عناصر الخطبة
1/أكثر القصص ذكراً في القرآن وعظة وعبرة 2/ صدع موسى بالحق أمام فرعون 3/ مناظرة بين موسى وفرعون 4/ تهديد فرعون لموسى 5/ آية موسى، وبماذا واجهها فرعون؟ 6/ استكبار فرعون وهلاكه 7/ من فوائد هذه القصةاهداف الخطبة
اقتباس
ونحن في زمن عظمت فيه الفتن، ولُبِسَ فيه الحق بالباطل، وكثر تبديل الدين سواء بتحريف معاني النصوص، وصرفها عن ظاهرها لتوافق الأهواء، وتتلاءم مع الواقع الفاسد، أو بمحاربته مباشرة، ولا ثبات للعبد على الحق إلا بتثبيت الله تعالى له؛ إذ القلوب بيده -سبحانه- يقلبها كيف يشاء، ومن أعظم أسباب الثبات إدمان قراءة سير الثابتين على الحق ..
الحمد لله العلي الأعلى؛ خلق فسوى، وقدر فهدى، واختار من عباده واصطفى، فأرسلهم للناس دعاة حق وهدى، نحمده على خلقه ورعايته، ونشكره على هدايته وكفايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أقام حجته على خلقه أجمعين، فأرسل رسله مبشرين ومنذرين، فمن تبعهم فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [الإسراء:15] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لقيه موسى -عليه السلام- في معراجه إلى السماء فأشار عليه أن يسأل ربه التخفيف عن أمته، فخفف الله تعالى عنها بسؤاله ومشورة موسى عليه السلام، وهكذا الرسل عليهم السلام هم أنصح الناس للناس، وأتقاهم لله تعالى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعتبروا بما مضى من أعماركم، وتزودوا فيما بقي من أيامكم، واعمروا آخرتكم أكثر مما تعمرون دنياكم؛ فإن الدنيا دار عمل وفناء، وإن الآخرة هي دار القرار (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ) [فاطر:5].
أيها الناس: سِيَرُ الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- هي خير سير تنفع الناس، وأخبارهم مع أقوامهم مليئة بالعبرة والعظات، وقد أخبر الله تعالى أن قصص القرآن هي أحسن القصص في قوله سبحانه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآَنَ) [يوسف:3] وغالب قصص القرآن هي قصص الأنبياء عليهم السلام.
وقصة موسى بن عمران -عليه السلام- هي أكثر القصص وروداً في القرآن، وأعجبُها أحداثاً ومواقف، وأبلغها عبراً ومواعظ، وهي تجسد واقع البشر وانقسامهم إلى فريقين، وتبرز حقيقة الصراع بين الحق والباطل، والمداولة بين المصلحين والمفسدين؛ إذ ابتلى الله -عز وجل- موسى -عليه السلام- بمواجهة أعتا طاغية بشري أراد تعبيد الناس لذاته من دون الله تعالى وهو فرعون، فوقعت في مجلس فرعون مناظرة عظيمة، سدد الله تعالى فيها موسى، ولقنه الحجة، ودحر فرعون (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ* قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) [الشعراء10-17].
فامتثل موسى -عليه السلام- أمر ربه عز وجل، ومَثَلَ مع أخيه أمام الطاغية وأعوانه؛ ليصدع بالحق أمامه، ويُثْبِتَ له أنه عبد مخلوق، وأن له رباً خالقاً، لكن فرعون بدأ بتعداد مننه على موسى -عليه السلام- وهو الذي استعبد قومه، وأذلَّ عشيرته، وسلبهم حقوقهم، وأمعن في قهرهم وظلمهم (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ) [الشعراء:18-19].
لقد أراد فرعون أن يُذَّكر موسى -عليه السلام- بمنته عليه لما استثناه من القتل وليداً، ورباه في منزله، وهذه عادة الطغاة يسلبون الناس حقوقهم، فإن أعطوا أحداً منهم بعض حقوقه أظهروا المنة عليه بذلك، كما أراد فرعون أن ينقل موسى -عليه السلام- مما جاء لأجله وهو دعوة التوحيد إلى الجدال عن نفسه؛ كي يُضعف موقفه أمام الناس، ويجعله مجرماً كافراً للنعمة، خارجاً على القانون، مقابلاً إحسان فرعون بإساءته هو، فذكَّره بقتله للرجل من قوم فرعون وهربه، وهي الحادثة التي ذكرها الله تعالى في سورة القصص (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) [القصص:15] لكن موسى -عليه السلام- ردَّ على كيد فرعون ومنته، وأخبره أنه إنما فعل ذلك قبل أن يهتدي بالوحي، وأن الله -سبحانه- قد منَّ عليه بالرسالة؛ ليكون هذا الجواب موطئاً لدعوة فرعون وملئه إلى التوحيد (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ المُرْسَلِينَ) [الشعراء:21] وأجاب عن مِنَّة فرعون عليه بتربيته إياه في بيته بأن هذا حق لبني إسرائيل سلبه فرعون منهم، فكيف يمنُّ به عليه وهو من حقوقه (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) [الشعراء:22].
وانقطع حجاج فرعون عند هذا فانتقل إلى المجادلة في الله تعالى، وقابل فرعونُ دعوةَ موسى وهارون -عليهما السلام- بالعناد والاستكبار والصدود والاستخفاف (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العَالَمِينَ) [الشعراء:23] فاستدل موسى على ربه -جل وعلا- بالآيات البينات الظاهرات (قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) [الشعراء:24] ولما كانت هذه الحجة ظاهرة دامغة فإن فرعون لم يناقشها، ولم يزعم أنه هو خالق السموات والأرض، بل حوَّل الخطاب لملئه؛ ليؤيدوه في باطله، ويصدقوا كذبه؛ كما هي عادة الطغاة إذا انقطعت بهم الحجة، وكما هي عادة الأتباع في وقوفهم مع أسيادهم، وتأييدهم في باطلهم، فهم أجراء عندهم، يتكلمون بلسانهم، ويصدرون عن أقوالهم، ويستبقون إلى مرضاتهم، ولا يعنيهم الحق والنصح في كثير ولا قليل. فحول فرعون خطابه لملئه (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ) [الشعراء:25] فألقى موسى عليه حجة أخرى (قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ) [الشعراء:26].
وفرعون لا يستطيع المجادلة بهذه الطريقة، ويعجز عن ردِّ هذه الحجج الباهرة، مع أن فرعون قد زعم أنه ربُ رعيته وإلههم (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص:38] فهو مع هذه الدعوى يعلم أن حجة موسى ظاهرة فلا يستطيع أن يزعم أنه خلق من كانوا قبله من آبائه وهو غير موجود، كما لا يقدر على إنكار وجود من كانوا قبله من البشر؛ ولهذا هرب من مواجهة هذه الحجة باتهام موسى -عليه السلام- في عقله كما هي عادة الطغاة المستكبرين إذا انقطعوا وأعوزتهم الحيلة (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) [الشعراء:27].
لكن موسى -عليه السلام- لم يتوقف عند تهمة فرعون له بالجنون، ولم يجعلها ميداناً للنقاش؛ لأنه داعية لله تعالى، وليس منتصراً لنفسه، وهكذا ينبغي لدعاة الحق أن يتعلموا من موسى -عليه السلام- طريقته في نقاش أهل الباطل، فلا يحولوا النقاش عن موضعه، ولا يقلبوه عن حقيقته، وعليهم أن يتجردوا من حظوظ أنفسهم؛ لأنهم دعاة لله تعالى وليسوا دعاة لذواتهم، وليكونوا كما كان موسى -عليه السلام- لما أعرض عن تهمة فرعون له بالجنون، وواصل عرض آيات الله تعالى البينات التي تدل على أنه خالق الخلق ومدبرهم (قَالَ رَبُّ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [الشعراء:28].
ولما أعوزت فرعون البينة، وانقطعت به الحجة لجأ -كما يلجأ الطغاة- إلى التهديد والوعيد، وإصدار الأوامر دون بيان ولا تعليل (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ) [الشعراء:29] فانتقل موسى -عليه السلام- من تذكيره بآيات الله تعالى الظاهرة في الأنفس والآفاق، إلى إثبات أنه رسول من رب العالمين بآيات ومعجزات تحدث على يديه لا يستطيع فرعون مع ملكه وقوته وجنده أن يفعلها، ولا أن يمنعها أو يدفعها؛ لأن من أجراها على يد موسى -عليه السلام- هو من أرسله، وهو رب العالمين، وهو على كل شيء قدير، وهذه طريقة الرسل -عليهم السلام- أنهم لا يقفون في جدالهم على مناقشة حجج خصومهم مع تهافتها، وإنما ينقلونهم من آية إلى أخرى، كما أنهم لا يحفلون بتهديد الطغاة لهم؛ لأن غايتهم هداية الخلق للحق ولو نالهم في سبيل الله تعالى ما نالهم من الأذى، وكانت معجزة موسى -عليه السلام- لا يقدر عليها فرعون، وهي حسية مشاهدة يراها الناس (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) [الشعراء:30-33] ولكن فرعون لاذ بما يلوذ به الطغاة من اتهام المصلحين بأدوائهم هم، ورميهم بأفعالهم وصفاتهم من السحر والدجل والكذب على الناس (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) [الشعراء:34-35].
ورغم أن موسى -عليه السلام- وافق على طلب فرعون مقابلة السحرة أمام الناس، وعَلِم السحرةُ أن ما مع موسى ليس سحراً، وهم أهل السحر وصانعوه، وأذعنوا له بالمعجزة، وصدقوا له بالآية، وأعلنوا اتباعه والإيمان به... رغم ذلك كله فإن فرعون بقي على جحوده، واتهمهم بممالأة موسى -عليه السلام-، وعذبهم عذاباً شديداً، وما ردهم ذلك عن دينهم، وبقي فرعون على عناده واستكباره؛ حتى قطع الله تعالى شأفته، وأغرقه وجنده، وأراح العباد منه ومن شره، وجعل المؤمنين من بني إسرائيل خلفاً له ومن معه (وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف:137].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة:123].
أيها المسلمون: في قصص الأنبياء مع أقوامهم عبرة وعظة، والقرآن كتاب هداية وموعظة، وقد قص الله تعالى علينا فيه ما وقع للسابقين؛ لنحذر سلوك المجرمين، وننتظم في سلك الصالحين (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ) [الأنعام:55].
وأمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقص هذه القصص علينا (فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف:176] وامتثل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الرباني فكان يكثر من القصص على أصحابه رضي الله عنهم؛ كما روى عبد الله بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال: " كان نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ حتى يُصْبِحَ ما يَقُومُ إلا إلى عُظْمِ صَلَاةٍ " رواه أبو داود.
ومن غايات القصة تثبيت القلوب على الحق؛ كما قال الله تعالى (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود:120].
وقد صدَّر الله تعالى قصة موسى مع فرعون في سورة الشعراء بخطابه لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الشعراء:3] تسلية له، وبياناً أن تكذيب قريش ليس أول تكذيب، فقد كُذب موسى من قبل، كذَّبه فرعون، وجادله في ربه جل وعلا، مما يدل على أهمية هذه القصة في تثبيت أهل الحق، والربط على قلوبهم، وتقوية إيمانهم، وزيادة يقينهم.
ونحن في زمن عظمت فيه الفتن، ولُبِسَ فيه الحق بالباطل، وكثر تبديل الدين سواء بتحريف معاني النصوص، وصرفها عن ظاهرها لتوافق الأهواء، وتتلاءم مع الواقع الفاسد، أو بمحاربته مباشرة، ولا ثبات للعبد على الحق إلا بتثبيت الله تعالى له؛ إذ القلوب بيده -سبحانه- يقلبها كيف يشاء، ومن أعظم أسباب الثبات إدمان قراءة سير الثابتين على الحق، ومن أشهر ذلك ثبات موسى -عليه السلام- أمام فرعون الطاغية الذي عبَّد الناس له من دون الله تعالى، وكان موسى -عليه السلام- قدوة لكل من ثبت على الحق في زمن كثرة الفتن، واشتداد المحن، وعظم البلاء.
فحري بمن أراد الثبات أن يكثر من مطالعة هذه القصص وتدبرها وفهمها، والقرآن شفاء من كل الأدواء بما فيها فتن القلوب وزيغها وانحرافها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:57-58] قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: " فَضْلُ الله القرآنُ، ورحمتُه أن جعلنا من أهله ".
وصلوا وسلموا على نبيكم ...
التعليقات