عناصر الخطبة
1/ الفوز يجمع السلامة من الشر والظفر بالخير 2/ الإيمان والعمل الصالح أساس الفوز 3/ التعبد لله لا يكون إلا بما وافق الشرع 4/ الفوز في الآخرة رهن بتحقيق الصبر 5/ مبشرات فوز المؤمن في الآخرةاهداف الخطبة
اقتباس
إن الجنة دار الفائزين، والفوز يجمع السلامة من الشر، والظفر بالخير، ومن فاز بالجنة وما فيها من النعيم المقيم الذي منه رضوان الرحمن ورؤيته فقد فاز بأعلى ما يطمح إليه إنسان من جزاء، وحقّق أعظم فوز يخطر ببال؛ لأنه ظفر بخلود أبدي فيما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب
بشر، فلا حزن يكدره، ولا تفكير في الموت ينغصه ..
الحمد لله العليم القدير؛ توعَّد منْ عصاه بخسران مبين، وعذاب أليم، ووعد من أطاعه بأجر كبير، وفوز عظيم: (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) [الزمر:20]، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على عطائه وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل الإيمان والعمل الصالح سببًا لسعادة الدنيا والآخرة، وجزاء من حقّقهما جنات ورضوان وفوز عظيم: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:72]، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، لا فوز للعباد إلا بمحبته والإيمان به وطاعته واتّباعه: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) [النور:52]، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعمروا أوقاتكم بما تجدونه أمامكم، واستعملوا أركانكم فيما ينفعكم، وتزودوا من الأعمال ما يكون ذخرًا لكم؛ فإنّ الدنيا إلى زوال، وإنّ الآخرة هي دار القرار، وإنّ فوز الآخرة عظيم، وخسرانها مبين: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران:185].
أيها الناس: في القرآن الكريم ترغيب وترهيب وموعظة وتذكير، وإغراء بجنة عرضها السماوات والأرض، وتحذير من نار تلظى، وتأكيد على ذلك وتكرار له في كثير من الآيات، وليس يخفى على قراء القرآن كثرة ذكر الجنة والنار فيه، وكلاهما جزاء من الرحمن للعباد بحسب أعمالهم في الدنيا، فمن كانت الجنة جزاءه فقد فاز، ومن كانت النار نصيبه فقد خسر.
إن الجنة دار الفائزين، والفوز يجمع السلامة من الشر، والظفر بالخير، ومن فاز بالجنة وما فيها من النعيم المقيم الذي منه رضوان الرحمن ورؤيته فقد فاز بأعلى ما يطمح إليه إنسان من جزاء، وحقّق أعظم فوز يخطر ببال؛ لأنه ظفر بخلود أبدي فيما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فلا حزن يكدره، ولا تفكير في الموت ينغصه؛ ولذا يقول أهله وهم يرون النعيم: (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الصفات:58-61]، ويقول الله تعالى مخبرًا عن فوزهم بنعيم أبديّ: (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الدخان:56-57].
وحقيق أن يسمى هذا الفوز فوزًا عظيمًا، وفوزًا كبيرًا، وفوزًا مبينًا، وأن يوصف أصحابه بأنهم فائزون ومفلحون، فيا لهف نفوس المؤمنين على تحقيقه، ويا لسعيهم الحثيث لحصوله، حين خالفوا في الدنيا أهواءهم، وقهروا نفوسهم، وأتعبوا أجسادهم في مرضاة ربهم -سبحانه وتعالى-، حين حافظوا على الفرائض، وأتبعوها بالنوافل، وكفوا عن المحرمات.
وأساس هذا الفوز لمن أراده، وأصله الذي إن حققه ناله: هو الإيمان والعمل الصالح، وجاء الإخبار عن ذلك في آيات عدة: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) [الجاثية:30]، وفي آية أخرى: (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً) [الفتح:5]، وفي آية ثالثة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) [البروج:11]، فلا فوز بلا إيمان وعمل صالح، فمن حققه فاز فوزًا وصف في أكثر مواضع القرآن بأنه عظيم، وفي بعضها وصف بأنه مبين، وفي بعضها بأنه كبير، وهو كذلك (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) [الإنسان:20].
وفي بعض الآيات عبّر عن ذلك بالإيمان والتقوى؛ ليكون الإيمان للأعمال الباطنة، والتقوى للأعمال الظاهرة: [يونس:62-64].
وأحيانًا يذكر مع الإيمان والعمل الصالح لتحقيق ذلك الفوز العظيم أعمال صالحة أخرى، وهي -وإن كانت تدخل ضمن العمل الصالح- فإنّ لها خصوصيةً على غيرها في تلك الآيات المذكورة فيها، كالجهاد في سبيل الله تعالى؛ وقد كرّر ذلك في مواضع من القرآن، وفي سورة التوبة التي حوت أعمال المجاهدين الصادقين، وأخبار القاعدين والمنافقين؛ فيها كذلك إعلام بالفوز العظيم وبسببه: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:111].
وفي بعض المواضع يضم إلى الإيمان والجهاد: الهجرة لله تعالى لتحقيق ذلك الفوز العظيم: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) [التوبة:20].
والتحلي بالصدق في الأقوال والأعمال والمقاصد سبب للفوز العظيم، مخصوص بالذكر في القرآن الكريم: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [المائدة:119].
وحتى لا يظن أحد من الناس أنه يستطيع التعبد لله تعالى بشرع غير شرع محمد -صلى الله عليه وسلم- ليحقق ذلك الفوز؛ تعددت الآيات التي تعلّق الفوز العظيم بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء:13]، وفي آية أخرى: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:71].
فهاتان الآيتان تدلان على اشتراط الإسلام لتحقيق الفوز العظيم، وأن من كفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ولم يطعه فإنه لا ينال الفوز العظيم مهما تعبّد لله تعالى، أو عمل أعمالاً تنفع الناس؛ إذ إنّ شرط الفوز مفقود، وسبب الخسارة موجود، فمن سوَّى بين مؤمن وكافر فقد أعظم الفرية على الله تعالى؛ لأنه سبحانه خصّ الفوز بأهل الجنة، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة كما نودي بذلك في مكة بعد نزول البراءة من المشركين، وفي الفرق بينهما يقول الله تعالى: (لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ) [الحشر: 20].
وفي داخل ملة الإسلام تتعدد أهواء الناس، وتختلف رؤاهم، ويتفاوتون في قربهم من كمال الإسلام وبعدهم عنه؛ ولذا كان كمال الفوز في تحقيق كمال الإسلام، ولا يكون ذلك إلاَّ باتباع سلف هذه الأمة الذين حضروا التنزيل، وفهموا التأويل، وصحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكون اتّباعهم طريقًا للفوز العظيم منصوصًا عليه في الذكر الحكيم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100]، فالذين سلكوا سبيلهم طلبًا لرضوان الله تعالى يفوزون كما فاز السابقون، وهذا يبين أهمية الاتباع واقتفاء السنن، والبعد عن الأهواء والبدع، وقد سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- رجلاً ينتقص بعض الصحابة فقال: "أما أنت فلم تتبعهم بإحسان".
ونقل ابن تيمية -رحمه الله تعالى- جملةً من الآثار عن السلف في الاتباع ثم قال: "فمن أراد لنفسه الفوز والنجاة عليه أن يلزم غرز هؤلاء، ويسلك نهجهم، ويتبع طريقهم، ومن كان كذلك فقد سبق سبقًا بعيدًا، وفاز فوزًا عظيمًا". اهـ.
إن من يريد الفوز في الآخرة فعليه أن يصبر في الدنيا على الطاعات، ويصبر عن المعاصي، ويصبر على مقادير الله تعالى فيه؛ ذلك أنّ الإيمان والعمل الصالح يحتاج إلى صبر كيما يحقق العبد الفوز في الآخرة، فيكون ممن يقول الله تعالى فيهم: (إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ) [المؤمنون:111].
جعلنا الله تعالى ووالدينا وآلنا ومن نحبّ من الفائزين، وجنّبنا طرق الخاسرين، ورزقنا الخلد في دار النعيم، آمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التغابن:9].
بارك الله لي ولكم في القرآن...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه، واعلموا أن تقواه سبحانه محققة للفوز يوم القيامة: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر:61].
إن مجرد صرفهم عن العذاب في الآخرة فوز مبين؛ لأنه نجاة من عذاب أبدي: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) [الأنعام:15-16]. ورغم أن نجاتهم من العذاب فوز مبين فإنّ من لوازمها فوزًا آخر بالجنة؛ إذ لا دار بين الدارين، فمن نجي من النار صار إلى الجنة، وهذه المنزلة تدرك بالتقوى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً) [النبأ:31]، ثم عدد سبحانه جملةً مما أعد لهم في الجنة، وختم ذلك بقوله -عز وجل-: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً) [النبأ:36]، ففوزهم بالجنة ونعيمها عطاء من الله تعالى بسبب تقواهم.
والملائكة -عليهم السلام- لفرط محبتهم للمؤمنين يدعون الله تعالى بأن يحفظهم من موجبات سخطه من أجل أن يفوزوا برضوانه وجنته، فمن دعائهم للمؤمنين: (وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [غافر:9].
والمؤمن يعلم بفوزه عند موته حين يرى ملائكة الرحمة تستقبله: "ثم يجئ ملك الموت -عليه السلام- حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان"، قال: "فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء". رواه أحمد.
وكم من مؤمن أخبر بفوزه عند موته، منهم حرام بن ملحان -رضي الله عنه-، طعنه المشركون في بئر معونة فأخذ الدم بيده من موضع الطعن فرشَّه على وجهه ورأسه وهو يقول: "فزت ورب الكعبة". رواه الشيخان.
وعلى العبد أن يسأل الله تعالى العافية فإنها سبب للفوز؛ ذلك أن الإنسان إذا عوفي من الكفر والنفاق والكبائر فقد فاز، وإذا عوفي من البلاء عوفي من الضجر والتسخط ففاز، فإن ابتلي استعان بالله تعالى على بلواه وصبر، وأصل ذلك ما روى معاذ -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل وهو يصلي وهو يقول في دعائه: اللهم إني أسألك الصبر، قال: "سألت البلاء فسل الله العافية"، قال: وأتى على رجل وهو يقول: اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال: "ابن آدم: هل تدري ما تمام النعمة؟!"، قال: يا رسول الله: دعوة دعوت بها أرجو بها الخير، قال: "فإن تمام النعمة فوز من النار ودخول الجنة...". رواه أحمد.
وجاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن "من قرأ في ليلة بمائتي آية كتب من الفائزين". رواه الدارميّ.
فعلى من أراد الفوز في الآخرة أن يعمل صالحًا وهو يحسن الظن بالله تعالى أن الله تعالى يرحمه ويمنحه الفوز العظيم؛ ذلك أن إحسان الظنّ بلا عمل غرور، كما أن العمل بلا ظنّ حسن في الله تعالى قنوط، والغرور والقنوط مانعان من الفوز في الآخرة.
ألا وصلوا وسلموا على نبيكم...
التعليقات