عناصر الخطبة
1/خطر المخدرات على المجتمع 2/خطر المخدرات على الفرد 3/الآثار السلبية للمخدرات على الأمن 4/قصص مأسوية لمدمني المخدرات 5/مفاسد المخدرات 6/محاربة المملكة للمخدراتاهداف الخطبة
اقتباس
متعاطيها معِّرضٌ نفسه لوعيد الله ولعنته وغضبه، المدمن مفسد لدينه وبدنه، وأسرته ومجتمعه، ساع إلى الإثم والعدوان، صائل متمرد على الأخلاق والقيم، وهو عضو مسموم في المجتمع، إذا استفحل أمره وتطاير شرره، أصابه بالخراب والدمار، ومتى غاب عقل المدمن؛ نسي ربه، فترك الصلاة, فعندها لا يتورع عن القتل، والزنى، والخطف، بل وحتى الوقوع على محارمه، -والعياذُ بالله ـ بل قد...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، سيد الأنام، وبدر التمام، حطم الله به الأصنام، وأظهر به الشريعة وأبان الأحكام وحرم الخبائث والآثام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله السادة الأعلام، وأصحابه البررة الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى: (وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الحديد: 28].
عباد الله: لقد حَرِصَ أعداء الإسلام حرصاً شديداً, على إضعاف هذه الأمة بشتى الوسائل، إما بإلهائهم وتضييع أوقاتهم، وإما بنشر وسائل الدعارة والمجون، أو التشكيك في مسلمات الدين وثوابته، ألا وإن من أعظم عتادهم، وأخطر سلاحهم, سلاحٌ فتك بالأمة أيما فتك، راح ضحيته الآلاف بل الملايين، شُتت بسببه الأسر، وهُتكت الأعراض، وسالت الدماء، وانتشرت الأمراض، واختلت عقول، وامتلأت بسببه مستشفيات المصحات والمجانين، واكتظت السجون, يُتمت بسببه ألاف الأطفال، ورملت النساء، إنه الداء العضال، والسلام الفعال، إنه داء المخدرات والمسكرات، فلا إله إلا الله، كم من عقول سليمة سلبها، وكم من أسرٍ مترابطة فككها ودمرها، بالأمس كان صديقاً ظريفاً مؤنساً، استمرَّت صداقته لسنوات عديدة، مجالسه لا تمل، وحديثه لا يكل، من رآه أحبه، ومن صادقه آنسه وأعجبه، والمفاجئة المدوية، والمصيبة المخزية، يوم أن رأى صديقه ورفيق دربه، يمشي بالشوارع ثائر الرأس، حافية قدماه, محمرّةً عيناه، يسير كالمجنون، ما السبب، وما الخطب؟ لقد تعرف على صحبة سيئة، ورفقة فاسدة، فأوقعوه في جحيم المخدرات، وهذا جزاء من يصاحب الفاسدين والمنحرفين.
إنها المخدرات وما أدراك ما المخدرات إنها تقضي على الفرد في أعز ما يملك وهو عقله، وبالتالي تقضي على دينه وصحته وسلوكه، وتقضي على المجتمعات بالإخلال بأمنها، وجلب الفساد والفوضى إليها، وتدهور اقتصادها، وإعاقة تنميتها، وتُفَكِّكَ أُسرَها.
فهي يا عباد الله: أمُّ الخبائث، ورأس الفتن والشرور، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، متعاطيها معِّرضٌ نفسه لوعيد الله ولعنته وغضبه، المدمن مفسد لدينه وبدنه، وأسرته ومجتمعه، ساع إلى الإثم والعدوان، صائل متمرد على الأخلاق والقيم، وهو عضو مسموم في المجتمع، إذا استفحل أمره وتطاير شرره، أصابه بالخراب والدمار، ومتى غاب عقل المدمن؛ نسي ربه، فترك الصلاة, فعندها لا يتورع عن القتل، والزنى، والخطف، بل وحتى الوقوع على محارمه، -والعياذُ بالله ـ بل قد يسب الدين، وكم أحدثت من بغضاء وكم زرعت من عداوة، وكم فرقت من اجتماع، وكم ضيعت من أمة، وكم شتتت من أسرة، وكم فرقت بين رجل وزوجتهن وأب وبنيه.
والمسكراتُ والمخدِّراتُ داء المجتمعات، وسرطانُ الأمم، فأمر هذه آثاره الخطيرة، وهذا جزاء متعاطيه عند الله، وتلك حاله في الدنيا والآخرة، كيف تطيب نفس عاقلٍ فضلاً عن مسلم بتناوله؟! بل بوجوده في مجتمعات المسلمين؟!
إنه لعجيب حالُ من يسمع هذه الآثار، ويعلم أحوال من يتعاطى المسكرات والمخدرات، وما يقعون فيه من القبائح التي هي مسخ للدين، والعقل والصحة، وما صار إلى أهله من أخس حالة، وأقذر صفة، وأفظع مصاب، ثم بعد ذلك يقعون فيه، وقد علموا أخطاره وآثاره.
عباد الله: وأما آثار المخدِّرات على أمن الأمة، فقد أثبتت الدراسات الأمنية، وجودَ رابطةٍ قويةٍ بين متعاطي المخدراتِ وأصحاب الجرائم، جرائم السلب، والقتل، والاغتصاب، والسطو، من أجل ماذا؟ من اجل الحصول على المخدرات، فالمدمن لا يتورع عن ارتكاب أي جريمة، من أجل الحصول على هذه المخدرات.
كما أثبتت الدراساتُ كذلك، أن نسبة كبيرة من حوادث السيارات، التي يذهب بسببها الأبرياء وتُخَلِّفُ ورائها العديد من الماسي، يرجع السبب في وقوعها إلى استعمال السائقين للمخدرات والمسكرات، حيث تُسَبِّبُ لهم الرعونة والتهور.
وعلى الذين يظنون أن ذلك ضرب من المبالغة والتهويل، عليهم أن يتعرفوا على من يملئون السجون، ومن يعرض في المحاكم، ومن يعالج في المستشفيات النفسية، وعليهم أن يراجعوا الجهات المعينة، ويقرءوا الإحصاءاتِ التي تهدد البشرية، فكم من ملايين الحبوب والمخدرات تُجْلَبُ يومياً للفَتْكِ بأجيال المسلمين!؟
الأمر خطيرٌ يا عباد الله: ولا يسع مسلماً التغاضي عنه والسكوتَ عليه، فإنه يخشى على من تستر على هؤلاء، أن يُشاركهم في الإثم والخطيئة.
عباد الله: كم شاهدنا وشاهد الكثير من الناس: تلك الصور والحقائق التي تظهر نهاية الْمُدْمِنين ميتاً في مزبلة، وآخر في بيت مهجور، وثالث في أماكن القذارة ودورات المياه، ورابع عثر عليه وبجانبه إبره المخدر، زاد في الجرعة فتفجرت عروقه، فلو رأيت أشكالهم لعلمت نعمة الله عليك، وجوههم مسودة، ورائحتهم نتنة، هذا حالهم في الدنيا، فكيف حالهم في الآخرة.
أيها المسلمون: وكم سمعنا ورأينا من جرائم هؤلاء المدمنين، في حق مجتمعهم وأقربائهم، بل وبأبنائِهم وأزواجهم، فهذا مدمنٌ يدخل على بيته، فيرى زوجته وأبنائه يتمازحون ويضحكون، فيُخيَّل إليه أنهم أعداء له، فيخرج سكيناً من جيبه، فَيَنْحَرَهم واحداً واحداً، وهذه موثقة مشهورة.
وآخر يدخل على زوجته فيطلق الرصاص عليها، وابنته الصغيرة تنظر إلى أمها، قد غطَّتها الدماء، فلك أن تتصور حالها.
وآخر يهجم على أخته، فيمزق ثيابها، يريد انتهاك عرضها، عرض من؟ عرض أخته وشقيقته، فتصرخ بأعلى صوتها، فتحضر الأم، وهي ترى الابن كالذئب المسعور، فتأخذها الحيرة والأسى، فلا تجد حيلة إلا بإحضار السكين، فتطعن ولدها المجرم السفاح، لتنقذ ابنها.
فأي صنف يصنَّف هؤلاء، وأي عقول يحملونها، وأي قلوب يمتلكونها.
إنها المخدرات والمسكرات عباد الله، فالله الله في التحذير منها، والإبلاغ عن متعاطيها ومروجيها.
أيها المسلمون: إن للمسكراتِ والمخدرات مضاراً كثيرة، أثبتها الطب الحديث، وأكَّدَتْها تجاربُ المجتمعات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن الحشيشة حرامٌ يحدُّ متناولها كما يُحَدُّ شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة انها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تَخَنُّثٌ ودِياثة وغير ذلك من الفساد، وإنها تصد عن ذكر الله "[مجموع الفتاوى 28/339)].
ومن أعظم مضارِّ المسكرات والمخدات: أنها تفسد العقل والمزاج، وما قيمة المرء إذا فسد عقله ومزاجه؟! يتعاطى المسكرات والمخدرات، فيرتكب من الآثام والخطايا ما لا ترتكبه البهائم وما يندم عليه حين يصحو، ولكن حين لا ينفع الندم!
قال الحسن البصري رحمه الله: لو كان العقل يشتري لتغالي الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده.
نعم, إنه لعجب ممن يشتري بماله ما يفسد عقله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)[المائدة: 90-91].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلى على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: وإذا كان المجرمون والحاقدون، قد نشروا سمومهم في شتى بلدان المسلمين، فإن هذا البلد المبارك كان له أوفر النصيب، لما يتميز به أهلها حكاماً وشعبا, من التمسك بالدين الصحيح، والعقيدة الصافية، والسلوك القويم، فأرسلوا رجالهم وأموالهم، وسخروا كل ما لديهم لينشر سمومهم ومسكراتهم، ولكن يأبى الله إلا أن يخذلهم، ويفضح مخططاتهم، على أيدي رجال مخلصين، فقد قامت المهامُّ الأمنية، في مكافحة المخدرات بالمملكة بتوفيق الله تعالى، خلال أشهر ربيع الثاني وجمادى الأولى, وجُمادى الآخر, من هذا العام, بالقبض على خمسمائة وثلاثة أشخاص, لتورطهم في جرائم تهريب وترويج مخدرات، تقدر قيمتها بـمليارٍ وستمائة وخمسين مليون, خلال أشهر ثلاثة فقط.
خمسمائة مجرم، يروجون سموماً ومخدرات, تزيد قيمتها على المليار والنصف، لتعلم كم هم أعداؤنا يكيدوننا، ويحقدون علينا.
ونحمد الله تعالى، على يقظة ولاة أمرنا، ورجال الأمن البواسل، نسأل الله أن يحفظهم بحفظه، وأن يجعل كيد أعدانا في نحورهم، إنه سميع قريب.
التعليقات
زائر
18-02-2022جزاك الله خيرا
زائر
13-01-2023ماشاءالله موضوع جيد ومفيد