عناصر الخطبة
1/ حرمة الاحتيال والحكمة من تحريمها 2/ حال المحتال 3/ صور من الاحتيال 4/ تمييع قضايا الدين باسم المصلحة ونتائجها 5/ واجبنا نحو المحتالين
اهداف الخطبة

اقتباس

وهذه القضية -عباد الله- نذير كل فساد ولؤم ومضرة، والتجافي عنها هدى ومرضاة ومسرة، ومن كان لزيمه التمويه في استصدار الأحكام، وذريعته الخديعة ومسالك الظُّلَّام في التجرؤ على حدود الملك العلام - فقد باء بأعظم الذنوب ومقت علام الغيوب؛ كيف والحيل ونظيراتها محرمة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وقواعد الشريعة ومقاصدها؟!

 

 

 

الحمد لله ذي العز والعظمة والجلال، اللهم لك الحمد ربنا على نعم تترى في انهمال، سبحانك خالقنا حرمت الخداع والاحتيال، وتوعدت المشاقين لحدودك بالعذاب والنكال.

وأشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أبنت الحرام من الحلال، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمدًا عبدك ورسولك، أزكى من بُعِث بحفظ الحقوق والأعراض والأموال؛ فصلواتك ربي عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ذوي السجايا السنية والخصال، وصحبه البالغين ذرا العلياء والكمال، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، وسلم تسليما كثيراً ما تعاقب البكور والآصال.

أما بعد:

فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فإنها خير مطية للثبات على الطاعة والامتثال، وأوثق عروة للهدى ووصال، وأعظم زاد ليوم لا بيع فيه ولا خلال: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197].

فتزوَّدِ التقوَى وأيَّةُ خُلَّـةٍ *** يسعَى لها مَنْ قدْ أرادَ نجَاتَه
وكفَى بهَا زادًا لنا ومنبِّها *** يهْنأ فتىً نبَضَتْ بها عزمَاتُه

أمة الإسلام: في عصر زاخر بالصراعات المادية والاجتماعية، والظواهر السلوكية والأخلاقية، والمفاهيم المنتكسة حيال الشريعة الربانية؛ - ظهرت قضية بلغت من الخطورة أوجها وقاصيها، ومن وجوب التصدي لها ذروتها ونواصيها، وما أسبابها ودواعيها إلا الجشع النهيم، والتجاهل الوخيم، ومخادعة العزيز العليم.

إنها معضلة مفجعة ومشكلة مفزعة، تلكم هي التحايل على شرع الله والخداع في أحكام الله، والعدول بها إلى غير حقائقها، ووضعها في غير سياقاتها الشرعية وطرائقها.

وهذه القضية -عباد الله- نذير كل فساد ولؤم ومضرة، والتجافي عنها هدى ومرضاة ومسرة، ومن كان لزيمه التمويه في استصدار الأحكام، وذريعته الخديعة ومسالك الظُّلَّام في التجرؤ على حدود الملك العلام - فقد باء بأعظم الذنوب ومقت علام الغيوب؛ كيف والحيل ونظيراتها محرمة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وقواعد الشريعة ومقاصدها؟!

ولتلك الأفاعيل السوداء والأضاليل النكراء، كان ما قصه علينا الديان في محكم كتابه، وما أذاقه اليهود المحتالين في السبت من أليم عقابه كما قال -عز اسمه-: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة:65].

ولجرم الحيل ونكارتها -عباد الله- ابتلى المولى -تعالى- أصحاب البستان المخادعين الغادين لإسقاط حق المساكين؛ فحرَّق جنانهم، وروَّع جنابهم؛ عبرة لكل محتال، وتربية على الطاعة والامتثال.

أخوة الإيمان: وحُرِّمت الحيلة؛ لأنها محادَّةٌ لأحكام الله تبعث على البغضاء والشحناء، وتعبث بالحقوق والأعراض والدماء.

الحيلة تتسم بالأثرة الفردية، والروعنة النفسية والمصلحة المادية التي أعمت الأبصار؛ فغشَّاها من الحرام ما غشَّى، واستولى بها التدليس على البصائر وتفشَّى، ولو أنهم رضوا بما حلَّ وقل لكان خيراً مما حرُم وجل.

اعتبِرْ نحنُ قسَمْنا بينهُم *** تلْقَـه حقّا وبالحقِّ نزَلْ
فَاترُكِ الحيلةَ فيهَا واتَّئِدْ *** إنَّما الحيلةُ في تركِ الحِيَلْ

وأنى تتفق تلك المفاسد مع شريعة النبل والزكاة، والنزاهة والصفاة، يتتبعون الحيل؛ لتحليل ما حرّم الله متذرعين بالألفاظ، معرضين عن المآلات والأغراض، وما دروا -هداهم الله- أن الأمور بحقائقها ومعانيها لا بصورها ومبانيها.

يقول الإمام العلامة ابن القيم -رحمه الله-: "الحيل المحرمة مخادَعةٌ لله ومخادَعة الله حرام؛ فحقيقٌ بمن اتقى الله وخاف نكاله؛ أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال".

أيها المسلمون: ولئن أجَلْنا النظر في أحوال أهل التحايل نشَّاب الترخص المحرم والخداع الأثيم؛ لألفينا أموراً تبعث على الأسى والتوجع، والاسترجاع والتفجع؛ ودونكم –يا رعاكم الله- هذا الوَشَلُ من صور الحيل مصدَّرًا بقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تحريم هذا المكر اللئيم، والتحذير منه، يقول - عليه الصلاة والسلام-: "قاتَلَ الله اليهودَ حُرِّمتْ عليهم الشحومُ فجملُوهَا فَباعُوها" متفق عليه.

قال الإمام الخطابي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث بيان بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل بها إلى المحرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه" انتهى كلامه -رحمه الله-.

والحيل كلها لا تخرج عن المغالطات، واعتبار الظواهر دون ما قصده الشرع من الحكم والجواهر، ومن أمثلة ذلك: الاحتيال في زيادة ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها، وإنما كيداً بالمشتري وتغريراً، وذلك نجَشٌ محرم، يقول تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر: 43]، ويقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث في الصحيحين: "ولا تناجشوا".

ثانيها: الاحتيال للقرض المعجل، كأن يبيع التاجر بضاعة لمقترض بثمن إلى أجل، ثم يشتريها منه نقداً بسعر أقل، وهي مسألة (العِينة) المعروفة.

ووجه هذه الحيلة: أن الظاهر هو البيع ولكن الحقيقة هي الربا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: "فيا سبحان الله العظيم! أن يعود الربا الذي عظم الله شأنه، وأوجب محاربة مُستحِلِّه، ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، أن يُستحَل بأدنى سعي بصورة عقدٍ هي عبث ولعب".

وغير ذلك -يارعاكم الله- من صور التحايل على الربا والمعاملات المحرمة في البيوع والقروض، والصرف والاستثمار، وصيغ الغَرَر في العقود والمشروعات والمناقصات، وسوء استغلال الوظيفة والرشى والتزوير، ناهيكم عن إسقاط الحدود والتعزيرات، وتهريب وترويج المخدرات، والاختلاس والابتزاز، والتعدي على الأموال والممتلكات العامة.

ومنها: التحايل للفرار من أداء الزكاة، وذلك ببيع النصاب أو هبته أو استبداله قبل الحول، ثم الرجوع فيه، وقد حذرنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- من ذلك في قوله: "لا يُجْمَع بين متَفرِّقين ولا يُفرَّق بين مجتمعٍ خشيةَ الصدقة" رواه أحمد والنسائي.

رابعها: الحيلة في إسقاط ما وجب في الحال، كالنفقة على المطلقة أو أداء الدين؛ فيخادع المرء ربه -وما يخادع المغرور إلا نفسه- فيُملِّك ماله زوجته أو ولده؛ فيُسقِط ما وجب عليه بزعم الإعسار، ألا ساء ذلك الاحتيال والمسار.

أحبتنا الأخيار: ومن صور التحايل المحرم: التحايل في استرجاع شيء من المهر لمن عزم الطلاق؛ مضارةً للزوجة المهيضة؛ فتجعل المسكينة مالها لخلعه لقاءَ ولشره اتقاءَ، وفي هذا التحايل الكائد يقول الحق -تبارك وتعالى-: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 229]

أما سادسها: فالخديعة بالرجعة بعد الطلاق، لا للألفة والوفاق، بل لأجل الاعتداء والإضرار والإباق، وفي فضح هذه الحيلة وهتكها يقول العزيز الجبار -جل جلاله-: (وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً) [البقرة: 231]

أمة الإسلام: ومما يندرج في الاحتيال المحرم: مضارة الورثة في أنصبائهم وسهامهم -حجباً وحرمانا-، إيصاءً بأكثر من الثلث أو نقصاناً، وهذه الفاقرة ذات الجلف والإجحاف كم أورثت بين الإخوة من التناكر والاختلاف، ما يعز عن الرأب والائتلاف، ومن أسفٍ أن لظاها أصاب كثيراً من المجتمعات.

وقل مثل ذلك فيما يتعلق بالاحتيال على الأوقاف والوصايا، وأموال النساء والأرامل والأيامى، والقصر واليتامى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أيها المؤمنون: وثامن تلك الحيل المتضرمة والخدع المتصرمة التي جرت الآفات، وأعقبت اللهثات، وابتذلت الفروج والحرمات، وكرامات المؤمنات الغافلات: حيلٌ لزيجات ذات أسماء ومسميات، جُلُّها يندرج تحت إشباع الغرائز والنزوات، بعد أن أُسقِطت المودة والواجبات، وغُيِّبت الرحمة والالتزامات؛ فظاهرها أمر صحيح، ولكن فحواها تدليس صريح، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا ترتكِبُوا ما ارتكبتِ اليهودُ فتسْتحِلُّوا محارم اللهِ بأدْنى الِحيَل" رواه الترمذي وغيره بإسناد حسن.

أمة الأحكام ذات الإحكام: ومما لا تنفك عنه بعض الأفهام من التحايل والإيهام، تمييع قضايا الدين باسم المصلحة واليسر، والتلفيق تارة، والمرونة والتطور الحضاري أخرى.

نعم ذلك حق -وايم الحق-، لكن تلك مصطلحات لها دلالتها ومضامينها، لا تُرسَل على عواهنها دون قيد ورابط وقرينة وضابط، بل أنى يخوض ثبج غمارها ويجيد استكناه أغوارها إلا المجلون بالعلم، الراسخون في الاستنباط والفهم.

وهل نتج عن تلك المصطلحات العطنة الزمام، والفتاوى المجردة عن الخطام التي لم تؤصل على الأناة والتيقظ والورع والتحفظ، هل نتج عنها في الدين إلا الهجر لعمود شعائره والثلم لسني شرائعه؟ والله المستعان.

معاشر المسلمين: وما عن هؤلاء ببعيد المحتالون بالمنصب والرشوة على الضمائر والذمم، والمبادئ والقيم، تحقيقاً لدنيء مآربهم، وضخًّا في رصيد مكاسبهم، وإن تحطمت مصالح الأمة وأصاب المجتمع من التقهقر والمحن ما أصابه.

إخوة الإيمان: أما لَيُّ أعناق النصوص من الكتاب والسنة، واحتكار معانيها ومراميها على غير فهم سلف الأمة؛ لترويج أفكار هدامة تستبيح قتل الأبرياء ومعصومي الدماء، وتحيل الديار الآمنة الوارفة مسارح تكفير وميادين تفجير - فإنه عين المكر الخادع والتحايل الصادع الذي يأباه السمع، ويمجه ويقطعه الإنكار ويحُجُّه.

وقل مثل ذلك فيمن يَمَّمُوا وجوههم شطر الفكر التغريبي، والنيل من ثوابت الأمة وقضياها الجُلَّى؛ لا سيما المتعلقة بقضايا المرأة والزج بها في متاهات الرذائل والتبرج والسفور والاختلاط المحرم، في تحايل مكشوف على أعراض الأمة وقيمها العليا.

وبعد -أيها المسلمون- كم يعجب الغيور كل العجب أن يتحدى المسلم ما فرض عليه ووجب؛ فيتردد في جلِيِّ الحكم، ويكابر ويتردد لأجل الحيل على الزمعة والأكابر.

ألا هل نُبِّئتم وعلمتم ورأيتم وسمعتم نكولاً مثل هذا ونكوصا؟ أتعطيلٌ للأحكام، أتعطيلٌ للأحكام وخُدعٌ للحلال والحرام؟ أفعلى الشبهات تجرُّؤٌ وإقدام؟ أفعلى التكاليف احتيالٌ دون إحجام؟ أين الرهبة من علام الغيوب؟ أين وقدة الإيمان في القلوب يا لها من جسارة تشي بأخلاقٍ منهارة ما عاقبتها إلا الندامة والخسارة: (أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99].

فيالله العجب! كيف يتورع أناس عن المعاملات المحرمة صراحة، لكن لا يرون بها بأساً حينما تأتيهم من الأبواب الخلفية، أو تُمَرَّر تحت الطاولات التفاوضية، ولسان حالهم: من له حيلة فليحتال؟!

إذَا المرءُ لم يحْتلْ وقَد جَدَّ جِدُّهُ *** أضاعَ وقاسَى أمرَهُ وهو مُدْبِرُ

فيا عباد الله: أي نائبةٍ تلك التي ترزِّئ حين تراوغ صوب شرع الله؟ أي داهيةٍ تلك التي تصيب الأمة في مقتلٍ حين تُوارب شريعة رب العالمين؟!

ألا فسلام الله ورضوانه على السلف الصالحين المتورعين الوقافين عند شرائع الدين، الوجلين من أوامر رب العالمين، أولئك هم فرسان الدين والدنيا الذين تبوؤا من الأمجاد المرتبة العليا بلا ثنيا.

ألا فلَّ الله عصابات النصب والاحتيال المجافين للطاعة والامتثال، المستغلين بمكرهم الثعالبي براءة أهل الطيبة والإغفال، وعقر الله جوادهم، ولا كثَّر في الأمة سَوادَهم.

فاتقوا الله -أيها المسلمون-، واسمعوا وأطيعوا -أيها المؤمنون-، وتوبوا إلى الله من الحيل توبةً نصوحاً، وهَّاجة مخلصة بهاجة، ترقيكم منازل الصالحين، وتبلغكم مرضاة رب العالمين بمنه وكرمه. اللهم أنت ولينا؛ فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله شرع من الأحكام أقومها بمصالح العباد وأزكاها، وحرم الحيل وما ضاهاها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، خير من بيَّن طرائق الرشد وأهداها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الوقافين عند حدود الله ومنتهاها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله -عز وجل- وكونوا ممن أطاع ربه وامتثل، واجتنب التدليس والحيل؛ فبلغ -بتوفيق الله- المنى والأمل.

إخوة الإيمان: ولئن استشرى أمر التحايل في هذا العصر المادي ذي التطور التقني والحاضري، وتفاوت ضرره وشرره ضخامةً وضآلةً، جرماً وضلالة - فإن مرد ذلك لكون المتحيل على حدود الله لا تحدثه نفسه بتوبة لاعتقاده الفاسد بِحِلِّ ما أتى: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ) [البقرة: 9].

إلا أن التخادع ملاحَقٌ -بحمد الله- بهتكه وبيانه من العلماء الربانيين، والقادة المخلصين، ولكن الطموح غلاب وجموح؛ فالأمة بحاجة لمضاعفة الجهود؛ لبيان شناعة الاحتيال على حدود الله وحقوق عباد الله، مهما كثرت التأويلات وتعددت التبريرات والمسوغات، وإن سماها أصحابها دهاءً وكياسة.

وما هي -وايم الله- إلا إفلاس وانتكاسة؛ حصداً لهذا الداء وما يعقب من بلاء على حين اندلاع براكين الفتاوى المادة والأفكار الهادة، في فناد من الفضائيات المجتالة، والشبكات العنكبوتية القتالة:

وعادَ طولُ القَنَا في أرَضِهِم قِصَرًا *** وأنفَذُوا كلَّ مذخُورٍ منَ الحيَلِ

كما يؤكد -أيها الأحبة- على أن إبرام المعاملات المحتالة المغرِّرة على وجه التراضي بين الطرفين لا يحلها حلالاً؛ ولو طهرت النوايا وسلمت بزعمهم الطوايا.

وفي هذه القضية الجلية: ياحبذا ما يدركه علماء الشريعة من لزوم تزكية الأجيال، وتوجيهها شطر الورع ونظافة اليد والنزاهة، والخضوع لأوامر الله ونواهيه، والفرار من الحرام ودواعيه، وما ينشدونه في المجتمعات ونشئها الصالح -خصوصاً- من الفهم الشمولي لحقائق الإسلام ومقاصده.

ألا فاتقوا الله -عباد الله- في أحكامه وشريعته وتكاليفه وملته، واحذروا تسويل الشيطان وخطراته، ولا تركنوا لمكر الهوى وخطواته، وزخرف التدليس وسكراته؛ تفوزوا وتنعموا وتمجدوا وتغنموا.

ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير البرايا المخصوص بأزكى التحايا، تفوزوا بالرحمات والعطايا والأجور السنايا؛ فقد أمركم المولى الرحيم في كتابه الكريم، فقال -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].

ونهدِي كلًّ آوِنةٍ وَحِين **** صلاةَ اللهِ نُتبِعُها السَّـــلامَ
مدَى الأيَّامِ مَا طَلعتْ شُموسٌ *** إلى مَنْ كانَ للرُّسلِ الْخِتَامَ

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيد الأولين والآخرين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم احم حوزة الدين.

اللهم احفظ أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم وفق إمامنا بتوفيقك وأيده بتأييدك، اللهم كن له على الحق مؤيداً ونصيراً، ومعيناً وظهيراً، اللهم وفقه ونائبيه وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد.

اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.

اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك ياذا الجلال والإكرام، ياحي ياقيوم. ياحي ياقيوم. ياحي ياقيوم برحمتك نستغيث فأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين. اللهم انصرهم في فلسطين، اللهم انصرهم في فلسطين على الصهاينة المعتدين المحتلين، اللهم أنقذ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.

اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا، وتولى أمرنا، واختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

 

 

 

 

 

 

المرفقات
خطورة الاحتيال1.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life