عناصر الخطبة
1/ تيار الإرهاب والتخريب وما عليه 2/ تيار الإفساد والتغريب وما عليهاهداف الخطبة
اقتباس
في عالم يموج بالشبهات والشهوات, وفي ظل ما نعيشه في بلادنا من تحكيم الشريعة، وارتفاع أعلام التوحيد والسنة، وظهور أنوار الفضيلة, تتعرض هذه البلاد المباركة لهجمة شرسة من تيارين متطرفين؛ تيارٍ إرهابي تخريبي، وتيارٍ إفسادي تغريبي, يجمع التيارين البعدُ عن الوسطية غلوًا أو تفريطًا..
في عالم يموج بالشبهات والشهوات, وفي ظل ما نعيشه في بلادنا من تحكيم الشريعة، وارتفاع أعلام التوحيد والسنة، وظهور أنوار الفضيلة, تتعرض هذه البلاد المباركة لهجمة شرسة من تيارين متطرفين؛ تيارٍ إرهابي تخريبي، وتيارٍ إفسادي تغريبي, يجمع التيارين البعدُ عن الوسطية غلوًا أو تفريطًا.
أما تيار الإرهاب والتخريب، فقد تابعنا -وبكل أسف- الأفكار الضالة والأعمال الفاسدة التي تورّط فيها –وللأسف- بعض شبابنا بدعوى الجهاد والإصلاح.
لقد حمدنا الله تعالى على انكسار شوكة هذا التيار في بلادنا، فإذا باثنين من شبابنا المفرج عنهم من غوانتناموا يهربان لليمن، ويخرجان في فيلم على الانترنت، في دعوة لإحياء الفتنة، ومبايعة من سمّوه أمير تنظيم القاعدة في الجزيرة.
خلاصة الفيلم كما اطلعت عليه: جهل بالشرع، وجهل بالسياسة، وخلط في فقه الجهاد والسياسة الشرعية، وحقد واحتقان على الحكومات، وتخوين للعلماء، ومحاولة استغلال أحداث غزة لكسب التأييد وخلط مفهوم الجهاد.
محتوى الفيلم يثبت مدى ضعف وركاكة المتحدثين خلافًا للمتحدثين السابقين، هناك قطع خلال حديثهم تسع مرات، والفيلم يكشف عن الضعف الشديد لما يسمى بالقاعدة ولاسيما في بلادنا، ومحاولة لإنعاشها في اليمن.
وأخطر ما قاله أمير التنظيم الوحشي: لابد من التفجيرات والعصيان المدني والغضب العسكري، لابد من قتل الصليبين على أرضنا، وتدمير المصالح الغربية.
نعوذ بالله، هل يريد هؤلاء المجرمون بهذه الأوهام أن نخرب بيوتنا ونحرق أرضنا بأيدينا؟ هل يريدون تفجير معامل النفط والغاز في بقيق كما هموا؟ أم يريدون تفجير مبنى المرور داخل الأحياء السكينة كما فعلوا.
القضية هوى وانتقام وتصفية حساب مع الحكومات باسم الدين والجهاد, مع أن الدولة هنا طالبت بهم وهم في غوانتناموا, ثم أطلقت سراحهم، ولو كانوا في دول عربية أخرى لغيِّبت شمسهم -كما يقال- وهذا لدليل على اللؤم ونكران الجميل.
وعدّ المتحدثون أهل غزة بالنصرة، وكأننا نسينا أن بعض أنصار القاعدة ومنظريها كانوا يسبّون فصائل المقاومة ويتهمونها بالخذلان وعقد المعاهدات مع العدو.
ثم يدعون نصرة من سموهم المعتقلين في سجون المملكة ويحذرونهم من برامج التوجيه والمناصحة التي تقوم بها مشكورة وزارة الداخلية، وكأنهم أداة ضغط على الوزارة باتهامها بالفشل في المناصحة والتساهل، والحل هو الشدة والقسوة، كما يطالب بعض الصحفيين المتهورين بقتل كل المساجين وعدم الإفراج عنهم.
نحن نعتقد أن وزارة الداخلية -بحمد الله- أكثر حكما وعقلا، بل نقول: لو لم يكن لهذه البرامج أثر في تصحيح المفاهيم وعودة المغرر بهم إلى الصواب لما حذر هؤلاء الجهلة منها, وقد صرح المسؤولون أن هؤلاء المرتدين على أعقابهم لا تتجاوز نسبتهم 5% من الشباب الذين استفادوا من برامج المناصحة (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الرعد: 33].
ثم نقول: هل فكر هؤلاء بإخوانهم وأبنائنا الذين لا يزالون في غوانتناموا؟ قبل أيام قليلة قرر أوباما إغلاق معتقل غوانتناموا، ليغسل شيئًا من قبائح سلفه بوش، فحمدنا الله على ذلك؛ لأن إخواننا المستضعفين المظلومين سيفرج عنهم، وستنتهي آلام عوائلهم المسكينة, فخرج هؤلاء ولسان حالهم: يا أوباما لقد أخطأت الطريق، أشدد وطأتك على المساجين المسلمين، فكل من سيخرج من غوانتناموا سيقاتلكم مثلنا, وكأنهم يعطون المجرم بوش صك براءة بأنه كان على حق في سجنهم، فلمصلحة من يعمل هؤلاء؟.
إن كرهنا لأمريكا المجرمة، وإحساسنا بمآسي المسلمين واضطهادهم شرقًا وغربًا، لا يمنعنا من أن نتبرأ كذلك من المناهج أو ردود الأفعال التي تفسد ولا تصلح، وتضرّ ولا تنفع، ومنها: منهج القاعدة الفاسدة شرعيًا وسياسيًا، نقول: هذا براءة للذمة، ونصحا لشباب الأمة.
منذ خروج الروس من أفغانستان إلى يومنا والقاعدة تنحرف عن الطريق القويم، وتصد عن الدين, بعد أحداث سبتمبر أصبح الإسلام هو المستهدف، أغلقت جمعيات خيرية ومؤسسات دعوية، وشرد المنتسبون لها، وغيرت مناهج دراسية، ودمرت أفغانستان وأسقطت حكومتها الإسلامية، ثم لحقها العراق، وزج المجرم الأمريكي وزبانيته بأبنائنا في غوانتناموا، وأذاقوهم الأمرين.
وليت الأمر توقف عند قتال الكفار في بلادهم, لكنه تعدّاه إلى قتل المعاهدين داخل بلاد المسلمين, ثم تجاوزه إلى قتل المسلمين أنفسهم وتخريب منشآتهم باسم التترس أول الأمر ثم انقلب لمواجهة حقيقية وقتال فعلي واستهداف علني.
وعلى الرغم من إنكار العلماء لأفعال القاعدة، وهو شبه إجماع منهم إلا من شذ، فقد شوهت هذه الأعمال مفهوم الجهاد في سبيل الله؛ ذروةِ سنام الدين وسبيلِ عز المؤمنين.
إن الكلام في الجهاد وتصنيف الناس فيه، أمر خطير، وهو دين مبني على العلم الصحيح، فليس كل من رفع راية الجهاد، يكون كذلك.
وبمناسبة الجهاد نقول:
إن من الخطر العظيم والبهتان المبين أن يتهم جاهل إخواننا في فلسطين بأن جهادهم غير صحيح، وأنهم مجرد طلاب سلطة، أو عملاء لرافضة إيران كجزء من مشروع طائفي.
نعم، قد نختلف مع حماس أو الجهاد أو غيرها من الفصائل في بعض التصرفات، وربما ننكر بعض تصريحات قادة حماس في إيران، وسياستهم وتواصلهم مع الرافضة، لكن هذه الجزئيات والسياسات والمصالح يجب أن لا تؤثر في القضية الأم، وهي جهادهم المشروع ضد المحتلّ، ووقوفهم في الخط الأول ضد عدوِّ الجميع، ووجوب نصرتهم ومناصحتهم فيما ننكر، ليس من العدل أن يكون جارك وأخوك يهجم على بيته اللصوص، ثم تتبرأ منه وتتخلى عنه؛ لأن بينه وبين عدوك الفلاني علاقة أو مصلحة, أين أخوة الدين؟ إذا كنا نعتذر لبعض دولنا في عدم دعم المقاومة بالسلاح والمال بسبب الضعف أو الضغوط الدولية ونحوها، فلنعذر إخواننا المجاهدين في مجاملة إيران أو غيرها، بسبب خذلان العرب وتملصهم من نصرتهم، بل وعدم الاعتراف بهم برغم أنهم حكومة شرعية منتخبة، والمسألة فيها اجتهاد وسياسة، وخطأ محدود، لكن الذي يجب أن لا يكون فيه قولان هو الجهاد الشرعي ضد اليهود في فلسطين, ولعلي الآن أفي بما وعدتكم به الأسبوع الماضي من ذكر بعض الأحاديث المبشرة بالجهاد في فلسطين وأكتفي بثلاثة أحاديث:
1/ عن مرة البهزي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم، وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله وهم كذلك, قلنا يا رسول الله: وأين هم؟ قال: بأكناف بيت المقدس" رواه الطبراني في الكبير وابن عساكر في تاريخ دمشق ويعقوب بن سفيان، وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم، لكن قال عنه شيخنا المحدث عبد الله السعد بعد بحث في طرقه ورجال إسناده وانتفاء جهالة بعضهم أن إسناده صالح لا بأس به وله ما يشهد له.
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم بأكناف بيت المقدس؛ أي: بجانبه وليس فيه، وقوله: "هم كالإناء" وهذا يفيد القلة وصغر المساحة كما هو واقع غزة والله أعلم.
2/ عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرّها من خالفها تقاتل أعداء الله كلما ذهبت حرب نشبت حرب قوم آخرين حتى تأتيهم الساعة" رواه أحمد وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
وقوله صلى الله عليه وسلم "كلما ذهبت حرب نشبت حرب قوم آخرين حتى تأتيهم الساعة" يفيد استمرار القتال على فترات، حتى تكون الملحمة الكبرى ومقتل اليهود ونزول عيسى قبل قيام الساعة والله أعلم.
3/ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أول هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا ورحمة، ثم يكون إمارة ورحمة، ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر، فعليكم بالجهاد، وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان" رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني في السلسلة.
وعسقلان كما ذكرت كتب التاريخ والبلدان: في فلسطين على ساحل البحر قريبًا من مدينة غزة الآن, ويقال لها عروس الشام، وقد نزلها جماعة من الصحابة والتابعين، استولى عليها الأفرنج سنة "548" وبقيت في أيديهم خمسا وثلاثين سنة إلى أن استنقذها صلاح الدين يوسف سنة "583" ثم عاد الأفرنج وساروا نحو عسقلان فدمرها صلاح الدين سنة "587" كما ذكر ياقوت في المعجم، وذكر الإدريسي أن عسقلان وغزة بينهما نحو عشرين ميلًا.
الشاهد أن هذا الحديث مطابق لواقع اليوم, وهو دليل على أن أعظم الثغور وأفضل الرباط هو ما يقوم به إخواننا المرابطون على أرض فلسطين المباركة عمومًا، وعلى أرض غزة خصوصًا, فهو أفضل رباط، وأعظم جهاد ضدَّ أشد الناس عداوة.
نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويعز المسلمين في كل مكان.
الخطبة الثانية
وأما التيار الثاني الذي يهدد بلادنا، فهو تيار الإفساد والتغريب، سواء على مستوى الأمة، أو على مستوى المرأة خصوصًا, يتولى كبرَه منظرو الشبهات ومروّجو الشهوات؛ الذين شهدت بلادُنا العديد من أساليبهم الخبيثة، تارة بالهجوم على القضاء، وأخرى على العلماء الكبار، وتارة بإقامة منتديات مشبوهة، ونشاطات مريبة، من أفلام وتمثيليات ومسرحيات فكرية استفزازية، ودوريات رياضية نسائية، وأسابيع ثقافية مختلطة لجامعات غربية، تنظم بطريقة مخالفة للعرف والنظام السائد في البلاد، وعندما تتدخل هيئة الأمر بالمعروف في المعرض البريطاني بكلية اليمامة، ينبري رئيس تحرير جريدة هذه العاصمة، بدلًا من المحافظة على الفضيلة ونظام البلد المحتشم، ليصبّ غضبه على الهيئة وهي جهاز من أجهزة الدولة، ويعتذر للبريطانيين من تخلف أبناء بلده ومنعهم الاختلاط الذي هو جزء من نظام البلد.
هل هو عيب أن نقول لكل العالم بكل عزة وأدب: لو سمحتم نحن بلد له أنظمته وقوانينه، وهذا لا يصلح في بلدنا والحمد لله؟ ثم أليس الواجب على المؤسسات الأهلية؛ ككلية اليمامة وغيرها احترام أنظمة البلاد، وعدم تجاوزها إلاّ إذا كانت تظن أنها تعيش في بلاد أخرى بتبنيها المتكرر لهذه النشاطات الشاذة المتحررة، الأمر الذي يوجب وقف المسؤولين عنها عند حدهم.
ثم أشير هنا إلى أسلوب خبيث لدعاة التحرر يدسّون فيه السمّ بالعسل، عبر أعمال فنية أو مسرحية متحررة؛ ظاهرها الفن المسرحي، وباطنها الغزو الفكري.
أسألكم –بالله- ماذا تفهمون من هذا المشهد: في إحدى المسرحيات يقوم ممثل بلبس عباءة متبرجة والرقص بها على أنغام الموسيقى ثم يحضر آخر يرتدي عباءة على الرأس في إشارة ترمز للمرأة السعودية, ويقوم الممثلون الآخرون بمحاولة تخليصها من هذه العباءة فيأتي أحدهم بعصا وينزع العباءة ويخلصها منها وسط تصفيق الحضور, وحينما يتدخل بعض المشايخ الغيورين في إحدى المسرحيات بالنصيحة والكلمة الطيبة ثم يغادرون بهدوء، تتهمهم صحيفة الوطن بالتشدد، وتتهم أحد المشايخ باسمه أنه كان معهم، ثم تعتذر اليوم الثاني أنه خطأ من المحرر.
وفي حادثة أخرى تكشف مدى التحيز والتخبط في صحفنا، تهاجم صحيفة الرياض قبل أيام هيئة الأمر بالمعروف بناء على دعوى، مجرد دعوى من امرأة كانت مع سائقها وادّعت مطاردة فرقة الهيئة لسيارتها وصدمَها ومصادرةَ جهازها المحمول, وتزعم الجريدة أنها اتصلت على من حضر الحادث -ما شاء الله- كيف وجدوه, وفي اليوم التالي يرد التعقيب الرسمي من الهيئة بأن حقيقة الأمر هي أن المرأة ارتكبت مخالفة شرعية تستوجب إيقافها حسب الأنظمة والتعليمات، وتمّ التحفظ على حقيبة كان السائق يحاول إخفاءها وهي التي تحوي جهازًا محمولًا وقد تسبب تهور السائق في اصطدامه بسيارة الفرقة الرسمية، وأنه كاد يتسبب في دهس أحد أعضاء الهيئة بسبب صراخ المرأة وأمرها له بالتحرك من الموقع، وأن القضية والمضبوطات أحيلت لمركز الشرطة المختص لاستكمال التحقيق.
طيب، كان هذا التعقيب يكفي، لكن الجريدة غير النزيهة تتعنت وتعقب على الرد, بأنه يدين الهيئة، وأنه يحتم التدخل في أوضاع هذا الجهاز الذي أصبح مضايقًا للناس، وتلفق أحداثًا قديمة في جامعة اليمامة وفي مسرحية مركز الملك فهد الثقافي، مع أن أحداث مركز الملك فهد لا علاقة لها بالهيئة مطلقًا، وأحداث اليمامة لا تزال تحت الإجراء.
عجيب! جريدة تضع نفسها في موضع المحقق والحاكم، وتأخذ كلام امرأة في الشارع على أنه قاطع جازم، وتكذب جهة رسمية علنًا، وتؤكد مصادرة الجهاز وهو مسلم للشرطة, وبعد هذا الكذب كله توهم القارئ أن جهاز الهيئة أصبح مضايقًا للناس.
ونحن نقول: -والله- إن جهاز الهيئة مضايق!! مضايق لكل منحلّ ومفسد، ولكل مروج للخمور والمخدرات إلى بلادنا، ولكل معاكس في طرقنا، ولكل مبتز ومهدد لشرف بناتنا، لكل مخالف أو مخالفة في شوارعنا, بل نقول: إن هذه الجريدة وأخواتها تضايق المجتمع باستهداف الهيئة وحماة الفضيلة بطريقة مهينة، وليست مهنية.
المشكلة أن بعض رؤساء التحرير والكتاب -هداهم الله- يعيشون في الوهم، أو يوهمون أنفسهم أن أكثر الناس يريدون الاختلاط والتحرر، بينما غالبية الناس في هذه البلاد -بحمد الله- محبون للفضيلة، مبغضون للرذيلة، لا يتشرفون بهؤلاء المتحررين والليبراليين، والشواهد على هذا كثيرة، في استفتاء صحيفة الرياض عن بطاقة المرأة فبلغت المعارضة أكثر من 95% وأُغلق التصويت قبل انتهاء وقته المحدد، وفي انتخابات المجالس البلدية حصل بعض المشايخ على أكثر من 60% من الأصوات في مدينة الرياض, بينما المرشح الليبرالي لم يتجاوز 2% مع أن صحيفة الرياض أفردت له صفحات كاملة.
الكل يشهد من ولاة أمر وأرباب أسر ومواطنين ومقيمين بجهوده الهيئة الجبارة في التصدي للآلاف من جرائم السحر والأخلاقيات والمخدرات وغيرها, الكل يشهد باستثناء أرباب الإفساد والتغريب الذين تنكد الهيئة عليهم حياتهم المنحلة، وأفكارهم المختلة.
نعم, هناك أخطاء وتجاوزات تقع من الهيئات ومن المجاهدين والدعاة, وهي تستوجب التثبت والتحقيق ومحاسبة المتسبب فقط، دون الجهاز كله ومصادرة أعماله الجليلة، والجهد المبذول حاليًا في تحسين وتطوير عمل الجهاز ومنسوبيه.
ثم إن هذه الأخطاء ليست وقفا على الهيئة، بل لا تجد جهازًا حكوميًا ميدانيًا بالذات إلا وله أخطاء, ولو تتبعنا أخطاء الصحف نفسها أو أخطاء وزارة الثقافة والإعلام لوجدنا عددًا من المخالفات الصريحة للنظام الأساسي للحكم أو اللوائح التنفيذية.
إن الأمر خطير، وما لم يحاسب هؤلاء الصحفيون أو يوقفوا عند حدهم، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
ونقول لكل مواطن ومقيم: يا مسلم: اتق الله ربك، وتمسك بدينك، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، داعيًا لأهله، حتى لو ابتلاك الله بشيء من الذنوب، وإياك والانسياق وراء هذه الاتهامات، أو الاغترار بهذه الافتراءات.
ويكفي في الرد على هذه الافتراءات، ما قاله سمو وزير الداخلية -وفقه الله-: "ستظل هيئة الأمر بالمعروف قائمة ما دام للإسلام قائمة في هذه الأرض؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن أساسي في الدولة الإسلامية، ونحن -بحمد الله-دولة إسلامية، وستظل باقية قائمة بأعمالها, وكذلك ما يماثلها من مؤسسات، أما كونه يحدث خطأ أو أخطاء من أفراد فهذا لا يغير من مكانة الهيئة بأي شيء، ثم هذه الأخطاء تحدث في الأجهزة الأخرى الحكومية التي هي بعيدة عن هذا المجال".
ويقول -وفقه الله-: "الهيئة مرفق هام يجب أن يدعم من كل النواحي، وأحب أن أقول -ولا يزال الكلام لسمو الأمير- هناك استهداف –للأسف- وحتى من الإعلاميين يتلقطون السلبيات البسيطة وينفخون فيها حتى تكبر، حتى يسيئوا للهيئة، هل يعلم هؤلاء أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان الإسلام، الله عز وجل يقول: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) [الحج:41] فإذا كنا مسلمين يجب أن نعرف هذا، وإذا كنا غير مسلمين فليس هذا الوطن لغير المسلمين" أهـ.
ولهذا نقول لكل المفسدين واللادينيين من علمانيين وليبراليين وغيرهم: (مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) [آل عمران: 119] ستبقى بلادنا -بحمد الله- متمسكة بدينها، ومحافظة على فضيلتها، وستبقى هيئة الأمر بالمعروف ضيقًا في صدور الشهوانيين، وشوكة في حلوق المفسدين (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [لأنفال: 30].
التعليقات