عناصر الخطبة
1/خصوصية ديار بلاد الشام وأهلها 2/وجوب حفاظ أمة الإسلام على المسجد الأقصى 3/وصايا لصلاح الدين والدنيا 4/الواقع المحزن لكثير من المسلمين ومحاولة العلاج 5/الوصية بالمسجد الأقصى والأسرى وأرض فلسطيناقتباس
لقد عَظُمَ الخَطبُ في هذا الزمان؛ حتى لا يدري العبد على أي شيء يبكي. أعلى فوات دِينه؟ أم على إخوانه في الكُرُبات، أم على أعوانه على الصالحات، أم على دُرُوس العِلْم وطموسه؟ أم على اتفاق الخَلْق على إنكار المعروف وتعريف المنكر؟ أم على نفسه التي لا تطاوعه على طاعة؟...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي لا موهبةَ إلا منه، ولا بلوى إلا بقضائه، ولا مَفزَع إلَّا إليه، ولا يُسر إلَّا فيما يسَّره، ولا مصلحة إلَّا فيما قدَّره، له الحُكم وإليه تُرجَعون، اللهم اكشف عَنَّا البلاء إنا مؤمنون، اللهم تقبَّل شهداءنا، واشفِ مرضانا، وداوِ جرحانا، واكتُبِ الصحةَ والسلامةَ لكل المسلمين يا ربَّ العالمينَ.
ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، كاشفُ الضراءِ، وسابغُ النعماءِ، ودافعُ البلاءِ، وسامعُ الدعاءِ، ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، نبيُّ الرحمة، ومُعلِّم الحكمة، الهادي للأمة، والْمُخرِج لمن تبعه من الظلمة، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا يا مولانا فأنت علينا قدير، وارض اللهم عن آله وأصحابه وأوليائه، الذين جعلهم شهداء على عباده، وخلفاء نبيه، وورثة علمه، وحفاظ كتابه، والذابِّينَ عن دِينه، والداعينَ إلى سبيله، والقائمينَ بحقه، والحافظينَ لعهده، أليسوا هم شجرة النبوة؟ وأهل بيت الرسالة؟ وأهل بيت الرحمة؟ ومعدن العلم؟ وإياه -جلَّ جلالُه- نسأل، وإليه نرغب بالتوفيق لما ألزمناه من موالاتهم، والاقتداء بآثارهم، وسلوك سبيلهم، والمضي على نهجهم.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: ستكون هجرةٌ بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجَر إبراهيم -عليه السلام-، والمراد به الشام؛ لأن إبراهيم لَمَّا خرَج من أرض العراق قضى إلى الشام، وأقام به، فالمؤمنون اليوم هم خيار أهل الأرض، وأنتم -يا عبادَ اللهِ- اختاركم اللهُ لرعاية أرضه وبيته، فحافِظوا -رحمكم الله- على أرضكم المقدَّسة، المطهَّرة المبارَكة، طُهِّرت من الشرك، وجُعلت مسكنًا للأنبياء والأولياء، داومِوا على الصلاة في مساجدها، وحضور مجالس العلم والذكر والعبادة، إنَّها قربة لكم عند ربكم.
ومن هنا كان الواجب على الأمة المحافَظة عليها، وعلى مسجدها، وما يجري اليوم من اعتداءات وعبث وفساد إنما هو ذُلٌّ وعارٌ على الأمة؛ فالمسجد مسجدنا، ولا حق لغيرنا بالصلاة فيه، فإياكم -أيها المسلمون- والتقصيرَ في حقه، وبخاصة أنتم أيها المسؤولون، سوف تقفون غدًا وتُسألون. فماذا تقولون؟ كل شيء يهون إلا المقدَّسات؛ فإنَّها من شعائر الله، وتعظيمها من تقوى القلوب.
فيا أهل بيت المقدس: أنتم أجِلَّة الورى، أنتم كرام الأنفس، البركات من حولكم، والمسجد الأقصى زها بوجودكم، فاحفظوا هذه النعمة، أعانكم الله على طاعته، وأمركم في رحمته، وحفظكم من عدوه، وحببكم إلى خلقه، عاملوا الله على قدر نعمه عليكم، وإحسانه إليكم، فإن لم تطيقوا فعلى قدر ستره، فإن لم تطيقوا فعلى الحياء منه، فإن لم تطيقوا فعلى الرجاء لثوابه والخوف من عقابه.
أنتَ أيها المصلي: إيَّاك والنميمة؛ فإنَّها تورث العداوة بين الأهلين، وتفرق بين المحبين، وإياك والتعرض للعيوب؛ فتصير لها أهلًا، وإياك والجود بدينه؛ والبخل بماله، إيَّاكَ والغدرَ؛ فإنَّه أقبح ما تعامَل به الناسُ، واجمَعْ بين السخاء والعلم، والتواضع والحياء، وإيَّاكَ والكذب والفجور، وتقطيع الأرحام، الزم الصدق وجاهِد في أفعالكَ، مَنْ أخلص في الخدمة أورثه المولى -تبارك وتعالى- طرائف الحكمة، وأيده بأسباب العصمة، اخدم مولاك شوقا إلى لقائه؛ فإن له يومًا يتجلَّى فيه لأوليائه، إن لله عبادًا خالط قلوبهم الحزن، فأسهر ليلهم، وأظمأ نهارهم، وأبكى عيونهم، كما وصفهم في كتابه: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذَّارِيَاتِ: 17-18].
فيا أيها المسلمُ: أَحِبَّ المسلمين واحترم مقامهم، اهرب بدينك إلى الله، فالناس إن نقدتهم نقدوك، وإن تركتهم لن يتركوك، وإن هربت منهم أدركوك، فالعاقل من وهب نفسه وعرضه ليوم فقره.
إيَّاكُم ودمعةَ اليتيم، ودعوة المظلوم؛ فإنَّها تسري بالليل والناس نيام، إيَّاكُم والكبرياء والتكبر والتبختر والخيلاء، تواضعوا ترفعوا، وقد ورد في تفسير قول الله -تبارك وتعالى-: (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 90]، قال مجاهد: "متواضعين"؛ فالتواضع يكسب السلامة، ويورث الألفة، ويرفع الحقد، ويذهب الصد، وثمرة التواضع المحبة، كما أن ثمرة القناعة الراحة، وإيَّاكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفحش، إيَّاكُم والشح؛ فإنَّه أهلك من كان قبلكم، هو الذي سفك دماء الرجال، وهو الذي قطع أرحامها، فاجتنبوه يا عبادَ اللهِ، قال الله -تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)[الْأَعْرَافِ: 33]، قال المفسرون: "ما ظهر منها الزلة، وما بطن منها الغفلة"، إيَّاكم وأخلاق العَجَم، ومجاورة الجبارين، وأن ترفع بين ظهرانيكم شعائر الشيطان، إيَّاكم أن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، إيَّاكم وإتيان السحرة والكهنة، أو العرافين والدجالين؛ فإن ذلك من وحي الشيطان، قال الحق -جل وعلا-: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 144].
لقد عَظُمَ الخَطبُ في هذا الزمان؛ حتى لا يدري العبد على أي شيء يبكي. أعلى فوات دِينه؟ أم على إخوانه في الكُرُبات، أم على أعوانه على الصالحات، أم على دروس العلم وطموسه؟ أم على اتفاق الخلق على إنكار المعروف وتعريف المنكر؟ أم على نفسه التي لا تطاوعه على طاعة؟ أم على أهل بيته الذين يطالبونه بما ليس له عليه طاقة؟ أم على ولده الذي لا يرى فيه للعين قرة؟ أم على جاره الذي لا يغضي له عورة؟ أم على أميره الذي لا يرعى فيه إلا ولا ذمة؟ أم على فقد صبره الذي يغلبه عن الانفراد عن الخلق، والاكتفاء بالرب -جل جلاله-، قال أحد الصالحين: "رأيت إبليس اللعين في المنام، وكأنه عريان، فقلتُ: ألا تستحي من الناس؟ فقال: وهؤلاء تظنونهم ناسًا؟ لو كانوا ناسًا ما كنتُ ألعب بهم كما يلعب الصبيان بالكرة؛ إنما الناس جماعة غير هؤلاء. فقلتُ لهم: أين هم؟ قال: في المساجد، قد أَفْنَوْا قلبي، وأتعبوا جسدي، كلما هممتُ بهم أشاروا إلى الله، فأكاد أحترق"، أهل المساجد أصحاب عبادة وتجرُّد وصفاء، أصحاب علم وعطاء، إذا تمكنت الأنوار في السر نطقت الجوارحُ بالبِرّ، المقيم في المسجد على طاعة الله يدفع اللهُ به وبدعائه البلاءَ عن العباد والبلاد.
عبادَ اللهِ: نعيش اليوم في زمن الظلم والظالمين، فلا أكثَر اللهُ من الظالمين الذين يفسدون في الأرض ولا يُصلِحون، أصبح الدِّين غريبًا في هذه الأيام، والناس قد أصبحوا غرباء، قد أقبلوا على المحرمات وأظلمت الأرض بعد نورها، حتى المقابر لم تسلم من الاعتداء، لماذا هذا الظلم؟ ونحن من هنا نقول للجميع: رَحِمَ اللهُ مَنْ عرَف نفسَه وحقَّه وحدَه، كفاكم ظلمًا وفسادًا واعتداءً، ارحموا أمواتكم في قبورهم، ومَنْ لم يتَّعِظ بالموت فلا موعظةَ تنفعه، فاتقوا الله يا عبادَ اللهِ، فالمقبرة ساحة الرحمن، وهي موعظة الزمان، وهناك لجنة مسؤولة تقوم بالرعاية والمحافَظة على المقابر، وهي المرجع في حال حدوث أي إشكال.
ذنوب كثيرة، ونفوس ضعيفة، وحسنات قليلة، وسفرة طويلة، وغاية مهولة، ما لنا لا نبكي وقد توعرت الطريق وقل السالكون فيها؟ وهُجرت الأعمال؟ وقلَّ الراغبون فيها؟ ورُفض الحق؟ ودُرِسَ هذا الأمرُ؟ فلا نراه إلا على كل لسان بطال، ينطق بالحكمة، ويُفارِق الأعمالَ، قد افترش الرُّخَص، وتمهد التأويل، واعتل بزلل العاصين، إن أصحاب الأهواء قد أخذوا في تأسيس الضلالة وطمس الْهُدَى، فاحذرهم يا عبادَ اللهِ، جعلوا سوء أدبهم إخلاصًا، وشره نفوسهم انبساطا، ودناءة همهم جلادة، فعموا عن الطريق، وسلكوا فيه المضيق، إن نطقوا فبالغضب، وإن خوطبوا فبالكبر، (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[التَّوْبَةِ: 30].
يقول أحد الصالحين: "خالطتُ الناسَ خمسينَ سنةً، فما وجدتُ رجلًا غفَر لي ذنبًا، ولا وصلني إذا قطعتُه، ولا ستَر عليَّ عورةً، ولا أَمِنْتُه إذا غَضِبَ، فالاشتغال بهؤلاء حُمقٌ كبيرٌ يا عبادَ اللهِ، مَنْ بذَل نفسَه لهواه، وشغل عمره بمناه، استعبَدَه هواه، واسترقَّه مُناه، بئس القومُ قومٌ يمشي المؤمنُ فيهم بالتقية والكتمان، بئس القوم قوم يستحلون المحرماتِ بالشبهات، بئس القوم قوم لا يقومون لله بالعدل والقسط، بئس القوم قوم يعمل فيهم بالمعاصي فلا يغيرون.
عبادَ اللهِ: ثلاثة لعنهم الله: رجل رغب عن والديه، ورجل سعى بين رجل وامرأة يفرق بينهما ثم يخلف عليها من بعده، ورجل سعى بين المؤمنين بالأحاديث الكاذبة؛ ليتباغضوا ويتحاسدوا، إذا السيوف قد عريت، والدماء قد سفكت، فاعلموا أن حكم الله قد ضيع، فانتقم الله لبعضهم من بعض، وإذا رأيت أيها المسلم الوباء قد فشا فاعلم أن الربا قد فشا، وإذا رأيت المطر قد حبس فاعلم أن الزكاة قد حسبت، فمنع الناسُ ما عندهم، ومنع الله ما عنده، يأتي على الناس زمان ترفع فيه الأمانة، وتنزع فيه الرحمة، وتكثر فيه المسألة.
عبادَ اللهِ: المجالس بالأمانة، إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق، ورد في بعض الآثار، أن موسى -عليه السلام- قال: "يا رب ما لِمَنْ يَحلِفُ بكَ كاذبًا؟ قال: أجعل لسانه بين جمرتين أحقابًا، قال: يا رب، فما على من اقتطع مال مسلم بيمين فاجرة؟ قال: أقطع حظه من الجنة".
أيها المسلمُ: أعاننا الله وإياكَ على رعاية ودائعه، وحفظ ما أودعنا من شرائعه، رحم الله امرأ أبصَر فتدبَّر، واتَّعَظ فاعتبر، وعمل ليوم الحساب، وخشي وقتَ العقاب، تغمدكم الله بالرحمة، وبلغ بكم شرف الهمة.
عبادَ اللهِ: الزمان يذهب، والصحائف تُختتم، فتوجهوا إلى المولى الكريم، بالدعاء والتسليم، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مُعِزِّ الحقِّ وناصرِه، ومُذِلِّ الباطل وقاصره، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، غمر العباد بإنعامه، وعمَر قلوبَ العباد بأنوار الدِّين وأحكامه، ونشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أكرم مَنْ دبَّ ودرَج، وأفضل مَنْ هبَط وعرَج، صلى الله عليه وعلى آله أُولِي الفضل والكرم، وأصحابه المؤمنين الموفين بالذمم، صلاةً دائمةً ما هطلَتْ سحائبُ الدِّيَم.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: انظروا في أحوالنا اليوم؛ نعيش في حالة يرثى لها، مشكلات، واختلافات، في داخل المجتمعات والأُسَر، وحالات الطلاق كثيرة، ولأبسط الأسباب، اعتداءات للأقارب والجيران، ولف ودوران في توزيع المواريث، وسيطرة القوي على الضعيف، وحرمان النساء من حقهن، كل ذلك أدَّى إلى ضعف المجتمع، الضَّعْف الذي نعيشه اليوم، فلا يزال الخصام والفرقة قائمة، وحدوا صفكم واجمعوا كلمتكم، وانبذوا كل معالم الخلاف الذي يهيج العداوة، والعداوة تستنزل البلاء، من ظن بمسلم فتنة فهو المفتون، أكثر الناس خيرًا أسلمهم صدرا للمسلمين، يقول العبد الصالح: "ما استصغرت أحدًا من المسلمين إلا وجدت نقصًا في إيماني"، فاصبروا يا عبادَ اللهِ، لقد تحملتم المشاق، فالمصائب مفاتيح الأرزاق، والصبر عقباه الفرج، مهما شاهدتم من البلاء واللأواء وهدم المنازل وتشريد أصحابها تقتيل أولادكم، مهما رأيتم من بناء للمستوطنات وتوسيعها، وتشديد الخناق على أسرانا، وحصار أهلنا، كل ذلك زائل لا محالة، وعند التناهي يكون الفرح والفرج، والله ما عز ذو باطل، ولو طلع القمر من جيبه، ولا ذل ذو حق ولو اتفق العالم عليه.
ما أعزَّ اللهُ بجهلٍ قطُّ، ولا أذلَّ بحِلمٍ قطُّ، لقد تحمَّل أسرانا، ولكنهم -والحمد لله- عزائمهم قويَّة، وهِمَهُم عالية، وتذكروا -يا عباد الله- أنَّ الأسيرَ أسيرُ نفسِه وشهواتِه، وأسيرُ شيطانِه وهواه، وأسرانا قائمون بأمر الله، متمسكون بحكم الله، والفرج قريب -بإذن الله-.
أخرَج الإمام ابن عساكر أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كتب إلى المسلمين الأسرى في القسطنطينية: "أمَّا بعدُ، فإنكم تعدون أنفسكم الأسارى، ومعاذ الله، بل أنتم الحبساء في سبيل الله، واعلموا أنني لستُ أَقسِمُ شيئًا بين رعيتي إلَّا خصصت أهلكم بأكثر من ذلك وأطيبه، فأبشروا ثم أبشروا والسلام".
وأخرج الإمام ابن شاهين في فضائل الأعمال عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "من قال بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، صرف الله عنه سبعين بابًا من البلاء، أولها الهم والغم".
عبادَ اللهِ: إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم في طلب المعيشة.
إلهَنا ومولانا نسألكَ فَرَجًا عاجلًا قريبًا، وصبرًا جميلًا، وفتحًا مبينًا، فاللهم أَبرِمْ لهذه الأمةِ إبرامَ رشدٍ تُعِزّ به أولياءَكَ، وتُذِلّ به أعداءكَ، ويُعمَل فيه بطاعتكَ، ويُنهى فيه عن معصيتكَ.
اللهم اجعلنا لأصفيائك أصحابًا، وللتائبين أحبابًا، اللهم إنا نسألك لذة العيش بعد الموت، وحُسن النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، يا خير من وفد العباد إليه، ذهبت أيامنا، وضعفت قوتنا، وقد وردنا إلى بيتك المكرم، بذنوب كثيرة، مستجيرين بعفوك منها، وحططنا رحلنا بفنائك، وأنفقنا أموالنا في رضاكَ، يا مَنْ دعاه المذنبون فوجدوه قريبًا، ويا من قصده الزاهدون فوجدوه حبيبًا، ويا من استأنس به المجتهدون فوجدوه مجيبًا.
يا من آنَسَنَا بذِكْره، وأوحَشَنا مِنْ خَلقِه، وكان لنا عند مسرتنا، ارحم اليوم عبرتنا، وهب لنا من معرفتك ما نزداد به تقربًا إليك، يا عظيم الصنيعة، إلى أوليائه، اجعلنا اليوم من أوليائك.
اللهم ارحم غربتنا في الدنيا، وارحم مصرعنا عند الموت، وارحم وحدتنا في قبورنا، وارحم قيامنا بين يديك، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فأنت علينا قدير، والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير.
اللهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الطامعين، ومن اعتداء المعتدين، واجعله عامرًا بالإسلام والمسلمين.
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم؛ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].
التعليقات