عناصر الخطبة
1/خطر التزوير وضياع الأمانة 2/تفشي ظاهرة التزوير والخيانة 3/بعض مظاهر التزوير والخيانة 4/أربع فضائح وأربع مظالماهداف الخطبة
اقتباس
ما أقبح المعاملات الوهمية؟ والعلاقات الوهمية! والصداقة الوهمية! والحياة الزوجية الوهمية!. معاشر الأحبة: لقد أصبحت تعاملات الناس في هذا الزمن لا تحمل الأمانة، فكثر التزوير، وعم التدليس، وصار بيع الوهم شعار من لا يخافون الله -تعالى-. معاشر الأحبة: لقد أصبحت العقود وهمية، والعلاقات التجارية وهمية، حتى عم زيف السلع، وكثر فيها التدليس، وكثرت فيه الخيانة، وقل فيها الصدق، وقل فيها الأمانة.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد من رأى آيات قدرته وقوته، وشاهد الشواهد من فردانيته ووحدانيته،، وقطف ثمار معرفته من شجر مجده وجوده، وأشكره شكر من اخترق واغترف من نهر فضله وإفضاله، وأومن به إيمان من آمن بكتابه وخطابه، وأنبيائه وأصفيائه.
سبحان من خلق الأشياء وقدرها *** ومن يجود علي العاصي ويستره
يخفي القبيح ويبدى كل صالحة *** ويغمر العبد أحسانا ويشكره
ويغفر الذنب للعاصي ويقبله *** أذا أناب وبالغفران يجبره
ومن يكن فلبه من ذنبه *** فبالمدامع والتقوى يطهره
أشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عليك صلاة الله يا أشرف الورى *** محلا ويا أعلى البرية جاها
أما بعد:
عباد الله: فاتقوا الله ربكم، وأصلحوا ذات بينكم، واستعدوا لآخرتكم بالعمل الصالح الذي ينجيكم من هول ذلكم المطلع يوم القيامة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18].
أيها المسلمون: لقد انخدع الكثير اليوم بتلك المظاهر الجوفاء، والعلاقات الوهمية، والوجاهات الافتراضية.
"شيك بدون رصيد" هو محور حديثنا وإياكم اليوم.
إن الذي غامرته الفرحة في يوم من الأيام؛ بشيك مليء بالأصفار، فإذا به ينتظر الصباح الباكر، حتى تلوح الشمس في الأفاق، حتى يرى نفسه أمام ذلكم البنك، لكي يقبض ما رقم له من حقوق، فإذا به بعد دقائق من وقوفه أمام ذلكم الموظف؛ يفاجأ بأن الشيك بدون رصيد!.
أظلمت الدنيا أمام ذلكم الإنسان، خابت الآمال التي طالما سجلها في ليلة البارحة، وهو ينتظر الصباح الباكر، لكي يقطف شيئا من حقوقه، أو آماله.
لقد بدأ مشوار العذاب النفسي؟ ما الذي جلب لنا هذه الظواهر من الكذب؟
ألا قاتل الله الخيانة وأهلها، ألا لعنة الله على الكاذبين، قال الله -تعالى-: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)[آل عمران: 61].
قال عليه الصلاة والسلام للحسن بن علي -رضي الله عنه-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الكذب ريبة، والصدق طمأنينة" [رواه أحمد وصححه الألباني].
وما شـيءٌ إذا فـكَّرت فيه *** بأَذهب للمروءةِ والجمالِ
من الكذب الذي لا خير فيه *** وأبعد بالبهاءِ من الرجالِ
معاشر من آمن: الكذب جماع كل شر، وأصل كل ذنب، بسوء عواقبه، وخبث نتائجه؛ لأنه ينتج النميمة، والنميمة تنتج البغضاء، والبغضاء تؤول إلى العداوة، وليس مع العداوة أمن ولا راحة، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) [البقرة: 42].
قال أهل العلم: "أي لا تخلط الصدق بالكذب".
"شيك بدون رصيد!".
ما أقبح المعاملات الوهمية؟ والعلاقات الوهمية! والصداقة الوهمية! والحياة الزوجية الوهمية!.
معاشر الأحبة: لقد أصبحت تعاملات الناس في هذا الزمن لا تحمل الأمانة، فكثر التزوير، وعم التدليس، وصار بيع الوهم شعار من لا يخافون الله -تعالى-.
معاشر الأحبة: لقد أصبحت العقود وهمية، والعلاقات التجارية وهمية، حتى عم زيف السلع، وكثر فيها التدليس، وكثرت فيه الخيانة، وقل فيها الصدق، وقل فيها الأمانة.
معاشر الأحبة: عندما نطرح موضوعا كهذا، فإذا كان يؤلمك ورقة صغيرة، ليس فيها مصداقية، فما بالك بإنسان تعامله وهو يحمل في طياته الخيانة والكذب والتدليس! لقد عمت في البرية بلية ينبغي تداركها واستئصالها.
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا"[متفق عليه]
إن أردنا نجاح ديننا، وصلاح بلادنا وأمرنا، واستقامة أحوالنا، وفلاح أبنائنا، ونجاح مشاريعنا، فالله الله بالصدق فيها، قال أبو حاتم في المختصر: "إن الله -جل وعلا- فضل اللسان على سائر الجوارح، ورفع درجته، وأبان فضيلته، بأن أنطقه من بين سائر الجوارح بتوحيده".
فلا يجب على العاقل أن يعود آلة خلقها الله -تعالى- للنطق بالتوحيد: أن يعودها على الكذب.
عوّدْ لسانكَ قولَ الصدقِ تحظَ بهِ *** إنّ اللسانَ لِما عوّدتَ مُعتادُ
"شيك بدون رصيد".
ظاهرة عمت البرية، طمت في تجاراتنا، لقد أصبحت السلع والبضائع والعقارات، والمزارع والعمالة، والشركات، وأصبحت عقود المؤسسات تحمل في طياتها الكذب والخيانة، والعامل بذلك خائن، والمصدق له أخون.
معاشر من آمن: من استحلى رضاع الكذب، عسر فطامه، لذلك قيل: "من قل صدقه قل صديقه".
تأملها وأرعها سمعك وقلبك يا من يخالف ظاهرك باطنك، وورقتك عقلك، ولسانك قلمك.
أيها المسلمون: عندما تلتفت ذات الميمنة للمحاكم، وذات الميسرة لحقوق الناس، وتذهب يمينا إلى جهة التحقيق، والادعاء العام، ثم تلتفت فإذا بك ترى قضايا الناس: فما الذي ألجأ الناس؟
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ)[البقرة: 283].
لقد سافرت من حياتنا: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا) لقد ارتحلت من حياتنا، صار الزوج يخون زوجته، في الأمور المالية، وصار الأخ يكذب على إخوانه، ويزور الصكوك والمعاملات، ويكذب في كثير منها.
لقد أصبح أصحاب المؤسسات اليوم يكذبون على الناس في هذه العقود الوهمية، والعمالة الوهمية.
يا الله! لقد عم أكل الباطل في حياتنا، وصار أصحاب المحلات الذين أصبحت محلاتهم مليئة بالوهم في عامل ليس تابع للمحل، ومتجر ليس له من يروج عنده، بل مندوب المبيعات ليس على كفالة المحل.
ثم بالنصب والاحتيال يكثر في واقعنا الاجتماعي، إذا كان صاحب الوظيفة الحكومية يتاجر من أجل مؤسسته وشركته، فماذا نريد أن تنهض شركات العمارة في بلادنا! إذا كنا نعيش -معاشر من آمن- الموظف يخون مديره، والعامل يخون صاحبه، فماذا ننتظر أن يعم في حياتنا؟!
إن الخيانة التي عمت وطمت -معاشر المسلمين-: عندما يكذب الأخ الكبير على إخوانه الصغار، فيأكل حقوقهم، ويهدر أموالهم!.
لقد أصبحنا نرى أخوة مثل الشيك المزور! ولقد أصبحنا نرى صداقة في واقعنا اليوم لا تحمل الوفاء! ولا الأمانة!.
معاشر من آمن: ألا نتق الله؟! ألا نخاف الله؟! ألهذه الدرجات أكلت حقوق الناس؟!
لقد أصبح اليوم صاحب الحق ذليل، لا يعرف كيف يحصل على حقوقه، وكيف ينال أمواله، وكيف يأخذ حقوقه الشرعية، من أين أتانا مثل هذا؟!
لقد عمت البلية وطمت، ألا نخاف الله؟!
يا من اؤتمن على وكالة، أو اؤتمن على أمر، أو اؤتمن على مال، أو اؤتمن على متجر: أما تخاف الله؟!
لقد قتلتني المظهرية الجوفاء، وقد أصبح البعض يتاجر بمن عنده، فالموظف في أي دائرة بدأ يستثمر دائرته في كل مصالحه! وهذه من الرزية! والبعض يأكل على مقدار وظيفته، ويشرب البعض على مقدار بطنه، والبعض يعمل على مقدار ما يريد!.
لقد أصبحنا اليوم نحتاج إلى استدراك هذه الأمانة التي ضاعت في حياتنا، إنما نتلقف الكلمات، ونرى ما واقعها، والساكت عنها شيطان أخرس.
فلا ينبغي -عباد الله-: أن نعيش ما يعيشه البعض في التدليس، لقد أصبح التعامل "شيكا بدون رصيد"، حتى في ديننا وأخلاقنا وأدبنا، يوم أن يقع ما يقع؛ يظهر لك ما كنت لا تتوقعه.
أيها المسلمون: اعلموا أن هذا الدين دين كمال، ودين وفاء، ودين صدق، فالله الله بالصدق، فإنه منجاة ما بعدها منجاة: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)[الأحزاب: 23].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله، ثم الحمد لله، ثم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
أما بعد:
أيها المسلمون: تتعجب من طفل صغير لو أعطيته عشرة ريالات، ليشتري لك حاجة، فيذهب فيشتري، فإن بقي لك ريالا واحدا، لم يضعه في جيبه، وإنما يأتيك ويعطيك إياه! هذا الطفل الذي لا يزال يعيش فطرة الأمانة، لماذا تبدلت لما كبر؟!
هذا الطفل الذي لم يسترضع الخيانة بعد، ولم يتعلم عليها، ولم يدلس عليها، كم يشتكي الكثير من الأحبة والعجيب ممن يعين على هذا؟!.
لقد أصبحنا اليوم نعين على الخيانة ولا نعلم، إن ذهبت إلى محل كهرباء، أو سباكة، أو محل مواد بناء، فلا يجوز لك أن تمضي عقدا خارج المحل، لا تعين على الإثم والعدوان.
إن هذه التعاملات ينبغي أن نرصد فيها الخائنين، سواء من بلدتنا، أو من غيرهم.
إن أصحاب الدوائر الحكومية الذين يقومون بمعاملات خارج نطاق العقود، أو خارج نطاق الدائرة الحكومية، أو ينجزون المعاملات التي ترسل لبعض الناس في بيوتهم، وتصلهم إلى مكاتبهم، وتصلهم خارج الدائرة.
إن هذه من الخيانة، ولا يجوز إعانة هذا الإنسان على هذه الخيانة.
إن بعض أصحاب الدوائر الحكومية الذين يمررون كثيرا من المعاملات التزويرية؛ خارج نطاق الإدارة التي يعيشونها، هذه من الخيانة التي ينبغي أن نتقي الله فيها.
إن من تعلم أكل الرشاوي، وأكل السحت، لا ينفك عنها في يوم من الأيام، إنه أصعب عليه من سيجارة التدخين، إنه أصعب عليه من فكاكها.
وإن من الصور الغريبة في الكذب والتدليس؛ ما جاء في حديث ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: "أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَةً، فَحَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إلا هُوَ، لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا مَا لَمْ يُعْطَ بِهَا لِيُوقِعَ فِيهَا مُسْلِمًا، فَنَزَلَتْ: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا)[آل عمران: 77].
قال صلى الله عليه وسلم: "الناجش آكل ربا خائن".
إذا تذكرت هذا الكلام ورعيته سمعك، أدركت أن الذين يبيعون اليوم العقارات، أو السيارات، أو المنازل، أو يبيعون كثيرا من المعاملات بالربا، تجد المعاملة تكون رسمية بقيمة ريالات في بعض الدوائر الرسمية، وإذا بها في السوق السوداء تكون بمائتين وثلاثمائة وألف!.
معاملات لا تكلف العاقد دقيقة في اليوم، يأخذ عليها آلاف الريالات! ما السبب؟ من أين أتانا مثل هذا؟! هل لهذه الدرجة بلغت حياتنا اليوم؟
يأتي الموظف ليراقب العمل التابع لدائرته الحكومية، فإذا بهذا الإنسان يعلم أن الخمسمائة ريال والألف الريال؛ تسكته، فيضعها في جيبه، ويقول: تفضل هذا غداك، أو هذا عشاك!. فيرد عليه: ما قصرت! ويأخذ غداه ويمشي! ثم لا يعود إلى مراقبته لسنوات عدة!.
ما الذي جر لنا هذا؟ ما الذي قد ابتلينا به اليوم بمثل هذه الصور؟
إذا أصبح رصيد الصدق مفلسا، فماذا ننتظر؟!
حتى صارت اليوم حياتنا الزوجية، وحياتنا الأسرية؛ "شيكا بدون رصيد".
يفتخر الإنسان بأخيه، وإذا به ليس بأخيه!.
ويظن الزوج هذه الزوجة التي عاش معها عشر سنين، وعشرين سنة، فبعد موقف واحد ربما تذهب الحياة بأكملها، فلا يوجد رصيدا من الوفاء، ولا رصيدا من المحبة، ولا رصيدا من العشرة، ولا رصيدا من أي شيء.
عن عمران ابن حصين -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ"[رواه البخاري ومسلم].
إذا تأملت هذا الحديث ماذا عساك أن ترى اليوم؟ ماذا عساك اليوم أن ترى من هذا الواقع الأثيم؟
أما يخشى أمثال هؤلاء، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".
ثم مسك الختام: أربع فضائح أختم بها خطبة اليوم، وكل إنسان منا وأنا أولكم يفتش عن نفسه، ليراجع نفسه، وليراقب من حوله.
يقول عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها"[رواه البخاري ومسلم].
دعوني أبدأ بالأخيرة: إنها الشيك بدون رصيد، يوم أن أتيت واستلفت من أخيك، وطرقت عليه الباب، واتصلت عليه عشرين مرة: سلفني عشرة ألف، أو عشرين ألفا، أو مائة ألف!.
وهذا الشيك صرفه نهاية الشهر ينزل لي القرض، يصرف لي كذا، ببيع البيت، وخذ من ذلك سواليف التي أصبح الناس اليوم يرونها.
"إذا خاصم فجر" كانت العلاقة حب ومودة ومجالسة، وإذا رأيته مع صاحبه قلت: ما شاء الله كأنهم أخوين.
فإذا به تنقلب الحياة بعد أن كان: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد ووعد غدر؛ بدأت الخصومة، وبدأ السب، وبدأت المواعيد في المحاكم، وبدأت المواعيد في الشرطة، وبدأت العوائل تتخاصم، وبدأت الأمور..
كل ذلك -عياذا بالله-: انطلق بشيك بدون رصيد، من الوفاء، بغير رصيد من الأدب، بغير رصيد من الاحترام.
والله لو تبيع بيتك وتوفي حقوق الناس، ولو ببيع كل ما تملك، أفضل لك من أن توصم بالخيانة، أو بالكذب.
إن الذين أدخلوا السجون بسبب الأموال التي ماطلوا في ردها لأصحابها؛ لن يعيشوا سعداء!.
إن الذين لا يؤدون حقوق الناس سوف يقفون بين يدي الله يوم القامة!.
والله أقولها من على هذا المنبر: إياك ثم إياك والكذب! إياك والخيانة! إياك أن تخاصم فتكثر خصومك! إياك أن تعامل من عاملك بالصدق بالكذب! إياك أن تكذب على ذلك الإنسان الذي وقف معك يوما، أو ساعدك يوما، أو أعانك يوما!.
إياك أن تنقلب عليه كالأفعى! إياك أن تجعله يطاردك من مكان إلى مكان! ليس هذا من شيم المؤمنين، ولا من شيم الرجال، ولا من شيم الأوفياء.
هذه رسالة عنوانها: "أربع مظالم" فتشوا عنها في أدراج المحاكم، وفتشوا عنها في أدراج الحقوق المدنية، وفتشوا عنها في أدراج المباحث الجنائية، فسوف تجدون تلك الأوراق، هي بين صديقين، وبين أخوين، وبين أختين، وبين زوجين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم اكشف كيد الخائنين، اللهم افضح المزورين والمرتشين.
اللهم لا تكن للخائنين سبيلا...
التعليقات