عناصر الخطبة
1/أحوال الناس في شهر رمضان 2/ فضائل ليلة القدر وخصائصها 3/ واجب المسلم في العشر الأواخر من رمضان 4/ الاجتهاد في الطاعة رجاء الفوز بليلة القدر.اهداف الخطبة
اقتباس
ولكن المُوفَّق السعيدَ، والأريبَ النَّبيلَ هو السابِقُ بالخيرات - بإذن الله -، الذي عقَلَ عن الله، فرأَى في شهر رمضان معلمَةً كُبرى مِن معالم الإيمان والتربية والإصلاح، فاجتهَدَ وعمِلَ وسارَعَ وسابَقَ، وقوَّمَ عاداتِه وحسَّنَها، وزكَّى قلبَه ورُوحَه. فاغتَنَمَ هذا المُوفَّقُ السعيدُ أيامَ رمضان وليالِيَه في التغيير النافِع، والاهتِداء والإصلاحِ، فاجتهَدَ وعمِلَ وسارَعَ وسابَقَ ونافَسَ في الخيرات، فسبَقَ وفازَ، وازدادَ كل يومٍ في رمضان قُربًا مِن ربِّه، ورُقِيًّا في مقاماتِ الإيمان، حتى يصِلَ إلى مقام الإحسان، فيعبُد اللهَ كأنَّه يراه...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي غمَرَ قلوبَ عبادِه في شهر رمضان بخيراتِه ولطائِفه، وعمَّرَ أوقاتَهم بنَفَحاتِه ووظائِفِه، وأكرَمَهم فيه بمزيدِ هداياتِه ومنائِحِه، أحمدُه - سبحانه - حمدًا لا مُنتهَى لغاياتِه، ولا يبلُغُ مِدحَتَه أحدٌ مِن بريَّاتِه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحْدهُ لا شريكَ له وفَّق مَن شاءَ مِن عبادِه بفضلِه ورحمَتِه، وخذَلَ مَن شاءَ بعدلِه وحِكمتِه، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ختَمَ به الرسالات، وأتمَّ به صالِحَ الأخلاق والكمالات، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، وأتباعِه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتَّقوا الله - عبادَ اللهِ -، وأحسِنُوا في عبادةِ ربِّكم وأقيمُوا وجوهَكم له؛ فليس هناك أحدٌ أحسنَ دينًا ممَّن أسلمَ وجهَه لله وهو مُحسِنٌ واتَّبعَ ملَّةَ إبراهيم حنيفًا، وليس هناك أحدٌ أكرَمَ على الله مِن أهل التقوَى والإيمان، (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13].
أيها المُسلمون: تكاثَرَت النصوصُ وتوالَت في فضائلِ شهر الصيام والقيام شهر رمضان المُبارَك، حتى عرفَ عامَّةُ الناس مكانتَه وجلالتَه، وأثرَه العظيمَ في تربية الأرواحِ والقلوبِ، وتهذيبِ النُّفوسِ، بَيْدَ أن هذه المعرفةَ النظريَّةَ لا تتطابَقُ والسُّلوكَ العمليَّ في واقعِ بعضِ الناس، ولم تُترجَم إلى ما هو مطلُوبٌ فِعلُه في هذا الشهر الكريم.
ولذلك انقسَمَ الناسُ في شهر رمضان إلى ثلاثة أقسام تبَعًا لأحوالِهم وأعمالِهم، ومدَى امتِلاءِ قلوبِهم بخشيةِ الله ومحبَّته، وشُعورِهم بأنَّ أيامَ رمضان وليالِيه فُرصةٌ عظيمةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ:
فمن الناس مَن لم يشعُر بجلالةِ هذا الشهر وآثاره الإيمانيَّة والروحيَّة والتربويَّة، فظلَمَ نفسَه بالتفريطِ في الفرائضِ والنوافِلِ والقُرُبات، وتحقيقِ الصيامِ على الوجهِ الصحيحِ، ولم يتورَّع هؤلاء عن ارتِكابِ معاصِي القلوبِ واللِّسان والنَّظر والسماعِ في أيامِ هذا الشهر وليالِيه، وانشِغَلُوا بلذَّات الحياة ومآكلِها ومشارِبِها، ومُلهِيات العصر، ووسائل تواصُله الاجتماعيِّ.
ولم يستفِيدُوا شيئًا مِن نفَحَاتِ هذا الشهر وهداياتِه، وهم على أعتابِ الثُّلُث الأخير منه، ولم يزدادُوا من الله إلا بُعدًا، فاستَحَقُّوا أن تُصيبَهم دعوةُ النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - على مَن أدرَكَ رمضان فلم يُغفَر له، فرغِمَت أنُوفُهم، وثكِلَتْهم أنفُسُهم، إلا أن يتدارَكهم الله برحمتِه، ويُدرِكُوا أنفسَهم قبل رحيلِ هذا الشهر المُبارَك، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46].
ومِن الناسِ مَن هو في رمضان مُقتَصِد، قد عمِلَ الفرائِضَ واجتنَبَ المُحرَّمات في الجُملة، ولكن ليس له كبيرُ اجتِهادٍ ونوافِل، وقُرُبات، وصدَقَات، ولم تسمُ همَّتُه إلى المُسارَعَة والمُسابقَة في تحصيلِ أكبر قَدرٍ مُمكنٍ مِن الأرباحِ والمكاسِبِ في هذا الشهر الكريم، شهر التجارة الرابِحة مع الله.
فهذا سائِرٌ إلى الله على طريقِ السلامةِ والقَصدِ، وله مِن الأجر ما نوَى، وهو على خيرٍ ولا شك، ولكن المُوفَّق السعيدَ، والأريبَ النَّبيلَ هو السابِقُ بالخيرات - بإذن الله -، الذي عقَلَ عن الله، فرأَى في شهر رمضان معلمَةً كُبرى مِن معالم الإيمان والتربية والإصلاح، فاجتهَدَ وعمِلَ وسارَعَ وسابَقَ، وقوَّمَ عاداتِه وحسَّنَها، وزكَّى قلبَه ورُوحَه.
فاغتَنَمَ هذا المُوفَّقُ السعيدُ أيامَ رمضان وليالِيَه في التغيير النافِع، والاهتِداء والإصلاحِ، فاجتهَدَ وعمِلَ وسارَعَ وسابَقَ ونافَسَ في الخيرات، فسبَقَ وفازَ، وازدادَ كل يومٍ في رمضان قُربًا مِن ربِّه، ورُقِيًّا في مقاماتِ الإيمان، حتى يصِلَ إلى مقام الإحسان، فيعبُد اللهَ كأنَّه يراه، وتنشأُ بينَه وبين ربِّه علاقةٌ خاصَّة، «ولا يزالُ عبدِي يتقرَّبُ إلَيَّ بالنوافِلِ حتى أُحِبَّه».
وتلك - لعَمْرُ الحقِّ - مِن أرفعِ مراتِبِ الدين ومقاماتِه، ومِن أفخَمِ هداياتِ شهر رمضان وبيِّناتِه.
أيها المسلمون: إن المعانِيَ والقِيَم التي يغرسُها شهرُ رمضان في النُّفوسِ والقُلوبِ كثيرةٌ ومُتنوِّعة، وكلٌّ ينهَلُ مِن معِينِ رمضان بحسب استِعدادِه وإقبالِه على ربِّه:
فمِن الناسِ مَن كان قلبُه مثلَ الوادِي الكبيرِ، يسَعُ غيثَ القرآنِ والصيامِ والقِيامِ، وكانت أرضُه طيبةً فقَبِلَت الماءَ، وأنبَتَت العُشبَ والكلأَ الكثيرَ، بل وحمَلَ معه الجمَّ الغفيرَ مِن الناسِ، وأصبَحَ مثلَ السِّراجِ المُزهِر، والكوكب الدُّرِّيِّ المُنِير.
ومِن الناسِ مَن كان قلبُه مثلَ الوادِي الصغيرِ جدًّا، الذي لا يحتَمِلُ شيئًا، وكانت أرضُه أجادِبَ وقِيعَان، لم تُمسِكِ الماءَ، ولم تُنبِتِ الكلأَ والعُشبَ، وضاقَ صدرُه عن استِقبالِ غيثِ رمضان المُنهمِرِ في كل وقتٍ.
وبين هذه الوادِيَين أودِيةٌ أُخرى سالَت بقَدَرها، كذلك يضرِبُ اللهُ الأمثالَ للناسِ؛ ليعتَبِرُوا ويتَّعِظُوا، وما يعقِلها إلا العالِمُون.
معاشِر الصائِمين: إنَّ مِن أجلِّ المعانِي والقِيَم التي يغرِسُها شهرُ رمضان في قُلوبِ المُخبِتِين الصادِقِين الخاشِعِين لله: أنه يُربِّيهم على التجرُّدِ لله - سبحانه وتعالى - وحده؛ فهم إن صامُوا صامُوا لله وحدَه، أو قامُوا الليلَ فمِن أجلِ الله إيمانًا واحتِسابًا، أو قرأُوا القرآنَ وختَمُوه مِرارًا، فحُبًّا لله وتقرُّبًا إليه.
يدَعُون شهوتَهم وطعامَهم مِن أجلِ الله - سبحانه -، ويبتَعِدُون عن السِّبابِ والخِصامِ والغِيبةِ والنَّمِيمة وسائرِ المعاصِي؛ رجاءً في ثوابِ الله، وخوفًا مِن عِقابِه، ولا يُصِيبُهم ظمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخمَصَةٌ إلا علِمُوا أن ذلك في ذاتِ الإله، فصبَروا ورضُوا وفرِحُوا.
وكم هي الأفراحُ في رمضان التي تغمُرُ القلوبَ المُتجرِّدة لله!
فهم طِيلةَ شهرٍ كامِلٍ يتربَّون على معانِي التجرُّد لله والإخلاصِ والصِّدق، ولا شكَّ أن ذلك سوفَ ينعكِسُ إيجابًا على حياتِهم، وأخلاقهم، وأقوالِهم، وتصوُّراتِهم؛ فإن مَن ذاقَ لذَّةَ العمل لأجلِ الله وحدَه، استغنَى بربِّه، وأشرَقَت رُوحُه، وهانَت عنده لذَّاتُ الحياةِ كلُّها، واحتَقَرَ اللَّهاثَ والسعيَ وراءَ رضا الناسِ وحَمدِهم، واستعلَى بإخلاصِهِ وتجرُّدِه على حُظوظِ النفسِ ومطامِعِ القلوبِ.
وتلك نَفحةٌ مِن نفَحَات رمضان وهداياتِه، وأثرٌ مِن آثارِ أنوارِه وبيِّناتِه. فيا سعادةَ مَن ذاقَ طعمَه وحلاوتَه! فقد أدركَ جنَّةَ الله المُعجَّلَة .. ويا بُؤسَ مَن لم يذُق لذَّةَ هذه المعانِي الإيمانيَّة الرمضانيَّة، ولم يشَمَّ لها رائِحة! (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185].
بارَكَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ قَولِي هذا، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، الحمدُ لله بارِي البريَّات، ومُجزِل العطايا والهِبات، وأُصلِّي وأُسلِّمُ على المبعُوث بالهُدى والبيِّنات، وعلى آلِه وأصحابِهِ النُّجُوم الزَّاهِرات، والتابِعِين لهم بإحسانٍ إلى يوم العرضِ على ربِّ الأرض والسماوات.
أما بعد: فإنه لم يَبقَ مِن شهرِكم إلا الثُّلُث الأخيرُ - يا أيها المُسلمون -، والثُّلُثُ طيبٌ وكثيرٌ، عشرٌ مُباركاتٌ ليالِيها أفضلُ ليالِي السنة على الإطلاقِ، وقد أقسمَ الله تعالى به في قوله: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 2].
ولشرَفِها وجلالَتها كان النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يخُصُّها بكثرة العبادة والاجتِهاد في القُرُبات، والاعتِكاف والخَلوَة بربِّه - سبحانه وتعالى -.
فقد ثبَتَ أنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، إذا دخلَت العشرُ شدَّ مِئزَرَه، وأحيَا ليلَه، وأيقَظَ أهلَه، فيجتهِدُ فيها ما لا يجتَهِدُ في غيرِها.
وقد اختَصَّ الله - سبحانه وتعالى - هذه العشرَ المُبارَكات بليلةِ القَدر التي لا مِثلَ لها ولا نظيرَ؛ فهي الليلةُ التي أنزِلَ فيها القرآن، فإما أن يكون المُرادُ أنَّ ابتِداءَ نُزول القرآن - صلى الله عليه وآله وسلم -، كان في هذه الليلةِ المُبارَكة، أو يكون المُرادُ أن نُزولَ القرآن مِن اللَّوحِ المحفُوظ، ونسخَه منه جُملةً واحِدة إلى بيتِ العِزَّة في السماء الدنيا كان في هذه الليلةِ المُبارَكة.
ولذلك يكثُرُ فيها نُزول الملائِكةِ إلى الأرضِ؛ حتى إنها لتَضِيقُ بهم مِن كثرَتِهم، حتى إن جبريلَ - عليه السلام - ينزِلُ إلى الأرضِ؛ لجلالَة هذه الليلةِ وعظمَتِها عند الله - سبحانه -، كما قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 4، 5].
فهي ليلةٌ سالِمةٌ مِن كل سُوءٍ وكَدَر، طَلقةٌ سَمِحَة، مُعتَدِلةٌ لا حارَّةٌ ولا بارِدةٌ، مُنِيرةٌ مُضِيئةٌ، لا يُرمَى فيها بنَجمٍ، ولا تُرسَلُ فيها الشُّهُب، ولا يخرُجُ شيطانُها حتى ينبَلِجَ الفجرُ، وتطلُعُ الشمسُ في صَبيحَتها حمراء ضعيفةً لا شُعاعَ لها. وهذه العلاماتُ ثابِتةٌ عن النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ومِن جلالَةِ هذه الليلةِ: أنها ليلةُ التقديرِ السنويِّ، فيُفصَلُ فيها ما في اللَّوح المحفُوظ إلى صحائِفِ الملائِكةِ مِن أحداثِ الدنيا، والوقائِعِ العامَّة والخاصَّة التي تحصُلُ في الكَون للسنةِ القادِمة، كما قال - سبحانه -: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا) [الدخان: 4، 5].
فجميعُ ما يكونُ في السنةِ القادِمةِ ويُقدِّرُه الله مِن رِزقٍ، وحياةٍ ومَوتٍ، وعِزَّةٍ وذُلٍّ، وغِنًى وفقرٍ، وغير ذلك يُفصَلُ مِن اللَّوح المحفُوظ في هذه الليلةِ الشريفةِ العظيمةِ القَدْر.
فلا غَرْوَ إذًا - يا عباد الله - أن تكون العبادةُ فيها والطاعاتُ أفضلَ وأعظمَ أجرًا مِن عبادةِ ألفِ شهر؛ يعني: ما يُقارِبُ أربعًا وثمانين سنة.
معاشِر الصائِمين: ليلةُ القَدر ليلةٌ عظيمةٌ شريفةٌ، ولذلك كان السَّلَف الصالِحُ يتحرَّون إدراكَها بعنايةٍ بالِغةٍ، ويحرِصُون عليها حِرصًا شديدًا، وقد تحرَّاها النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وحثَّ صحابتَه على تحرِّيها، وهي في العشر الأواخِر قَطعًا، والغالِبُ أنها في الأوتار، وقد تكونُ في الأشفاعِ، وهي في سَبعٍ يبقَين أو سبعٍ يَمضِين، وكثيرًا ما تكونُ في ليلةِ سَبعٍ وعشرين خاصَّةً إذا وافقَت ليلةَ جُمعة.
والمشهُورُ عند كثيرٍ مِن العلماء: أنها تتنقَّلُ في الغالِبِ، وليسَت ثابِتةً في ليلةٍ مُعيَّنةٍ في كل الأعوام، وهذا التنقُّل مقصُودٌ؛ حتى يجتَهِدَ العبدُ في العشر في كل العَشر، ولا يتَّكِلَ على ليلةٍ واحدةٍ، ولا يحرِص على تتبُّعِ رُؤَى وتعبيراتِ المُعبِّرين، وحساباتِ الحسَّابِين.
وإذا اجتَهَدَ العبدُ في ليالِي العشرِ كلِّها، فقد أصابَ وأدركَ ليلةَ القدر قطعًا.
فاتَّقُوا اللهَ - يا مُسلمون -، وأرُوا اللهَ مِن أنفُسِكم خيرًا، واجتهِدُوا فيما بقِيَ مِن الشهر؛ فالأعمالُ بالخواتِيم، والسابِقُ مَن سبَقَ في هذه الأيامِ والليالِي، والمحرُومُ مَن حُرِمَ الخيرَ والمغفِرةَ والأجُورَ في رمضان، والأعظمُ حِرمانًا وخُسرانًا مَن حُرِمَ مِن رحمةِ الله وفضلِه ومغفرتِه في ليلةِ القَدر، ولا يُحرَم خيرَها إلا محرُومٌ مخذُولٌ، ولن يهلِك على الله إلا هالِك، (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 27].
عباد الله: صلُّوا على رسولِ الله؛ فقد أمَرَكُم بذلك الله؛ حيث قال في مُحكَم تنزيلِه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
وثبَتَ عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «مَن صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً، صلَّى الله عليه بها عشرَ صلَوَات، ورفعَ له بها عشرَ درَجَات، وكتَبَ له بها عشرَ حسَنَات، وحطَّ عنه بها عشرَ خطيئَات».
فاللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وأنعِم على عبدِك ورسولِك نبيِّنا وحبيبِنا وسيِّدنا وقُدوتِنا محمدٍ، وعلى آلهِ وأزواجه وذريَّاته الطيبين الطاهِرين، وسائِرِ صحابَتِه الكرامِ الأبرارِ الأطهارِ، وخُصَّ منهم: أبا بكرٍ الصدِّيقَ، وعُمرَ الفاروقَ، وعُثمانَ ذا النُّورَين، وعليًّا أبا الحسَنَين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين.
اللهم انصُر مَن نصَرَ دِينَك، واخذُل مَن خذَلَ دِينَك، اللهم انصُر مَن نصَرَ دِينَك، واخذُل مَن خذَلَ دِينَك بقوَّتِك يا قويُّ يا عزيزُ.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم أصلِح أحوالَهم في فلسطين، والشَّام، وفي العِراق، واليَمَن برحمتِك يا أرحم الراحِمين.
اللهم انصُر إخواننا المجاهدين المُرابِطِين على الحدود، اللهم انصُر إخواننا المجاهدين المُرابِطِين على الحدود، اللهم كُن لهم عَونًا ونصيرًا، ومُؤيِّدًا وظَهيرًا، اللهم اشفِ مرضاهم، وداوِ جرحَاهم، وتقبَّل شُهداءَهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّقه ونائبَيه لما فيه صلاحُ البلادِ والعبادِ، واجعَلهم مفاتيحَ للخيرِ مغالِيقَ للشرِّ برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
اللهم اغفِر لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميِّتين.
اللهم أعتِق رِقابَنا مِن النار، اللهم أعتِق رِقابَنا ورِقابَ آبائِنا وأمهاتِنا وأزواجِنا وذُريَّاتِنا مِن النار برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفِّقنا لإدراكِ ليلةِ القَدر، وأعظِم لنا فيها الأجرَ برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ وأصحابِه أجمعين.
التعليقات