عناصر الخطبة
1/التحذير من النار وبعض أهوالها 2/بعض الأسباب المكفرة الموجبة لدخول النار والخلود فيها 3/بعض علامات النفاق 4/بعض أسباب دخول عصاة المؤمنين الناراهداف الخطبة
اقتباس
إنها دار قد خص أهلها بالإبعاد, وحرموا لذة المنى والإسعاد, بدلت وضاءة وجوههم بالسواد, وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد, عليها ملائكة غلاظ شداد, لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، وحزنهم دائم فما يفرحون, مقامهم محتوم فما يبرحون, أبد الآباد في...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله حق تقاته.
أيها المؤمنون: الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، ويؤمنون بالقدر خيره وشره، ويؤمنون بالنعيم والعذاب, ويؤمنون بالجنة والنار، نعم -أيها المؤمنون بالله حقاً-: إن القرآن دائماً في وعده ووعيده، دائماً يكرر: يا أيها الذين آمنوا..، ينادي باسم الإيمان, فعليك -أيها المؤمن- أن تصغي لها سمعك, فإن بعد هذا النداء الجليل، إما خيراً تدعى إليه, وإما شراً تحذر منه.
أجل -يا عباد الله-: لقد وصف الله -سبحانه وتعالى- نار جهنم، ووصف أهلها وأحوالهم وأعمالهم في القرآن العظيم, ووصفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, قال بعض العلماء في وصف النار: "إنها دار قد خص أهلها بالإبعاد, وحرموا لذة المنى والإسعاد, بدلت وضاءة وجوههم بالسواد, وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد, عليها ملائكة غلاظ شداد, لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، وحزنهم دائم فما يفرحون, مقامهم محتوم فما يبرحون, أبد الآباد في نار جهنم، عليها ملائكة غلاظ شداد, توبيخهم أعظم من العذاب, تأسفهم أقوى من المصاب, يبكون على تضييع أوقات الشباب, وكلما جاء البكاء زاد, هذه جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الجبار! يا محنتهم لعظيم البوائق! يا فضيحتهم بين الخلائق على رؤوس الأشهاد! أين كسبهم للحطام؟! أين سعيهم في الآثام؟! كأنه كان أضغاث أحلام، ثم أُحرقت تلك الأجسام، وكلما أُحرقت تعاد في جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد".
نعم -يا عباد الله- هل على هذه النار نستطيع أن نصبر؟! هل على جهنم نستطيع أن نصبر؟! أم هل على هذه النار جلد؟
يا عباد الله: الأجسام رقيقة وضعيفة.
عباد الله: لنرجع إلى القرآن، ثم لنسمع قول المولى -جلَّ وعلا-، لنسمع قول الحق -تبارك وتعالى- الذي لا مرية فيه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران: 185].
عباد الله: إن الله -عز وجل- لما أخبرنا عن النار في القرآن العظيم, وحذرنا منها أخبرنا بالأعمال التي توصل إليها، حتى لا يكون لأحد على الله حجة يوم القيامة, وكذلك أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته المطهرة.
فأما النوع الأول الذي يدخل النار، ويخلد فيها: الشرك بالله, بأن يجعل لله شريكاً في الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات, فمن اعتقد أن مع الله خالقاً مشاركاً، ولو كان يعتقد انفراد الله بالخلق, أو اعتقد أن مع الله إلهاً يستحق أن يعبد أو عبد مع الله غيره، فصرف شيئاً من أنواع العبادة إليه, أو اعتقد أن لأحد من العلم والقدرة والعظمة، ونحوها، مثل ما لله -عز وجل-، فقد أشرك بالله شركاً أكبر، واستحق الخلود في نار جهنم، قال الله -عز وجلَّ-: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72].
اسمعوا يا من تأتون إلى الكهان والعراف والسحرة والمنجمين, اسمعوا هذا الوعيد الشديد: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72].
ليسمع الذين يعتقدون أن الأولياء والصالحين والأنبياء والملائكة، وغيرهم: أن لهم قدرة على الأشياء، أو أنهم يعلمون الغيب، فإن علمهم هذا باطل, إذا استغاثوا بهم، أو استعانوا بهم، أو طافوا بأضرحتهم, أو توسلوا بهم, فإن عملهم هذا باطل, وليسمعوا إلى هذا الوعيد: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72].
إذاً، هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد, الحي القيوم, الذي لا يستعان إلا به, ولا يستغاث إلا به, ولا يدعى إلا هو, ولا يقضي الحاجات إلا الله, ولا يفرج الكربات إلا الله, لا إله إلا الله ولا رب سواه.
اسمع يا من غره أولئك المشعوذون, أولئك أهل الخزعبلات, أولئك أهل الخرافات الذين يقولون: إذا نزلت منزلاً جديداً فأتِ بالذبيحة واذبحها عند الباب تكون لك تقرباً إلى الجن, ويندرءُ بك شر الجن, فهذا شرك -يا عباد الله-؛ لأنه ذبح لغير الله, ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلن ذلك، ويقول: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من ذبح لغير الله" فهل بعد هذا البيان بيان؟!
أمة الإسلام: النوع الثاني من الكفر الذي يدخل النار: الكفر بالله -عز وجلَّ- أو بملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر، أو قضاء الله وقدره, فمن أنكر شيئاً من ذلك تكذيباً أو جحداً أو شكاً فيه، فهو كافر مخلد في النار, قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) [النساء: 150-151].
النوع الثالث: من أنكر شيئاً من أركان الإسلام الخمسة, فمن أنكر توحيد الله أو الشهادة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة, أو عمومها لجميع الناس, أو أنكر فريضة الصلوات الخمس, أو أنكر فريضة الزكاة, أو أنكر صوم رمضان, أو أنكر الحج, فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله, وإجماع المسلمين، وكذلك كل من أنكر تحريم الشرك، أو قتل النفس التي حرم الله، أو أنكر تحريم الزنا، أو أنكر تحريم اللواط، أو أنكر تحريم الخمر، أو غيرها مما تحرمه الشريعة الإسلامية، وهو ظاهر صريح في كتاب الله، أو في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-, من أنكر ذلك أو أحل شيئاً مما حرمه الله، فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
النوع الرابع: الاستهزاء بالله -سبحانه وتعالى-، أو بدينه أو برسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى- مصرحاً بكفر من فعل ذلك في كتابه: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: 65-66].
وهذه هي المصيبة العظمى التي وقع فيها كثير من الناس في هذا الزمان.
الاستهزاء، هو: السخرية، وهو من أعمال المنافقين الذين وعدهم الله هذا الوعيد، فاسمعوا: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [التوبة: 68].
والنوع الخامس: هو سب الله -تعالى-, ومن يجترئ أن يسب الله؟! ومن يجترئ أن يسب الله الخالق الرازق المدبر؟! ومن يجترئ أن يسب رب العالمين، الذي بيده ملكوت كل شيء؟!
ولكن بعض الناس يتجرأ على الله الذي خلقه من نطفة من ماء مهين، فيسب الله -تعالى- أو يسب الدين أو يسب الرسول -صلى الله عليه وسلم-, وهذا هو القدح والعيب, وذكرهم بما يقتضي الاستخفاف والانتقاص، كاللعن والتقبيح ونحو ذلك، فمن فعل ذلك فهو كافر, وقد توعده الله بقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [التوبة: 68].
والنوع السادس: الحكم بغير ما أنزل الله معتقداً أنه أقرب إلى الحق وأصلح للخلق, فمن حكم بغير ما أنزل الله معتقداً ذلك فهو كافر, لقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44].
والنوع السابع: هو النفاق -نعوذ بالله من النفاق- وهو أن يكون كافراً بقلبه, ويظهر للناس أنه مسلم، وهذه هي المصيبة العظمى, كافر بقلبه، ويظهر للناس أنه مسلم، وإما بقوله أو بفعله، وهذا صنف أعظم كفراً من الكفار, ولذلك كانت عقوبة أصحابه أشد، فهم في الدرك الأسفل من النار؛ وذلك لأن كفرهم جامع بين الكفر والخداع والاستهزاء بالله وآياته ورسوله، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 8].
ماذا يفعلون؟!
(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة: 9-10].
وللنفاق علامات كثيرة.
العلامة الأولى: الشك فيما أنزل الله، وإن كان يظهر للناس أنه مؤمن, ومنها كراهة حكم الله ورسوله.
العلامة الثانية: أن المنافق يكره ظهور الإسلام، وانتصار أهله، ويفرح بخذلانهم.
العلامة الثالثة: أن المنافق يحب أن تظهر بين المسلمين الفتنة, ويحب تفريق المسلمين.
العلامة الرابعة: لمز المؤمنين وعيبهم في عباداتهم، مثل الذين يستهزؤون بأهل اللحى.
هذه مصيبة -أيها الإخوة في الله- الذين يستهزءون بأهل اللحى، يسمونهم موسوسين، يقولون: "يا أبو لحية التيس..!". "يا أبو المكنسة..!" يا ويلهم مما أمامهم يوم القيامة.
أكرر ذلك ولو حصل لي أن أكرر ذلك بعد كل الفروض من الصلاة لكررت ذلك؛ لأن الأمر عظيم، ووقع فيه الكثير من الناس, حتى إن بعض الناس أصابهم حيرة وشك في دينه، من الذين يرددون هذه العبارات -لا كثرهم الله-, يستهزءون بأهل اللحى ويسمونهم: "موسوسين، أو يستهزؤون بالذين يقتدون بالرسول -صلى الله عليه وسلم-, الذين يلبسون الثياب القصيرة، فإنهم يسمونهم: متزمتين.. رجعيين..، ويتسهزءون بالمرأة المتحجبة -مع الأسف الشديد- المتمسكة بدينها فيسمونها: رجعية.. أو متزمتة.
نسأل الله العفو والعافية, إذا لم يتوبوا فيا ويلهم مما أمامهم!.
فيا أخي المسلم، ويا أختي المسلمة: الله الله بالتمسك بآداب الدين الحنيف، ولا يلتفتوا إلى المنافقين أعوان الشياطين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
العلامة الخامسة: ثقل الصلاة والتكاسل عنها, قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ) [النساء: 142].
فهم يصلون لكن بصفتهم هذه -نسأل الله العافية- فلا يقومون إليها إلا وهم كسالى, ومع ذلك يراؤون الناس، جمعوا بين الأعمال الخبيثة وبين الرياء والنفاق وبين التكاسل عن طاعة الله -عز وجل-.
فتش عن نفسك -يا عبد الله- هل أنت من هؤلاء؟ فبادر إلى الله بالتوبة النصوح، واستعن بالله، وبادر إلى طاعة الله -عز وجلَّ-, وإن لم تكن منهم فاحمد الله -عز وجلَّ-, يقول نبي الرحمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر".
أسأل الله العافية.
أجل، الذين لا يعرفون الصلاة إلا في رمضان, لا يعرفون صلاة الفجر إلا في رمضان, وبعضهم ينزل ويرتحل ما رئي في المسجد أبداً, يا ويلهم مما أمامهم إن ماتوا من غير توبة, هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر".
العلامة السادسة: أذية الله ورسوله والمؤمنين.
العلامة السابعة: أنه إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر.
فهذه طائفة من علامات المنافقين, ذكرناها للتحذير منها, ولتطهير النفس من سلوكها, اللهم إنا نعوذ بك من النفاق, ومن أعمال المنافقين.
وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضاه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي نصح الأمة, وتركها على البيضاء وحذرها من الشر وطرقه, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله -عَزَّ وَجَلّ-.
عباد الله: اسمعوا أيضاً لعدة أسباب يستحق فاعلها دخول النار -نعوذ بالله من النار- منها: عقوق الوالدين, والديوث الذي يقر الخبث في أهله, ومدمن الخمر, فقد ورد في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث الذي يقر الخبث في أهله" [رواه الإمام أحمد والنسائي].
من أسباب دخول النار: قطيعة الرحم، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قاطع" قال سفيان -رحمه الله-: "أي: قاطع رحم" [رواه البخاري ومسلم].
وقال الله -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22-23].
ومن المؤسف: أن كثيراً من المسلمين اليوم غفلوا عن القيام بحق الوالدين والأرحام, وقطعوا حبل الوصل، وحجة بعضهم: أن أقاربه لا يصلونه, وهذه الحجة لا تنفع؛ لأنه لو كان لا يصل إلا من وصله, لم تكن صلته لله، وإنما تكون مكافئة.
عباد الله: إذا وصل رحمه وهم يقطعونه، فإن له العاقبة الحميدة, وسيعودون فيصلونه, كما وصلهم إن أراد الله بهم خيراً.
من أسباب دخول النار: مجموعة من الأسباب التي توجب دخول النار: أكل الربا، وأكل مال اليتامى، وشهادة الزور، وأكل الرشوة، واليمين الغموس.
ومن أسباب دخول النار: القضاء بين الناس بغير علم, أو بجور وميل.
ومن أسباب دخول النار: الغش للرعية, وعدم النصح لهم.
ومن أسباب دخول النار: تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان.
ومن أسباب دخول النار: الكبر والنميمة.
ومن أسباب دخول النار: استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب للرجال والنساء, وصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال معهم سياط يضربون بها الناس, ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".
كل ما تقدم من أسباب دخول النار، له دليل من كتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-, ولولا الإطالة لذكرت ذلك مفصلاً, ومن أراد الدليل، فليرجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله.
فاحذروا -أيها الإخوة في الله- أسباب دخول النار, واعملوا بالأسباب التي تبعدكم عنها؛ لتفوزوا بدار القرار, واعلموا أن متاع الدنيا قليل؛ لأنها سريعة الزوال, كما أخبر الله في محكم البيان.
وأسأل الله -عز وجل- أن يثبتنا وإياكم, وأن يثبتنا على الحق, وأن يحيينا مسلمين, وأن يتوفانا مسلمين, وأن يجعل أعمالنا كلها صالحة, وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم, ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً".
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي, وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم أذل الشرك والمشركين, اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين, اللهم اشدد عليهم وطأتك, وارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق, إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين, غير ضالين ولا مضلين, اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله، الذي لا إله إلا هو، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام, اللهم إنا نستغيثك يا مغيث اللهفات, يا مجيب الدعوات، يا مفرج الكربات, يا محيل الشدائد والبليات، لا إله إلا أنت ولا رب لنا سواك.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت, أنت الغني ونحن الفقراء، يا علي يا عظيم, يا حليم يا عليم, نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين، يا أجود الأجودين، يا من خزائنه ملأى, لا تنقصها النفقات, يا من يداه مبسوطتان, ينفق كيف يشاء، أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق. اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً, سحاً غدقاً, نافعاً غير ضار, اللهم احيي بلدك الميت, اللهم انشر رحمتك على العباد يا من له الدنيا والآخرة, وإليه المآب, لا إله إلا أنت, ولا رب لنا سواك.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
التعليقات