبَ الفلسطينيَّ وأَمِيتُوا قضيتَه"، والله -تعالى- يقول لنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 7]، فانصروا الله باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وتحكيم شريعته، فإن الباطل مهما علا وانتفش لابدَّ أن يزول وينكمش، كما قال ربنا -سبحانه-: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)[الرَّعْدِ: 17].

 

أيها المرابطون: استقبِلوا شهر رمضان بنبذ الخلافات، وترك الخصومات، قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "لَا ‌تَقَاطَعُوا ‌وَلَا ‌تَدَابَرُوا، ‌وَلَا ‌تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ"؛ فالوحدةَ الوحدةَ، يا قادة شعبنا، على أساس الثوابت الدينيَّة، والتاريخيَّة لقضيتنا، فهذه الفُرقة والخصومة نكبة تضاف إلى النكبات التي أصيب بها شعبنا، وحلت بديارنا.

 

يا مسلمون: أصلِحوا ما بينكم وبين الله، فإنَّه لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فالأمة في ابتداء وجودها امتدَّ سلطانُها حتى أطراف الصين شرقًا، وإلى المحيط الأطلسي غربًا، وكانت بدر، وفتح مكة، والأندلس، وعين جالوت، وغيرها من وقائع الإسلام المجيدة، في شهر رمضان، لم يكن هذا ليقع لولا حُسن انقياد المسلمين وقتئذ لله ولمنهاجه؛ حيث نصَرُوا اللهَ باتباع دينهم فنصرهم على مَنْ عاداهم.

 

أيها المسلمون: شُدُّوا رحالَكم إلى المسجد الأقصى، في كل وقت من أوقات الصلاة، وفي كل يوم وليلة؛ فشدُّ الرحالِ إلى الأقصى في هذه الأيام واجبٌ من الواجبات الشرعيَّة، على كل مسلم قادر، يأثم بترك شد الرحال مع القدرة، وذلك تكثيرًا لسواد المسلمين فيه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "‌لَا ‌تُشَدُّ ‌الرِّحَالُ ‌إِلَّا ‌إِلَى ‌ثَلَاثَةِ ‌مَسَاجِدَ؛ ‌مَسْجِدِي ‌هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى".

 

أيها المؤمنون المحتسِبون: كما تعلمون مكانة الأقصى توقيفية، وهي في المرتبة الثالثة بعد الحرمين الشريفين، وأمَّا منزلته بين المسلمين اليوم فهو في المنزلة الأولى، حتى ترجع له حريته، ومثل ذلك مثل الأب عنده ثلاثة أبناء، أحدهم مريض، والآخَرانِ في تمام الصحة والعافية، فمنزلة الابن المريض مقدَّمة على الابنين غير المريضين، حتى يبرأ المريض من مرضه، فتعود المنزلة للابن الأكبر، ثم للابن الأوسط، ثم للابن الصغير، وهكذا المسجد الأقصى، مرضُه في احتلاله، وفي انتهاك قدسِيَّته، وهذا المثل نضربه كي تستردَّ الأمةُ المسلمةُ وعيَها، ويأخذَ الأقصى حظَّه منها، فهي عنه منشغلة، لا تنظر إليه، ولا تحنو عليه، فاللهَ اللهَ في أقصاكم، اللهَ اللهَ في قِبلَتِكم، اللهَ اللهَ في مسرى رسولكم.

 

يا أُمَّةِ العربِ والمسلمينَ: لا تتركوا الأقصى وحده، ولا تقفوا موقف المتفرج من أهل بَيْت الْمَقْدسِ وأكنافه، فالتاريخ يسجل ثباتكم على الحق، أو نكوصكم على أعقابكم عنه، والله -تعالى- يقول: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)[مُحَمَّدٍ: 22-23].

 

أيها المؤمنون: حشودكم التي زحفت إلى المسجد الأقصى اليوم، هي استفتاء حقيقي على أن الأقصى أقصاكم، وعلى أن المسرى مسراكم، وعلى أنكم أهل بَيْت الْمَقْدسِ وأكنافه، لا يقبل أهلًا له غيركم، ولا يرضى بديلًا عنكم.

 

يا مؤمنون، يا صائمون: هذه حشودكم المباركة تؤكد أنكم ترفضون أي اعتداء على أقصاكم، وعلى قبلتكم الأولى، وتؤكد على أنكم مهما اختلفتم فالأقصى يوحدكم، والقدس تجمعكم.

 

فيا ربَّنا: شَدَدْنا رحالنا إلى مسرى رسولك، من كل مدينة وقرية ومخيم، فزد أقصانا تعظيمًا، وزدنا قربًا منه وتمسُّكًا به، وفرِّج كربَه وكَربَنا، اللهم جئناكَ ظمأى، وجوعى ومتعبين، فتقبل جوعنا وظمأنا وتعبنا، وردنا مغفورًا لنا يا غفور يا رحيم، يا ربَّنا إنك تعلم وترى ضَعفَنا، وتسلُّطَ الكفار علينا، وتآمُرَ المنافقينَ على قضيتنا وديننا وشعبنا، فإنهم لا يُعجِزُونكَ، فلا تمهلهم، لا تمهلهم، أَنزِلْ بهم عذابَكَ، إنَّ عذابَكَ الجِدَّ بالكفار مُلحِق.

 

أيها الصائمون: هذا رمضان قد جاء ليصحبكم، فأحسنوا صحبته، فرجوا كربات المكروبين، واستروا العيوب، واقضوا حوائج المحتاجين؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "‌مَنْ ‌كَانَ ‌فِي ‌حَاجَةِ ‌أَخِيهِ، كَانَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، فاتقوا الله يا مسلمون واعلموا أن العافية الحقيقيَّة أن تمر أيامكم بلا ذنوب، فاجعلوا شهرَ رمضان شهرَ مغفرة لذنوبكم، وشهرَ ستر لعيوبكم، وشهرَ رفع لدرجاتكم، وشهرَ مضاعَفة لأجوركم.

 

يا مسلمون، يا مؤمنون، يا صائمون: مَنْ أراد منكم أن يكون صيامه إيمانًا بالله واحتسابًا للأجر والثواب فليُحسن استقبالَ شهر رمضان؛ وذلك بالحرص على الفرائض والطاعات، وباجتناب المعاصي والمنكرات، أدوُّا ما افترَض اللهُ عليكم، وأكثِروا من النوافل في نهار وليالي رمضان، حافِظوا على التراويح، وصِلُوا أرحامَكم، ولا تجعلوا ليالي رمضان للسهرات التي يُعصى اللهُ فيها، أَخرِجوا زكاةَ أموالكم، وصدقاتِكم، ومَنْ أراد أن يُعجِّل صدقةَ الفطر من أول رمضان إذا كانت هناك ضرورة في تعجيلها فلا بأس بتعجيلها.

 

حافِظوا على حرمة رمضان، فمَنْ أفطَر فيه من غير عذر شرعيّ فقد وصفَه الفقهاءُ بالزنديق، فكيف إذا جاهَر بالإفطار، فقد ذهبت مروءته وسقطت كرامته، وكان من الفاسقين، نعوذ بالله من الفسق والفاسقين، ومثله أصحاب المطاعم الذين ينتهكون حرمة رمضان، ويطعمون فيها غير المسلمين.

 

أيها المصلون: حافظوا على حرمة المسجد الأقصى، وتذكروا أنَّه للصلاة والعبادة وذكر الله -تعالى-، هدانا اللهُ وإيَّاكم لما يحبه ويرضاه.

 

أيها المؤمنون: الصبرُ هو أساسُ الصيامِ، والغضبُ يتنافى مع أخلاق الصائمين، وقد علَّم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الصائمَ إذا شاتَمَه أو غاضبَه أحدٌ أن يصبر على الشتم والأذى ويقول: "إني صائم، إني صائم"، ونحن نناشد أبناء شعبنا الفلسطيني وبخاصة في الداخل المحتل أن يضعوا حدًّا لسفك الدماء فيهم؛ حيث لا يكاد يمر يوم إلا وفيه جريمة قتل، والقاتل خاسر في الدنيا، وهالك في الآخرة، نعوذ بالله من الهلاك والخسران.

 

يا مسلمون: في شهر رمضان يَفتَح اللهُ أبوابَ الجنة، ويُغلِق أبوابَ النار، وتفتح أبواب السماء، وتُغَلّ الشياطين، وهذا إن كان على حقيقته أو على المجاز فهو تغيير يُحدِثه اللهُ -عز وجل-، والله لا يفعل إلا خيرًا؛ ليتعلَّم المسلمون أن يجعلوا شهر رمضان شهر تغيير في أنفسهم، وفي أُسَرِهم، وفي مجتمعاتهم؛ فتعالَوْا يا عبادَ اللهِ، تعالَوْا لنُغيِّر في رمضان تغييرًا يُرضِي ربَّنا، ونرتقي فيه بإيماننا، فأبواب السماء تفتح في شهر رمضان؛ ليتوب المذنب والمسيء، فتنافسوا في فعل الطاعات، واهربوا من كل ما يغضب الله -تعالى-.

 

اتركوا التزاحم في الأسواق، على أبواب الحوانيت، وتزاحموا على أبواب الجنة والمساجد، تزاحموا على أبواب بيوت الفقراء والشهداء واليتامى، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "افْعَلُوا ‌الْخَيْرَ ‌دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بها مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ". فاللهم استر عوراتنا، وآمِنْ روعاتنا.

 

عبادَ اللهِ: إن الله لا يستجيب دعاءً مِنْ قلبٍ غافلٍ ساهٍ لاهٍ، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله ربِّ العالَمِينَ، قرَّب لنا أبوابَ الخير، وفتَح لنا بابَ التوبة، وأرشَدَنا إلى طريق الجنة، وحذَّرَنا من النار وسبيل الشيطان، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ونشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصَح الأمةَ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم، وتابعيهم إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ، أيها المؤمنون: في أعقاب غزوة بدر التي كانت في شهر رمضان رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- منزلة المعلِّمين، فأعطى المعلم من أسرى الكفار حريته مقابل تعليمه عشرة من المسلمين، وقد دخل علينا رمضان، والمعلمون من أبنائنا يعانون من ظلمهم، ومن الرواتب التي لا يكفي الراتب الواحد منها لوليمة واحدة من ولائم رمضان، ونحن لن نسكت، سنظل نتكلم على منبر المسجد الأقصى، لن نسكت حتى تتحقق مطالبهم، ونقول للمسؤولين: أنصِفوا المعلِّمين، فلا خير فيكم إن لم تنصفوهم، ولا خير فينا إن لم نقف معهم.

 

فاللهمَّ كن مع المعلِّمينَ في شكواهم، ورد إليهم كرامتهم، ومرادهم يا ذا القوة المتين.

 

أيها المؤمنون: صِلُوا أرحامَكم ولا تقطعوها، فالله -تعالى- قال للرحم: "‌مَنْ ‌وَصَلَكِ ‌وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ"، فصِلُوا أقرباءكم إذا قطعوكم، وأحسِنوا إليهم إذا أساؤوا إليكم، واحلموا عنهم إذا جهلوا عليكم؛ فتلك هي الصلة الحقيقة للرحم، اكظموا غيظكم يا مسلمون، واعفوا عن الناس، واتركوا الفحش والتفحش، اقرؤوا القرآن في ليلكم ونهاركم، وصلوا التراويح؛ فالصيام والقرآن يشفعان للعبد، حافِظُوا على الصلوات الخمس، فإنَّها فريضة وركن من أركان الدين، واجعلوا صلواتكم في المساجد وخاصةً المسجد الأقصى المبارَك، اجعلوا يا مسلمون صلاة الفجر في كل يوم في المسجد الأقصى كصلاة الجمعة، واحفظوا له حرمته، فهو مسجد رباط وعبادة، لا تَدافَعُوا بعد الصلاة، تريَّثوا في مِشيتكم، وأنتم تُغادِرون القدسَ إلى بيوتكم للعودة إليها، تمتَّعوا بعبق تاريخكم فيها، وشمُّوا رائحةَ أمجادكم، تفقدوا قدوات عمر، والناصر لدين الله، عند أبوابها.

فالحبُّ في القدس لا حُبٌّ يُماثِلُهُ *** ما في الجَمال لها شبهٌ ولا مَثَلُ

علَّقْتُ في القدس روحي فهي هائمةٌ *** والقلبُ عُلِّقَ في القدس ولا مِيَلُ

 

فسارِعوا -يا عباد الله- إلى طاعة الله، وإلى مغفرة من ربكم، وجنة عرضها السماوات والأرض، أعدت للمتقين، واعلموا -رحمكم الله- أن خير خصال المرء طاعة ربه، ولا خير فيمن كان لله عاصيًا، -حفظكم الله- ورعاكم، وسدد على الخير خطاكم، فالأقصى أقصاكم، والمسرى مسراكم، والله ربكم ومولاكم، وهو حسبنا وحسبكم ونعم الوكيل، وهو حسبنا وحسبكم ونعم النصير.

 

فاللهمَّ تقبل منا الصيام والقيام، وشد الرحال إلى مسرى رسولك -صلى الله عليه وسلم-، اللهم انصرنا وانصر بنا، وتول أمرنا وانصرنا على من بغى علينا، اللهم أعلِ كلمةَ الدِّينِ، وانصر الإسلام والمسلمين، اللهم وحد صفوف العرب والمسلمين، واجمع كلمتهم على الحق والدين، اللهم رد أقصانا إلى الإسلام والمسلمين، عزيزًا كريمًا يا ذا القوة المتين.

 

يا ربَّنا أَطلِقْ سراحَ الأقصى، وأَتمِمْ شفاءَ الجرحى، واقضِ الدَّينَ عن المدينين، وفرج كربات المكروبين، وارفع الحصار عن المحاصرين، اللهم إنا نعوذ بك من عضال الداء، ومن تسلط الأعداء، ومن الكفر والنفاق والرياء، اللهم من صلى معنا اليوم في الأقصى إن كان مريضًا بالسرطان فاشفه، وإن كان مبتلى بالسحر فعافه، ورد كيد السحرة إلى نحورهم، اللهم وإن كان عزبا رجلًا أو امرأة وزواجه معطلًا فامح ذلك عنه وعنها، ارزقه الزواج من المرأة الصالحة، وارزقها الزواج من الرجل الصالح، فأنت يا ربنا تُثبِت ما تشاء، وتمحو ما تشاء، اللهم وأتم هذه النعمة على أبنائنا وبناتنا، وذوينا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، ولمن لهم حق علينا، واغفر لجميع المسلمين، الأحياء منهم والأموات، اللهم أحينا مسلمين، وأمتنا مسلمين، وابعثنا من قبورنا مسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم، وأنتَ يا مُقيمَ الصلاة أَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life