عناصر الخطبة
1/أهمية وجود القدوة الحسنة أو الصالحة 2/قدوتنا وأسوتنا الأول هو رسول الله 3/فضل التأسي والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم 4/أبرز القدوات الأخرى في المجتمع 5/وجوب الحذر من القدوات الغربية 6/نصيحة تربوية للآباء.اقتباس
إنَّ مما يُؤْسَف له في بعض شبابنا: اهتمامهم باتخاذ قدوات من أهل الكفر والنفاق، وهو ما يسمى بالتقليد الأعمى؛ فنجد اللاعب الفلاني الكافر قدوةً له أو المغني الفلاني أو الممثل الفلاني، وأصبحنا نتخذ قدوات من أهل الكفر والإلحاد؛ فأصبح...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: القدوة الحسنة أو الصالحة هي التي ينبغي للمسلم أن يحتذي بها ويقتدي بها، وقدوتنا الأول محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أمرنا الله -عز وجل- أن نقتدي به؛ فقال الله -عز وجل-: (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].
فهو قدوة لنا في عبادته -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد كان يؤدي الصلاة في المسجد إمامًا للمسلمين، وكان يصلي من الليل حتى تفطرت قدماه؛ حتى قالت له عائشة عندما رأت رجلاه تفطرت من قيام الليل: "أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: "أفلا أكون عبدًا شكورًا"(رواه مسلم).
قدوة لنا في صيامه، وفي صدقاته، وفي حَجِّه، وفي كافَّة عباداته -عليه الصلاة والسلام-.
قدوة لنا في تعامله مع الناس؛ فقد كان في خدمة أهله، ويقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
قدوة لنا في تعامله مع أقاربه؛ فقد كان يصل أرحامه وأقاربه ويتعاهدهم بالصلة، ولم يكن تاركًا لأرحامه -عليه الصلاة والسلام-.
قدوة لنا في تعامله مع جيرانه؛ فقد كان محسنًا لجيرانه غير مؤذٍ لهم، وكان يصبر على أذاهم، وكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره"(رواه مسلم).
ويقول: "والله لا يؤمن؛ مَن لا يأمن جاره بوائقه".
قدوة لنا مع الناس جميعًا حتى مع المعتدين عليه؛ فقد جاء رجل وشدّه من بُرْدته حتى أثَّرت في رقبته -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: أعطني من مال الله الذي أتاك، فتبسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمرَ له بعطاءٍ ولم يعنِّفه، ولم يأخذ بحقه -عليه الصلاة والسلام-؛ فعلينا أن نقتدي به في كل عبادتنا وتعاملنا كله.
عباد الله: اعلموا أن هناك قدوات في المجتمع؛ فالوالدان قدوات لأبنائهم إما أن يكونا خيرًا أو شرًّا؛ فإن كان الوالدان يؤدِّيان الصلوات، ويأمران أولادهم بالصلاة؛ فهم قدوة حسنة، وإن كان الوالد لا يصلي مع الجماعة بدون عذر؛ فإنه قدوة سيئة لأولاده.
وإن كان الوالدان تعاملاتهم حسنة مع والديهم وجيرانهم؛ فإن الأبناء سيقتدون بهم، وإن كانا يُسيئا التعامل مع أقاربهم وجيرانهم؛ فإن الأولاد سيكونون سيِّئِينَ في التعامل مع أقاربهم وجيرانهم، وكما قال الشاعر:
وينشئ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوَّدَه أبوه
من القدوات في المجتمع المعلِّمون:
فإن كان الأستاذ مهتمًّا بأمر العبادات؛ فإن الطلاب سيتأثرون به ويقتدون به، وإن كان لا يهتم بأمر الصلاة وغيرها فسوف يكون قدوة سيئة لأبنائنا الطلاب.
إن كان الأستاذ قدوة في سلوكياته، وألفاظه حسنة، وأخلاقه عالية؛ فإنه قدوة حسنة للطلاب، وإن كان سيئ الأخلاق ذو ألفاظ بذيئة وسلوكياته سيئة؛ فإنه قدوة سيئة للطلاب، وهكذا.
كذلك المسئول في أيّ إدارة أو مع عماله في أيّ عمل؛ فإنه يكون قدوة حسنة باهتمامه بالدين، وأهمها الصلاة بعد الشهادتين، وكذلك الأخلاق الحسنة أو قدوة سيئة بإهمال الدين والأخلاق.
عباد الله علينا الحذر من القدوات الغربية:
إنَّ مما يُؤْسَف له في بعض شبابنا: اهتمامهم باتخاذ قدوات من أهل الكفر والنفاق، وهو ما يسمى بالتقليد الأعمى؛ فنجد اللاعب الفلاني الكافر قدوةً له أو المغني الفلاني أو الممثل الفلاني، وأصبحنا نتخذ قدوات من أهل الكفر والإلحاد؛ فأصبح بعض شبابنا يقلدونهم في قصّ الشعر والموضات واللباس للبنطال وغيره، وربما السلاسل في العنق واليد، وصدق فيهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى, قَالَ: فَمَنْ؟".
فالحذر من اتخاذ هؤلاء الكفرة، أعداء الدين والملة، قدواتٍ، وعلينا أن نقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام وأهل العلم والدين حتى نموت على ملة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله –عز وجل- أن يرزقنا الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وصحبه الكرام؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إن الله غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن القدوة في المجتمع مؤثرة، وخاصة لدى الأبناء في الأسرة، فينبغي للوالدين أن يستشعروا أهمية أقوالهم وأعمالهم أمام أبنائهم، وأن الأبناء يرونهم قدوات لهم؛ فعلى الوالدين أن يتقوا الله في أبنائهم، وأن يكون مثالاً حسنًا في الدين، فيشهد الأب الصلاة في جماعة مع المسلمين؛ حتى يقتدي به أبناؤه،
وكذا أن يكون الأبوان مثالاً حسنًا في بِرّ والديهم وصلة أقاربهم والإحسان إلى جيرانهم؛ حتى يقتدي بهم أبناؤهم، وأن لا يكونوا مثالاً سيئًا لدى أبنائهم في ترك الصلوات وارتكاب المحرمات، وسوء التعامل مع الأقارب والجيران.
نسأل الله أن يرينا الحق حقًّا، ويرزقنا اتباعه عليه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركين، واحمِ حوزةَ الدينِ، وانصر عبادَك المؤمنين، اللهم وآمنا في أوطانِنا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهم أيد بالتوفيقِ والتسديدِ إمامَنا ووليَ أمرِنا، اللهم احفظه بحفظِك، وأعزه بدينِك، وأعلِ به كلمتَك، وارزقه البطانةَ الصالحةَ، وأيده بالحقِ، وأيد الحقَ به، واجعله نصرةً للإسلامِ والمسلمينَ، واجمع به كلمتَهم على الحقِ والهدى يا ربَّ العالمينَ.
اللهم ارفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازلَ والمحنَ، وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، عن بلادِنا وعن سائرِ بلادِ المسلمينَ يا ربَّ العالمينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
التعليقات