عناصر الخطبة
1/ تخبط بعض المسلمين في شأن المرأة 2/ كمال الإسلام وشموليته 3/ تكريم الإسلام للمرأة 4/ نتائج السعي المحموم نحو تغريب المرأةاقتباس
المرأة في دين الإسلام هي الأم التي جعلها أحق الناس بحسن الصحبة، وهي البنت التي من أحسن تربيتها ورعايتها كانت له سترًا من النار، وهي الزوجة التي...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِساءً وَاتَّقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
أيها المؤمنون: هذا الاضطراب وذاك التخبط لا نستغربه ممن هم في الصين أو اليابان أو أمريكا أو أوروبا، ممن لم يعرف القرآن والسنة، ولا ما كان عليه سلف الأمة الكرام، لكننا نستغربه غاية الاستغراب من أقوام نشؤوا في بلاد الإسلام، وعرفوا شيئًا من السنة والقرآن، وعندهم من يعلمهم ما جهلوه من أهل العلم والبيان، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].
فما المقصود من هذا التخبط في شأن المرأة؟! ولماذا هذا الاضطراب؟! وما الداعي لئن تختلط المرأة بالرجل في شتى مناحي الحياة في تعليمها وفي عملها وفي سائر شؤونها؟
وإني -والله- لأعجب من منطق أولئك الرجال، لو كان في بيت أحدهم سلكا كهرباء موجب وسالب، ويريدا أن يلتمسا، لصاح فيمن عنده خوفا من نشوب حريق ولأسرع في عزلهما، ووالله إن التماس هذين السلكين لأهون من التماس المرأة بالرجل.
سبحان الله! فهذان السلكان اللذان عزلا عزلا تاما عن بعضها حتى يصلا إلى مصباح أو ثلاجة فيتزاوجا فتكون الثمرة التي من أجلها تم العزل، فيضيء المصباح، وتعمل الثلاجة، فهل مقومات الحياة تلك وسلامتها؟ أهم علينا من سلامة المرأة بل وسلامة المجتمع برمته؟
أيها الأحبة في الله: إن ديننا الذي ندين به، عظيم، دين يستمد أحكامه، وتصدر شرائعُه، من لدن عزيز حكيم، عالمٍ بالخلق، وما يصلحهم في معاشهم ومعادهم: (أَلا يَعْلمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14].
بلى -والله- فدين الإسلام دين عدل ورحمة، لا جور فيه، ولا ظلم فيه، فالله -جل وعلا- لا يظلم الناس شيئًا: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46] دين أعطى كل ذي حق حقه، أعطى الرجل حقه، وأعطى المرأة حقها.
ومن داخله في ذلك شك أو ريب فظن أن الخير والعدل في غير شريعة الإسلام، فقد خلع عنه ربقة الإيمان، والله ورسوله منه بريئان: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65] هكذا يكون المؤمنون فقد كرّم الله بني آدم ذكورًا وإناثًا، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، كرم الإسلام المرأة وحرّرها من كل سيئة وسوء، فكيف كانت في الجاهلية الجهلاء؟ ثم أصبحت في دين الإسلام حرة كريمة مصونة، ذات حقوق مرعية، لا ظلم عليها ولا جور، وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- تكريم المرأة وصيانة حقوقها في خطبة يوم عرفة في حجة الوداع، فقال: "فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" [رواه مسلم].
عباد الله: المرأة في الإسلام شريكة الرجل فهي مكملة له وهو مكمل لها، هي جزء من الرجل وهو جزء منها، قال الله -تعالى-: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [البقرة: 187]، وقال في آية أخرى: (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21] فعلاقة الرجل بالمرأة في المجتمع المسلم علاقة مودة ورحمة وموالاة ومناصرة ومؤاخاة وانتماء، فالرجل والمرأة جناحان لا تقوم الحياة البشرية السوية إلا بهما.
فالمرأة في دين الإسلام هي الأم التي جعلها أحق الناس بحسن الصحبة، وهي البنت التي من أحسن تربيتها ورعايتها كانت له سترًا من النار، وهي الزوجة التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
ومع هذا نجد أقواما زعموا أنهم دعاة لتحرير المرأة، والخروج بها مما هي فيه من الظلم والقهر والتخلف والرجعية.
فيا لله العجب ممَّ يحررونها؟! أمِن دين الإسلام الذي لا سعادة للبشرية إلا به؟ أم من الاقتداء بأمهات المؤمنين ومن تبعهن بإحسان في الحشمة والحياء والعفة والصيانة؟
نسأل الله السلامة، ونسأل الله أن يحفظ نساء المسلمين من دعواتهم الباطلة، وأن يهديهم للحق والفضيلة، وأن يدلهم لما هو أقوم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الإسراء: 9 - 10].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
أيها المؤمنون: فأما نتائج هذا السعي المحموم فلسنا -والله- سعداء بأن نراه في بلادنا الحبيبة الغالية، كيف وقد غرق به أهله في الشرق والغرب؟ فالسعيد من وعظ بغيره، فحديث الإحصاءات والدراسات عما تعانيه المجتمعات الغربية والشرقية من دمار ووبال جراء ما يسعى هؤلاء إليه كاف عن خوض غمار هذا المستنقع الآسن، ولو أنك سألت أحد هؤلاء الأدعياء -هداهم الله-: ما النموذج الأمثل الذي تقدمه لصاحبة العباءة والحجاب والعفة والجلباب؟
لم تجد عنده إلا إنموذج المرأة الغربية المطحونة الغارقة في حمأة الرذيلة التي تتلمس من ينقذها وينتشلها لا من يتأسى بها. ما حاجة المرأة المسلمة التي تعيش حياة عزيزة كريمة، موفورة الاحترام، مصونة الجانب، محفوظة الحقوق، ليس كمثلها امرأة من نساء العالمين في جلال حياتها وسناء منزلتها وعلو مكانتها؟ ما حاجتها لكل هذه المسالك المريبة؟
أيها المؤمنون: دول عدة وعلى رأسها أمريكا بدأت منذ زمن جراء دراسات اجتماعية على فصل الطلاب عن الطالبات، وتبنت ذلك التوجه مدارس أهلية، فهل نلعق ما بصقوه ونأخذ ما تركوه ونحن أمة شرفنا الله بالإسلام؟ قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا) [المائدة: 3] فرضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا.
اللهم صل وسلم على محمد...
التعليقات