عناصر الخطبة
1/ الحث على المبادرة بالصدقة 2/ مشاهد مبكية لإخواننا المسلمين في النيجر 3/ من أحيا نفسًا فكأنما أحيا الناس جميعًا 4/ البخل بالنفقة على الإخوة في النيجر 5/ فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله 6/ الفرح بمُصاب الأعداءاهداف الخطبة
اقتباس
صور المأساة مشاهد مبكية مؤلمة، يرق لها كل قلبٍ، ولكن من ذا يترجم مشاعرَ الرحمة والشفقةِ إلى أعمال إيمانية تسهم في رفع المعاناة، وتُحيي نفوسًا مؤمنة قد أشرفت على الموت؟! فهي منه كقاب قوسين أو أدنى، ومن أحيا نفسًا محترمة فكأنما أحيا الناس جميعًا، (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ..
أيها الأحبة في الله: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين أصحابه صدرَ النهار إذ جاءه قوم حفاة عراة، مجتابو العَبَاءِ، متقلّدو السيوف، فتمعّر وجهه -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ما بهم من الفاقة، فدخل بيته ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: "(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18]، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُره، من صاع تمره"، حتى قال: "ولو بشقِّ تمرة"، قال الراوي: فجاء رجل من الأنصار بصُرَّةٍ كادت كفه تعجَز عنها، بل قد عجَزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كَومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجهَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مُذهَبة، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرُها ووزرُ من عمل بها مِن بعدِه من غير أن يَنقُصَ من أوزارهم شيء". أخرجه مسلم.
كومان من طعام وثياب أرهصهما مشهد قوم لم يُشرفوا بعدُ على الموت، ولا أكل الجوعُ أجسادهم، فقد كانت لهم بقية من قوةٍ أطاقوا بها أن يتقلدوا السيوف، وأن يقدموا المدينة من شُقّة بعيدة، إنما ظهرت عليهم أمارةُ الفاقة والبؤس فحسب، غير أن ذلك كان كافيًا لأنْ تُعلن حالةُ الطوارئ والاستنفار في المدينة، فيدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيته ثم يخرج، وتُجمع الصحابة، ويخطب فيهم -صلى الله عليه وسلم- خطبةً ليست بخطبة الجمعة، فيأمرهم بتقوى الله، ويذكّرهم بوشيجة الإيمان، ويحثهم على الصدقة، فيتتابعُ الناس يلقون بصدقاتهم بين يديه -صلى الله عليه وسلم-، فيذهب الحزن والتمعر عن وجهه الطاهر، وينقلب كأنه مُذهبة رضًا بصنيع أصحابه.
هذا ما فعله المشهدُ بمجتمع المدينة، أثارَ في النفوس مشاعرَ الحزن والرحمة، ثم سُرعان ما تبدلت إلى مشاعر رضًا وارتياح؛ لأنها كانت مشاعر إيجابية، تُفجِّر طاقاتِ الخير الكامنةَ، وتحولها إلى أعمال مثمرةٍ تُغيّر الواقع، وتُحِلّ الفرح والرضا محل الحزن والألم.
بدأت رابطة المرحمة بالألم والحزن لمشهد الفاقة، وانتهت بكومين من طعام وثياب، وبُشرى من الصادق المصدوق للمبادرين بالإحسان.
تلك هي المشاعر الصادقة وقرت في القلب وصدّقتها الأعمال، أصلها ثابت في القلب وفرعها ممتد بأيدٍ نديةٍ بالرحمة والإحسان، وحيثما تكون الفاقة فحبل الإحسان إليها ممدود.
فما عسانا نفعل ونحن نرى مشاهد مبكية لإخواننا المسلمين في النيجر؟! أنهكهم الفقر، وأسلمتهم المجاعةُ إلى الموت، يفري فيهم فريًا، فمنهم من قضى نحبه وليس به من بأس إلا الجوعُ، ومنهم من ينتظر ليس بينه وبين الموت إلا رمقات يسيرة، فشبح الموت جاثمٌ في بدنه الهزيل، يدفعه -بإذن الله- طعام يسير يُشبع جوعته ويسد رمقه.
صور المأساة مشاهد مبكية مؤلمة، يرق لها كل قلبٍ، ولكن من ذا يترجم مشاعرَ الرحمة والشفقةِ إلى أعمال إيمانية تسهم في رفع المعاناة، وتُحيي نفوسًا مؤمنة قد أشرفت على الموت؟! فهي منه كقاب قوسين أو أدنى، ومن أحيا نفسًا محترمة فكأنما أحيا الناس جميعًا، (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة:32].
وإنما جعل إحياء النفس الواحدة كإحياء الناس جميعًا لأن الداعيَ النفسي الذي يحرِّض صاحبه على إحياء النفس الواحدة -وهو الشفقة والرحمة ومراعاة حق النفس في الحياة- هو الذي يدفعه إلى إحياء الناس جميعًا لو استطاع، ولأن في إحياء النفس الواحدة ما في إحياء النفوس كلها من معنى تعظيم حُرمة الدم وحقِّ النفوسِ في الحياة، فكلا الإحياءَين -إحياء النفس الواحدة وإحياءِ الناس جميعًا- فيه تعظيم لحق الحياة، الحقّ المشترك بين الناس، فتشبيه إحياء النفس الواحدة بإحياء الناس جميعًا هو من حيث وجود الداعي الذي يدفعه لإحياء النفس وإنقاذها من المسغبة والمخمصة.
وأحق النفوس بالحياة والإحياء هي نفسُ المسلم، وهي أكرم النفوس عند باريها. وإحياء النفس المؤمنة في النيجر شرفٌ يستطيعه كل أحد، نعم كل أحد؛ فإحياء النفس هنالك لا يكلف إلا بضع هللات في اليوم الواحد.
ما النيجر؟! إنها دولة إسلامية، ونسبة المسلمين فيها تزيد عن خمس وتسعين بالمائة، وهي عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي، وثاني أفقر بلد في العالم على الإطلاق.
من العار علينا أن تسبقنا إلى إغاثة إخواننا هناك منظماتٌ تنصيرية أو إنسانيةٌ من بلاد كافرة، وهل يكون الكافر أقربَ وشيجةً إلى المسلم من أخيه المسلم؟! وهل يرضى المسلم لأخيه الملهوف أن تطعمَه منظماتٌ تنصيرية لتُنَصِّرَه وتضلَّه عن سبيل الله؟! من ذا من المسلمين يرضى أن ينوبه كافرٌ في إطعام أخيه وإغاثته؟!
وأعظم العار في هذا أن تجودَ بعضُ الدول الإسلاميةِ بمئاتِ الملايين لأغنى دولة في العالم مواساة لها في كارثتها، ثم تبخل بعُشر معشارِ ذلك على جوعى المسلمين في النيجر. أما إنه لخزيٌ وعارٌ ذلك العطاء السخي لو لم يكن في المسلمين ملهوفٌ جائع، فكيف ومئات الآلاف منهم مهددون بالموت جوعًا؟! كيف وهم إخوتنا وأحق الناس بمواساتِنا وصدقاتِنا؟!
إننا إذ ننكر ذلك فلا ننكره ولا نكرهه لأن الكافرَ لا تجوز إغاثتُه ومواساتُه، فنحن نعلمُ من ديننا ما لا حاجة أن يعلمنا إياه أحد؛ أن في كل كبدٍ رطبةٍ أجرًا، وأن في إحياءِ نفس الكافرِ غيرِ المحاربِ فضلاً وإن لم يكن كفضل إحياء النفس المؤمنة، فالآية في فضل إحياء النفوس عامّة لم تخصَّ نفسًا دون نفس.
إنما ننكر ذلك ونكرهه لأن الكافر قد فُضِّل على المسلم في الصدقة والمواساة، ومن المعلوم أن الحقوق إذا تزاحمت قُدم حق الأقرب فالأقرب، فكيف إذا زاحم الحقَّ ما ليس بحق، فإن إغاثة الكافر ليست حقًّا واجبًا كإغاثة المسلم.
وننكر ذلك ونكرهه لأن ذلك التبرعَ السخي أُعطي لدولة غنية فيها أغنى الأغنياء الموسرين، وفيها شركات كبرى؛ ميزانيتها تعادل ميزانيات عدة دول مجتمعة، فلديهم من الأموال ما يكفيهم في إغاثة المنكوبين لو أرادوا، أما النيجر فهو من أفقر البلاد، وفيه أفقر الفقراء، وفيه جياع يشبعهم أدنى طعام، وأقل المال كفيل أن ينقذ نفسًا هنالك من الموت بإذن الله. فأي البلدين –بربكم- أحق بالمواساة والإغاثة؟!
ثم ننكر ذلك ونكرهه لأن ذلك التبرع السخي لم تَجُدْ بمثله يدُ المتبرعِ لإخوانه الجَوعى هناك، وهم أقربُ بلدًا ورُحمًا وأولى وشيجةً وبِرًا.
وننكر ذلك ونكرهه لأنه لا يجوز بحال أن يُنقذَ الكافرُ ويُسلَمَ المسلمُ للموت، ولا يجوز بحال أنْ يُطعمَ كافرٌ وفي المسلمين جائعٌ هو أحوجُ إلى الإطعامِ والإغاثة.
لقد صُرفت الأنظار إلى كارثة الإعصار، وتباكى الإعلاميون والمتغرِّبون عليها، واستعطفوا الناس لمواساة المكلومين برَحِمِ الإنسانيةِ، وتناسوا جوعى النيجر، وكأنهم لا يمتّون إلى الإنسانية بصِلة. وتباكى الناس على قتلى الإعصار، ولكنَّ جوعى النيجر لا بواكي لهم.
أيها الأحبة في الله: هناك في أرض النيجر يُطفَأ غضبُ الربِّ سبحانه، وبين أيدي جوعاها تُلتمس رحمةُ الرحمن الرحيم، فـ"الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء".
هناك في أرض المجاعة والفاقة والجفافِ والبُور تجارةٌ مأمونة لا تبور، أرباحها مضاعفة مضمونة، وخسارتها مأمونة. إنها التجارة مع الله، وبمالٍ هو له جعلنا مستخلفين فيه، أعطانا إياه لنقرضه بعضه، فينمِّيه لنا ويُرْبيه، وإنما المال مال الله يضعه حيث شاء، فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء، (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) [الحديد:7].
أيها المحسنون: لنتذكر أن ما ننفقه في سبيل الله هو الذي يبقى لنا، وأن ما نُبقيه وندّخرُه فإنما ندخرُه لغيرنا: "يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك -يا ابنَ آدم- من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدّقتَ فأمضيت؟!". رواه مسلم. وعنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيكم مال وارثه أحبُّ إليه من ماله؟!"، قالوا: ما منا أحدٌ إلا مالُه أحبُّ إليه، فقال: "فإن مالَه ما قدَّم، ومالَ وارثِه ما أخَّر". رواه البخاري.
وفي الصحيحين: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا"، ويصدق ذلك قوله -جل جلاله-: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
الصدقة تجارة مع الله، وأنعم بها من تجارة، فمن اتّجر معه فهو الرابح المرحوم، ومن حرمها بخلاً بماله فهو المغبون المحروم: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر:29]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربِّيها لصاحبها كما يربي أحدكم فُلُوّه؛ حتى تكون مِثلَ الجبل". رواه البخاري، ويقول تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 245].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فقد بقيت في كارثة الإعصار مسألة لا تزال معتركًا للخلاف والنزاع، ومحلاً للتصنيف والاتهام، واختلف الناس: هل يجوز الفرح بمُصاب القوم في أهليهم وأموالهم وديارِهم، أم أن ذلك من الشماتة وقسوةِ القلوب وخوائها من الرحمة والإنسانية؟!
أفرط قومٌ في التشفي والفرح فأجازوا ذلك بإطلاق، وقابلهم آخرون إفراطًا بإفراط، فجرّموا كل مظهر للتشفي والفرح بمصاب القوم في الكارثة بإطلاق.
ولا أزعم أن قولي هو الحكم الفصل الذي يرفع الخلاف ويقضي على النزاع، لكني أحسب أن في المسألة قدرًا من الحق لا ينبغي أن يخالف فيه من تجرد عن الهوى واحتكم للكتاب والسنة، وهو أن التشفي بما تكبّدته الإدارة الأمريكية من خسائر فادحة جرّاء الكارثة وبما واجهته من فضائحَ ضاغطة تتهمها بالعنصرية والفساد أن ذلك حق مشروع لكل مسلم أصابته تلك الدولة المتكبّرة المتجبرة، أو أصابت إخوانه المسلمين بمصيبة في أهل أو مال أو ولد، فحُقَّ لكل مسلم أن يفرحَ ويتشفى بما تواجهه تلك الحكومةُ الباغيةُ من فضائحَ وخسائرَ مالية وضغوطاتٍ سياسيةٍ وشعبية، وحق لكل مسلم أن يفرحَ وهو يرى في الكارثة شغلاً لتلك الدولة عن كل شاغل.
فهذا هو الذي ينبغي أن يتوجه إليه التشفي والفرح، وهو إنْ تحقّق فهو رحمةٌ من الله ونعمة، وما يدرينا لعل تلك الإدارة المتجبرة قد أصابتها دعوة الصالحين من أمة الإسلام.
ألا إن التشفي بما يصيب العدو من مصائب وآلام أمر مقصود مشروع في ديننا؛ كما يفيد ذلك قوله: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) [التوبة:14، 15]، فالتشفي من الكافر المعتدي مقصد مشروع.
أما المشرّدون منهم والمصابون في أهليهم وأولادهم فليس في مصابهم معنى للتشفي ولا للفرح، فعامّتهم معدودون في غِمار الناس المنهمكين في أمور معاشهم، ليسوا في غير ذلك في وِرد ولا صَدَر، وحسبنا أن نقول في حقهم: إن ما أصابهم فإنما هو بذنوبهم، نقولها متواضعين معترفين بذنوبنا غيرَ آمنين من مكر الله، فإن عدَّ أحدٌ هذا من الشماتة فليعلم أنها مما علَّمَنَا إياه القرآن؛ إذ ذكّرنا بها كثيرًا في آيات كثيرة: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30]، (وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَاد) [الرعد:31].
وإن كان لنا من أسى نأساه على من هلك منهم في الكارثة فإنما نأسى على أنْ مات كافرًا على غير ملة الإسلام.
التعليقات