عناصر الخطبة
1/عيادة المريض من حقوق المسلم 2/من فوائد عيادة المريض 3/من فوائد المرض وثمراته 4/من آداب زيارة المريضاقتباس
من الآداب: عدم كثر الأسئلة والاستفسارات عن حالته، وعدم الإطالة في زيارة المريض؛ لأن ذلك سيسبب له المشقة والحرج، فبعض الناس يعود المريض، وربما جلس يتحدث طويلا ويستأنس بشرب الشاي والقهوة والحديث مع أصحابه، وتجد المريض...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله القائل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات: 10]، أحمده حمدًا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
عباد الله: اعلموا أن للمسلم على أخيه المسلم حقوقًا، منها ما جاء في الحديث: "حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ"، وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: رَدُّ التَّحِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-".
فعيادة المريض يترتب عليها فضل كبير، وقد حثنا عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفُكُّوا العاني"(رواه البخاري)، ولو يعلم الناس فضلها علم اليقين لما تهاونوا بها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ؛ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا"(رواه الترمذي)، عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟"(رواه مسلم).
وزيارة المريض مستحبة سواء كان المريض مسلمًا أو كافرًا؛ لما فيها من إدخال السرور على المريض وجبر لخواطر أهل المريض؛ لما صحَّ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد أبا طالب وهو كافر، وكان له غلامٌ يهودي خادمٌ له في المدينة، فمرض فعاده النبي ودعاه للإسلام والنطق بشهادة الحق ففعل.
إخوة الإسلام: إن في زيارة المريض فوائد عديدة، ومنافع كبيرة، فهي -بإذن الله تعالى- مما يُقوِّي عزيمة المريض، ويُعينه على التحلي بالصبر، وهي تُسهم إلى حد كبيرٍ في غرس الأمل في نفسه، وعدم انقطاع الرجاء، وأنه سيتعافَى -بإذن الله تعالى-، وأن ما يصيبه خيرٌ له إذا صبر واحتسب؛ لما يترتب على ذلك من تكفيرٍ لذنوبه وخطاياه، ورفعةٍ لدرجاته، وزيادةٍ في حسناته، فقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِن مَرَضٍ فَما سِوَاهُ؛ إلَّا حَطَّ اللَّهُ به سَيِّئَاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"(مُتفقٌ عليه).
وعيادة المريض وزيارته من الآداب الرفيعة التي حث الإسلام المسلمين عليها، وجعلها من أولى حقوق المسلم على أخيه المسلم، بل ومن سبل التأليف بين القلوب الذي امتن الله -تعالى- علينا به في كتابه الكريم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ؛ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا"(رواه الترمذي).
عيادة المريض طريقٌ إلى الجنة -بإذن الله تعالى-، حيث صحَّ عن ثوبان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ المُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ المُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ"(رواه مسلم).
فهذا العمل المبارك سببٌ لصلاة الملائكة الكرام ودعائهم للإنسان، فقد أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِما غُدْوَةً؛ إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ"(رواه الترمذي).
عباد الله: إن للمرض الذي يصيب العبد المؤمن فوائد منها: طهارة القلب من الأمراض، فإن الصحة تدعو إلى الأشر والبطر والإعجاب بالنفس؛ لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وهدوء بال، فإذا قيده المرض وتجاذبته الآلام انكسرت نفسه، ورق قلبه، وتطهر من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة، قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: "لولا محن الدنيا ومصائبها، لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب، ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حمية له من هذه الأدواء"(زاد المعاد)، وكما قيل:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت *** ويبتلى الله بعض القوم بالنعمِ
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد -عليه الصلاة والسلام-، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها المسلمون: اعلموا أن لعيادة المريض آدابها، فمن آداب زيارة المريض: اختيار التوقيت المناسب، فيجب عدم زيارة المريض في وقت نومه أو طعامه، كما يجب عدم التعجل في زيارته.
كما أنّ من آداب زيارة المريض: الدعاء له بما ورد من أدعية مأثورة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أدعية الشفاء للمريض، ومنها هذا الدعاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرارٍ: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عافاه الله من ذلك المرض".
ومن الآداب أيضًا: أنّ يتم تذكير المريض بأجر الصبر على المرض، وبأنّ كل ما يُصيبه سينال عليه الأجر والثواب من الله -تعالى- إذا صبر واحتسب.
كما أنّ من الآداب: عدم كثر الأسئلة والاستفسارات عن حالته، وعدم الإطالة في زيارة المريض؛ لأن ذلك سيسبب له المشقة والحرج، فبعض الناس يعود المريض، وربما جلس يتحدث طويلا ويستأنس بشرب الشاي والقهوة والحديث مع أصحابه، وتجد المريض يضحك مجاملة وهو من الداخل قد يكون يتململ يريد الخروج لدورة المياه أو بحاجة إلى النوم، فعلى كل من عاد مريضا ألَّا يطيل بل لا تتجاوز دقائق معدودة، ثم يدعون له وينصرفون.
فاتقوا الله -عباد الله-، وصلوا وسلموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
التعليقات