عناصر الخطبة
1/أهمية الحديث عن القرآنِ وأهلِهِ 2/القرآن عصمة من الفتن 3/الفرح والابتهاج بحفل تكريم حفاظ القرآن الكريم بمدينة عنيزة 4/فضل حفظ القرآن وبعض فضائل حفظته 5/حفظ القرآن والعمل به مشروع رابح لا يعرف الفشل أو الخسارة 6/الإشادة بجمعيات تحفيظ القرآن والقائمين عليها والداعمين لهااقتباس
كيفَ لا نَفرحُ بِحَفَظَةِ كِتَابِ اللهِ ونَفخَرُ، وَحِفْظُ القُرَآنِ أَعظَمُ شَرَفٍ، وَأَنبَلُ هَدَفٍ، وَحَفَظَةُ القُرآنِ أَحْرَى النَّاسِ بِرحمةِ الرَّحِيمِ الرَّحمنِ. إنَّهم حَفَظَةُ كِتَابِ اللهِ، أَلسِنَتُهُم دَومَاً رَطبَةٌ بِذكرِ اللهِ، وَأَفواهُهُم مُعطَّرَةٌ بِكلامِ اللهِ، جُلُودُهم في مَأمَنٍ من عَذَابِ الله. حَفَظَةُ القُرآنِ هُم أُولُوا العلمِ حَقيقةً. حَفَظَةُ القُرآنِ هُم خيرُ الأمَّةِ. إنَّهم الرِّجالُ -حقًّا- وإنْ كانُوا صِغَارا، فَهُم...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذي نَزَّلَ الفُرقانَ على عبدِه ليكونَ للعالمينَ نذيراً، أشهد أن إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له تَعظيمًا له وتوحيداً، وأشهد أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُهُ بَعَثَهُ اللهُ هاديًا ومُعلماً وبشيراً، فصلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ وسلَّمَ تَسليماً مَزِيداً.
أمَّا بعدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71] إي والله إنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ،، وأقوَمَ الحديثِ وأنفَعَ الحديثِ كتابُ اللهِ -تَعَالى-.
عِبَادَ اللهِ: الحديثُ عن القرآنِ وأهلِهِ يورثُ المُسلِمَ رَغْبَة ًفِي تَعلُّمِ القُرَآنِ وتَعلِيمِهِ، والحرصِ على حفظِهِ وإتقَانِهِ، وَتَدَارُسِ حِكَمِهِ وأحكامِهِ؛ كَيفَ لا يَكُومُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَلامُ اللهِ -جَلَّ جَلالَهُ-؟
عبادَ اللهِ: في زَمنٍ اختَلَطت فيهِ آراءٌ وأفكارٌ، وتَغَيَّرت فيهِ ثَوابتُ وَمَفَاهِيمُ، في زَمنِ شُبهاتٍ مَنشُورَةٍ، وَشَهَواتٍ مَسعُورَةٍ، تَقرَعُ أَسمَاعَ العِبادِ لَيلاً وَنَهارا، وتُعرضُ أَمامَ أَعيُنِهم صِغارًا وكِبارًا؛ فَإنَهُ وَاللهِ لا عاصِمَ إلَّا كِتَابُ اللهِ -تَعَالى- تِلاوةً وَحِفْظاً، وتَدَبُّراً وفَهماً، وعَمَلاً وَمَنهَجَاً، فقد قالَ سبحانهُ: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)[طـه: 123]، قال ابنُ عباسٍ -رضيَ الله عنهما-: "تَكفَّل الله لِمن قَرَأَ القُرآنَ وَعَمِلَ بِما فيهِ أنْ لا يَضِلَّ في الدُّنيا ولا يَشقى في الآخرةِ".
أيُّها الأَكَارِم: تَعيشُ عُنيزَةُ وَأهلُها يَومَ الثُّلاثَاءِ القَرِيبِ -بِإذْنِ اللهِ- ليلةً هَانِئَةً سَعِيدَةَ، مِلؤُها الفألُ والشَّرفُ، ويَعلُوها العِزُّ والسُّؤددُ، ليلةٌ تَحفَّها المَلائِكَةُ الكِرامُ، وَتَغَشَاهَا الرَّحمةُ والسَّلامُ؛ فَجمعيِّةُ تحفيظِ القرآنِ الكريمِ الخيريِّةِ تَسْعَدُ بتَخريجِ أكْثَرَ مِن مِائةٍ وَثَلاثِينَ حَافِظَاً وَحَافِظَةً لِكتابِ اللهِ -تعالى-، وَبِحضُورِ جَمْعٍ كَريمٍ مِن وُلاةِ أُمُورِنا الأكَارمِ، وَأَئِمَّةِ الحَرمِ الشَّرِيفِ.
فاللهُ أكبرُ، وللهِ الحمْدُ والمِنَّةُ، وَجَزى اللهُ وُلاةَ أُمُورِنَا خيراً على دَعْمِهِم، وَحُضُورِهِمْ وَتَشْجِيعِهمْ، وَكُلَّ مَنْ ساهَمِ بِبِنَاءِ وَقَوامِ هذا الصَّرْحِ العَظِيمِ مِن عَامِلينَ وَتُجَّارٍ بَاذِلينَ.
عبادَ اللهِ: إقَامَةُ الحفلِ يُعيدُ لَنَا النَّشاطَ والأمَلَ، ويُجَدَّدَ فِينَا الفَأْلَ وإتْقَانَ العَمَلَ، فَافرحُوا -يا مُؤمِنُونَ- بذلِكَ واسْعَدُوا: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون)[يونس: 58].
هَذَا -واللهِ- هُوَ العِزُّ والفَخَارُ، لا الرَّقْصُ والفُسُوقُ والاخْتِلاطُ والمِزْمَارُ؛ كيفَ لا نَفرحُ بِحَفَظَةِ كِتَابِ اللهِ ونَفخَرُ، وَحِفْظُ القُرَآنِ أَعظَمُ شَرَفٍ، وَأَنبَلُ هَدَفٍ، وَحَفَظَةُ القُرآنِ أَحْرَى النَّاسِ بِرحمةِ الرَّحِيمِ الرَّحمنِ، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".
إنَّهم حَفَظَةُ كِتَابِ اللهِ، أَلسِنَتُهُم دَومَاً رَطبَةٌ بِذكرِ اللهِ، وَأَفواهُهُم مُعطَّرَةٌ بِكلامِ اللهِ، جُلُودُهم في مَأمَنٍ من عَذَابِ اللهِ، كما قالَ ذَلِكَ أبو أمامة -رضي الله عنه-: "إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بالنَّارِ قَلبًا وَعَى القُرآنَ".
حَفَظَةُ القُرآنِ هُم أُولُوا العلمِ حَقيقةً؛ كما قالَ اللهُ عنهم: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)[العنكبوت: 49].
حَفَظَةُ القُرآنِ هُم خيرُ الأمَّةِ؛ كما قالَ ذلِكَ رَسُولُنا-صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".
إنَّهم الرِّجالُ حقًّا وإنْ كانُوا صِغَارا، فَهُم أَحَقُّ النَّاسِ بِالإمَامَة؛ لِقَولِ رَسُولِنا -صلى الله عليه وسلم-: "يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ" فَهُمُ المُقَدَّمُونَ عَلى مَنْ هو أَكبَرُ مِنهُم سِنَّاً وأَكثَرُ فِقْهَاً، قَالَ عَمْرِو بْنُ سلمة -رضي الله عنه-: "كُنْتُ غُلاَمًا حَافِظًا حَفِظْتُ مِنْ القُرْآنِ كَثِيرًا فَانْطَلَقَ أَبِى وَافِدًا إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلاَةَ فَقَالَ: "يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ"، وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ".
اللهُ أكبرُ -يَا مُؤمِنُونَ-: سَتَرَونَ فِي الجَمعِ المُباركِ شَبَابَاً، وَصِغَارَاً وَكِبَارَاً؛ حِينَهَا سَنُدْرِكُ قَولَ اللهِ -تَعالى-: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)[القمر: 17].
فَيا لَهُ مِن شرَفٍ عَظِيمٍ، وَتِجَارَةٍ رابِحَةٍ؛ أنْ تُشَارِكَ حَفَظَةَ كِتَابِ اللهِ حُضُورَاً وَدَعْمَاً وَتَشْجِيعَاً.
طُوبى لِمَن حَفِظَ الكِتَابَ بِصَدْرِهِ *** فَبَدَا وَضِيئَاً كالنُّجومِ تَأَلُّقَاً
اللهُ أكبرُ يا لَها مِن نِعمَةٍ *** لمَّا يُقالُ اقْرَأ فَرَتَّلَ وارْتَقَى
أَعُوذُ باللهِ من الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)[فاطر: 29].
فاللهمَّ ارزُقنا حِفظَ كِتَابِكَ، والعَمَلَ بِهِ، وتِلاوَتَهُ آناءَ الليلِ وأطرافَ النَّهارِ، وعَلِّمنا منهُ ما جَهلنا، وذكِّرنا منهُ ما نُسِّينا.
أقُولُ ما سَمعتُمْ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ المُسلِمينَ من كُلِّ ذنبٍّ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الذي أَنزَلَ على عبدِهِ الكِتَابَ، ولَمْ يَجعلْ لَهُ عِوجَاً، قَيِّمَاً، بَشَّرَ به المُؤمنينَ وأنذَرَ بِهِ قوماً لُدَّاً، رَفَع بِهِ أَقوامَاً وَوَضَعَ بِهِ آَخَرِينَ، أَشهدُ أن إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، أَكرَمَنَا بِالقُرآنِ، وَجَعَلَهُ رَبِيعَاً لِقُلُوبِ أَهلِ الإيمان، وأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ حثَّ على تَعَلُّمِ القُرآنِ وَتَعلِيمِهِ، والتَّفَكُّرِ فيهِ وَتَفهِيمِهِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وَإيمَانٍ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ، وَأَعْطُوا الْقُرْآنَ حَقَّهُ ولا تَبخَسُوهُ، وَوَجِّهُوا أَوْلَادَكُمْ إليهِ ولا تُغفِلُوهُ، فَإِنَّهُ عَامِرُ الْقُلُوبِ بِالْإِيمَانِ، وَطَارِدُ الشَّيطَانِ.
عِبَادَ اللهِ: حَمْدًا للهِ -تَعَالى- أنْ كَانَ مَشْرُوعُ جَمْعِيَّاتِ تَحْفِيظِ القُرَآنِ هُوَ مَشْرُوعَ دَولَتِنَا وَوُلاةِ أمْورِنَا فَدَعَمُوهَا مَادِيَّاً وَمَعْنَوِيًّا وَجَعَلُوا المُسَابَقَاتِ بِاسْمِ وَحُضُورِ وُلاةِ الأُمُورِ وَنُوَّابِهِمْ..
ثُمَّ الحَمْدُ للهِ دَومَاً وَأبَدَاً أنْ أسَّسَ هَذِهِ الجَمْعِيَّاتِ العُلَمَاءُ وَطَلَبَةُ العِلْمِ المُخْلِصونَ، وَكَذَلكَ رِجَالُ العَمَلِ والمَالِ، البَاذِلِونَ أوقَاتَهُمْ وَفِكْرَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، فَجَزَاهُمُ اللهُ خيرَ الجَزَاءِ وَأوْفَاهُ، وَبَارَكَ لَهُمْ في أعمَارِهِمْ وَأمْوالِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ.
حَقَّاً -يَا مُؤمِنُونَ- مَشرُوعُ حِفْظِ القُرْآنِ والعَمَلُ لَهُ مَشْرُوعٌ رابِحٌ لا يَعرِفُ الفَشَلَ ولا الخَسَارَةَ؛ فإنَّهُ سيُقَالُ لِلْحَافِظِ: "اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا".
حُقَّ لنا أنْ نَفخَرَ بِحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ -تعالى- فهم المُقَدَّمونَ في الدُّنيا والآخِرةِ، نُقَدِّرُهم؛ لأنَّ ذلِكَ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ -تَعالى-، فَقَدْ قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ"، (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ)[الإسراء: 21].
هنيئاً لكم -أيُّها الحفظَةُ- فـ "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ".
هَنِيئَاً لِلوالِدَينِ الكَرِيمَينِ فقد أحسَنتُما التَّربِيَةَ فَلَبِستُمَا تَاجَ الوَقارِ؛ فَفِي الحَدَيثِ عن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ حامِلَ القُرآنِ: "يُعطَى المُلكَ بِيَمِينِهِ، والخُلدَ بِشِمَالِهِ، وَيوضَعُ على رَأسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، ويُكسَى والِدَاهُ حُلَّتَينِ لا تَقُومُ لُهُمُ الدُّنيا ومَا فِيها، فَيَقُولانِ: يَا رَبِّ، أَنَّى لَنَا هذا؟ فَيُقَالُ: بِتَعلِيمِ وَلَدِكُمَا القُرآنَ"(صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ).
أيُّها المؤمنونَ: في ذلكَ الرَّكْبِ المُباركِ شَبابٌ قَرأُوا القُرآنَ غَضَّاً طَرِيَّاً كما أُنزِلَ؛ فَأَعَادَوا لَنَا الأَمَلَ والسُّرُورَ، وأَدرَكنَا أنَّ في شَبابِناً خيراً كثيراً؛ إنْ فُتِحت لهمُ البَرامِجُ الدَّعوِيَّةُ، والمَحَاضِنُ التَّربَويَّةُ، وَدُعِمت على الأَقلِّ كما تُدعمُ الأنْشِطَةُ الأخْرى التي تَضُرُّ ولا تُصْلِحُ، وَجَزَى اللهُ خَيراً كُلَّ مُعَلِّمٍ ومُعَلِّمَةٍ، وكُلَّ من ساهَمَ وأعانَ من وُلاةِ أُمورٍ مُحْسِنينَ، وتُجَّارٍ باذِلينَ: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: 39]، وَ "الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ".
وَالويلُ الخَسَارُ لِكُلِّ مَنْ صَدَّ عن تَعلِيمِ كِتابِ اللهِ وَتَحفِيظِهِ؛ بِقَلَمِهِ أو بِلِسانِهِ فَأَسَاءَ لِلعَامِلينَ، وكَالَ التُّهَمَ لإخوانِنا المُخلِصِينَ في جمعيَّاتِ التَّحفيظِ القُرآنِيَّةِ، أو الدُّورِ النِّسائيَّةِ مُحَاوِلاً الْوَقِعَةَ بِهم، أو التَّشكِيكَ في مَنهجِهِم وولائِهم، فَهؤلاءِ هُمُ الْمُفْسِدُونَ حَقَّاً وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ.
ألا فاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-: وكُونُوا مِن أَهلِ القُرآنِ، "فَإِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ" جَعَلنا اللهُ وإيَّاكم منهم، جعلَنا اللهُ جميعاً مَفَاتِيحَ لِلخير مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ.
اللهمَّ انفعنا وارفعنا بالقُرآنِ العظيمِ، اللهمَّ عَلِّمنا منهُ ما جَهلنا، وذكِّرنا منهُ ما نُسِّينا، وارزقنا تِلاوتَهُ أناءَ الليلِ وأطرافَ النَّهار.
اللهمَّ اجعَلِ القُرآنَ العَظيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَجَلاءَ أَحزَانِنَا، وَذَهَابَ هُمُومِنَا.
اللهمِّ اجزِ العامِلينَ والقائِمينَ على الجمعيَّاتِ كُلَّ خيرٍ وفِّقهم في الدَّارينِ، وارفَع قَدرَهُم في العالَمينَ، واكفِهم شَرَّ كُلِّ حاسِدٍ ومُنافقٍ.
اللهمَّ اجزِ ولاةَ أمورِنا على دَعمهم وتَشجِيعهم لِحَفَظَةِ كتابِكَ خيرَ الجَزَاءِ وأَوفَاهُ، واجعلهم لِشَرعِكَ مُحَكِمينَ، ولِكتابكَ مُتَّبِعينَ، وبِسُنَّةِ نبِيِّكَ مُهتدينَ يا ربَّ العالمينَ.
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
التعليقات