عناصر الخطبة
1/ من أسماء الله سبحانه الديان 2/ دليل اسم الله الديان ومعناه وآثاره في حياة المسلم 3/ ثمرات معرفة أسماء الله وصفاته 4/ من آثار الإيمان باسم الله الدّيان.اهداف الخطبة
اقتباس
إن معرفة أسماء الله –سبحانه- تثمر للعبد ثمرات متنوعة، ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: الخوف من الله –سبحانه- واجتناب مظالم العباد؛ لأن العبد يعلم أن هناك يومًا لا ريب فيه لا فرق فيه بين غني وفقير ومسكين وأمير، فالكل بين يدي حكم عدل. فاحذر عبد الله أيّ ظلم أو أذى، فقد يسكت المظلوم في الدنيا ولا يطالب بحقه أو لا يستطيع المطالبة فيأخذ حقه منك يوم الدين. ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: تسلية المظلومين والمقهورين في هذه الدنيا، وذلك بأن هناك يومًا لا ريب فيه سيقتص فيه الديان –سبحانه- من الظالمين ويشفي صدور المظلومين ممن ظلمهم ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الغفور الودود، المتعالي عن الأمثال والأشكال والجهات والحدود، وأشهد ألا إله إلا الله الرب المعبود.
يا فَاطِرَ الخَلْقِ البَدِيْعِ وكَافِلاً *** رِزْقَ الجَمِيْعِ سَحَابُ جُوْدِكَ هَاطِلُ
يا مُسْبغَ البرِّ الجَزِيْلِ ومُسَبِلَ الـ *** سِّتْرِ الجَمِيْلِ عَمِيْمُ طَوْلِكَ طَائِلُ
يا عَالِمَ السِّرِ الخَفِيّ ومُنْجِزَ الْـ *** وَعْدِ الوَفِيّ قَضَاءُ حُكْمِكَ عَادِلُ
عَظُمَتْ صِفَاتُكِ يَا عَظِيْمُ فَجَلَّ أَنْ *** يُحْصِي الثَّنَاءَ عَلَيْكَ فِيْهَا قَائِلُ
وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله..
أُرسلت داعية إلى الرحمن *** ودعوت فاهتزت لك الثقلان ..
أخرجتَ قومك من ضلالات *** الهوى وهديتنا للواحد الديان ..
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إخوة الإيمان: من أسماء الله -سبحانه التي وردت في السنة الدّيان. فتعالوا نغذي إيماننا بمعرفة دليليه ومعناه وآثاره في حياة المسلم، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال "بلَغني عن رجلٍ حديثٌ سمِعه من رسولِ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- فاشترَيْتُ بعيرًا ثُمَّ شدَدْتُ عليه رَحْلي، ثُمَّ سِرْتُ إليه شهرًا حتَّى قدِمْتُ عليه بالشَّامِ، فإذا عبدُ اللهِ بنُ أُنَيسٍ فقُلْتُ للبوَّابِ قُلْ له جابرٌ على البابِ فقال ابنُ عبدِ اللهِ قُلْتُ نَعَمْ فخرَج يطَأُ ثوبَه فاعتنَقَني واعتنَقْتُه، فقُلْتُ: حديثًا بلَغني عنك أنَّك سمِعْتَه من رسولِ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- في القِصاصِ، فخشيتُ أن تموتَ أو أموتَ قبل أن أسمعَه.
فقال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- يقولُ: "يَحشُرُ اللهُ العبادَ يومَ القيامةِ، أو قال النَّاسَ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال قُلْنا وما بُهْمًا قال ليس معهم شيءٌ، ثُمَّ يُنادِيهم بصوتٍ يسمَعُه مَن بَعُد كما يسمَعُه مَن قَرُب: أنا الدَّيَّانُ أنا المَلِكُ لا ينبَغي لأحدٍ من أهلِ النَّارِ أن يدخُلَ النَّارَ وله عند أحدٍ من أهلِ الجنَّةِ حقٌّ حتَّى أقُصَّه منه، ولا ينبَغي لأحدٍ من أهلِ الجنَّةِ أن يدخُلَ الجنَّةَ ولأحدٍ من أهلِ النَّارِ عنده حقٌّ حتَّى أقُصَّه منه حتَّى اللَّطمةَ" قال: قُلْنا كيف وإنَّما نأتي عُراةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال: "الحسناتُ والسَّيِّئاتُ " (أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني).
إخوة الإيمان: والديان معناه المجازي المحاسب، ويوم القيامة سيجمع الله الأولين والآخرين عراة ليس عليهم ثياب حفاة بلا نعال، غرلاً غير مختونين، بُهمًا ليس معهم شيء من متاع الدنيا ثم يحاسبهم ويجازيهم على ما قدموا في حياتهم الدنيا من أعمال.
وسُمّي يوم القيامة بيوم الدين؛ لأنه يوم الحساب والجزاء (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) [النور: 25] قال ابن عباس " (دينهم) أي: حسابهم"، وقال تعالى يحكي قول الكفار: (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) [الصافات: 53]، قال ابن عباس: لمجزيون بأعمالنا.
معشر الكرام: وإذا علم اللبيب أن الرب –سبحانه- ديّان، وأن يوم القيامة يوم جزاء وحساب، وأنه سيجد أعماله كلها محضرة خيرها وشرها؛ فإنه سيحسب لذلك اليوم عدته، فالكيّس من حاسب نفسه ما دام في دار المهلة والعمل.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "البر لا يبلى والإثم لا ينسى، والدّيان لا ينام، فكن كما شئت كما تدين تدان".
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أتدرون ما المفلِسُ؟" قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: "إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه. ثمَّ طُرِح في النَّارِ" (رواه مسلم).
بل إن من كمال مجازاة الرب –سبحانه- في ذلك اليوم أنه يجيء بنفسه في ذلك اليوم للفصل بين العباد (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) [الفجر: 22].
عن عائشة -رضي الله عنها-: " أنَّ رجلاً من أصحابِ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- جليسٌ بينَ يديهِ فقال: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لي مملوكينَ يكذبونني ويخونني ويعصونَني فأضربُهم وأسبُّهم، فَكيفَ أنا منهم فقال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم-: "يُحسَبِ ما خانوكَ وعصوكَ وَكذَبوكَ فإن كانَ عقابُك إيَّاهم دونَ ذنوبِهم كانَ فضلًا لَك، وإن كانَ عقابُك إيَّاهم بقدرِ ذنوبِهم كانَ كفافًا لا لَك ولا عليكَ، وإن كانَ عقابُك إيَّاهم فوقَ ذنوبِهم اقتُصَّ لَهم منكَ الفضلَ الَّذي يبقى قِبلَك".
فجعلَ الرَّجلُ يبكي بينَ يدي رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- ويَهتِفُ فقال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم-: ما لهُ أما تقرأُ كتابَ اللَّهِ تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ليَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء: 47]، فقال الرَّجلُ يا رسولَ اللَّهِ ما أجدُ شيئًا خيرًا لي من فراقِ هؤلاءِ، "أشهدُك أنَّهم أحرارٌ كلُّهم" (أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني).
بارك الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله .. أما بعد:
فإن معرفة أسماء الله –سبحانه- تثمر للعبد ثمرات متنوعة، ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: الخوف من الله –سبحانه- واجتناب مظالم العباد؛ لأن العبد يعلم أن هناك يومًا لا ريب فيه لا فرق فيه بين غني وفقير ومسكين وأمير، فالكل بين يدي حكم عدل. قال عليه الصلاة والسلام: "من قذف مملوكَه، وهو بريءٌ مما قال، جُلِدَ يومَ القيامةِ، إلا أن يكونَ كما قال " (أخرجه البخاري).
فاحذر عبد الله أيّ ظلم أو أذى، فقد يسكت المظلوم في الدنيا ولا يطالب بحقه أو لا يستطيع المطالبة فيأخذ حقه منك يوم الدين.
ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: تسلية المظلومين والمقهورين في هذه الدنيا، وذلك بأن هناك يومًا لا ريب فيه سيقتص فيه الديان –سبحانه- من الظالمين ويشفي صدور المظلومين ممن ظلمهم (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) [إبراهيم: 42]، وإذ كان الدّيان –سبحانه- سيقتص للحيوانات بعضها من بعض فكيف بالإنسان المسلم المكرم؟! قال عليه الصلاة والسلام: "لتُؤدُّنَّ الحقوقَ إلى أهلِها يومَ القيامةِ. حتَّى يُقادَ للشَّاةِ الجلْحاءِ من الشَّاةِ القرْناءِ" (أخرجه مسلم).
ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: توخي العدل مع الناس لمن ابتلاه الله بالحكم بينهم أو مجازاتهم في الدنيا.
ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: الحرص على أداء الأعمال بأمانة ونصح للآخرين، والبعد عن خداعهم أو غشهم.
ومن آثار الإيمان باسم الله الدّيان: التوبة إلى الله والتخلص من مظالم العباد ورد الحقوق إلى أهلها.
أما والله إنّ الظلم لؤمٌ *** وما زال المسيءُ هو الظلوم.
إلى ديّان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم.
وبعد عباد الله: صلوا وسلموا...
التعليقات