القضية الإرتيرية (2)

ناصر بن محمد الأحمد

2014-12-10 - 1436/02/18
عناصر الخطبة
1/حقد الجبهة الشعبية على الشعب الإرتيري المسلم وبعض مجازرها وجرائمها ضدهم 2/محاربة الجبهة الشعبية للإسلام وبعض ممارساتها القمعية ضد الشعب الإرتيري المسلم 3/تدهور أوضاع إرتيريا بعد سيطرة الجبهة الشعبية عليها وقطعها لعلاقتها الدبلوماسية مع دول الجوار 4/تآمر الدول النصرانية ضد شعوب الدول الإسلامية في أفريقيا 5/مراحل العلاقة الإسرائيلية الإرتيرية 6/بعض القوانين والأنظمة الظالمة في حق الشعب إرتيريا المسلم ورفضهم لها 7/بعض أشكال النضال السلمي للشعب الإرتيري ضد سياسات إثيوبيا
اهداف الخطبة

اقتباس

اكتسحت قوات الجبهة الشعبية أكثر من ستين قرية من قرى المسلمين، وأخذت الفتيات المسلمات من أهلهن قسراً، وقتلوا الشيوخ والأطفال، فقاومهم المسلمون بالسلاح الأبيض، وسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى، وأصدرت الجماعات الإسلامية بيانات تندد بهذا الهجوم الوحشي، وتحتوي على أرقام وإحصائيات مريعة من...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

تحدثنا في الجمعة الماضية عن القضية الإرتيرية، ونواصل الحديث عن معاناة هذا الشعب المسلم، وقضيته المنسية.

 

انشقت: "قوات التحرير الشعبية" برئاسة "عثمان صالح" علماني الاتجاه.

 

ثم انشقت: "الجبهة الشعبية لتحرير إرتيريا" بقيادة: "أسياسأفورقي" وهي حركة يسيطر عليها النصارى، وترفع شعار الشيوعية، ومدعومة من مجلس الكنائس العالمي.

 

لذا، فهي حاقدة على الإسلام والمسلمين، وهي الآن الوحيدة التي تصول وتجول على أكثر من ثلثي الأراضي الإرتيرية.

 

انبثقت جبهة التحرير الإرتيرية، وكان أبناء إرتيريا المسلمون شعلتها الأولى، فعلى أكتافهم قامت وبأيديهم سُطرت الملاحم الأولى، فقد أدركوا ومن أول وهلة أن هيمنة الفئة الصليبية الحاكمة في "أديس أبابا"، سيعنى في المستقبل القريب اجتثاثهم من دينهم ولغتهم وتقاليدهم.

 

ولم يخطئ المسلمون الإرتيريون الظن بأعدائهم، فمنذ ذلك الحين ومجازر الإثيوبيين في حق العزّل منهم، والاعتداء على حرائرهم لا تعرف لها حدود.

 

فقد اكتسحت قوات الجبهة الشعبية أكثر من ستين قرية من قرى المسلمين، وأخذت الفتيات المسلمات من أهلهن قسراً، وقتلوا الشيوخ والأطفال، فقاومهم المسلمون بالسلاح الأبيض، وسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى، وأصدرت الجماعات الإسلامية بيانات تندد بهذا الهجوم الوحشي، وتحتوي على أرقام وإحصائيات مريعة من هول الجريمة.

 

وصارت الجبهة تحارب الإسلام على كافة الأصعدة في الإعلام والمدارس والقوانين، وكذلك نشر الفساد الأخلاقي كالبارات، وبيوت الدعارة، وإثارة النعرات القبلية، وتوزيع أراضي المسلمين على النصارى لاستثمارها، وتسهيل تجنيس النصارى، لتغيير التركيبة السكانية، بحيث تتحول الأكثرية إلى نصارى.

 

فضلاً عن إحلال: "اللغة التغرانية" محل العربية، كلغة رسمية في البلاد.

 

وظن كثير من الإرتيريين: أن فجر الحرية قد انبلج في بلادهم بخروج الجيش الإثيوبي منها بعد صراع مرير، وانتظار طويل، استمر ثلاثون عاماً.

 

ولكن هذا الفجر لم يكن إلا فجراً كاذباً للحرية، فها هي الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، كما زعمت منذ أن مُكّنت في إرتيريا من قبل الدول الصليبية في العالم عام 1991م، تعيث فيها ألواناً شتى من الاضطهاد ضد المسلمين.

 

وتُظهر بين فترة وأخرى ممارسات تنم عن الحقد الدفين الذي تكنه لدين الإسلام؛ فمن ذلك: الاعتقالات والاغتيالات:

 

فالجبهة تمتلك جهازاً خاصّاً مرتبطاً بالرئيس مباشرة مهمته الحفاظ على أمن حزب الجبهة الشعبية الحاكم، ولهذا الجهاز صلاحيات تفوق صلاحيات وزير الداخلية، ويحق له القيام بإجراءات تصل إلى حد التصفية الجسدية دون مساءلة من أحد، وغالب أفراده غير معروفين، وكذا جميع أعماله سرية إلى أبعد الحدود، وقد تم اعتقال عدد من الدعاة ومعلمي العلوم الإسلامية والعربية، وبعض النشيطين في العمل الدعوي من الشباب، فبعد أشهر قليلة من دخول الجبهة الشعبية مدينة: "أسمرة" تم اعتقال بعض معلمي المعاهد العلمية الذين كان لهم نشاطاً بارزاً في توعية الشباب، وإقامة الدروس العامة في المساجد.

 

ثم استمرت عمليات الاعتقال على فترات متفاوتة، شملت مرة أخرى معلمي المعاهد والمدارس الإسلامية والنشيطين من شباب الصحوة.

 

وقد كانت بعض هذه الاعتقالات تُجرى في وقت متأخر من الليل، بينما بعضها الآخر يتم في وضح النهار.

 

إن الذين شملتهم الحكومة الشعبية بالاعتقال الجائر لم يكن لهم أي نشاط سياسي مريب يهدد من وحدة الشعب الإرتيري، أو يعرّض المصالح الوطنية للخطر.

 

ولكن الجبهة الشعبية تنظر إلى الإسلام نظرة ريب وعداء، انطلاقاً من أهدافها الصليبية المعروفة، فهي لا تريد إلا مصدراً واحداً لتربية النشء، وتوعية الجماهير، ومعلمي العلوم الإسلامية يمثلون في نظرها حَمَلة أفكار منافسة يمكن أن تنتج جيلاً متطرفاً بزعمهم يهدد الأمن العام للدولة والشعب.

 

وأيضاً: محاربة العلوم الإسلامية، واللغة العربية، بشكل خاص:

 

كان من الطبيعي أن تتحول برامج المدارس الحكومية التي كانت تشرف عليها الحكومة الإثيوبية إلى البرنامج الجديد للحكومة الإرتيري ة بعد نهاية الاحتلال الإثيوبي.

 

ولكن الشيء غير الطبيعي والمؤسف حقّاً: أن تتحرك أعين الساسة في الحكومة الشعبية المشبوهة إلى المدارس الإسلامية، والمعاهد الدينية، التي بذل الأهالي في سبيل إقامتها الغالي والنفيس، سعياً لاستمرار نبع العلوم الإسلامية والعربية في إرتيريا عبر هذه المؤسسات.

 

وقد بعثت وزارة التعليم إلى هذه المدارس والمعاهد بتعليمات تطالبها بأن تسير وفق خطة التعليم الخاصة ببرامج الجبهة الشعبية.

 

وهو برنامج علماني بحت، لا يسمح بتدريس العلوم الدينية إلا ساعة واحدة في الأسبوع، تكون على شكل موعظة عامة للطلاب.

 

فهو برنامج لا يخدم إلا الأهداف الصليبية الساعية إلى تفريغ العقول المسلمة من دينها، وتكوين جيل مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

 

وعندما حاول المدرسون والمثقفون الوقوف أمام هذا التسلط زُج بهم في السجون، ولا يعرف مكانهم حتى هذا اليوم، وسارت خطط الجبهة في خطى حثيثة نحو إجبار القائمين على المعاهد والمدارس الإسلامية بالسير كما تريد.

 

وبعدها أغلقت الجبهة بعض المعاهد الدينية تماماً، وانحصرت الجهود الأهلية التعليمية للمسلمين في الكتاتيب والخلاوي، وبعض المساجد مع المراقبة التامة لها، حتى لا تعلِّم غير القرآن شيئاً من العلوم الدينية، بل وحتى الأناشيد الإسلامية.

 

وأما عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلد بعد سيطرة الجبهة الشعبية، فالوضع متدهور على كافة الأصعدة، فاقتصادياً هناك فقر شديد، بسبب سياسات الجبهة، وإقصائها للتجار.

 

كذلك الوضع سيء للغاية اجتماعياً، فالفساد الإداري يضرب أطنابه في البلاد، وهياكل الدولة مهترئة مما شجع اللاجئين على عدم العودة إلى بلادهم، بل اضطر بعض الناس للهجرة ثانية بعدما رأوا سوء الأوضاع، ويقدر عدد المهاجرين الموجودين في السودان وحدها ما يقارب نصف مليون نسمة، وأغلبهم من المسلمين، ويرفض هؤلاء العودة إلى ديارهم ووطنهم في ظل الظروف الراهنة، وذلك اعتقاداً منهم أن سياسة دولة: "أسياس أفورقي" إرهابية لا يمكن أن يأمن الإنسان فيها على دينه وعرضه وكرامته.

 

وعلى الرغم من أن الوضع المادي لهؤلاء المهاجرين صعب للغاية إلا إنهم يفضلون العيش بحرية في ظل الوضع الاقتصادي المتردي بعيداً عن الأهل؛ بل الموت جوعاً، بدلاً من الموت فزعاً وقهراً في ظل الحرية المصطنعة، والإرهاب الفكري الطائفي والسياسي الذي تمارسه الجبهة الشعبية الحاكمة في إرتيريا، ولسان حالهم يقول:

 

مأواك في القلب عشق لا يبدده *** طول الغياب ولا دوامة الزمن

أغالب الشوق حين الشوق يغمرني *** يؤجج الوجد في روحي وفي بدني

لدار أهلٍ كم ألفت بها طيب *** الصفاء وطيب العيش والسكن

 

وتدعي الحكومة في إرتيريا بأنها ساعية إلى إعادة اللاجئين إلى وطنهم تدريجيّاً، وأنها حريصة على ذلك كل الحرص، إلا إن الواقع ينفي ذلك، فهي لم تبذل من الناحية الإدارية والمالية أي جهد يستحق الذكر.

 

ويبدو أن لها حسابات مادية، وأكثر منه سياسية لهذه القضية، فهي تعلم أن الصحوة الإسلامية والمعارضة السياسية والعسكرية تنشط بشكل واضح في وسط هؤلاء المهاجرين واللاجئين، وإعادتهم إلى الوطن في ظل الظروف الراهنة تسبب متاعب لها لا يحمد عقباها، والحكومة في غنى عنها، ففضلت الانتظار والتريث، بل والمماطلة.

 

وكان من المفترض على الجبهة، وهي دولة مستقلة حديثاً أن تسعى لخطب ود دول الجوار لترسيخ وضعها السياسي والاقتصادي، ولكن الأمر في إرتيريا كان على العكس من ذلك، فقد استَعْدَت الجبهة الشعبية بعض الدول العربية الجارة وغير الجارة، فقطعت علاقاتها الدبلوماسية رسميّاً مع السودان، وسلمت السفارة السودانية في إرتيريا للمعارضة السودانية، بحجة أن السودان بدت منها مظاهر عدائية، وأنها تدعم المجاهدين الإرتيريين، متناسية موقف السودان التاريخي المؤيد والداعم للقضية الإرتيري ة في فترة النضال الذي استمر ثلاثين عاماً.

 

ثم ظهرت قضية: "جزر حنيش" في البحر الأحمر، وعلى الرغم من أن الخلافات بين دول الجوار في مسائل الحدود طبيعية في هذا العصر، وتعاني منه كثير من الدول، إلا إن الأسلوب الذي سلكته حكومة: "أسياس" لم يكن حضاريّاً ولا مهذباً، بل كان أسلوباً ينم عن الحقد الدفين الذي لا يراعي حقوق الجوار.

 

ومن جانب آخر نجد العلاقة مع دول الجوار الأخرى متينة وقوية تتجاوز المعاهدات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وتطمح للترابط الكونفدرالي، كما هو الحال مع إثيوبيا، كما أن العلاقة بكينيا وأوغندا ممتازة جدّاً.

 

واضح أن منهج حكومة الجبهة الشعبية في تكوين علاقتها وصداقاتها يختص بالمتانة والقوة مع الدول التي تحمل الصبغة الصليبية، بينما كان نصيب دول الجوار المسلمة الحرب والعداء.

 

مما يعني أن "أسياس" يسعى جاهداً إلى إيجاد حاجز كبير بين الشعب الإرتيري، وجيرانه المسلمين.

 

بالإضافة إلى أن هناك مؤامرة كبرى تحاك في شرق إفريقيا، كلها تشير إلى ترابط الدول النصرانية في مواجهة الدول الإسلامية، وتحجيم انتشار الإسلام في المنطقة، فكل من إرتيريا وإثيوبيا وأوغندا تقف موقف العداء السافر ضد الحكومة السودانية، وتدعم بالإضافة إلى كينيا "جون قرنق" النصراني، وذلك حيال توجه السودان الإسلامي المعلن، وإمكان انتشار تأثيره على منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا.

 

وإذا أضفنا إلى كل ما سبق العلاقة الحميمة التي يتمتع بها النظام في "أسمرة" بالدولة اليهودية والتعاون المطلق في المجالات الأمنية والدفاع والاقتصاد؛ فلا نستغرب سلوك النظام القائم في إرتيريا هذا المسلك المشين والمسيء للشعب الإرتيري ؛ فإسرائيل ما زالت تسعى منذ نشأتها للسيطرة على المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر، وما "أسياس" إلا مجرد أداة ينفذ رغبات القوى النصرانية والصهيونية العالمية.

 

إن القارة الإفريقية محط اهتمام الصهيونية العالمية منذ زمن، وزاد هذا الاهتمام بعد خروج المستعمر الأوربي من معظم أقطارها.

 

ويمكن أن نؤرخ للعلاقة الإسرائيلية الإرتيرية بثلاث مراحل:

 

المرحلة الأولى: عام 1920م: وذلك خلال فترة الاستعمار الإيطالي حيث أقيمت شركة زراعية إسرائيلية تدعي شركة النهضة الزراعية برؤوس أموال يهودية، هذا بجانب التواجد العسكري الإسرائيلي في جزر "دهلك" الإرتيرية، حيث استأجرت إسرائيل في السبعينات من إثيوبيا جزيرة على البحر الأحمر لبناء قاعدة عسكرية إسرائيلية.

 

المرحلة الثانية: عام 1970م: في عهد الاستعمار الإثيوبي، فقد كانت إسرائيل لا ترى استقلال إرتيريا، ولذا دعمت النظام الإثيوبي لكن رياح التغيير التي طرأت بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الشرقي والغربي بدلت كثيراً من المعادلات السياسية دولياً وإقليمياً؛ فتحولت إسرائيل في الوقت المناسب من عدو إلى صديق لتبدأ اتصالاتها الأولى في اختراق الثورة الإرتيري ة، عبر شخصية: "أسياس"، بوساطة قاعدة: "كانيو استيشن" الأمريكية ب"أسمرة".

 

المرحلة الثالثة: عام 1991م: بعد استقلال إرتيريا نجحت إسرائيل في التحول باتجاه إرتيريا بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، ويقوي نفوذها وأمنها في البحر الأحمر، حيث تم التطبيع الرسمي للعلاقات بين إسرائيل والحكومة الإرتيري ة المؤقتة بقيادة: "أسياس أفورقي".

 

فاتفق الجانبان على إقامة علاقات تعاون في جميع المجالات، بشرط أن تظل هذه العلاقات ذات طابع سري، حتى تضمن إرتيريا استمرار مساعدة الدول العربية والإفريقية في سعيها للحصول على الاستقلال والانفصال عن إثيوبيا.

 

هكذا بدأت العلاقة الإسرائيلية، وخرجت عن دائرة السرية بعد اعتراف إسرائيل بدولة إرتيريا مقابل السماح لها ببناء القواعد الإسرائيلية في إرتيريا، وضمان عدم انضمام إرتيريا إلى جامعة الدول العربية، وإبعاد هوية الدولة الإرتيري ة عن التوجه الإسلامي والعربي.

 

ومن القوانين والأنظمة التي قوبلت بكثير من الرفض من قبل المسلمين: قانون التجنيد الإجباري الذي ألزم الفتيان والفتيات على حد سواء بالمشاركة في التدريب العسكري والخدمة العسكرية لمدة سنتين.

 

وقد قبل الشعب الإرتيري على مضض تجنيد الشباب لما يعرفه من أن الهدف من تجنيدهم ليس الدفاع عن الوطن والشرف، بل لأغراض أخرى في نفس: "أسياس" منها: صياغة جيش جديد بعقلية جديدة تتناسب والمرحلة القادمة من مرحلة الحكم في إرتيريا؛ لأن الجيش الشعبي السابق فيه بقية من روح الثورة، بل الجهاد الذي قد يرفض توجهات: "أسياس" الدكتاتورية والارتماء في أحضان الصهاينة والغرب.

 

أما تجنيد الفتيات فقد رفضه المسلمون من منطلق شرعي بحت، وما زالت المواجهات بين النظام والشعب مستمرة في هذا الشأن.

 

وقد تعرض كثير من الفتيات والآباء والأمهات لعقوبة السجن من جرّاء رفضهم تنفيذ هذا القرار الجائر، بل وصل الحال في بعض مناطق إرتيريا أن واجهوا جنود النظام بالعُصي والهراوات والسيوف، عندما حاولوا أخذ الفتيات قسراً لتجنيدهن.

 

والمتأمل للأمر يدرك أن الاتجاه إلى تجنيد الفتاة المسلمة ليس الغرض منه سد النقص في عدد المدافعين عن إرتيريا، ولا تنفيذ المساواة المزعومة بين الرجال والنساء، إنما الغرض تربية الفتاة المسلمة على أفكار ومبادئ تناوئ العقيدة الإسلامية وما ينبثق منها من شريعة وأخلاق.

فاطردت نسبة النساء في الجيش بوتيرة متصاعدة وجنونية، فقد كانت 20%، لترتفع إلى 25% ثم إلى 33% ثم إلى 40% من جيش تعداده 80.000.

 

وكم من الشهداء سقطوا أمام بناتهم، لكن لم تترك الجبهة نهجها المرسوم، وإمعاناً في إغاظة المسلمين جعلت يومي السبت والأحد عطلة رسمية للدولة، ومنعت المنظمات الإسلامية من العمل في إرتيريا، وسمحت للمنظمات الكنسية تجوب مناطق المسلمين للتنصير.

 

بارك الله لي ولكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

أخذ النضال السلمي الرافض لسياسات إثيوبيا عدة أمور: إرسال برقيات للأمم المتحدة، ومظاهرة اتحاد العمال الإرتيري ين، ثم مظاهرة طلاب المدارس الضخمة مطالبةً إعادة العلم الإرتيري ، وإعادة الشرعية للحكومة، وغيرها من الطرق السلمية، لكن لا فائدة، فكان الخيار الذي أُجبر عليه الشعب الإرتيري هو خيار البندقية!.

 

والشر إن تلقه بالخير ضقت به *** ذرعاً وإن تلقه بالسيف ينحسم

 

هكذا أجبر هذا الشعب على هذا الخيار الصعب.

 

لم يكن المسلمون الصادقون من أبناء البلد الإرتيري المسلم ليتركوا قضيتهم يعبث بها ذوو الاتجاهات الماركسية أو العلمانية، ويتفردون بتقرير مصير هذا البلد المسلم، ولكنهم أدركوا أبعاد قضيتهم، وأدركوا كذلك أن سبيل خلاصهم هو هذا الدين، ولذلك لجأوا إليه، وبدأوا بالدعوة من خلال انتظامهم في عدد من التجمعات والجبهات والاتحادات الطلابية الإسلامية، والتي تشكلت بواسطة أبناء الشعب الإرتيري المسلم.

 

وكذلك من خلال تأثر عدد من الإرتيري ين بالنشاط الإسلامي الموجود حولهم في السودان، أو بواسطة الطلاب الإرتيري ين الذين درسوا في بعض البلاد العربية، وتأثروا بإخوانهم الدعاة هناك.

 

وقد كان للوضع الخطير الذي تمر به القضية الإرتيري ة دور بارز في أن تتداعى هذه التجمعات الإسلامية لتوحيد كلمتها وصفّها ضد الاستعمار الإثيوبي، وضد المنظمات العلمانية المجرمة.

 

كما أن ممارسات الجبهة الشعبية داخل إرتيريا واضطهادها للمسلمين هناك أشعر هذه التجمعات بخطورة الموقف.

 

ساعدت الظروف والإرهاصات التي ذكرناها، على تهيئة جو إسلامي عام بين الإرتيري ين، فانتهز الإسلاميون الفرصة، وقاموا بزيادة حماس المسلمين، وإذكاء روح الجهاد فيهم، وتوحيد صفوفهم، فنادوا بدمج الجماعات الإسلامية في جماعة واحدة، حيث كانت هناك عدد من التجمعات الإسلامية.

 

ولاقت الفكرة قبولاً لدى جميع الجماعات الإرتيري ة الإسلامية، حتى تشكل ما يسمى، ب "حركة الجهاد الإسلامي الإرتيري".

 

وأعلنوا فيه عن قيام الحركة، وناشدوا جميع المسلمين لنصرة هذا الجهاد والوقوف إلى جانبه.

 

وهذا ما سيكون حديثنا -إن شاء الله تعالى- في الجمعة القادمة ...

 

اللهم ...

 

 

المرفقات
القضية الإرتيرية (2).doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life