عناصر الخطبة
1/ سمات العيد في الإسلام 2/ خطورة التصدع في بنيان الأمة 3/ أخطر مشكلات المسلمين اليوم 4/ العيد دعوة للتآلف والتراحم 5/ منزلة الأخوة بين المسلمين 6/ التعايش سمة حضارية وحقيقة إنسانية.اهداف الخطبة
اقتباس
إن كان من فريضة يجب على المسلمين أن يقوموا بها بعد توحيد الله وعبادته وطاعته بما شرع، وانطلاقاً من هذا العيد الذي ينفث في روع هذه الأمة وخلدها الحب والتعاون والتآخي والهدف الواحد، فإنها فريضة رأب الصدع وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين على مستوى الأسرة وبين الجيران والإخوة، وبين الحاكم والمحكوم، وبين مجتمعات المسلمين ودولهم وشعوبهم، فقد أدى هذا التصدع في بنيان الأمة إلى مشاكل وحروب وصراعات فسُفكت الدماء...
الخطبة الأولى:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.الله أكبر،الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد...
الحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هدًى للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين، ونبراساً للمهتدين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، وهدى به من الضلالة، وذكر به من الغفلة،.. وأشهد أن نبينا محمداً عبدُه ورسوله، وصفوته من خلقه وخليله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن ترسم خطاه وسار على نهجه، ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران.
أما بعد: عبـاد الله: عيد الأضحى المبارك من أيام الله العظيمة؛ اختص الله به أمة الإسلام دون غيرها من الأمم، وجعله محطة تربوية وإيمانية واجتماعية، فصلاة العيد وذكر الله بالتكبير والتحميد والتهليل يوم العيد وأيام التشريق، وذبح الأضاحي، والأكل والشرب، والتوسعة على الأهل، ومساعدة الفقراء والمساكين والأيتام وصلة الأرحام، وأداء الحجاج لمناسك الحج فيه تربية للمسلم على عبودية الله وتعظيمه، قال عز وجل: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203].. وقال سبحانه: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [الحج: 28]..
فالعيد في منهج الإسلام عبادة وعمل، سرور وشكر، بهجة وفرحة، سلوكيات وأخلاق، عفو وإخاء، فالناس يتبادلون التهاني ويتصالحون، وتُعقد مجالس الحب والتراحم والمودة فتتجدد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية، وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء، والجود والكرم، والتراحم والتعاطف إلى حدّ أن تذوب المصالح الشخصية، والمآرب الآنية المؤقتة بدافع الرغبة فيما عند الله تعالى.. فهنيئاً لكم بالعيد، وأدام الله عليكم أيام الفرح، وسقاكم سلسبيل الحب والإخاء. ولا أراكم في يوم عيدكم وفي سائر أيامكم مكروهاً...
أيها المسلمون/ عباد الله: إن كان من فريضة يجب على المسلمين أن يقوموا بها بعد توحيد الله وعبادته وطاعته بما شرع، وانطلاقاً من هذا العيد الذي ينفث في روع هذه الأمة وخلدها الحب والتعاون والتآخي والهدف الواحد، فإنها فريضة رأب الصدع وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين على مستوى الأسرة وبين الجيران والإخوة، وبين الحاكم والمحكوم، وبين مجتمعات المسلمين ودولهم وشعوبهم، فقد أدى هذا التصدع في بنيان الأمة إلى مشاكل وحروب وصراعات فسُفكت الدماء، واستطال المسلم في عرض أخيه المسلم، وحل الظلم وغاب العدل، وظهرت العصبيات الطائفية والمذهبية والقومية، ودُمرت الأوطان، وتوقف المد الحضاري في كثير من بلاد المسلمين، ونزح المسلمون من بلادهم، وأُقيمت لهم مخيمات اللاجئين، وهاجروا شرقاً وغرباً يبحثون عن النجاة والراحة والسلامة، فماتوا تحت الهدم والقصف والقتل والمجازر؛ فإن كتب لهم النجاة وإلا كان الموت غرقاً في البحار أو جوعاً في الفيافي والقفار من هول ما يحدث في بلدانهم من صراعات وحروب..
فأين نحن من قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أمة وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:92]، ومن قوله سبحانه: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103]..
أين نحن من قوله عليه الصلاة والسلام: "لن يزال المؤمن في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا" (البخاري: 6862)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لزوالُ الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلم" (الترمذي وصححه الألباني في غاية المرام: 439).
ويقول عليه الصلاة والسلام: "لو أنّ أهلَ السماء وأهلَ الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله في النار" (صحيح الترغيب للألباني: 2442).
عباد الله: إنه ينبغي لكل فرد أن يقوم بواجبه وحسب مركزه وقدراته في المساهمة الجادة في حل قضايا المسلمين ومشكلاتهم، والتي يعتبر من أخطرها اليوم التفرق والشتات وزرع العداوت، ونشر العصبيات، والتي ما كان لها أن تحدث لولا ضعف إيماننا وصلتنا بربنا وتقصيرنا في واجباتنا، والركون إلى أعداء الأمة في كثير من شئون حياتنا، والتعلق بالدنيا ونسيان الآخرة، وقد حان الوقت لأن نقدم لأنفسنا وأمتنا معروفًا نُذْكَر به عند الله وعند الأجيال بخير..
فيا أيها السياسيون ويا أيها الحكام ويا قادة الأحزاب والجماعات ويا شيوخ القبائل ابذلوا المعروف لمجتمعاتكم بصدق، وساهموا في حفظ الدماء والأعراض والأموال ورأب الصدع، وحل الخلاف بمعروف تقدموه بين يدي الله، وعمل عظيم يسجل في تاريخ العظماء..
ويا أيها العلماء قوموا بالمعروف، وعلموا الناس دينهم وعقيدتهم، وقولوا كلمة الحق، وكونوا ورثة الأنبياء بعملكم الصالح الذي ينفع الله به البلاد والعباد..
ويا أيها التجار.. يا أرباب الأموال.. يا من أنعم الله عليكم.. أمتكم ومجتمعاتكم ينهشها الفقر والجوع والتخلف العلمي والبطالة، ابذلوا المعروف وقدموا ليوم لا ينفع فيه دينار ولا درهم إلا العمل الصالح..
ويا أيها الإعلاميون! يا أهل الصحافة! يا أصحاب القنوات الفضائية: ألا يكفي تفريق الأمة وزعزعة دينها وعقيدتها ووحدتها؟! ألا يكفي إثارة الأحقاد والضغائن والطائفية والمناطقية وتخدير الأمة وتسفيه أحلامها بما يقدمه الكثير في برامجهم ومقالاتهم؟! أين معروفكم بتربية الأمة وتثقيفها وتعليمها وتوحيدها والانتصار للحق ومصالح الأمة وثوابتها؟!
ويا أيها الصغار والكبار.. يا أيها الرجال ويا أيتها النساء اصنعوا السعادة، وقدموا المعروف لمن حولكم، وساهموا في صلاح مجتمعاتكم ورقي أمتكم.. هذا واجب الجميع.. ليساهم الجميع في إدخال الفرح والسرور إلى بيوت المسلمين ومدنهم وقراهم.. ليساهم الجميع في نشر البسمة على الشفاه، والسعادة في القلوب والحب والتراحم في الأوطان، خاصة ونحن في يوم عيد الأضحى المبارك..
إننا ومع ذلك كله عندنا أمل وثقة بأن هذه الأمة ستعود إلى رشدها وإلى خيريتها؛ لأنها أمة الإسلام وقد تعرضت في مسيرة حياتها لمصاعب وآلام وفتن كثيرة كادت أن تودي بها، لكنه عادت من جديد.. عادت إلى دينها وأخوة وتآلف أبنائها.. عادت إلى القيام برسالتها وتحقيق أهدافها العظيمة، والتي كفلت السعادة والراحة والأمن والأمان للمسلمين أنفسهم ولمن حولهم من أمم الأرض وشعوبها..
اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً.. قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه....
الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة، وأصيلاً.
أيها المسلمون/ عباد الله: أكثروا من الدعاء والتكبير والتحميد والتهليل يوم العيد وأيام التشريق، واشكروا الله على نعمه، واستقيموا على عبادته، واعلموا أنه لا خلاص لنا ولما نحن فيه إلا بالتوبة النصوح من الذنوب والمعاصي.. توبة تدفع غضب الله ومقته عنا قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى 30]..
ويجب أن ندرك جيداً حقيقة الحياة، وأنها لا تدوم، وأن بعدها موتًا وحسابًا وجنة ونارًا فلنجعل أعمالنا صالحة ونياتنا خالصة لله.. وأن نستشعر أن الأخوة دين أمرنا الله بها في كتابه؛ شأنها كالصلاة والصيام والحج، ولها أهمية عظيمة في حياة الفرد وآخرته فلا نفرط فيها، وعلينا القيام بحقوقها من الحب والتناصح وسلامة الصدر والتعاون، وأن ننبذ العصبية والطائفية والمذهبية والمناطقية بأيّ شكل وتحت أيّ مبرر وغير ذلك..
ويجب أن نستوعب حقيقة بشرية أن التعايش سمة حضارية وحقيقة إنسانية، مهما كانت الخلافات، وأن الأوطان تسع أبنائها جميعاً، ولن يكون العنف بديلاً عن التفاهم والحوار وحل المشاكل وبناء الأوطان وازدهارها، فكيف ونحن المسلمين مأمورون شرعاً بذلك..
فثقوا بربكم واستبشروا خيراً؛ فإن بعد العسر يسراً، وبعد الشدة فرجاً، وبعد الضيق سعة ومخرجاً.. فالمدبر للأمور –سبحانه- أرحم بالعباد من أنفسهم، وما يزال في الأمة خير كثير في كثير من رجالها ونسائها، وحكامها وعلمائها، ومفكريها وشبابها؛ سيجري الله على أيديهم الخير متى ما صلحت أعمالهم وصدقت نياتهم، وما ذلك على الله بعزيز...
فقوموا إلى عيدكم واصنعوا الفرحة في مجتمعاتكم، وتصافحوا فيما بينكم وصلوا أرحامكم...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم اجمع شمل المسلمين، ولم شعثهم، وألف بين قلوبهم واحقن دمائهم.. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين..
اللهم عليك باليهود المعتدين والنصارى الحاقدين في برك وبحرك أجمعين، اللهم حرر المسجد الأقصى من دنس اليهود، وارزقنا فيه صلاة طيبة، وكن للمجاهدين والمرابطين فيه سنداً وناصراً ومعيناً..
اللهم تقبل من حجاج بيتك أعمالهم، وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين، واغفر لنا ولهم أجمعين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
التعليقات