عناصر الخطبة
1/ التعريف بسورة الحديد 2/ هدفها 3/ فضلها 4/ تفسيرها 5/ تسميتهااهداف الخطبة
اقتباس
وقد عنيت السورة بالتشريع، والتربية والتوجيه، وبناء المجتمع الإسلامي على أساس العقيدة الصافية، والخلق الكريم، والتشريع الحكيم ..
الحمد لله له ملك السماوات والأرض، يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.
فيا أيها المسلمون: فاتقوا الله -عباد الله-، ومع سورة من كتاب الله هي سورة الحديد، السورة السابعة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف، وهي تسع وعشرون آية، وهي مدنية.
حديثنا اليوم عن إحدى السور المسبحات، أي التي بدأت بـ: سبح أو يسبح، وهي: الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى، وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرؤهن قبل أن ينام، وقال إن فيهن آية أفضل من ألف آية.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: هي قوله (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد:3]، والله أعلم.
وقد عنيت السورة بالتشريع، والتربية والتوجيه، وبناء المجتمع الإسلامي على أساس العقيدة الصافية، والخلق الكريم، والتشريع الحكيم.
بدأت هذه السورة بتسبيح الله وتمجيده، وأنه يسبح له كل شيء ذي روح، وغيره من الجمادات، سواء كان التسبيح بلسان المقال، كتسبيح الملائكة والإنس والجن، أو بلسان الحال، كتسبيح غيرهم، وأنه المتصرف في ملك السماوات والأرض وحده، لا ينفذ غير تصرفه وأمره، فهو الذي يحيي في الدنيا، ويميت الأحياء، لا يعجزه شيء كائناً ما كان.
(هُوَ الْأَوَّلُ) قبل كل شيء، (وَالْآَخِرُ) بعد كل شيء، أي: الباقي بعد فناء خلقه، (وَالظَّاهِرُ)، أي: العالي الغالب على كل شيء، أو الظاهر وجوده بالأدلة الواضحة، (وَالْبَاطِنُ)، أي :العالم بما بطن، ولا يعزب عن علمه شيء من المعلومات، (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، هذا بيان بعض ملكه.
(يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ)، أي: يعلم ما يدخل فيها من مطر وغيره، (وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) من نبات وغيره، (وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ) من مطر وغيره، (وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا)، أي: يصعد إليها من الملائكة وأعمال العباد، (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [4-5]، إلى غيره وأنه يُدخل الليل في النهار، ويُدخل النهار في الليل، وهو عليم بضمائر الصدور ومكنوناتها.
أخرج مسلم وغيره من أبي هريرة -رضي الله عنه- قال جاءت فاطمة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله خادماً فقال: قولي: "اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، أقضِ عنَّا الدَّيْن، وأَغْنِنَا من الفقر".
ثم أمر الله سبحانه بالتصديق بالتوحيد، وصحة الرسالة، في خطاب لكفار العرب أو لجميع الناس، وأمر المؤمنين بالإنفاق في سبيل الله مما ملكهم إياه حقيقة، وخلفهم فيه، فمن جمع بين الإيمان والإنفاق في سبيل الله لهم أجر كبير وهو الجنة؛ ثم أنكر على من لا يؤمن بالله والرسول فقال: (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [8]، أي: العهد الموثق قبل إخراجكم من ظهر أبيكم آدم.
ثم ذكر الله سبحانه أنه هو الذي ينزل الآيات القرآنية الواضحات الظاهرات لإخراج الناس من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، ثم استنكر على الناس عدم الإنفاق في سبيل الله، وأنه لا عذر لم في ذلك، (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [10]، والكل راجع إليه سبحانه بانقراض العالم.
ثم بين سبحانه فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله من قبل فتح مكة وقاتل في سبيل الله، وأن هؤلاء أرفع منزلة وأعلى رتبة من الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله من بعد الفتح وقاتلوا مع رسول الله، وإنما كانت قبل الفتح أعظم لأن حاجة الإسلام إلى الجهاد كانت أشد، ثم أعز الله الإسلام بعد الفتح، وكثر ناصروه، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [10]، أي: كل واحد من الفريقين وعده الله المثوبة الحسنى، وهي الجنة، مع تفاوت درجاتهم فيها.
ثم رغَّب سبحانه في الصدقة والإنفاق في سبيل الله محتسبا من قلبه بلا منٍّ ولا أذى إلى أضعاف كثيرة، إن الله سيضاعف أجره، الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [11]، وهو الجنة، وذكر سبحانه أن ذلك (يوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)، أي: الذي يُرى على الصراط يوم القيامة وهو دليلهم إلى الجنة، وقيل هو القرآن، (بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [12].
أما المنافقون والمنافقات وهم من يظهر خلاف ما يبطن فيقولون للمؤمنين: انتظرونا عندما يرونهم يسرع بهم إلى الجنة، وقيل معنى (انْظُرُونَا) [13]، أمهلونا وأخرونا، أو انظروا إليها، (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) [13]، أي: نستضيء منه، والقبس: الشعلة من النار والسراج، فيقول لهم المؤمنون: ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا النور بما التمسناه به من الإيمان والأعمال الصالحة، ثم جعل حاجز بين أهل الجنة وأهل النار، من صفته أنه من الجانب الذي يلي أهل الجنة فيه الرحمة وهي الجنة ومن الجانب الذي يلي أهل النار من جهته عذاب جهنم.
ثم ينادي المنافقون المؤمنين: (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ)؟ في الدنيا نصلي بصلاتكم ونعمل بأعمال الإسلام مثلكم؟ فيرد عليهم المؤمنون بقولهم: (قَالُوا بَلَى)، أي: كنتم معنا في الظاهر، (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ)، أي: أهلكتموها بالنفاق وإبطان الكفر، (وَتَرَبَّصْتُمْ)، أي: انتظرتم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين حوادث الدهر، (وَارْتَبْتُمْ)، أي: تشككتم في أمر الدين ولم تصدقوا ما نزل من القرآن، (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ) الباطلة والتربص، قيل: إنه طول الأمل، (حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ)، وهو الموت، وقيل نصر الله سبحانه لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، (وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [14]، وهو الشيطان أي خدعكم بحكم الله وإمهاله للشيطان.
(فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) تفدون بها أنفسكم من النار، (وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ)، أي: منزلكم الذي تأوون إليه، (هِيَ مَوْلَاكُمْ)، أي: هي أولى بكم، (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [15] الذي تصيرون إليه وهو النار.
ثم نبه سبحانه عباده المؤمنين ألا يكونوا مثل الكفار والمنافقين أو مثل أهل الكتاب بالاغترار بالدنيا، ثم قال سبحانه: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [16]، أي: ألم يحِن أن يحضر خشوع قلوبكم؟ والخشوع لين القلب ورقتها، والمراد بما نزل من الحق القرآن، والمراد: النهي للمؤمنين أن يسلكوا سبيل اليهود الذي أوتوا التوراة والإنجيل من قبل نزول القرآن، فطال الزمان بينهم وبين أنبيائهم (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) لذلك السبب، وبذلك حرفوا وبدلوا فنهى الله سبحانه أمة الصديقين والشهداء في سبيل الله، وأن لهم الأجرَ والنورَ الموعودين لهم، أما كفر بالله وكذب بآياته فله عذاب مقيم، وظلمة دائمة.
ثم ضرب الله سبحانه مثلا للحياة الدنيا وحقارتها، وأنها أحقر من أن تؤثر على الدار الآخرة، فهي لعب بالباطل ولهو، وهو كل شيء يُلتهى به، وزينة بمتاع الدنيا من عمل الآخرة، وتفاخر بالأنساب أو الخلقة أو القوة أو الأحساب، والتكاثر بالأموال والأولاد، والتطاول على الفقراء، وشبهها بالمطر الذي أعجب الزراع نباته ثم يجف بعد خضرته وييبس، فتراه متغيراً من الخضرة والرونق إلى الصفرة والذبول، ثم يكون فتاتا هشيماً متكسراً متحطماً.
ولما ذكر الله سبحانه حقارة الدنيا وسرعة زوالها ذكر ما أعده للعصاة في الآخرة من العذاب الشديد، وأتبعه بما أعده لأهل الطاعة من المغفرة والرضوان، وأن الحياة الدنيا حقيرة وما هي إلا متاع لمن اغتر بها ولم يعمل للآخرة، (وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [20].
ثم ندب الله سبحانه عباده إلى المسابقة إلى ما يوجب المغفرة من التوبة والعمل الصالح، فإن ذلك سبب الوصول إلى الجنة التي من صفتها أن عرضها كعرض السماء والأرض، فكيف طولها؟ وأنها أعدت لمن آمن بالله ورسله: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [21].
ثم بين سبحانه أن ما يصاب به العبد من المصائب قد سبق بذلك قضاؤه وقدره، وثبت في أم الكتاب، قيل: هو اللوح المحفوظ، من قبل خلق هذه النفس، وأن ذلك على كثرته على الله يسير غير عسير: (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [23]، أي: تحزنوا، أي: فإن الله لا يحب من اتصف بالاختيال والافتخار على الناس، والذين من صفتهم البخل وأمر الناس بالبخل، (وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، أي: من يعرض عن الإنفاق فإن الله غني محمود عند حلقه لا يضره ذلك.
عباد الله: هذه بعض معاني سورة الحديد، وسنكمل الحديث عنها في الخطبة الثانية إن شاء الله، نفعني الله وإياكم بها وبهدي كتابه الكريم، وبسنة خاتم المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: عباد الله، استكمالا للحديث عن سورة الحديد، فإن الله سبحانه ذكر أنه أرسل رسله بالمعجزات البينة، والشرائع الظاهرة، وأنزل مع الرسل الكتاب فيدخل فيه كتاب كل رسول، (وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)، أي: العدل، وقيل ما يوزن به ويتعامل به ليتبع الناس ما أمروا به من العدل فيتعاملوا فيما بينهم، قال سبحانه: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ)، المعنى أن الله خلقه من المعادن وعلم الناس صنعه، (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)، لأنه تتخذ منه آلات الحرب، ويمتنع به، ويحارب به، (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) حيث ينتفعون به في كثير مما يحتاجون إليه مثل السكين والفأس والإبرة وآلات الزراعة والنجارة والعمارة وغيرها، (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [25]، أي: من ينصر دينه ورسله باستعمال السيوف والرماح وسائر الأسلحة مؤمناً بالغيب.
ثم ذكر الله سبحانه أنه أرسل نوحاً وإبراهيم -عليهما السلام-، وجعل فيهما وفي ذريتهما النبوة والكتب المنزلة، فالأنبياء منهما، (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ)، أي: فمِن الذرية مَن اهتدى بهديهما، (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [26]، أي: خارجون عن الطاعة.
ثم ذكر سبحانه أنه أرسل رسولاً بعد رسول حتى انتهى إلى عيسى ابن مريم -عليه السلام-، وهو من ذرية إبراهيم من جهة أمه، وأنزل عليه الإنجيل، وجعل في قلوب الحواريين الذين اتبعوه رأفة، أي: مودة لبعضهم البعض، ورحمة يتراحمون بها، بخلاف اليهود فإنهم ليسو كذلك، وقيل الرأفة أشد الرحمة.
(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا)، أي: ابتدعوا رهبانية من عند أنفسهم ما فرضها الله عليهم، والرهبانية منسوبة إلى الرهبان، وهي الغلو في العبادة، حيث حملوا أنفسهم على المشقات، وعلى الامتناع عن المطعم والمشرب والمنكح وتعلقوا بالكهوف والصوامع؛ لأن ملوكهم غيروا وبدلوا، وبقى منهم نفر قليل فترهبوا وتبتلوا وما أمرهم الله (إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [26].
ثم أمر الله سبحانه المؤمنين بالرسل المتقدمين بالتقوى والإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- يؤتهم الله نصيبين من رحمته، ويجعل لهم نوراً يمشون به على الصراط، ويغفر لهم ما سلف من ذنوبهم، فالله غفور رحيم.
وختم الله عز وجل السورة بقوله: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [29]، أي: ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على أن ينالوا شيئاً من فضل الله الذي تفضل به على مَن آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا دفعه عن المستحقين له، والله واسع الفضل والإحسان.
وسميت سورة الحديد لأن الحديد ذكر فيها، وهو قوة للإنسان في السلم والحرب، وعدته في البنيان والعمران، فمن الحديد تبنى الجسور الضخمة، وتصنع الدروع، والسيوف، والدبابات، والغواصات، والمدافع، وغيرها كثير مما يعود بالنفع على الإنسان، في كل زمان ومكان.
عباد الله: هذه لمحة عن بعض معاني سورة الحديد، أسأل الله أن ينفعنا بها، وأن نعمل بما جاء فيها، وأن ننتفع بالحديد الذي جاء ذكره فيها، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
عباد الله: صلُّوا وسلِّموا على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
التعليقات