عناصر الخطبة
1/ الكبرياء صفة الله العظيم 2/ المخلوق لا يستحق هذه الصفة بحال 3/ وعيد الله للمتكبرين 4/ الكبر من أعمال القلب ويظهر أثره على الجوارح 5/ ما هو الكبر؟! وما هي درجاته؟! 6/ عاقبة المتكبرين في الآخرة 7/ علاج الكبراهداف الخطبة
اقتباس
الأولى: أن يكون الكبر مستقرًا في قلبه، فهو يرى نفسه خيرًا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع، فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة إلا أنه قد قطع أغصانها، فهو يرى في نفسه أنه خير من غيره، يرى نفسه أعلى من الناس، يجد هذا الشيء في قلبه، ولكنه...
الخطبة الأولى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) [فاطر:15-17]، اللهم إنا نسألك التقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك العافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
أما بعد:
فإن من الأخلاق الذميمة التي تحمل الإنسان على ما لا يرضاه الله -عز وجل- من الأقوال والأفعال الكبر، الكبر هذا الخلق الذميم الذي أخرج بسببه إبليس من الجنة فاهبط من المقام الذي كان فيه.
الكبر هذه الصفة التي لا تنبغي إلا لله -تبارك وتعالى-، صفة الكبر هذه صفة كمال في ربنا -عز وجل-، وصفة نقص في المخلوق، قال -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله -تبارك وتعالى-: العز إزاري والكبرياء ردائي"، وفي رواية: "والعظمة ردائي، فمن نازعني في واحد منهما عذبته"، وذلك لأن هاتين الصفتين من صفات الله -تبارك وتعالى- خاصة، لا يجوز للمخلوق أن يتصف بهما، فالله تعالى إذا اتصف بهما كان ذلك فيه كمال، والمخلوق إذا تجرأ ولبس شيئًا من هاتين الصفتين كان فيه نقصًا وعيبًا، قال الله -تبارك وتعالى-: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الأعراف:146]، فالمتكبر لا ينتفع بآيات الله؛ ذلك أن الله -عز وجل- يصرفها عنه: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)، والمتكبر لا يرى الحق أبدًا، بل يرى الحق باطلاً، ويرى الباطل حقًا، قال الله -عز وجل- عن فرعون: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر:35]، فالمتكبر متوعد بأن يطبع الله على قلبه، فلا يرى الحقد على حقيقته، وقال -عز وجل- مبينًا أنه المتكبر: (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) [النحل:23]، إنه لا يحب المتعالين المتغطرسين المتجبرين.
والمتكبر عن عبادة الله -تبارك وتعالى- والخضوع له متوعد بدخول جهنم كما قال الله -عز وجل-: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60]، بل إن المتكبرين من أكثر أهل النار عددًا كما صح ذلك عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: "قالت النار: أوثرت بالمتكبرين"، ولذلك يقول سفيان بن عيينة -رحمه الله تعالى-: "من كانت معصيته في شهوة نرجو له توبة؛ فإن آدم -عليه السلام- عصى مشتهيًا فغفر له"، أي ما حمله على المعصية الكبر، وإنما حمله على ذلك المُلك الذي لا يبلى، حمله على ذلك أنه يحب أن لا يعرى، فلذلك أقدم على الأكل من الشجرة، فإذا كانت معصيته من كبر فأخشى عليه اللعنة؛ فإن إبليس عصى مستكبرًا فلعنه الله، وقال –صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين-: "لا ينظر الله إلى من جر الإزار من الخيلة".
فالكبر خلق باطن تصدر أعمال هي ثمرته، فتظهر هذه الأعمال على الجوارح؛ لأن كل إناء بما فيه ينضح، وآفة الكبر عظيمة، وفيه يهلك الخواص، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء، قال –صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، وإنما صار الكبر حجابًا دون الخير؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين؛ لأن صاحبه لا يقدر أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، فلا يقدر على التواضع، ولا يقدر على ترك الحقد والحسد والغضب، ولا على كظم الغيظ، وقبول النصح، ولا يسلم من الازدراء بالناس واغتيابهم، فما من خلق ذميم إلا وهو مضطر إليه، وما من خلق يكرهه الله -عز وجل- إلا ويرتكبه؛ ذلك أن الكبر قد دخل في قلبه.
ومن شر أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له، وقد تحصل المعرفة للمتكبر فيقف على الدليل -على ما قيل-، ويعرف أن الحق هو كذا، يقف على معرفة هذا الشيء، ولكن لا تطاوعه نفسه على الانقياد للحق أبدًا كما قال تعالى عن آل فرعون: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) [النمل:14]، (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) [الإسراء: 102]، فآل فرعون كانوا يعلمون أن الحق ما جاء به موسى -عليه السلام-، ولكنهم جحدوا الحق استكبارًا وعلوًّا، وكذلك ما قاله الله -عز وجل- عنهم أيضًا: (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ) [المؤمنون:47]، وكذلك ما قاله الله -عز وجل- عن الأقوام الكافرة برسولها: إن أنتم إلا بشر مثلنا، أي أنخضع لكم وأنتم بشر مثلنا، تأكلون كما يأكل الناس، وتمشون في الأسواق؟! وذلك كبر من عند أنفسهم وعلو.
وآيات كثيرة ذكرها الله -عز وجل-، فيها بيان خصلة الكبر، وأنها كانت السبب في رفض كثير من الناس الحق، وقد شرح النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا الكبر شرحًا موجزًا مختصرًا جامعًا مانعًا، فكفى به -صلى الله عليه وسلم- مفسرًا، وكفى به -صلى الله عليه وسلم- مبينًا لمعناه، وذلك في صحيح مسلم أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فقال رجل: يا رسول الله: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة! فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس ذلك، إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس"، ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم-: "إن الكبر بطر الحق وغمص الناس".
إذًا الكبر هو هذا، إما بطر للحق أو غمط للناس، ومعنى بطر الحق: الاستنكاف عنه، وعدم قبوله والنظر إليه بعين الاستصغار، فإذا عرف الحق بطره أي رفضه، ولا يرضى أن يقبله، ويركب رأسه رغم البيان والحجة عليه، وغمط الناس: استصغارهم، وازدراؤهم والنظر إليهم من أعلى، فهذا هو الكبر.
والناس في هذه الآفة على ثلاث درجات:
الأولى: أن يكون الكبر مستقرًا في قلبه، فهو يرى نفسه خيرًا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع، فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة إلا أنه قد قطع أغصانها، فهو يرى في نفسه أنه خير من غيره، يرى نفسه أعلى من الناس، يجد هذا الشيء في قلبه، ولكنه لا يتلفظ بموجب هذه الخصلة الذميمة، لا يتحول هذا الشيء الذي في قلبه إلى فعل، إلى قول، وإنما يكتم هذا ويظهر عكس هذا الموجب، يظهر التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، فهذا إن كانت شجرة الكبر في قلبه إلا أن أغصان هذه الشجرة لا تنمو فقد قطعها.
الدرجة الثانية: أن يظهر ذلك بأفعاله من الترفع في المجالس والتقدم على أقرانه، والإنكار إذا قصر أحد في حقه، فترى بعضهم يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم، وكذلك العابد يعيش كأنه مستقذر لهم، وهذا قد جهل ما أدب الله -عز وجل- به نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ كان هو على رأس العلماء والعباد والزهاد، ماذا قال الله تعالى له؟! قال الله -عز وجل- له: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء:215]، (وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) [الإسراء:37].
الدرجة الثالثة: أن يظهر الكبر بلسانه كالدعاوى والمفاخر وتزكية النفس، وحكايات الأفعال في معرض المفاخرة بغيره، وكذلك التكبر بالحسب والنسب، فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك، وإن كان أرفع منه عملاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: يقول الرجل للرجل: أنا أكرم منك، أي أنا أكرم منك حسبًا، أو أكرم منك أبًا، وليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى، قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13].
وهذا من أسباب الكبر؛ أن يتكبر الإنسان بوجاهته وحسبه ونسبه، أو أن يتكبر بالمال أو أن يتكبر بالجمال، أو أن يتكبر بالقوة وكثرة الأتباع، ونحو ذلك، فالكبر بالمال أكثر ما يجري بين التجار والأغنياء والرؤساء، والكبر بالجمال أكثر ما يجري بين النساء، ولذلك تراهن يغتبن غيرهن ويتنقصن من جمال غيرهن، وكذلك الكبر بالقوة، وهذا يكون بين الرؤساء ومن لهم أتباع، وهذا يحصل عند بعض من يعلم وعند بعض من له مستفيدون، فهذا من أسباب الكبر.
واعلم أن التكبر يظهر في شمائل الإنسان، يظهر في حركاته؛ فمن ذلك أنه يحب قيام الناس له، أنه إذا جاء مجلسًا من المجالس أحب أن يتمثل له الناس قيامًا.
فقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار". وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "ما كان أحد أحب إلينا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا رأيناه لا نقوم له لما نعلم من كراهيته لذلك، كان يكره أن يتمثل له الناس قيامًا".
فمن الشمائل التي تظهر على الإنسان من جراء الكبر أن يحب أن يتمثل له الناس قيامًا، والسنة أن الإنسان إذا دخل مجلسًا أن لا يتمثل له الناس قيامًا، وإنما القيام عند الاحتفاء به والمعانقة، واستقبال صاحب الدار لضيفانه، واستقبال الرجل لأبنائه ونحو ذلك.
ومن صفات المتكبر أيضًا أنه لا يمشي إلا ومعه أحد يمشي خلفه، يكره بعضهم أن يمشي وحده، أو أن يحضر مجلسًا وحده، فهذا من الخصال التي تظهر كذلك على الجوارح من جراء الكبر.
ومن ذلك أيضًا أنه لا يزور أحد تكبرًا واستعلاءً أو استنكافًا، ومن ذلك أيضًا أن يستنكف من جلوس أحد إلى جانبه من الفقراء، وممن هم دونه، أو أن يمشي معه أحد من الضعفاء أو المساكين، فهذه خصال تظهر على الجوارح من جراء ما في القلب.
فأسأل الله -عز وجل- لي ولكم السلامة من هذه الخصلة الذميمة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين محمد -صلوات الله وسلامه عليه-.
الجزاء من جنس العمل؛ قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذر في صور الرجال، يطؤهم الخلائق لهوانهم على الله تعالى"؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "يحشر المتكبرون -أي يوم القيامة- يكونون في أرض المحشر كأمثال النمل في صور الرجال". أقزام أقزام؛ لأنهم كانوا في الدنيا يرون أنفسهم عمالقة فيتكبرون على العباد، فالله -سبحانه وتعالى- يحولهم يوم القيامة إلى صور صغيرة كأمثال الذر في صور الرجال، تطؤهم الخلائق لهوانهم على الله تعالى.
وفي هذا الجانب يقول الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60].
ولعلاج خصلة الكبر على الإنسان:
أولاً: أن يستأصل أصل الكبر من قلبه، وذلك بأمرين: أن ينظر أولاً إلى نفسه فيعرف حقيقتها، وأن ينظر ثانيًا إلى ربه فيعرف مولاه ويقف على عظمة ربه، فأن يعرف الإنسان حقيقة نفسه بأن ينظر إلى أول أمره وإلى وسط أمره وإلى آخر أمره.
فينظر في أول أمره، (مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) [عبس:17-19]، أي ما الذي حمله على الكفر، (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ*مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (9 ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ) [عبس:18-22]، فأول أمره نطفة مذرة، وآخر أمره جيفة قذرة، ويحمل فيما بين ذلك العذرة، فإذا تفكر الإنسان إلى حقيقة نفسه وجد أن مآله إلى التراب، وأنه حقير، ولا يحسبن الإنسان أنه سيبقى إلى الدوام، ولذلك قال الله -عز وجل-: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ)، أي مآله إلى الله -تبارك وتعالى-، ومن ثم ينظر الإنسان إلى ربه -تبارك وتعالى-، وذلك بالتفكر في آلاء الله -عز وجل- وعجائب صنعته، فيتفكر في الجبال والبحار، وفي نفسه كيف خلقه الله -عز وجل- وصوّره إنسانًا، فمن عرف حقيقة ربه عرف حقيقة نفسه، ومن عرف حقيقة نفسه حقًّا عرف حقيقة ربه -تبارك وتعالى- كما قال بعض العلماء.
والعلاج الثاني: أن يعارض أسباب الكبر، فإن كان سبب كبره الحسب والنسب فلينظر إلى أبيه كيف كان نطفة مذرة، فلينظر إلى أبيه وجده وجد جده، أين هم؟! أليسوا في التراب؟! فلربما من ترابهم صنع ما صنع من البنيان، فكذلك يذهب الإنسان الكبر بسبب الحسب والنسب.
وإذا كان الكبر بسبب الغنى فليتفكر الإنسان أن اليهود من أغنى العالمين، فيا لها من خصلة يسبق فيها الإنسان يهوديًّا ذمَّه الله -عز وجل-، فخصلة الغنى ربما تذهب بين عشية وضحاها، فإذا قدم سارق وسرق ماله أصبح صفر اليدين لا يملك ما يتكبر به.
وإذا تكبر بقوته وعظمته فليتفكر في الأمراض والعلل التي تنتابه، فإذا مرض وإذا أصابته حمى فإنه يصبح هزيلاً ضعيفًا، وإذا تعطل شيء من أعصابه أصبح لا يتحرك.
وإذا كان الكبر بسبب العلم فليتفكر وليتنبه بأن للعلم تبعة، وأن الله -سبحانه وتعالى- يقضي يوم القيامة فيكون أول المقضين يوم القيامة رجل تعلم العلم ليقال: عالم، وقرأ القرآن ليقال: قارئ، فيكون أول المسحوبين على وجوههم في نار جهنم، ومن ثمّ يتفكر أيضًا أن الله -سبحانه وتعالى- يمقت المتكبرين، وأن الله -عز وجل- لا يحبهم ولا يوفقهم.
فبهذه الأسباب يتحصل الإنسان على التواضع، ولعلنا نتكلم في خطبة قادمة عن التواضع وأسبابه، فنسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بهذه الموعظة، وأن يجعلها في قلوبنا، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
التعليقات