عناصر الخطبة
1/حكم ستر العورة في الصلاة 2/حد عورة الرجل والمرأة 3/أوصاف الثوب الساتر للعورة 4/علامات قبول الصلاةاقتباس
لا يَجوزُ للمَرْأَةِ أنْ تُصّلِّي في ثَوْبٍ فيه تَصاوِيرَ سَوَاءً كانت تَصاوِيرَ لِبَنِي آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صَلَّتْ صّحَّت الصَّلاةُ مع الإثْمِ، الصَّحيح: أنها تَصِحُّ الصَّلاةُ لكن مع الإثم...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:١٠٢].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:١]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ الله -تعالى- يقول: (يَبَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد)[الأعراف:31]، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ فِي الآْيَةِ: الثِّيَابُ فِي الصَّلاَةِ". وقال السَّعْدِي في تفسيره: "استُرُوا عَوْراتِكم عند الصَّلاة كُلِّها، فَرْضِها ونَفْلِها، فإن سَتْرَها زِينَةٌ للبَدَنِ، كما أنَّ كَشْفَها يَدَعُ البَدَنَ قبيحًا مُشَوَّهًا. ويُحْتَمَلُ أنَّ المُرادَ بالزِّينَةِ هنا ما فَوْقَ ذلك من اللِّباسِ النَّظيفِ الحَسَن؛ ففي هذا الأَمْر بِسَتْرِ العَوْرَةِ في الصلاة، وباستعمال التَّجَمِيلِ فيها، ونَظافَة السُّتْرَة مِن الأَدْناسِ والأَنْجاسَ".
وقال ابن قدامة في المغني: "سَتْرَ الْعَوْرَةِ عَنْ النَّظَرِ، بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ، وَاجِبٌ، وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ"، وقال ابن حجر في الفتح: "ذَهَبَ الجمهور إلى أنَّ سَتْرَ العَوْرَة مِن شروط الصلاة"؛ فمن صلى وهو كاشِفٌ لِعَوْرَتِه، فإن صلاته لا تَصِحُّ.
يا أهل الصلاة: أجْمَعَ المسلمون على أنَّ الواجبٌ على المصلي رجلًا كان أو امرأة سَتْرُ العَوْرَةِ.
وحدُّ عَوْرَة الرَّجُل عند جماهير أهل العِلْمِ: ما بَيْنَ السُّرَّة والرُّكْبِة، وينبغي للرَّجُل إذا صلَّى أن يكون على مَنْكِبَيْه أو إحْدَاهما ما يَسْتُرُه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ"(رواه البخاري ومسلم).
وحدُّ العَوْرَةِ للمَرْأَة في الصَّلاة: جميع جِسْمِها وشَعْرِ رَأْسِها عَوْرَة، يجب عليها أن تَسْتُرُه، ما عَدا الوَجْهَ والكَفَّيْن، إذا أَمِنَت أنْ يَراها الرِّجال الأَجانِبُ، وإلا وَجَبَ عليها أن تُغَطِّيهما.
عباد الله: يجب على المُصَلي أنْ يَحْتَرِزَ لصَلاتِه قَبْل الدُّخول فيها؛ فيَلْبِسَ ما يَتَيَقَّنُ به سَتْرَ عَوْرَتِه، ويَدَعُ المَلابِس التي يُخْشَى منها ظُهور شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِه أثْنَاء صلاته.
فالثَّوْبُ الرَّقيقُ الشَّفَّافُ التي يَظْهَرُ مِنْ وَرَائه لَوْنُ البَشَرَة، بحيثُ يستطيع النَّاظِرُ تَمْيِيزَ لَوْنَ البَشَرَة بياضُها مِن حُمْرَتها من سَوَادِها؛ فهذا الثَّوْبُ لا يُعد ساتِرًا، ولا تُجْزِئُ الصَّلاة فيه.
وكذلك القَميصُ القصير (أو ما يُسَمَّى تي شيرت)، ونحو ذلك من المَلابس التي تَنْحَسِرُ عن أسفَل الظَّهْرِ إذا رَكَعَ أو سَجَدَ، فينْكَشِف من ظَهْرِه ما يقابل سُرَّتَه وما تَحْتَه، فَيَبْدُوَ شَيْءٌ من العورة، لا يُعد قميصًا ساتِرًا، ولا تَصِحُّ الصَّلاةُ فيه.
وكذلك السَّراوِيل القَصيرة التي تَنْحَسِرُ عن أسْفَل الظَّهْرِ إذا رَكَعَ أو سَجَدَ، أو تَرْتَفِعُ فيبدو مِفْصَلَ الرُّكْبَة مِنَ الخَلْفِ وشيءٌ مِنَ الفَخِذِ، فإنَّهُ لا يُعد ساتِرًا، ولا تُجزٍئُ الصَّلاةُ بها.
اللهم اجعل صلاتنا لك خالصة، وتقبلها منا يا ذا الجلال والإكرام.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله تعالى: ما علامات قبول الصلاة؟ فكان من جاوبه:
"فمن علامات القبول: انشراح الصدر، والاستقامة على الخير، والمسارعة إلى الطاعات، والحذر من السيئات، فإذا قل شره، وكثر خيره، وانشرح صدره للخير؛ فهذه من علامات التوفيق والقبول، أن تكون حاله أحسن".
اللهم تقبل صلاتنا، وصالحات أعمالنا وتجاوز عنا زللنا وخطايانا، وتُبْ علينا يا توَّابُ يا رحيم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنَّا نسألكَ بفضلكَ وكرمكَ أن تحفظنا من كل سوء ومكروه، وأن تدفع البلاءَ، وترفعَ الداء عن الأرض.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن، اللهم إنَّا نعوذ بكَ من جَهْد البلاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللهم إنا نسألك الجنةَ وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل.
اللهم أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وكُنْ للمستضعَفين منا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه وأعوانهما ووزراءهما لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم اللهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، ووفِّقْهم لِمَا فيه خير للإسلام وصلاح المسلمين.
اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا تحبه وترضاه، اللهم وفقهم لتحكيم شرعك في رعاياهم، والعدل بينهم.
اللهم انصر جنودنا المرابطينَ على حدود بلادنا، اللهم انصرهم نصرًا مؤزَّرًا عاجلًا غير آجل، وردَّهم لأهليهم سالمين غانمين منصورين، برحمتك وفضلك وجودك يا ربَّ العالمينَ.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَسِرِينَ)، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر:10].
الَّلهُمَّ اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].
التعليقات