عناصر الخطبة
1/ مراحل تغريب المجتمعات 2/وسائلهم لإضعاف مناعة المجتمع 3/صور من تدرج العلمانيين في تنفيذ مخططاتهم 4/النصر للإسلام.اهداف الخطبة
اقتباس
وهم في كل ما يطمحون إليه هادئون, يرسمون الخطط بأناة ويتدرجون في تطبيقها بما تسمح به الظروف الاجتماعية, ويؤجلون الباقي إلى حين إحداث تغيرات في عقول الناس ونفوسهم تجعلهم يتقبلون الرؤى الجديدة وخاصة ما يتعلق منها بالمرأة: يقول أحدهم ناصحاً بني جلدته من العلمانيين بعدم طرح قضية المرأة في لقاء الحوار الوطني الثالث وتأجيله سنتين أو ثلاث سنوات, ريثما يتمكنوا خلالها من تغيير أنماط التفكير لدى المجتمع، حتى يتهيأ الناس للقبول بمشاريع تغريب المرأة فقال...
الخطبة الأولى:
الحمد لله ...
وبعد :
فقد سبق بنا الحديث عن طرف من استراتيجية القوم في تغريب المجتمع ووسائلهم ونقاط الضعف التي ركزوا عليها لتحقيق الاختراق على أوسع مدى.
واليوم سنتابع -بإذن الله تعالى- الحديث عن مخططات هؤلاء, فلتمرير ما سلف من مكر وكيد فإنهم يعمدون إلى طرحه بزخم وقوة, مستغلين ما تحت أيديهم من منابر إعلامية من صحافة وقنوات وغيرها, فيعمدون إلى كثرة الدندنة والتهويل حول القضايا التي يطرحونها, ويكثرون من الأخذ والرد وطرح وجهات النظر حولها بالصحف وفي مختلف وسائل الإعلام وأجهزته, حتى يلفتوا أنظار الناس لها, ويتوهموا أنها أمر واقع وحقيقة ماثلة بعد أن لم تكن.
ثم ينشأ جيل من الناس اعتاد على سماع المناقشات حول هذه الموضوعات؛ فيتوهم أنها مشكلات حقيقية لا بد لها من حل, ويتجه في أغلب الأحيان إلى الحل الوسط الذي يرضي الطرفين المتخاصمين حسب وهمه, والخاسر في حقيقة الأمر هو صاحب الحق, والربح كله للباطل وأصحابه, لأنهم يمضون في اتباع الأسلوب نفسه جيلاً بعد جيل حتى تتوالى سلسل التنازلات ويرضى الناس بالقشور. ويترافق مع هذه السياسة اتباع استراتيجية مدروسة ومحددة الخطوات:
أولها: رفع شعار الديمقراطية والحرية والحداثة والعصرنة لخداع الناس وإيهامهم.
ثانيها: اتباع سياسة هادئة دؤوبة – بعيدة المدى – في تجفيف منابع التدين, وعلمنة المجتمع والأخلاق.
ثالثها: مهادنة المشاعر الإسلامية لتحييد قطاع كبير من الجماهير وذلك باتباع سياسة "ازدواجية الخطاب ".
رابعها: اتباع سياستي الاحتواء والإجهاض للعمل الإسلامي. وكل ذلك تحت شعار " الخير للجميع " .
ومن وسائلهم لتمرير ما يخططون: إضعاف مناعة المجتمع من خلال:
1 ــ التبرم من الدعوة إلى الله والسعي إلى تحجيمها, يقول أحدهم: ويعلم القارئ الكريم أن أحد الأنشطة التي صارت في مقدمة اهتمام كثير من المؤسسات والأفراد ما يسمى بـ "الدعوة" فقد أصبحت نشاطاً تمتلئ بأخباره الصحف ... فهناك مخيمات دعوية ومعارض بمسمى " كن داعياً " وتوسع الأمر حتى وصل إلى أن يكتب على فاتورة الكهرباء شعار يقول: " الدعوة إلى الله علم وعمل ووسيلة " لهذا أصبحنا محاطين بـ " الدعوة " و " الدعاة " من كل جانب. ويهاجم ثالث تعليم الناس الأدعية والأذكار الواردة في السنة قائلاً: علموهم الأدعية لكل عمل مهما صغر شأنه, ونتج عن الأدعية الوساوس والهواجس.
ولنا أن نتساءل ما هو هدفهم من محاربة الدعوة وانتقاص العلماء ومهاجمة الدعاة, ولماذا يعيبون علينا سعينا لنشر عقيدتنا الحقة وديننا الحنيف الذي ارتضاه الله للبشرية ديناً وحاكماً ومهيمناً على الدين كله, دون أن يعيبوا ولو ببنت شفة على الآخرين تعصبهم لعقائدهم الضالة وأديانهم المحرفة ؟!. تساءل اليهود داخل الكنيست في تفسير السر وراء انتصار جيش الدفاع الإسرائيلي على العرب في يونيو عام 1967م, فقام فيهم وزير الشؤون الدينية قائلاً بكل ثقة: "أنا أريد أن الخص الانتصار وأفسره في كلمتين اثنتين هما: إننا آمنا بعقيدة التوراة ثم خدمنا هذه العقيد". فصفق له معظم أعضاء الكنيست موافقين ومؤيدين. يقول اليهودي يهيل ما يكل باينز: "إن أي شعب آخر يمكن أن تكون لديه تطلعات وطنية منفصلة عن الدين, أما نحن اليهود فإننا لا نستطيع ذلك" . ويقول اليهودي مارتن بوير: "إن الإسرائيليين شعب فريد يختلف عن بقية الشعوب الأخرى, فهو الشعب الوحيد في العالم الذي يعتبر شعباً ويعتبر في الوقت نفسه مجتمعاً دينياً, وكل من يقطع العلاقة بين هذين العنصرين يقطع حياة إسرائيل نفسها" ويقول اليهودي سولو مون سكتشر: "إن إعادة ولادة ضمير إسرائيل الوطني وانبعاث دينها أمران لا ينفصلان".
هذه نماذج تبين مدى تعلق اليهود بدينهم, ومدى تفانيهم لخدمته ومدى حرصهم على إقامة دولتهم وفق تعاليمه وتمسكهم به, رغم ما اعتراه من تحريف وتزييف, أفلا يجدر ببني علمان أن يكونوا أكثر عقلاً وحنكة فيتكاتفوا مع العلماء والدعاة حول دين محكم (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 42] ؟!.
2 ـــ ومن وسائلهم لإضعاف مناعة المجتمع: التنقص من العلماء والدعاة, فهذه إحداهن تصف بيان بعض الدعاة حول حقوق المرأة وما يستهدفها من مؤامرات (بأنه إرهاب فكري ) فتقول: أنقل هنا على سبيل المثال لا الحصر ذلك البيان حول حقوق المرأة, الذي وقعه بعض من يطلق عليهم "رموز الصحوة", وقد لفتت نظري فيه عدة أمور تجعله أقرب إلى أن يكون دعوة للإرهاب الفكري من أن يكون بياناً لحقوق المرأة. وهذا أحدهم يصف عبر إحدى الفضائيات العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله على أنهم طلاب دنيا ومال ومناصب ونساء, حتى لا يستمع الناس إلى العلماء ولا يثقون بالدعاة لتخلو الساحة للعلمانيين في بث دعواهم.
3 ـــ ومن وسائلهم لإضعاف مناعة المجتمع: التنكر لخصوصية هذه البلاد المتمثلة بتطبيقها شرع الله تعالى واحتضان الحرمين الشريفين. لأنه هذه الخصوصية تمثل عائقاً أمام هؤلاء في سعيهم إلى تغريب المجتمع وإفساده في مجال الفكر, فأعلنوا الحرب على أحكام الشرع تحت مسمى محاربة الخصوصية لأمرين اثنين:
الأول: أن التصريح بمحاربة أحكام الشرع أمر لا يقبله المجتمع .
الثاني: أن الخصوصية تحتمل معنى آخر وهو العادات التي درج عليها المجتمع, فإذا عارضهم أحد في محاربة الشرع باسم الخصوصية أمكنهم التخلص بأنهم إنما يهاجمون العادات. يقول أحدهم: كلمتان متكررتان أصبحتا تسببان لنا كثيراً من التصدع وربما التخلف " الخصوصية السعودية "، يقال لا تنجرفوا مع العولمة, فنحن لنا خصوصية سعودية... أو علينا الالتزام بما لدينا فنحن لنا خصوصية سعودية, وقد نعطي بعض المرونة فنقول, يمكن أن نأخذ ببعض هذه النصائح مع مراعاة الخصوصية السعودية, أو إنه أمر مفيد يمكن تطبيقه, لكن مع مراعاة خصوصيتنا السعودية... ويتابع: علينا إجراء التغيير, لا مناص من ذلك, رضيت الخصوصية السعودية أم لم ترض.
وهم في كل ما يطمحون إليه هادئون, يرسمون الخطط بأناة ويتدرجون في تطبيقها بما تسمح به الظروف الاجتماعية, ويؤجلون الباقي إلى حين إحداث تغيرات في عقول الناس ونفوسهم تجعلهم يتقبلون الرؤى الجديدة وخاصة ما يتعلق منها بالمرأة: يقول أحدهم ناصحاً بني جلدته من العلمانيين بعدم طرح قضية المرأة في لقاء الحوار الوطني الثالث وتأجيله سنتين أو ثلاث سنوات, ريثما يتمكنوا خلالها من تغيير أنماط التفكير لدى المجتمع، حتى يتهيأ الناس للقبول بمشاريع تغريب المرأة فقال: قرأت في جريدة الوطن أن المتحاورين قرروا أن تكون المرأة أحد محاور اللقاء القادم, رغم أهمية هذا المحور وخطورته, أرجو ألا يكون ذلك صحيحاً فالشارع السعودي مازال مشبعاً بخطاب الفكر الأحادي تجاه هذه القضية تحديداً على الأقل يؤجل هذا الموضوع سنتين أو ثلاث سنوات.
مثال آخر لاعتمادهم على التدرج في عملية الإفساد لضمان عدم إثارة الناس: الدعوة إلى الاختلاط, حيث اقترحوا أن تبدأ باجتماعات يحضرها النساء في غرفة منفصلة وتكون مشاركتهن عبر دائرة تلفزيونية, وتكون الخطوة التالية بالدعوة إلى حضورهن مع الرجال في غرفة واحدة لكن مكانهن خلف الرجال, وتأتي الخطوة الثالثة بجلوسهن إلى جانب الرجال .
يقول أحدهم: وقريباً سيكون الاجتماع الثالث لندوة الحوار الوطني ونأمل أن يستدرك فيها ما فات في الأول الثاني وأن يزيد عدد المشاركات فيه وبدون حجر تلفزيوني ولا دوائر مغلقة .
4 ـــ ومن وسائلهم لإضعاف مناعة المجتمع: الهجوم على القواعد الشرعية التي تقف عقبة في طريقهم: مثل قاعدة: ( سد الذرائع ), فقيادة المرأة لا تجوز سداً لذريعة الفتنة بها أو التعرض لها بالإيذاء.
وتعيين النساء في وظائف عليا في الوزارات بحيث يكُنّ مسؤلات عن الرجال يفضي إلى الاختلاط ــــ باعتراف هؤلاء أنفسهم ــــ فإذا كانت هذه التعيينات ذريعة إلى الاختلاط والخلوة فالواجب ألاَّ تعين المرأة في هذه الوظائف سداً للذريعة. والأمثلة كثيرة جداً ... فصارت هذه القاعدة الشرعية ( سد الذرائع ) عقبة في طريق العلمانيين فشنعوا عليها كما شنعوا على أحكام الشرع من قبل. يقول أحدهم: التزمت والغلو هو الذي فرض التفريق والحجز بدعوى سد الذرائع ). وفي المقابل نراهم يتكئون على بعض القواعد الشرعية دون مراعاة ضوابطها, لتمرير ما يريدون من قضايا وأفكار. فمـن ذلك مثلاً قاعدة ( المصالح المرسلة ) يفهمونها على غير حقيقتها ويطبقونها في غير موضعها, ويجعلونها حجة في رفض كل ما لا يحبون من شرائع الإسلام, وإثبات كل ما يرغبون من الأمور التي تقوي فكرهم ونهجهم. وكذلك قاعدة (ارتكاب أخف الضررين واحتمال أدنى المفسدتين) وقاعدة (الضرورات تبيح المحظورات), (ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ).
5 ـــ ومن وسائلهم لإضعاف مناعة المجتمع: الحديث بكثرة عن المسائل الخلافية, واختلاف العلماء وتضخيم ذلك الأمر, حتى يخيل للناس أن الدين كله اختلافات, وأنه لا اتفاق بين العلماء على شيء, مما يوقع في النفس أن الدين لا شيء فيه يقيني مجزوم به, وإلا لما وقع هذا الخلاف, وتراهم كثيرًا ما يركزون على هذا الجانب ويضخمونه لتشويش مفهوم الدين في نفوس الناس.
إن هذه المؤامرة لن تزيد أهل الحق إلا قوة في دينهم, ومعرفة أكثر بعدوهم ويقيناً أعظم بوعد ربهم (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى) [آل عمران: 111] ,ومع كل هذا الإصرار من عدونا، إلا أنا أكثر إصراراً وأقوى سنداً، وأشد إلحاحاً، وأعظم تجلداً مع البلوى (تُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران: 186].
أمة الإسلام: إننا ورغم لحوق فئام من أمتنا بركاب عدونا، وانهزامهم في أحلك الظروف وأقساها، لن نلين ولن ننـثني، وسنظل جبهة قوية متماسكة لمقاومة كل رياح التغيير والتغريب، ومواجهة كل مشاريع العلمنة والأمركة. يا أمتي صبراً فلن نصل العلا إلا على جسر من الآلام وتحمل الأعباء أجدر بالفتى من أنة الشكوى والاستسلام ومن القنوط إذا أحاط به الأسى ومن الهروب لشرفة الأحلام يا أمتي ليس الدواء بدمعة نشكو بها من جرأة الأقزام لكن بعزم صادق وإرادة نقفو بها آثار خير غمام ونرد كيد المبطلين بنحرهم ونعيدهم لعدالة الإسلام والله خير حافظاً وموفقاً أعظِمْ به من خالق علام .
والحمد لله رب العالمين
التعليقات