عناصر الخطبة
1/فضائل الصبر 2/أنواع الصبر ومراتبه 3/ثمرات الصبر وعواقبه 4/جزاء الصابرين.اقتباس
وَلَوْلَا أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ اِبْتِلَاءٍ لَمْ تَعْتَوِرْ فِيهَا الأَمْرَاضُ وَالأَكْدَارُ، وَلَمْ يَضِقِ العَيْشُ فِيهَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَالأَخْيَارِ، فَآدَمُ يُعَانِي المِحَنَ إِلَى أَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمُ يُكَابِدُ النَّارَ وَذَبْحَ الوَلَدِ، وَيَعْقُوبُ بَكَى حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَمُوسَى يُقَاسِي فِرْعَونَ وَيَلْقَى مِنْ قَوْمِهِ المِحَنَ، وَعِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ لَا مَأَوْى لَهُ إِلَّا البَرَارِي فِي العَيْشِ الضَّنْكِ، وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُصَابِرُ الفَقْرَ...
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ للهِ المَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَبَلَهُ رَبُّهُ عَلَى جَمِيلِ الفِعَالِ وَكَرِيمِ الخِصَالِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ المَآلِ.
أَمَّا بَعْدُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر:18].
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: نَتَحَدَّثُ اليَوْمَ -بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى- عَنْ عِبَادَةٍ عَظِيمَةٍ، وَخَصْلَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ كَرِيمَةٍ، وَرَدَتْ فِي كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، قَالُوا عَنْهَا: أَنَّهَا نِصْفُ الدِّينِ، وَلَا تَسْتَقِيمُ حَيَاةُ النَّاسِ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ إِلَّا بِهَا، إِنَّهَا عِبَادَةُ الصَّبْرِ.
وَالصَّبْرُ مِثْلُ اِسْمِهِ مُرٌّ مَذَاقَتُهُ *** لَكِنْ عَوَاقِبُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "أَلَا إِنَّ الصَبْرَ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ، فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ بَادَ الجَسَدُ"، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: "أَلَا إِنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ".
وَالصَّبْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، وَصَبْرٌ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَصَبْرٌ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ.
أَمَّا الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ فإِنَّهُ مِنْ أَجَلِّ القُرُبَاتِ، فَكَثِيْرٌ مِنَ الطَّاعَاتِ شَاقٌّ عَلَى النُّفُوسِ، وَثَقِيلٌ عَلَيْهَا، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بالمَكَارِهِ".
وَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطَّاعَاتِ المُكَفِّرَاتِ للخَطَايَا، جَعَلَهَا جَمِيعًا مِنَ الطَّاعَاتِ التِي تَحتَاجُ إِلَى صَبْرٍ، فَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ المَشَقَّةِ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟" قَالُوُا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ".
وَفِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ تَرَدَّدَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَلِيْلاً فِي حَمْلِ رَايَةِ المُسْلِمينَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ مَا أَعَدَّ اللهِ لِلْصَابِرِينَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ -تَعَالَى-، فَخَاطَبَ نَفْسَهُ قَائِلاً:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ *** لَتَنْزِلِنَّ أَوْ لَتُكَرَهِنَّهْ
إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرَّنَّة *** مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّة
قَدْ طَالَ مَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّة *** هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّة
وَفِي كِتَابِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- خَاطَبُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- نَبِيَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالأَمْرِ بِالعِبَادَةِ، وَأَمَرَهُ بِالصَبْرِ عَلَيْهَا: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[مريم:65]؛ قَالَ المُفَسِّرُونَ: "الاِصْطِبَارُ: شِدَّةُ الصَّبْرِ عَلَى الأَمْرِ الشَّاقِ، وَهُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ مُجَرَّدِ الصَّبْرِ".
إِنِّي رَأَيتُ وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ *** لِلْصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الأَثَرِ
وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ *** وَاِسْتَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ فَهُوَ الصَّبْرُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ -تَعَالَى-.
مَنْ صَبَرَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ جَازَاهُ اللهُ بِالجَنَّةِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[الرعد:22]، قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: " أَيْ: صَبَرُوا عَنِ المَحَارِمِ وَالمَآثِمِ، فَفَطَمُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْهَا للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِهِ، وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ".
قَالَ مَيْمُونُ بنُ مِهْرَانَ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الصَّبْرُ صَبْرَانِ: الصَّبْرُ عَلَى المُصِيبَةِ حَسَنٌ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عَنِ المَعَاصِي".
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مُعَاذٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ وَأَنْتَ تَكْرَهُهَا، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَأَنْتَ تَطْلُبُهَا، فَمَا أَنْتَ إِلَّا كَالمَرِيضِ الشَّدِيدِ الدَّاءِ، إِنْ صَبَّرَ نَفْسَهُ عَلَى مَضَضِ الدَّوَاءِ اِكْتَسَبَ بِالصَّبْرِ عَافِيَةً، وَإِنْ جَزِعَتْ نَفْسُهُ مِمَّا يَلْقَى طَالَتْ بِهِ عِلَّةُ الضَّنَا".
إِذَا دَعَتْكَ نَفْسُكَ لِلْمَعْصِيَةِ فَذَكِّرْهَا بِالصَبْرِ، فَإِنَّهَا إِنْ لَمْ تَصْبِرِ فِي الدُّنْيَا لَنْ تَصْبِرَ فِي الآخِرَةِ، يُقَالُ لِأَهْلِ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا: (اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الطور:16]؛ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: "أَيِ ادْخُلُوهَا دُخُولَ مَنْ تَغْمُرُهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا، سَواءٌ صَبَرْتُمْ عَلَى عَذَابِهَا وَنَكَالِهَا أَمْ لَمْ تَصْبِرُوا، لَا مَحِيْدَ لَكُمْ عَنْهَا، وَلَا خَلَاصَ لَكُمْ مِنْهَا".
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَمَّا النَّوْعُ الثَالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ فَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ.
قَالَ اِبْنُ الجَوْزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَلَوْلَا أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ اِبْتِلَاءٍ لَمْ تَعْتَوِرْ فِيهَا الأَمْرَاضُ وَالأَكْدَارُ، وَلَمْ يَضِقِ العَيْشُ فِيهَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَالأَخْيَارِ، فَآدَمُ يُعَانِي المِحَنَ إِلَى أَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمُ يُكَابِدُ النَّارَ وَذَبْحَ الوَلَدِ، وَيَعْقُوبُ بَكَى حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَمُوسَى يُقَاسِي فِرْعَونَ وَيَلْقَى مِنْ قَوْمِهِ المِحَنَ، وَعِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ لَا مَأَوْى لَهُ إِلَّا البَرَارِي فِي العَيْشِ الضَّنْكِ، وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُصَابِرُ الفَقْرَ، وَقَتْلَ عَمِّهِ حَمْزَةَ وَهُوَ أَحَبُّ أَقْرِبَائِهِ إِلَيهِ، وَنُفُورَ قَوْمِهِ عَنْهُ، وَغَيرُ هَؤُلَاءِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ".
الاِبْتِلَاءُ بِالمَصَائِبِ سُنَّةُ الحَيَاةِ التِي لَا بُدَّ مِنْهَا، وَالنَّاسُ مَعَ المَصَائِبِ بَيْنَ صَابِرٍ وَمُتَسَخِّطٍ، وَالعَاقِبَةُ لِمَنْ صَبَرَ: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة:155-157].
كُلُّ مَا يُؤْذِي المُسْلِمَ بَدَنِيًا أَوْ نَفْسِيًا يُكَفِّرُ اللهُ بِهِ خَطَايَاهُ إِذَا صَبَرَ عَلَيْهِ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ".
قَالَ شُرَيحٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِنِّي لَأُصَابُ بِالمُصِيبَةِ، فَأَحْمَدُ اللهَ عَلَيْهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ أَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَأَحْمَدُ إِذْ رَزَقَنِي الصَّبْرَ عَلَيهَا، وَأَحْمَدُ إِذْ وَفَّقَنِي لِلِاسْتِرْجَاعِ لِمَا أَرْجُو مِنَ الثَّوَابِ، وَأَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي دِينِي".
كُلُّ مُرٍّ سَيَمُرُّ:
إِنَّ الذِي عَقَدَ الذِي اِنْعَقَدَتْ لَهُ *** عُقَدُ المَكَارِهِ فِيكَ يَمْلِكُ حَلَّهَا
صَبْرًا فَإِنَّ الصَّبْرَ يَعْقُبُ رَاحَةً *** وَلَعَلَّهَا أَنْ تَنْجَلِي وَلَعَلَّهَا
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الصَّبْرَ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَارْزُقْنَا الصَّبْرَ عَلَى المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، وَارْزُقْنَا الصَّبْرَ عَلَى الأقدَارِ المُؤْلِمَاتِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنْ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
التعليقات