عناصر الخطبة
1/ الرسل قدوة البشر 2/ أهمية دراسة سير الأنبياء 3/ أهمية التوحيد والدعوة إليه 4/ التشابه بين دعوة موسى ومحمد -عليهما الصلاة والسلام- 5/ تكليم الله لموسى -عليه السلام- 6/ دروس وعبر من القصةاهداف الخطبة
اقتباس
وَدِرَاسَةُ سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ-، وَمَعْرِفَةُ أَخْبَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، سَبَبٌ لِصَلاَحِ القُلُوبِ، وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى الدِّينِ، وَالثَّبَاتِ عَلَى الحَقِّ، فَهُمْ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- كَانُوا يَمْلِكُونَ أَحَقَّ الحَقِّ، وَيَدْعُونَ إِلَى خَيْرِ دَعْوَةٍ، وَهُمْ أَثْبَتُ الثَّابِتِينَ، وَأَصْدَقُ الصَّادِقِينَ، وَأَصْبَرُ الصَّابِرِينَ، وَأَيْقَنُ المُوقِنِينَ، وَأَتْقَى المُتَّقِينَ، وَهُمُ المَنْصُورُونَ فِي الدُّنْيَا، وَهُمْ أَعْلَى أَهْلِ الجِنَانِ مَنَازِلَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَسْعَدُ مَنْ يَسْعَدُ مِنَ البَشَرِ بِاتِّبَاعِهِمْ، وَيَشْقَى مَنْ يَشْقَى مِنْهُمْ بِالإِعْرَاضِ عَنْهُمْ...
الخطبة الأولى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، (يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) [الحج:75-76].
نَحْمَدُهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ وَجَزِيلِ عَطَايَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ صَنَعَ الرُّسُلَ عَلَى الكَمَالاَتِ، وَخَصَّهُمْ بِالنُّبُوَّاتِ، وَبَعَثَهُمْ بِالرِّسَالاَتِ؛ فَهُمْ هُدَاةُ البَشَرِ إِلَى دِينِهِ، وَحُجَّتُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَبَعَثَ الرُّسُلَ قَبْلَهُ إِلَى أَقْوَامِهِمْ خَاصَّةً؛ قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: (أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) [إبراهيم:5]، فَخَصَّ بِدَعْوَتِهِ قَوْمَهُ، وَخَاطَبَ مُحَمَّدًا فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) [إبراهيم:1]، فَجَعَلَ دَعْوَتَهُ عَامَّةً لِكُلِّ النَّاسِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ: (وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد:28].
أَيُّهَا النَّاسُ: الرُّسُلُ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- هُمْ قُدْوَةُ البَشَرِ وَأَفَاضِلُهُمْ، وَبِاتِّبَاعِهِمْ تَكُونُ نَجَاتُهُمْ، وَفِي الإِعْرَاضِ عَنْهُمْ عَذَابُهُمْ؛ فَحَاجَةُ البَشَرِ إِلَى الرُّسُلِ أَشَدُّ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ؛ إِذْ هَذَا تَصلُحُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ، وَذَاكَ فِيهِ صَلاَحُ قُلُوبِهِمْ، وَأَبْدَانٌ بِلاَ قُلُوبٍ صَالِحَةٍ كَبُيُوتٍ بِلاَ سُكَّانٍ، فَهِيَ مُوحِشَةٌ خَرَابٌ.
وَدِرَاسَةُ سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ-، وَمَعْرِفَةُ أَخْبَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، سَبَبٌ لِصَلاَحِ القُلُوبِ، وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى الدِّينِ، وَالثَّبَاتِ عَلَى الحَقِّ، فَهُمْ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- كَانُوا يَمْلِكُونَ أَحَقَّ الحَقِّ، وَيَدْعُونَ إِلَى خَيْرِ دَعْوَةٍ، وَهُمْ أَثْبَتُ الثَّابِتِينَ، وَأَصْدَقُ الصَّادِقِينَ، وَأَصْبَرُ الصَّابِرِينَ، وَأَيْقَنُ المُوقِنِينَ، وَأَتْقَى المُتَّقِينَ، وَهُمُ المَنْصُورُونَ فِي الدُّنْيَا، وَهُمْ أَعْلَى أَهْلِ الجِنَانِ مَنَازِلَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَسْعَدُ مَنْ يَسْعَدُ مِنَ البَشَرِ بِاتِّبَاعِهِمْ، وَيَشْقَى مَنْ يَشْقَى مِنْهُمْ بِالإِعْرَاضِ عَنْهُمْ، فَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ مَنْ يَزْهَدُ فِي سِيَرِهِمْ؟! وَمَنْ يَتَبَرَّمُ مِنْ أَخْبَارِهِمْ؟! وَمَنْ يَمَلُّ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِهِمْ؟!
وَمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مِنْ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، عَاشَ يَتِيمًا فِي بَيْتِ عَدُوِّهِ، وَهَاجَرَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمَّا بُعِثَ أُوذِيَ فِي دِينِهِ، وَرُدَّتْ دَعْوَتُهُ، وَتَمَالَأَ عَلَى قَتْلِهِ فِرْعَوْنُ وَالمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَنْجَاهُ اللهُ تَعَالَى، وَأَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَجُنْدَهُ، وَسَارَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ أَهْلَكَ اللهُ تَعَالَى المُكَذِّبِينَ، فَكَانَ مَا عَالَجَهُ مُوسَى مِنْ عَنَتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ نَجَاتِهِمْ مِنْ فِرْعَوْنَ مَرْحَلَةً جَدِيدَةً مِنْ مَرَاحِلِ ابْتِلاَئِهِ بِهِمْ، وَإِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ؛ إِذْ مَرُّوا عَلَى مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، فَطَلَبُوا مِنْ مُوسَى أَنْ يَفْعَلُوا فعْلَهُمْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، وَبَيَّنَ فَضْلَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ حِينَ فَضَّلَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَأَنْجَاهُمْ مِنْ بَطْشِ عَدُوِّهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ ابْتِلاَءٌ لَهُمْ لِيَشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) [الأعراف: 138-141].
وَفِي هَذَا الجُزْءِ مِنْ سِيرَةِ مُوسَى -عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ- نَعْلَمُ أَهَمِّيَّةَ التَّوْحِيدِ، وَلُزُومَ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَكَثْرَةَ الحَديثِ عَنْهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ سِرَاعٌ إِلَى الشِّرْكِ، ضِعَافٌ أَمَامَ الخُرَافَةِ، فَرَغْمَ تَرْبِيَةِ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى التَّوْحِيدِ قَبْلَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ، وَرَغْمَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي نَجَّاهُمْ وَأَهْلَكَ فِرْعَوْنَ، فَإِنَّهُمْ مَا لَبِثُوا إِلاَّ يَسِيرًا فَرَأَوْا مَظَاهِرَ الشِّرْكِ فَاغْتَرُّوا بِهَا، وَكَادُوا يُشْرِكُونَ لَوْلاَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَصَمَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ بِاحْتِسَابِ مُوسَى عَلَيْهِمْ، وَإِنْكَارِهِ قَوْلَهُمْ.
قَالَ يَهُودِيٌّ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: اخْتَلَفْتُمْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ مَاؤُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَالَ: "قُلْتُمْ: (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا)، وَلَمْ تَجِفَّ أَقْدَامُكُمْ".
وَمَا وَقَعَتْ فِيهِ أُمَّةُ مُوسَى مِنَ الخَلَلِ وَقَعَتْ فِيهِ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، وَأَنْكَرَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمْ كَمَا أَنْكَرَ مُوسَى عَلَى قَوْمِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَشَابُهِ سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ، وَاتِّحَادِ دَعْوَتِهِمْ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى تَشَابُهِ أَحْوَالِ الأُمَمِ وَانْحِرَافَاتِهَا؛ رَوَى أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سُبْحَانَ اللَّهِ!! هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف: 138]، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَمُفَارَقَةُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- دِيَارَ الظَّالِمِينَ المُعَذَّبِينَ بِاجْتِيَازِهِ البَحْرَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ هِجْرَةٌ ثَانِيَةٌ بَعْدَ هِجْرَتِهِ الأُولَى إِلَى مَدْيَنَ، وَأَثْنَاءَ إِقَامَتِهِ فِي أَرْضِ هِجْرَتِهِ وَاعَدَهُ اللهُ تَعَالَى عِنْدَ جَبَلِ الطُّورِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف:142]، وَهَذَا المِيعَادُ كَرَامَةٌ لمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-؛ إِذْ سَيُكَلِّمُهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ، وَيُنْزِلُ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فِيهَا شَرَائِعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَوَاعِظَهُمْ، وَاستْخَلْفَ مُوسَى هَارُونَ عَلَى قَوْمِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الإِمَامَةِ، وَتَنْصِيبِ إِمَامٍ وَنَائِبٍ عَنْهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يَسُوسُهُمْ، وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، وَيُقِيمُ الشَّرِيعَةَ فِيهِمْ، وَيَبْسُطُ العَدْلَ لَهُمْ، وَإِلاَّ دَبَّتْ فِيهِمُ الفَوْضَى فَيَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَأَوْصَى مُوسَى أَخَاهُ هَارُونَ بِالإِصْلَاحِ فِي وِلاَيَتِهِ، وَاجْتِنَابِ طُرُقِ الفَسَادِ: (وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ) [الأعراف:142].
سَارَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِمِيعَادِ رَبِّهِ -جَلَّ وَعَلاَ-، وَكُلُّهُ شَوْقٌ إِلَيْهِ، وَمَحَبَّةٌ لَهُ، وَرَجَاءٌ فِيهِ، وَخَوْفٌ مِنْهُ، وَقَدْ تَهَيَّأَ مُوسَى لِهَذَا اللِّقَاءِ بِتَحْقِيقِ كَمَالِ العُبُودِيَّةِ للهِ تَعَالَى: (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف:143]، عَرَفَ رَبَّهُ بِآيَاتِهِ، وَسَمِعَ كَلاَمَهُ، فَاشْتَاقَ إِلَى رُؤْيَتِهِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لاَ يُرَى فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- نُورٌ، وَأَنَّ حِجَابَهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ.
فَأَخْبَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَنْ يَرَاهُ، وَأَرَاهُ دَلِيلاً مَحْسُوسًا عَلَى ذَلِكَ: (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) [الأعراف:143]، وَلَنْ يَسْتَقِرَّ الجَبَلُ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَمْ يَقُمْ لِنُورِهِ شَيْءٌ: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) [الأعراف:143].
يَا لِلَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، القَوِيِّ المَتِينِ، لَمَّا تَجَلَّى لِلْجَبَلِ أَقَلَّ التَّجَلِّي وَأَدْنَاهُ انْهَدَّ وَهَبَطَ مِنْ شِدَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَصَارَ كَالأَرْضِ المَدْكُوكَةِ أَوِ النَّاقَةِ الدَّكَّاءَ الَّتِي لاَ سَنَامَ لَهَا، وَسَقَطَ مُوسَى عَلَى وَجْهِهِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ كَمَنْ أَخَذَتْهُ الصَّاعِقَةُ، وَالتَّجَلِّي إِنَّمَا كَانَ لِلْجَبَلِ دُونَهُ، فَكَيْفَ لَوْ كَانَ التَّجَلِّي لَهُ؟! فَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ.
وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَطَقَ بِهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- بَعْدَ صَعْقَتِهِ مِمَّا رَأَى مِنْ دَكِّ الجَبَلِ أَنْ أَعْلَنَ تَوْبَتَهُ مِمَّا طَلَبَ مِنْ رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى، وَنَزَّهَهُ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُرَى فِي الدُّنْيَا، حِينَ رَأَى الجَبَلَ لَمْ يَقُمْ لِتَجَلِّيهِ سُبْحَانَهُ: (فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ) [الأعراف:143].
فَأَخْبَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِاصْطِفَائِهِ لَهُ، وَيَا لَهُ مِنَ اصْطِفَاءٍ، اصْطَفَاهُ نَبِيًّا وَرَسُولاً، وَجَعَلَهُ مِنْ أُولِي العَزْمِ، وَخَصَّهُ بِكَلاَمِهِ -جَلَّ وَعَلاَ-، فَهُوَ أَخَذَ عَنِ اللهِ تَعَالَى مُبَاشَرَةً، بِلاَ وَاسِطَةٍ، فَحَقٌّ عَلَى مُوسَى أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْ يَلْزَمَ مَا وَصَّاهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأعراف:144]، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ مَكْتُوبَةً فِي أَلْوَاحٍ، وَفِيهَا مَوَاعِظُ وَأَحْكَامٌ وَآدَابٌ مُفَصَّلَةٌ، وَهِيَ آيَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، وَتَشْرِيفٌ لَهُ وَلِقَوْمِهِ: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِينَ) [الأعراف:145].
وَمَعَ كُلِّ هَذَا التَّكْرِيمِ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَفَرَّطُوا فِي شَرِيعَةِ رَبِّهِمْ، وَحَرَّفُوا كِتَابَهُمْ، فَأَخَذُوا مِنْهُ مَا تَهْوَى نُفُوسُهُمْ، وَاطَّرَحُوا مَا لاَ يَهْوُونَ، فَأَبْدَلَ اللهُ تَعَالَى بِهِمْ غَيْرَهُمْ، كَمَا هِيَ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ فِي البَشَرِ: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد:38]، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُعَامِلُ البَشَرَ -كُلَّ البَشَرِ- بِمُقْتَضَى عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَلاَ يَظْلِمُ سُبْحَانَهُ أَحَدًا؛ فَإِنَّ أُمَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتِ الأُمَّةَ المُفَضَّلَةَ عَلَى العَالَمِينَ، وَأَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا بِنِعَمٍ لاَ تُحْصَى، وَقَهَرَ أَعْدَاءَهَا، وَمَكَّنَ لَهَا فِي الأَرْضِ، وَلَكِنْ لَمَّا غَيَّرَتْ دِينَهَا غيَّرَ اللهُ تَعَالَى حَالَهَا، وَسَلَبَهَا الخَيْرِيَّةَ، فَنَقَلَهَا إِلَى أَتْبَاعِ النَّبِيِّ الخَاتَمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلْنَشْكُرِ اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَعْطَانَا مِنَ الخَيْرِيَّةِ عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ، وَلْنُحَافِظْ عَلَى أَسْبَابِ هَذِهِ الخَيْرِيَّةِ، وَهِيَ التَّمَسُّكُ بِعَهْدِ اللهِ تَعَالَى وَمِيثَاقِهِ، وَالأَخْذِ بِدِينِهِ كُلِّهِ، وَتَعْظِيمِ كِتَابِه، وَإِلاَّ كَانَ حَالُنَا كَحَالِ الأُمَمِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَنَا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 54-56].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فيه كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: مِنَ اللاَّفِتِ لِلنَّظَرِ فِي الآيَاتِ الَّتِي عَرَضَتْ لِأَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، التَّأْكِيدُ عَلَى لُزُومِ أَخْذِ الدِّينِ بِقُوَّةٍ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:63]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا) [البقرة:93]، وَفِي قِصَّةِ نُزُولِ التَّوْرَاةِ خَاطَبَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَائِلاً: (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) [الأعراف:145]، وَفِي مَقَامٍ رَابِعٍ: (وَإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأعراف:171].
وَأَخْذُ الدِّينِ بِقُوَّةٍ يَعْنِي: التَّمَسُّكَ بِهِ، وَعَدَمَ التَّفْرِيطِ فِيهِ، وَلاَ المُسَاوَمَةَ عَلَيْهِ، وَلاَ التَّخَلِّي عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، مَعَ الصَّبْرِ عَلَى الأَذَى فِيهِ. وَمَا نَالَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- الإِمَامَةَ فِي الدِّينِ إِلاَّ لِأَنَّهُ أَخَذَ الدِّينَ بِقُوَّةٍ، فَوَقَفَ فِي وَجْهِ فِرْعَوْنَ، وَلَمْ يَقْبَلْ مُسَاوَمَاتِهِ لَهُ فِي التَّخَلِّي عَنْ دِينِهِ، أَوْ تَرْكِ دَعْوَتِهِ، وَمَا فَقَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الخَيْرِيَّةَ الَّتِي حَبَاهُمُ اللهُ تَعَالَى وَفَضَّلَهُمْ بِهَا عَلَى العَالَمِينَ إِلاَّ لِأَنَّهُمْ فَرَّطُوا فِي دِينِهِمْ، وَحَرَّفُوا كِتَابَهُمْ، فَلَمْ يَأْخُذُوهُ بِقُوَّةٍ.
وَفِي مَقَامٍ آخَرَ نَجِدُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْمُرُ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- بِذَلِكَ: (يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم:12]، وَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِأَنَّهُ أَخَذَ الدِّينَ بِقُوَّةٍ: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ) [ص: 17] أَيْ: ذُو القُوَّةِ فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَوَّابٌ.
إِنَّ القُوَّةَ فِي الدِّينِ قُوَّةٌ فِي الحَقِّ الَّذِي لاَ بَاطِلَ فِيهِ، وَهِيَ تَشْمَلُ القُوَّةَ فِي كُلِّيَّاتِ الدِّينِ وَأَجْزَائِهِ، فَهِيَ قُوَّةٌ فِي الْتِزَامِ العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الأَذَى فِيهَا، وَقُوَّةٌ فِي العِبَادَةِ فَرَائِضَ وَنَوَافِلَ، وَقُوَّةٌ فِي قَهْرِ النَّفْسِ عَنِ المَعَاصِي وَسُوءِ الأَخْلاَقِ وَالسُّلُوكِ، وَقُوَّةٌ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الحَقِّ، وَقُوَّةٌ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَلاَ تَكُونُ الخَيْرِيَّةُ وَالأَفْضَلِيَّةُ عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَأَمَّا (مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ) [الحج:11]، فَذَاكَ لَمْ يَأْخُذِ الدِّينَ بِقُوَّةٍ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَنَالَ الخَيْرِيَّةَ (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ) [الحج:11].
فَلْنُعَامِلِ اللهَ تَعَالَى بِمَا يُحِبُّ أَنْ نُعَامِلَهُ بِهِ، وَلْنَأْخُذْ مَا أَحَبَّ مِنَ الدِّينِ وَمَا رَضِيَهُ لَنَا وَإِنْ غَضِبَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ؛ فَإِنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَمَّا سَاوَمَتْهُ قُرَيْشٌ وَاشْتَدَّ أَذَاهَا عَلَيْهِ: "مَاذَا تَظُنُّ قُرَيْشٌ!! وَاللهِ إِنِّي لاَ أَزَالُ أُجَاهِدُهُمْ عَلَى الَّذِي بَعَثَنِي اللهُ لَهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ لَهُ أَوْ تَنْفَرِدَ هَذِهِ السَّالِفَةُ". يَعْنِي: رَقَبَتَهُ الشَّرِيفَةَ.
وَأَهْلُ البَاطِلِ يَطْلُبُونَ مُدَاهَنَةَ أَهْلِ الحَقِّ، وَيُسَاوِمُونَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم:9]، وَمَنْ أَخَذَ الدِّينَ بِقُوَّةٍ فَلَنْ يُسَاوِمَ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الحَقِّ وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا كُلَّهَا.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
التعليقات